أثارت أسبوعية "الوطن الآن" (الدار البيضاء)، عدد 635 بتاريخ 26 نونبر 2015/ صص 16 و 17، و تبعتها يومية "أخبار اليوم"(الدار البيضاء)، عدد 1842 بتاريخ 1 دجنبر الجاري/ ص 5، و بعدها موقع "اليوم 24" قضية مالية بالمندوبية السامية للمقاومة و جيش التحرير، تتعلق بتنظيم الدورة 25 للاتحاد العربي للمحاربين القدامى و ضحايا الحرب، التي انعقدت تحت رعاية الملك محمد السادس بمراكش بين 16 و 19 مارس 2015، و كلفت خزينة الدولة المغربية 7 ملايين و 920 ألفا و 720 درهما(792+ مليون سنتيم)، من أصل 8 ملايين درهم ( 800 مليون سنتيم) كاعتماد مالي حصلت عليه المندوبية السامية من وزارة المالية، باسم الرعاية الملكية السامية، من أجل إيواء ما يقارب 50 فردا، منهم فقط 30 مؤتمرا تقريبا، بفندق بالمري كولف بالاص بمراكش بين 14 و 20 مارس 2015.
تعريف الصفقة التفاوضية رقم 3/2015:
يوم 18 فبراير 2015، أبرمت المندوبية السامية للمقاومة مع شركة فان تور، الكائن مقرها بالرباط، الصفقة التفاوضية رقم 3/2015( التي نتوفر على نسخة منها)، حدد مبلغها في ما يقرب من 8 ملايين درهما(800 مليون سنتيم) لتنظيم الدورة 25 للاتحاد العربي للمحاربين القدامى و ضحايا الحرب بمدينة مراكش بين 16 و 19 مارس 2015 تحت الرعاية الملكية، بطلب من المندوب السامي مصطفى الكتيري. و قد كانت هذه الرعاية الملكية لتلك الدورة موضوع رسالة إخبارية من رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران الى المندوب السامي للمقاومة رقم 1314 بتاريخ 4 نونبر 2014.
يتضمن نص الصفقة 29 صفحة، و تحمل توقيع المندوب السامي مصطفى الكتيري ، و السيد سعد كريم مدير شركة فان تور المذكورة، و مؤشر عليها بالموافقة من طرف الخازن الوزاري لدى الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان و المجتمع المدني، بصفته مشرفا قانونيا و مراقبا على مدى التزام المندوبية السامية للمقاومة بالنفقات القانونية.
تتضمن الصفقة بنودا كثيرة، منها المتعلقة بهدفها، و بتحملات كل طرف، و بالشروط الجزائية، زياد على التقديرات المالية. و تم تحديد حصة شركة فان تور في 3 في المائة من مبلغ الصفقة، و بالنظر إلى المبلغ المالي المدبر بواسطتها، فإن حصة هذه الشركة المحصلة علانية هي 240 ألف درهم ( 24 مليون ستنيم).
لقد كان الغرض من الصفقة هو أن يتم تنظيم الدورة 25 للاتحاد العربي للمحاربين القدامى، التي أصدر هذا الأخير على هامش دورته 24 بالقاهرة يوم 4 فبراير 2014، توصيته بتنظيمها في المغرب.
شكل الصفقة و عيوبها القانونية :
فيما يتعلق بشكل الصفقة، فهي عبارة عن صفقة تفاوضية. و الصفقات التفاوضية منصوص عليا في الفقرة 6 من المادة 86 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، و هي مقتضيات تخول امكانية تنظيم و تمويل الحفلات و الزيارات الرسمية التي تكتسي صبغة استعجالية و غير متوقعة لا تتلاءم و الآجال الضرورية للإشهار و اجراء المنافسة.
وشركة فان تور، كطرف أبرمت معه هذه الصفقة، تربطها ب المندوبية السامية للمقاومة علاقة مصلحة سابقة، من خلال تدبيرها، في إطار المناولة، لملف التنقل الجوي داخل وخارج التراب الوطني، لكل من المندوب السامي مصطفى الكتيري، و زوجته، و مدير الانظمة و الدراسات التاريخية بالمندوبية السامية للمقاومة يسين حمزة. و قد اعترف سعد كريم، مدير الشركة المذكورة، لأسبوعية الوطن الآن (الدار البيضاء)، عدد 635، بتاريخ 26 نونبر 2015، ص 17، أن لشركته عدد من فواتير تذاكر النقل الجوي ما تزال مستحقاتها في ذمة المندوبية السامية، و هذا إقرار بوجود علاقة مصلحة مع هذه الإدارة.
لكن الملاحظ هو أن هذه الصفقة لا تكتسي صبغة استعجالية، و لا تستجيب لشروط الصفقة التفاوضية كما حددها المشرع في الفقرة السادسة من المادة 86 من المرسوم المنظم للصفقات العومية.
لماذا لا تكتسي الصفقة صبغة استعجالية؟
لأن تاريخ تنظيم الدورة 25 المذكورة، التي أصدر هذا الأخير على هامش دورته 24 بالقاهرة يوم 4 فبراير 2014 توصيته بتنظيمها في المغرب بطلب من المندوب السامي مصطفى الكتيري ، كان معلوما منذ سنة و شهر و 15 يوما قبل موعدها في مراكش بين 16 و 19 مارس 2015، و هذا الفارق الزمني هو مدة كافية لدراسة الحاجيات بدقة، و لو يقتضي الأمر اللجوء إلى مكتب للدراسات لتحديدها، و طلب إجراء عرض أثمان بخصوصها.
لكن الإدارة أحدثت لجنة داخلية مشكلة من مدير الأنظمة و الدراسات التاريخية بالمندوبية السامية و رؤساء أقسام الشؤون الإدارية، و الدراسات التاريخية، و الشؤون الاجتماعية، و رؤساء مصالح الميزانية، و النشر و التوزيع، و الاحصاء و المعالجة الإعلامية، و مكتب العلاقات الخارجية بالمندوبية السامية درست العرض الذي قدمه فندق بالمري كولف بالاص بمراكش و باقي الممونين بتوفير ما يحتاجه تنظيم التظاهرة، التي استدعيت للمشاركة فيها 26 شخصية فقط، يضاف إليها مصطفى الكتيري و الرئيس و الكاتب العام للمجلس الوطني المؤقت للمقاومة، و بعض أعضاء مكتبه الذين لم يتجاوز حضورهم للدورة 5 أعضاء، و السيد محمد بنجلون المندوب السامي السابق بصفته أمينا عاما للفيدرالية العالمية لقدماء المحاربين، هذا زيادة على 12 موظفا من المندوبية السامية، نصفهم سائقون. و على ضوء عروض الفندق المذكور سابقا و باقي الممونين قدرت اللجنة ( التي نتوفر على معطيات كواليسها) المصاريف في حدود 900 ألف درهم (90 مليون سنتيم) إلى 1 مليون درهم ( 100 مليون سنتيم).
و بتاريخ 4 نونبر 2014 بعث السيد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، برسالته عدد 1314 إلى المندوب السامي للمقاومة يخبر فيها بالموافقة على إضفاء الرعاية الملكية على أشغال تلك التظاهرة. و استنادا على هذه الموافقة طلبت المندوبية السامية من وزارة المالية إمدادها بمبلغ 8 ملايين درهم (800 مليون سنتيم)، لتغطية مصاريف هذه الدورة، دون أن يكون لها سند تبني عليه تقديراتها المالية هذه ما عدا الموافقة على إضفاء الرعاية الملكية، التي كانت الضوء الأخضر و الحسم في تخصيص هذا الاعتماد المالي، ما دامت التقديرات المالية الحقيقية لم تكن تتجاوز مليون درهم (100 مليون سنتيم) كما ذكرنا.
ويجدر التذكير هنا بأن مؤتمرا للفيدرالية العالمية لقدماء المحاربين نظم في شهر دجنبر 1995 بمراكش، تحت الرعاية الملكية، و حضرته 500 شخصية، عدا الضيوف المغاربة و موظفو المندوبية السامية للمقاومة طلبت بخصوصه نفس الإدارة أقل من 4 ملايين و 500 ألف درهم (450 مليون سنتيم) فقط، علما أن أثمان الإقامة و الإيواء في الفنادق خلال العشرين سنة الأخير لم تتغير إلا قليلا و نادرا، أو حافظت على استقرارها في الكثير من المؤسسات الفندقية المصنفة، لتشجيع السوق السياحية و استعمال الخدمات الفندقية. فماذا نقول عن اجتماع لم تحضره و تشارك في أشغاله إلا أقل من ثلاثين (30) شخصية فقط، أقامت في فندفق بأثمنة تفضيلية جدا؟
ما هو رأي المنظمين في شكل الصفقة؟
إن لحسن حيمدي، رئيس قسم الشؤون الإدارية بالمندوبية السامية للمقاومة ، و هو أحد الساهرين على تنفيذها، و أحد الموقعين على الفاتورة 27/TO/2015 ( التي نتوفر على نسخة منها)، يرى في تصريحه ليومة "أخبار اليوم"، في عددها المذكور، بأن الصفقة سليمة لأن المؤتمرات تكتسي صبغة استعجالية، و ثانيا لأن المصالح ذات الاختصاص بوزارة المالية صادقت عليها.
وهذا تصريح مردود في نظر الراسخين في المعرفة بالمؤتمرات الصفقات و القوانين المؤطرة لها. لماذا؟ أولا لأن المؤتمرات لا تكتسي في الغالب صبغة استعجالية. و ثانيا فالدورة 25 للاتحاد العربي للمحاربين القدامى لم تكتس صبغة استعجالية مادامت المندوبية السامية طلبت استضافتها قبل سنة، و طلب الاستضافة يقتضي أن تكون الجهة المنظمة قد استعدت بما فيه الكفاية لوضع ترتيبات هذه الاستضافة. و ثالثا كان بالإمكان إعلان عروض أثمان خلال الأربع شهور و نصف الفاصلة بين الموافقة الرسمية على الرعاية الملكية و موعد الدورة، ما دام أجل عرض أثمان يكون شهرا على أبعد تقدير. ورابعا فإن مصادقة المصالح ذات الاختصاص بوزارة المالية ليست دليلا على سلامة الصفقة، فقد تكون هذه المصادقة موضع تحر و مساءلة، زيادة على هذا فإن مصادقات وزارة المالية ليست شهادة إبراء للصفقات و إنما هي ضوء أخصر للخزينة العامة كي تصرف الاعتماد المفتوح لديها كنفقة رسمية، و لا تعفي عاقديها من المسؤولية و المساءلة.
أما السيد سعد كريم مدير شركة فان تور، فقد رأى، في تصريحه لأسبوعية "الوطن الآن"، بأنه قدم عرضه رفقة تسع شركات أخرى( لم يحدد كيف علم بذلك؟)، وبعد أسابيع (لم يحدد عددها) اتصل به المسؤولون بالمندوبية السامية ( لم يحدد أسماءهم) ليخبروه، حسب تصريحة، بوقوع الاختيار على شركته. وفي نفس التصريح يفيد أن لا علاقة تربطه بالسيد مصطفى الكتيري. غير أن ما يصب الزيت على النار هو اقراره بتوفره على فواتير غير مؤداة، تتعلق بالتنقل الجوي، ما تزال مستحقاها في ذمة المندوبية السامية للمقاومة، وهذا اعتراف دال وقطعي من المعني بالأمر على وجود علاقة مصلحة مع الإدارة سابقة على الصفقة، ويفتح قوسا آخر خول التنقل الجوي داخل وخارج المغرب للمسؤولين المندوبية السامية للمقاومة، وأمورا أخرى.
ويطرح تصريح سعد كريم، بأنه قدم عرضه مع عروض تسعة شركات أخرى وانتظر أسابيع، مسألة حسابية تتعلق بالوقت. فكم أسبوعا استغرقته عملية اتصال المندوبية السامية مع الشركات التسع بالإضافة إلى شركة فان تور وتقديمها دفترا بالخدمات بالمواصفات المطلوبة؟ الراجح أن العملية تحتاج شهرا على الأقل. وكم تحتاج دراسة العروض وتقييمها وتقدير الأقل كلفة؟ أسبوعا على الأقل. وكم انتظر السيد سعد كريم، الذي يفيد بأنه انتظر أسابيع (بصيغة الجمع)؟ شهرا على الأقل. وكم تحتاج عملية صياغة نص الصفقة ومناقشته وإخراجه في تسخة نهائية؟ أسبوعين على الأقل. هذا علما أن الصفقة تم التوقيع عليها بتاريخ 18 فبراير 2015، أي شهرا قبل موعد الدورة 25 للاتحاد العربي للمحاربين. وهذه العمليات والمدة الزمنية التي تتطلبها تقتضي أن تكون الصفقة، بالضرورة، محل طلب عروض أثمان ما دامت هذه الأخيرة تتطلب نفس المدة الزمنية على أبعد تقدير.
هذا من حيث شكل الصفقة.
الصفقة من حيث المضمون:
تم تنفيذ الصفقة بموجب الفاتورة رقم 27/TO/2015، الموقعة من طرف سعد كريم، مدير شركة فان تور، وتحمل توقيعات بإنجاز المهمة لكل من المندوب السامي مصطفى الكتيري، ويسين حمزة مدير الأنظمة و الدراسات التاريخية بالمندوبية السامية، و لحسن حيمدي رئيس قسم الشؤون الإدارية بالمندوبية السامية.
و تم التنصيص في ملف الصفقة و الفاتورة معا على حجز قاعات و غرف في فندق بالمري غولف بالاص بمراكش بأثمنة لا تتطابق و عروض الفندق المذكور. فغرف الفندق، من الصنف المنصوص عليه في الصفقة و الفاتورة معا، تتراوح أثمنتها لدى الفندق في الواقع بين 1550 درهما و 650 درهما، بما في ذلك الضريبة على القيمة المضافة، يضاف إليها أن ثمن الوجبات اليومية كاملة لا يتعدى إجمالا 650 درهما تحسب داخلها نفس الضريبة أيضا.
وإذا جمعنا المبالغ فإن أثمنة الغرف المستعملة، مع الوجبات اليومية كاملة، بما في ذلك الضريبة على القيمة المضافة، لا تتعدى 2200 درهم بالنسبة للغرف الغالية الثمن، و 1300 درهم بالنسبة للغرف المنخفضة الثمن، المكتراة جميعها ضمن الصفقة، التي نحن بصدها، و المؤداة جميعها ضمن الفاتورة المتعلقة بتنفيذ هذه الصفقة. و فوق هذا، فقد تم تنظيم حفلات عشاء رسمية، وهذا يقتضي عدم آداء فواتير عشاء موازية محسوبة ضمن الأثمنة الإجمالية للغرف، لأنه خدمة غير منجزة، ما دام الضيوف و المنظمين المقيمين حضروا حفلات العشاء الرسمية المذكورة، و المنصوص عليها بدورها في الصفقة و الفاتورة معا كخدمات منجزة، و أيضا فواتير غذاء يوم 20 مارس 2015 الذي صادف حضور المؤتمرين إلى ضريح محمد الخامس بالرباط، بعيدا عن مراكش بما يزيد عن 300 كلومتر، للترحم.
ومن جانب آخر فقد تضمنت الفواتير أثمنة موحدة طيلة 7 أيام المتوالية المؤدى عنها، دون احتساب التخفيض الذي تقوم به الفنادق لزبنائها ابتداء من اليوم الثاني للإقامة والمحدد في نسبة 25 في المائة. وتفيد مسؤولة للمبيعات بالفندق الذي احتضن أشغال الدورة 25 للاتحاد العربي للمحاربين بأن الفندق يحتسب التخفيض فكيف تم تغييب ذلك عن نص الصفقة والفاتورة؟
وحسب الصفقة والفاتورة، فقد تم صرف ما يزيد عن 1 مليون و 330 ألف درهم ( 133 مليون سنتيم) عن الاقامة في الفندق، لفائدة 22 مشاركا من خارج المغرب من أصل 26 مدعوا تم التنصيص على أسمائهم و أسماء الهيئات و البلدان التي ينتمون إليها في الصفحات 11 و 16 و 17 و 18 من العدد 147(مارس 2015) من نشرة "تواصل" التي تصدرها المندوبية السامية للمقاومة. ويضاف إلى الضيوف المندوب السامي مصطفى الكتيري، و سعيد بونعيلات رئيس المجلس الوطني المؤقت للمقاومة، و الكاتب العام لهذا المجلس أحمد صوت العرب، و المندوب السامي السابق للمقاومة محمد بنجلون بصفته يومها أمينا عاما للفيدرالية العالمية لقدماء المحاربين، و 5 أعضاء من المجلس الوطني المؤقت للمقاومة، و 12 موظفا من المندوبية السامية. و هذا يضعنا دون الخمسين فردا تم ايواءهم في الفندق، فكيف تدعي المندوبة السامية بأن الاجتماع حضره 85 مؤتمرا؟
و تضمنت الصفقة و الفاتورة المتعلقة بتنفيذها حجز جميع قاعات الفندق للدورة 25 للمحاربين العرب. والواقع أن القاعة التي احتضنت الجلسة الافتتاحية، صباح يوم 16 مارس 2015، لم يتم استخدامها إلا نصف يوم، بدليل أن الفندق أجرها بعد ظهيرة نفس اليوم لمؤسسة بنكية. و هذه القاعة تم التنصيص في نص الصفقة و الفاتورة معا على أنها اكتريت ب 650 ألف درهم و حجزت خصيصا للأربعة أيام التي استغرقتها أشغال تلك الدورة، بمعدل 125 ألف درهم لليوم. و الواقع أن الفندق يكتري هذه القاعة ب 40 ألف درهم فقط لليوم قابلة للتخفيض في حال تزويده للمستعملين لها بخدمات أخرى مؤدى عنها، كالإيواء و الإطعام. فكيف يتم الادعاء بأنها حجزت لهذا الغرض طيلة هذه المدة؟ و بهذا الثمن المبالغ فيه جدا؟
و تم التنصيص في الصفقة و الفاتورة على أنه تم حجز قاعة أخرى ب 400 ألف درهم ( 40 مليون سنتيم) لمدة أربعة أيام، بمعدل 10( ملايين سنتيم) لليوم الواحد درهم، لكن تلك القاعة لا يؤجرها الفندق إلا ب 6500 فقط درهم لليوم. كما تم التنصيص على حجز قاعات أخرى ب 100 ألف درهم، لكل قاعة، طيلة أيام الدورة و هي قاعات لا تحتمل ذلك الثمن المبالغ فيه، كما أنها لم تكتر كلها طيلة الأيام المزعومة.
وتم التنصيص في الصفقة و الفاتورة معا على كراء استخدام الويفي و الأنترنيت ب 600 ألف درهم (60 مليون سنتيم) و الواقع أن هذه خدمات تقدم للضيوف مع الغرف و القاعات المكتراة. كما تم التنصيص على كراء الجلديات الحاملة للأسماء التي توضع على الطاولات، و على إعداد محفظات ب 1200 درهم للواحدة، و هي لا يتعدى ثمنها في السوق 500 درهم فقط قابلة للتخفيض في حال اقتناء كمية منها. كما تم التنصيص على كراء حواسيب ب 480 ألف درهم(48 مليون سنتيم)، و الواقع أن صفقة سبق أن أبرمتها الإدارة لشراء عشرات الحواسيب من هذه العينة لم تكلفها إلا نصف هذا المبلغ.
كما تم التنصيص في الصفقة و الفاتورة معا على إعداد الترجمة من العربية إلى الفرنسية و الانجليزية لفائدة المشاركين، الذين هم كلهم عرب و يتحدثون كلهم بالعربية، ب 400 ألف درهم ( 40 مليون سنتيم). و قد ذكر لحسن حيمدي، ليومية "أخبار اليوم" و دون يقين في تصريح يصب الزيت على النار، بأن الدورة قديكون حضرها ضيوف من دجيبوتي. و الحقيقة أن الاتحاد العربي للمحاربين القدامى لا يضم في عضويته أي هيئة من دجيبوتي، و قد نشرت المندوبية السامية للمقاومة في الصفحة 11 من العدد 147 من نشرة تواصل المذكورة لائحة بأسماء الهيئات الأعضاء التي لا توجد بها أي هيئة تنتمي للبلد المذكور، كما نشرت لائحة بالمدعوين 26 في الصفحات 16 و 17 و 18 من تلك النشرة المذكورة، والذين لا يوجد من بينهم أي منتم لدولة دجيبوتي، فكيف لمسؤول ماسك بالملف أدبيا و ماليا أن يجهل (أو يتجاهل) ذلك؟ وقد واصل لحسن حيمدي دون يقين مرة أخرى بأنه تم توفير الترجمة حسب رغبة المؤتمرين، دون أن يحدد كيف طلبوا منهم ذلك. وهذا تصريح هو الآخر يصب الزيت على النار. فكيف يكون الشخص المذكور الماسك بالملف الأدبي والمالي معا يتحدث و هو غير واثق من نفسه إلى هذا الحد؟
وهذه مجرد أمثلة.
لقد طلب لحسن حيمدي رئس قسم الشؤون الاداربية بالمندوبية السامية للمقاومة، في العدد المذكور من يومية "أخبار اليوم"، المقارنة مع فواتير باقي المؤتمرات للوقوف على جدية مبلغ الصفقة و الفاتورة. لكن ليس هذا مخرجا، لأن المراد هو ما إذا كانت كل الخدمات المنصوص عليها قد تمت كلها بالفعل، و إذا ما كانت قد كلفت المبالغ المنصوص عليها بالفعل، و إذا ما كان القانون قد احترم في الشكل والمضمون أم لم يتم احترامه، وإذا كانت الامانة قد روعيت أم تمت خيانتها، ولا يهم المبلغ، سواء تعلق الأمرب 800 مليون سنتيم ام 800 مليار سنتيم ما دام القانون يحاسب على درهم واحد، فما بالك بملايين الدراهم؟ وكذلك ما هو السر في التطابق الكامل بين التقديرات المنصوص عليها في الصفقة والإنجاز المنصوص عليه في الفاتورة؟
إن الفندق ( الذي نتوفر على نسخ عروض منه) يقدم تلك الخدمات بأثمان أقل بكثير جدا من ما تضمنته الصفقة ، و القاعات لم يتم استعمالها كلها، و لم يتم حجزها طيلة مدة الدورة 25 للاتحاد العربي المذكور. إن المهم هو إذا ما كانت الخدمات المقدمة وكلفتها المالية قد تمت بالفعل وبنفس المبالغ المنصوص عليها. زياد على هذا فقد سبق أن قدرت الإدارة، في اجتماعاتها الداخلية، العروض بدقة، و تم بناء على ذلك حصر المبلغ في حدد مليون درهم( 100 مليون سنتيم) كأبعد تقدير، فكيف صارت الكلفة المالية في حدود ثمانية ملايين درهم(800 مليون سنتيم) تقريبا؟
أما سعد كريم، فقد صرح في العدد المذكور من أسبوعية الوطن الآن بأنه تم توفير ما طلبته المندوبية السامية للمقاومة في دفتر التحملات بأثمنة عادية جدا وتتطابق مع ما يوجد في السوق، والواقع هو أن الفندق الذي آوى أشغال الدورة 25 للاتحاد العربي للمحاربين القدامى ينفي أن يكون قد قدم تلك الخدمات كلها وبتلك الأثمنة، عبر تصريح للسيدة سليمة الخليفي مسؤولة المبيعات، في مكالمة معها على هاتفها النقال مساء يوم الأربعاء 2 دجنبر الجاري.
إن هذا الموضوع لا يطرح تحديات أمام المندوبية السامية لمقاومة وحدها، بل يطرحها أيضا أمام رئيس الحكومة لأن الأمر يتعلق بإدارة عمومية تحت وصايته المباشرة، وأمام الديوان الملكي لأن الأمر يخص الرعاية الملكية، و أمام وزيري المالية والميزانية والوكيل القضائي للمملكة ورئيس المجلس الأعلى للحسابات، لأن الأمر يخص مالية الدولة، وأمام وزير العدل والوكيل العام للملك لأن القضية تحتاج إلى تحر قضائي بالفعل لفك خيوطها و خباياها وتحديد المسؤوليات والجزاءات في زمن دستور وقوانين ربط المسؤولية بالمحاسبة.