كل الوزراء استفادوا من درس عبد الرحمان السعيدي الوزير السابق في عهد الحسن الثاني المكلف بالخوصصة، الذي قام ببيع «لاسامير» ب«جوج ريال» ولما خرج من الحكومة تمت مكافأته من طرف «السواعدة» وعين على رأس «لاسامير» بأجر شهري خيالي وامتيازات لا يحصل عليها حتى من اخترع الدواء ضد السرطان. اليوم يستلهم «الدكتور» الحسين الوردي وزير الصحة، الدرس وقام بتمرير قانون رقم 131.13 الذي سماه قانون مزاولة الطب، والواقع أنه قانون «بيع السبيطارات لمالين الشكارة»، إرضاء للوبي المال، حتى إذا لم يعد الوردي وزيرا في الحكومة المقبلة يضمن وظيفة سامية بأجر خيالي عند شركات مولاي حفيظ العلمي التي «هرفت» على القطاع الصحي وعلى «السبيطارات». وهذه «التبزنيسة» تقتضي استفتاء على دستور 2011 لتعديل وظيفة وماهية المنصب الوزاري. إذ بدل أن يكون «الوزراء مسؤولين عن تنفيذ السياسة الحكومية كل في القطاع المكلف به، وفي إطار التضامن الحكومي» (الفصل 93 من الدستور) يمكن تعديله ليصبح كالتالي: «الوزراء مطالبون بأن يستغلوا مواقعهم الحكومية لشراء مستقبلهم مع أصحاب الشكارة ليتم ترسيمهم في شركات اللوبيات فور انتهاء الولاية الحكومية». فالوزير الوردي الذي يتبجح بأنه سيحول مستشفيات المغرب إلى «جنة» يتناسى أنه مازال يشغل مهام رئيس قسم المستعجلات بالدار البيضاء. وقبل أن يكون وزيرا كان دائما يختبئ وراء مقوله: «الحكومة مافاهماش ولاتولي للقطاع الأهمية اللازمة». وهانحن حظينا بنعمة من الله وبقينا على قيد الحياة ورأينا الوردي يعين وزيرا للصحة مع احتفاظه بمنصب رئيس قسم المستعجلات بالدار البيضاء. وهي المستعجلات التي لا يقوى الوزير على الاستشهاد بها، لأنها مستعجلات لا يضرب بها المثل في النظافة والعلاج مقارنة مع عيادات الخواص التي تبقى أنظف من مستعجلات الوردي. إن الحرب التي أعلنها الوزير ضد الطلبة الأطباء هي حرب قذرة وحقيرة، بالنظر إلى أن الوزير الوردي وحكومته تعاملا مع أطباء الغد وكأنهم «بزناسة» أو زعماء شبكات «القوادة» أو مجرمين قتلة، والحال أنهم ينتمون إلى زبدة المجتمع، ويكلف تكوين كل واحد منهم حوالي200 مليون سنتيم. أي أن كل طالب طبيب يكلف المغاربة سنويا حوالي 28 مليون سنتيم تنفق على تكوينه. وبدل أن يتم سلوك مسطرة الإشراك والحوار مع الهيآت التمثيلية للطلبة والأساتذة الجامعيين والهيآت المختصة في القطاع، تشبت الوزير وحكومته بالعناد مع ترويج إشاعة كاذبة وساقطة مفادها أن الطلبة الأطباء يرفضون العمل في البوادي والمدن الصغرى فور تخرجهم. والحال أن الوزير الوردي الذي باع المغرب وصحة المغاربة «للذباحة والجزارة» لم يفتح فمه لإدراج بند في دفتر التحملات يلزم كل مستثمر من الخواص (وضمنهم شركات الوزير مولاي حفيظ العلمي) يرغب في فتح مصحة بالمدن الكبرى أن يخصص نسبة 10 أو 15 في المائة من استثماراته للمدن الصغرى (بناية وتأمين دورية للأطباء كل واحد يعمل أسبوع أو أسبوعين) بشكل سيساعد على سد الخصاص بهاته المناطق ويسمح للهيأة الطبية المنتمية للقطاع الخاص أن تساهم في تأمين الولوج للعلاج لكافة ساكنة المغرب (حضرية كانت أم قروية). إن السياسة الفاشلة للوزير الوردي وحكومته في المجال الصحي أدت إلى إخراج الجيش من الثكنات لنصب المستشفيات المتنقلة وتسخير الطاقم الطبي العسكري لإسعاف المدنيين في الجبال والصحاري والأماكن المعزولة، وهو الأمر الذي إن استمر، سيؤدي إلى إنهاك الجيش المفروض أن تكون كل قواته معبأة لمواجهة الطوارئ الحربية أو الكوارث الكبرى أو لإرساله للمناطق الملتهبة بالعالم في مهمات أممية أو إنسانية لتسويق صورة المغرب بالخارج وليس للتغطية على عجز الحكومة المدنية. الوزير الوردي أتخمنا ب«الشفوي» وب«لالة أومالي وتقرقيب الصطولة»، وحان الوقت ليسد فمه ويشمر عن ذراعيه لمصالحة المغاربة مع المستشفى العمومي، ويعود إلى رشده ليتذكر أنه وزير في خدمة الشعب وليس في خدمة «اللوبيات ومالين الشكارة».