"قضيتُ حولا من الزمن بالسويد عشت تقريبا الفصول الأربعة بها، ووجدت الأجواء الدبلوماسية بين هذه الدولة و"بلادنا العزيزة" المغرب باردة برودة شهر يناير بالمنطقة الاسكندنافية، التي تنتمي لها هذه الدولة".. هكذا صرَّحَ الفنان "طارق البخاري" في بداية حواره مع "أنفاس بريس"، بعد اتصالنا به لتقريب وجهة نظره حول الأزمة التي أضحت ترخي بظلالها على البلدين، بسبب مواقف وتصريحات طفت على واجهة العلاقة بين البلدين، بدأت بإيقاف النشاط التجاري لشركة "إيكيا" السويدية بالمغرب وما تلا ذلك من أحداث وتصريحات من هنا وهناك تأججت عندما راج خبر إعلان السويد عزمها الاعتراف بـ "البوليزاريو".
بحكم أنك زرت السويد سابقا. كيف وجدت الأجواء الدبلوماسية بين المغرب وهذا البلد الإسكندنافي؟
قضيتُ حولا من الزمن أي تقريبا سنة بالسويد، عشتُ تقريبا الفصول الأربعة بها، ووجدت الأجواء الدبلوماسية بين هذه الدولة و"بلادنا العزيزة" باردة برودة شهر يناير بالمنطقة الاسكندنافية، التي تنتمي لها هذه الدولة، كنت التقيتُ هناك بالسيد السفير آنذاك "بوشعيب يحضيه" وقدَّم لي يد المساعدة هو وشخص آخر يُدعى "مُعاد الجماني"، كنت أخبرت السفير أني لاحظت عدم وجود أي محطة إذاعية عربية، فاقترحت عليه أن يتم تأسيس راديو بالسويد، نالت الفكرة إعجابه ورحب بها وأشار إلي بطريقة غير مباشرة إلى التنسيق مع الجمعيات التي يُمكن أن تدعم هذا المشروع الإعلامي، لكني اكتشفت أن الأجواء غير احترافية لا تخرج عن الهواية. ليس هناك تكوين وتنسيق احترافي، وجدت أن الأمور لا تزال قديمة مُنحصرة في (حفل شاي) وماشابهه، ليس هناك حوار جيِّد وتواصل حديث يواكب العصر.
إذن لم تُعجبكَ الطريقة التي تمَّ بها التعامل مع فكرتك بخصوص إنشاء محطة الراديو التي اقترحتها؟
على أي حال أنا لم أكن سوى عابر سبيل، الآن غادر "بوشعيب يحضيه" مكتب سفارة المغرب بالسويد، نفتقد لأناس يروجون لقضيتنا بطريقة صحيحة، هناك طريقة هاوية لا أنكر أن الجالية لها نية حسنة، لكن ما يُنقص هو تأطير الجمعيات بشكل جيد، بالمقابل نرى كيف يشتغل الآخرون بطريقة احترافية (نايضين لكدوبهم) بطريقة تتسم بالخساسة لكنها "خساسة احترافية"، مثلا في طريقة وشكل تصميم وطبع وتوزيع منشوراتهم وكُتيِّباتهم، وأيضا طريقة الاستقطاب التي يعتمدون عليها مستهدفين جاليات من المغلوب عليهم هناك بالسويد، كما يستهدفون الأشخاص الذين لا يجدون المأكل خصوصا عندما حلت موجة اللاجئين العراقيين بالبلد بعد الحرب على العراق واللاجئين من سوريا ومن الشرق الأوسط من داخل البلدان المنكوبة وحتى الصومال، يعني يتم استقطاب هؤلاء وتوظيفهم باحترافية.
كيف ترى مبادرات المغاربة للدفاع عن الوحدة الترابية بالسويد؟
للأسف ليست هناك مبادرات احترافية مُماثلة أو مضادة لما يقوم به أعداء وحدة بلدنا، لا زال البعض منا يؤمن بمقولة (قلع ليا عين) مع غياب انسجام الجمعيات وتناغم الجهود بعيدا عن الحسابات الفارغة، فهناك من يقول : (لا يمكن أن أقوم بمبادرة وتـُحسبُ لآخرين) وهم ليسوا سوى أبناء وطننا المغرب الذي ننتمي له جميعا، وفي الأخير لم يفلح أحد منهم، لا يعقل أن يظل ترويج ملف وحدتنا الترابية في دولة مثل السويد، حبيس أنشطة من قبيل حفل وضع الحناء في أيادي النساء بدور العجزة، وتقديم كؤوس الشاي في الصينية مع إطلاق أغنية "العيون عينيا". السويديون لا يفهمون كل ذلك والتعامل معهم في هذا الإطار يحتاج لحوار هادف وعقلاني، يجب تأسيس قوة تواصلية داخل السويد مُضادة للآخرين الذين يمسون وحدتنا الترابية، ويستعملون وسائل كيدية ويلفقون التهم مثلا : يروجون صور أطفال بؤساء من دول أخرى ونساء مصابات بجروح بليغة على مستوى الوجه ويتم إيهام السويديين أن ذلك يقع عندنا بالمغرب ويتم توجيه التهمة للمخزن.
هناك من سيقول أنك تدعو إلى المعاملة بالمثل وتلفيق التهم؟
أبدا وهذا ليس من شيمنا كمغاربة، أتحدث عن مغاربة مؤهلين لإعطاء الأدلة والحجج وإماطة اللثام عن الحقيقة بالسويد، وعلى براءتنا من كل التهم المُلفقة لنا ولبلدنا. للأسف من سيجيد ذلك غير موجود حاليا هناك ولم يكن موجودا أساسا.
التقيتَ هذا الأسبوع بسفيرة السويد بالمغرب. ما هي دواعي اللقاء وهل تحدثت معها حول الموضوع؟
كانت ظروف اللقاء مُرتبطة بمهرجان خاص بالدول الاسكندنافية، (فلندا والسويد والدنمارك ..). ترددتُ في البداية وتحفظت على المشاركة لكن قررت أن أحسم الأمر وأشارك في هذا اللقاء، يجب أن نتحاور، لا يجب أن نقلد النعامة. وفعلا شاركت بعد أن ارتديتُ (صدرية) بها رسم لخريطة المغرب، ومكتوب تحتها عبارة "السِّلم" بجميع لغات العالم، وقصدتُ من خلالها تمرير رسالة وحدتنا الترابية. التقيت مع السفيرة وتحدثنا وقد أخبرتني أنها تفكر في أعمال فنية وثقافية تكرس التبادل الثقافي بين الدولتين وهذا شيء جميل.
هل معنى ذلك أنك لمست موقفا إيجابيا لدى السفيرة بخصوص ملف الصحراء المغربية؟
يجب أن نعلم أن تقريبا 90 في المائة من السويديين لا يعلمون جيدا حيثيات الملف وحقائقه، و ضمن 10 في المائة الباقية هناك 5 في المائة تمَّ التأثير عليها من طرف تلك الشرذمة التي تُعادي وحدتنا الترابية. يجب أيضا أن نعلم أن الحكومة السويدية سوف تتغير في أقرب وقت ومن المُرتقب أن يخسر الديموقراطيون مقاعدهم داخل الأغلبية، خصوصا مع دخول عدد كبير من المهاجرين، يجب أن نحسب الأمور هكذا فإذا كانت جهة داخل السويد تبنت موقفا معاديا لنا، هناك جهات أخرى مضادة لها. لم تتَّحِد الدولة كلها في هذا الموقف، فحتى السفيرة ليست لديها مُعطيات كافية وواضحة حول الملف، مع العلم أنها تؤكد أن المغرب بلد جميل ولمست طيبوبة المواطنين المغاربة ورأت كل ذلك على أرض الواقع، هناك من السويديين من لم ير المغرب على حقيقته. من المستحيل أن نستدعي 9 المليون سويدي ليزوروا بلدنا ويقفون على مظاهر أمنه وأمانه. مستحيل "ناخدو ليهم طيارة كورسة". علينا نحن كمغاربة أن نقدم لهم الصورة الحقيقية التي أراد بعض الأقزام تشويهها.
كيف ترى الموقف الداعي إلى القطيعة بين المغرب والسويد على خلفية تداعيات هذه القضية؟
ليس حلا حكيما في نظري. يجب أن نعلم أنه "بلغة الجيران" في الثقافة المغربية، إذا خاصمنا السويد سوف نتخاصم أتوماتيكيا مع فلندا والدانمارك.. فالسويد كانت تحكم هذه الدول وكانت كلها داخل مملكة واحدة، ويُمكن ملاحظة تشابه شكل وألوان أعلام هذه الدول، ولغتهم تتشابه ونفس العملة تروج هناك، باستثناء فلندا التي اعتمدت الأورو، فإذا قاطعنا السويد سوف نقاطع الدول الإسكندنافية كاملة، وهذا حل قديم وترقيعي يُضاف إلى (كتابة العرائض واللائحات) "التي لا تغني ولاتسمن من جوع". بالنسبة لي يجب أن نتحاور مع السويد ونتبنى خطابا مفاده أننا لسنا ضد السويد بل ضد الجهات التي توسوس لدولة صديقة كالسويد، وضد بعض الأقزام الذين ينقلون صورا مغلوطة وإدعاءات واهية للسويد للنيل من وحدتنا الترابية.