متى تلتفت "قنواتنا التلفزية" للنبش في تاريخ منطقة أحمر ومعالمها الأثرية؟

متى تلتفت "قنواتنا التلفزية" للنبش في تاريخ منطقة أحمر ومعالمها الأثرية؟

"دوزيم" اقتفت أثر مدرسة الأمراء لتعليم الرماية وركوب الخيل بإقليم اليوسفية، وسلطت الضوء بكاشفاتها على أهم موقع أثري بمنطقة أحمر ببلدية الشماعية كرابط تاريخي ثقافي وجهادي وروحي ربط المنطقة بمركز ومحيط السلاطين وأمراء الدولة العلوية إلى حدود فترة المقيم العام الفرنسي الذي حولها لإدارة للمستعمر، حسب الباحث الأستاذ مصطفى حمزة .

"دوزيم" قدمت الأستاذ الباحث مصطفى حمزة ابن المنطقة وكتابه التحفة الذي تناول من خلاله بالبحث والدراسة مدرسة الأمراء منذ سنوات، مسلطا الضوء على التاريخ المحلي والجهوي ليفتح باب إعادة الكتابة التاريخية وطنيا.. لكن ما لم يعجب المتلقي المهتم عموما هو زمن تقديم المادة الإخبارية وعدم إعطاء الموضوع أهميته الثقافية والتاريخية من حيث اقتصار بثه ضمن أخبار الظهيرة للقناة الثانية.. في حين كان الأليق تخصيص برنامج خاص عن الموقع الأثري واستحضار مكانته التربوية والدينية والتعليمية والجهادية، دون الحديث عن البتر الذي شاب تصريحات الباحث الحمري المتخصص في التاريخ الجهوي والحلي .

أفتح نافذة للسفر مع المتلقي المهتم بتاريخ وجغرافيا منطقة أحمر لأذكره بفترة تأسيس جمعية تراث أحمر للتنمية والأعمال الاجتماعية، والتي أقامت مهرجان التراث الثقافي والفني والمعماري باليوسفية منذ سنة 2002 وانخرطت في إبراز مقومات وخصوصيات المنطقة على عدة مستويات تراثية خلال خمس سنوات متتالية إلى أن عين عامل إقليمنا الذي فضل إقبار المهرجان الثقافي والتراثي .

وأستحضر هنا والآن كيف استطاعت الجمعية نفسها أن تضع ملف مدرسة الأمراء بين يدي وزير الثقافة الشاعر محمد الأشعري وتفتح نقاشا معه في الموضوع كان الشاهد عليه الشاعر أحمد لمسيح الذي واكب الإعداد وتنفيذ برنامج المهرجان الثاني تحت شعار "مدرسة الأمراء معلمة تاريخية لتلقين فنون الرماية وركوب الخيل"، وتزامنت هذه التظاهرة مع إصدار الجمعية لكتاب الباحث المصطفى حمزة حول المدرسة .

أتذكر أن محمد الأشعري تلقى الملف بصدر رحب ورحب بفكرة ترميم المعلمة التاريخية وأحال الملف على المسئولين عن المآثر التاريخية للقيام بمهامهم المنوطة بهم، وفعلا حضر الطاقم "الأركيولوجي" وقام بواجبه برفقة أعضاء الجمعية بمدرسة الأمراء، وقدمت اقتراحات بخصوص عملية الترميم والتصاميم الهندسية لإحياء أدوارها التعليمية، بل إن الوزارة اقترحت تخصيص مبلغ مالي مهم للترميم والإصلاح قدر آنذاك بأربعين مليون سم (40 مليون سم) تقريبا.. تابعت الجمعية مسار الملف حيث وقف عند قطاع آخر على اعتبار أن المدرسة حربية ويجب القيام باتصالات أخرى .

فعلا "دوزيم" نبشت في ملف مدرسة الأمراء وطرحت أسئلة حارقة حول ما تتعرض ذات المعلمة من تدمير وترامي على عقارها من طرف المسئولين هناك وتحويلها لمطرح للنفايات أمام أعين السلطات الإقليمية التي لم تعر أي اهتمام يذكر بمدرسة تعلم فيها السلاطين فنون الحرب والرماية وركوب الخيل على أيادي شيوخ أحمر، لكنها وقفت عند "ويل للمصلين".

هذه شهادة للتاريخ أكتبها بصفتي كنت ضمن فريق البحث في المنطقة مع الأستاذ المصطفى حمزة وفعاليات جمعوية أخرى ما زالت على قيد الحياة، بل إن ندوات الجمعية ركزت على كل المعالم التاريخية بالمنطقة بمشاركة أطر وطنية وازنة مهتمة بالبحث والتاريخ، وأعدت روبرطاج وتقارير بالصور والفيديوهات وقدمتها لجمهور اليوسفية خلال مهرجانات التراث والثقافة الحمرية.. هذا جزء من عمل شاق ومتعب لم يكتب له الاستمرار بعد أن تمت ترقية اليوسفية إلى إقليم وتوقفت عقارب الفعل والعمل لأسباب سنذكرها في الوقت المناسب .

هل تستطيع "دوزيم" أن تقوم بتسجيل برنامج خاص عن المواقع التاريخية الأثرية بمنطقة أحمر وتستدعي له المتخصصين في البحث والدراسة وتسائل مؤسساتنا الجهوية والإقليمية والمحلية عن مآلها ومستقبلها تحصينا لذاكرة المغاربة لأن التاريخ الجهوي هو البوابة الحقيقية لكتابة التاريخ الوطني؟؟؟