نشر موقع تاون هول مقالا بقلم محمد محدثين، رئيس لجنة الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بتاريخ 3 دجنبر 2015 تحت عنوان «تعالوا لنتعلم من الخطأ بعد 11 سبتمبر». وفيما يلي نص وترجمة المقال:
"كان القتل الوحشي للأبرياء في باريس جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس. وهذا يطرح نفس السؤال الذي كان المجتمع الدولي يواجهه بعد 11 سبتمبر 2001: ما هو الرد المناسب على الإرهاب الذي ينفذ باسم الإسلام؟
إن الجواب الصحيح ينهي بشكل فعال نمو التطرف الإسلامي العنيف. كما إن الإجابة الخاطئة تؤدي إلى مخاطر أكبر بكثير من تلك التي حدثت في مرحلة ما بعد 11/9 في العالم.
في كتابي في عام 1993، تحت عنوان «التطرف الإسلامي: التهديد العالمي الجديد» ذكرت أنه على الرغم من أن جذور هذه الرؤية لهذه الظاهرة الشيطانية تعود إلى العقود الأولى من الإسلام، إلا أن الأصولية الإسلامية تحولت فقط بعد تأسيس حكومة دينية في إيران إلى تهديد عالمي حيث نواجهه اليوم. في حين أن الخلافات بين الاصوليين الشيعة والسنة تكاد تكون معدومة، فلديهم هدف رئيسي مشترك: تأسيس 'الحكم الإسلامي' لفرض الشريعة الإسلامية.
كما أشرت في الكتاب إلى أن الإسلام الديمقراطي فقط يمكن أن يشكل التحدي الأكبر لتفسيرات الأصولية.
في ذلك الوقت، لاقى الكتاب صفة المبالغات التي كتبها معارض للنظام الإيراني. ولكن، بعد الهجمات الإرهابية في 11/9، شهد العالم وحشية الأصولية مباشرة. ومع ذلك، وحتى في ذلك الحين، ارتكبت الولايات المتحدة خطأ استراتيجيا كبيرا خلال غزوها للعراق. كما أن هناك أخطاء لاحقة ارتكبت، فيما كان قلب الأصولية في طهران يستغل تلك الأخطاء، وكان يوسع سلطته ونفوذه في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي أرسى الأساس لظهور وانتشار داعش نظير سني للأصولية الشيعية التي كانت إيران مركزها.
بعد أربعة عشر عاما تواجه أوروبا مع ما يمكن أن يكون 11 شتنبر لأوروبا. وتستعد طهران لاغتنام الفرصة مرة أخرى. إن المسؤولين الإيرانيين ووسائل الإعلام التابعة لهم يلقون اللوم على السياسات الفرنسية عن الهجوم. إنهم يريدون إقناع باريس على دعم الرئيس السوري المتحالف مع إيران تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
هذا هو بالضبط ما فعله النظام بعد 11 شتنبر 2001 عندما ساعد الوكلاء والشركات التابعة له مثل أحمد الجلبي لتضليل الولايات المتحدة في تسويق الحرب إلى العراق. والآن، البعض في الغرب على استعداد لاتخاذ الطعم مرة أخرى. فيما يستفيد منه كل من النظام الايراني وداعش.
الحل الحقيقي هو العكس تماما. ويشمل الدعم الثابت للإطاحة ببشار الأسد في سوريا. إن وحشية الأسد والطائفية الإيرانية هما العاملان الرئيسيان في خلق الأرضية الاجتماعية لداعش لجذب المزيد من السنة لأيديولوجيته المتطرفة. إن كانت الظروف مختلفة، فإن أيديولوجية وتكتيكات داعش لكانت تنهار بسرعة.
وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في يناير الماضي لو لم تنسحب الولايات المتحدة في الساعة الـ 11 في غشت 2013 من معاقبة الأسد بسبب قصفه الكيميائي لما كان من المرجح أن يحدث الهجوم الإرهابي على "شارلي ابدو" اطلاقا. ولعل مأساة 13 نوفمبر لم يكن سيحدث أيضا.
ليس هناك شك في أن تراجع إدارة أوباما كان مرتبطا بتعاملاتها مع النظام الإيراني، الراعي الرئيسي للأسد.
ينبغي أن تركز الولايات المتحدة جهودها على الإطاحة بالأسد بدلا من اتباع السياسة الحالية للنظر في جميع الأماكن الخاطئة للمساعدة ضد أخطار مثل داعش. ومكافحة داعش تكون عقيمة دون إسقاط الأسد.
لقد خلق زعيم النظام الإيراني الأعلى علي خامنئي، وربيبوه العراقيون وبشار الأسد، الظروف الملائمة لنمو داعش، من خلال قتلهم 350000 مواطن في سورية وتهميش وإقصاء أهل السنة في العراق.
وتحت أعين واشنطن، أصبحت بغداد ودمشق ميادين للقتل لفيلق القدس الإيراني والميليشيات الإجرامية التابعة له. بدون بديل ملائم، اضطر أهل السنة في هذه المنطقة أن يختاروا بين هؤلاء المجرمين وداعش. عن طريق استبدال الأسد ومؤيديه الإيرانيين بحكومة معتدلة وشاملة سيمنح للسكان السنة أن يكونوا بديلا حقيقيا ازاء الاستسلام أمام داعش.
سُئل سياسي عراقي سني علماني ذات مرة، ما الذي يحفز الناس على تنفيذ هجمات انتحارية لداعش.. أجاب إن العديد من هؤلاء الناس قد شهدوا سجون رئيس الوزراء العراقي السابق المدعوم من النظام الإيراني نوري المالكي والميليشيات التابعة له.
ليس هناك شك في أن إزالة الأسد سيكون بداية لاستراتيجية يمكن أن تؤدي في النهاية إلى السلام لجميع الناس في سوريا والعراق وإيران. ومن شأنه أيضا إزالة تهديد خطير من أوروبا.
الولايات المتحدة وأوروبا أمام قرار تاريخي. سوف لن تذهب أرواح ضحايا الهجمات المروعة في باريس عبثا إذا اختارت هذه الحكومات تمرير حل حقيقي للأزمة السورية والعراقية. وسيتم الحكم على أي سبيل آخر للعمل بقسوة من قبل التاريخ".