بنكيران من رئيس حكومة إلى رئيس مصنع لإنتاج القنابل الموقوتة

بنكيران من رئيس حكومة إلى رئيس مصنع لإنتاج القنابل الموقوتة

برغم تعدد الأوراش التنموية الكبرى التي يشهدها المغرب في مجالات التعمير والنقل والطاقة والفلاحة وغيرها، فذلك لا يعكس سوى واقع السرعة الأولى التي تسم الزمن المغربي الراهن في السنوات الأخيرة. أما واقع البنية المجتمعية العميقة فيؤكد سرعة بطيئة تنعكس بالسلب على المعيش اليومي للمواطنين مهددة الأمن الاجتماعي الوطني. يتمثل ذلك بشكل مباشر في تواتر وحدة التعبيرات الاجتماعية الوطنية والقطاعية التي تستعر في عدد من المدن المغربية على صعيد كل المجالات الحيوية.

لقد عاش المغرب في الفترة الأخيرة على إيقاع احتجاجات الطلبة الأطباء على مشروع الحكومة المتعلق بالخدمة الإجبارية، وعلى بؤس المنح المقترحة عليهم، مثلما شهدت طنجة احتجاجات مماثلة على شركة أمانديس نظرا للارتفاع العبثي لفاتورات الماء والكهرباء. وفي نفس الوقت اشتعلت احتجاجات الطلبة الأساتذة على المشروع القاضي بالفصل بين التكوين والتوظيف. وفي الحالات الثلاث بدت مقاربة الحكومة ذات طابع أمني يهدف فقط إلى تطويق الاحتجاج، بدل معالجة أسبابه الحقيقية. نفس المقاربة عطلت الحوار الاجتماعي مع النقابات التي أعلنت نيتها خوض إضراب عام.

حكومة بنكيران لا تعطل الحوار فقط، بل إنها تنفرد بقرارات أكثر خطورة من قبيل مواصلة التهجم على القدرة الشرائية للمواطنين، والتخلي عن دعم الأسعار بدعوى إصلاح المقاصة، والتمديد في ملف التقاعد، إلى غيرها من الإجراءات التي تؤكد حقيقة استقالتها من الشأن الاجتماعي كما يحدث في مقاربة ملفات التعليم والتشغيل والصحة والشباب والرياضة والثقافة... في حين تواصل تباهيها بمنجزات فئوية ضعيفة التأثير... وبشرعيتها الشعبية على خلفية انتصارها الانتخابي الأخير.

إن السرعتين المتضاربتين التي يسير على إيقاعهما المغرب لا يمكن إلا أن تعطلا كل إمكانية للنهوض المجتمعي المنشود، وإلى أطروحة الاستقرار الاجتماعي التي يتغنى بها بنكيران كما لو كانت حقيقة مطلقة ثابتة. ولذلك فالاستخفاف المتواصل بثقل الأثر الاجتماعي لتلك التعبيرات المتنامية لا يبشر بخير طالما تنهج الحكومة خطة وضع رأسها في التراب، ولذلك أيضا يعلق المواطنون أمالا كبيرة على أن تبادر الحكومة باستعادة دورها الحقيقي في التجاوب مع نبض الشارع المغربي.