خرشوفي: الدخول الجامعي مطبوع بالإقصاء والاكتظاظ والتراجع عن المكتسبات

خرشوفي: الدخول الجامعي مطبوع بالإقصاء والاكتظاظ والتراجع عن المكتسبات

يشهد الدخول الجامعي بالمغرب هذا الموسم العديد من الإكراهات والمشاكل المترسِّبة، وهي مشاكل مُرتبطة بالاكتظاظ وما يُعرف بالطرد البيداغوجي بسبب الرسوب أو طول مدة جلوس الطالب بمقاعد الكلية، وأيضا ما تصفه فصائل الطلاب بتراجع الدولة عن مكتسبات حققتها الحركة الطلابية على مستوى الولوج إلى الجامعة والوظيفة العمومية بالنسبة لحاملي الشواهد المعطلين، وتناقص وحدات الدراسة وعجز الدولة عن بناء كليات جديدة وتشغيل الأطر الإدارية والأساتذة الجامعيين لاستيعاب العدد الكبير من الطلبة المتوافدين على الجامعة. في هذا الحوار يجيب إبراهيم خرشوفي، "المنسق الوطني لفصيل طلبة اليسار التقدمي"، عن أسئلة متعلقة بالدخول الجامعي المغربي، مُستعرضا أسباب التفرقة التي تنخر الحركة الطلابية.

+ كيف هي قراءتك لأجواء الدخول الجامعي في بداية الموسم الدراسي الحالي؟

- الدخول الجامعي يشهد أساسا الانعكاسات السلبية للمخطط الاستراتيجي، التي كانت قد وضعته الدولة في السنة الماضية. هذه السنة الوضع تطور أكثر على مستويين: المستوى الأول: الكليات لا تستوعب العدد الهائل للطلبة المتوافدين على الجامعة المغربية، بحيث أن العدد تجاوز 600 ألف طالبا وطالبة،  وتقديراتنا بالنسبة للسنتين القادمتين هو زيادة في العدد تقريبا بالضعف أو أقل بقليل. البنية التحتية للجامعات لا تستوعب هذا العدد الكبير، خصوصا وأنه لا يتم تطوير بنياتها ولا يتم بناء كليات جديدة، كما يشهد الدخول الجامعي أيضا انعكاسات أجرأة مجموعة من القوانين والبنود من بينها بنود "الطرد البيداغوجي" الذي يعاني منه مجموعة من الطلبة.

+ ما هي مبررات هذا الطرد التي تعتمد عليها الكليات في قرارها؟

- مبررات طرد الطلبة مرتبطة أساسا بالرد بأنهم أمضوا فترة طويلة في الجامعة أو رسبوا إلخ.. وهذه الأمور تدخل كلها في إطار سياسة إقصاء الطالب من حقه المشروع في الجامعة، وقد ظهرت لنا البوادر منذ السنة الماضية بحيث أن المخطط الاستراتيجي يتضمن بنودا إقصائية، نلخصها في حرمان طلبة الإجازة من التسجيل بمبرر أن سنهم يتجاوز 40 سنة، وهناك أيضا مبرر أن "الباكالوريا قديمة" إلخ..  أما طلبة "الماستر" فيتعرضون لشروط مُجحفة، هناك عدد هائل من الطلبة يحاولون التسجيل في سلك الماستر لإتمام دراستهم، لكن يصطدمون بحرمانهم خلال مرحلتي الانتقاء والامتحانات الشفوية والكتابية ويتم اختيار عدد قليل ونفس الشيء بالنسبة لطلبة الدكتوراه.

+ ماذا سجَّل "فصيلكم الطلابي" على مستوى التراجع في مكتسبات الطلبة الجامعيين؟

- نسجل التراجع على مكتسب مهم بالنسبة للطلبة خصوصا المعطلين، حيث أن الالتحاق بمهنة التدريس كان يأتي مباشرة بعد النجاح في مباراة والدراسة سنة بمركز التربية والتكوين، ليلج بعدها المرشح للوظيفة العمومية.. الآن بعد دراسة سنة بالمركز المذكور أصبح من المفروض على المرشحين اجتياز مباراة، وهذه الأمور مرتبطة بمجموعة من المراسيم الناتجة من عجز الدولة عن الجواب على أزمة التشغيل. الكليات لا تستوعب العدد الهائل للطلبة، بحيث أن المعدل هو مقعد لـ "ثلاث الطلبة"، مما ساهم في تقليص عدد ساعات دراسة الطلبة بأكثر من 30 في المائة، إذ كانوا يدرسون 8 وحدات وأصبحوا يدرسون 6 وحدات فقط والسبب في ذلك هو عدم قدرة الدولة على تشغيل أطر إدارية وأستاذة جامعيين لمواكبة تزايد عدد الطلبة.

+ بحكم أنك اخترت النضال الطلابي من داخل الكلية المنتمية للقطاع العام، كيف ترى حظوظ التعليم العالي العمومي مقارنة بالتعليم العالي الخاص خصوصا بعد إقرار مرسوم 01- 00 الخاص بمعادلة الشواهد الدراسية للقطاع العام بمثيلاتها في القطاع الخاص؟

- للأسف الدولة تشجع التعليم الخصوصي العالي على حساب التعليم العالي العمومي، وتخصص للأول موارد مهمة مقارنة مع الثاني.. فعلا لقد تم إقرار مرسوم خاص بقانون الإدارة (01-00) وبموجبه تمت معادلة شواهد التعليم الخصوصي بشواهد التعليم العمومي. التعليم الخصوصي كما هو معلوم يسيل لعاب الرأسماليين وأصحاب الأموال الذين يهمهم الربح أكثر من مصير ومصلحة أبناء الشعب، وفي نفس الوقت هذه الشواهد يحصل عليها أبناء الميسورين الذين يدرسون بمؤسسات خاصة بشروط جد متقدمة، مقارنة مع شروط مؤسسات التعليم العمومي، وتكون هذه الشواهد مُصادق عليها ومعترف بها من طرف الدولة، أضف إلى ذلك أن نقط التعليم الخاص جد مرتفعة مقارنة مع نقط التعليم العمومي، والنتيجة هي أن أفاق طلبة التعليم العالي الخاص أكثر حظا من التعليم العالي العمومي.

+ في ظل واقع الجامعة المغربية وتراجع المكتسبات التي تحدثت عنها، ما هي المبادرات التي تقومون بها داخل "الفصيل" الذي تنتمون له لمواجهة الوضع والبحث عن حلول لتنفيذ مطالبكم؟

- مبادراتنا تصبُّ في إطار الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للطلبة ومحاولة تجاوز هذه الوضعية في ظل توحيد صفوف الطلبة.. في تقديرنا الحركة الطلابية هي أزمة تنظيمية مع الشتات وغياب نقابة الطلاب (الإتحاد الوطني لطلبة المغرب)، نعمل في ظل هذه الشروط.. أولا: لتطوير النضال المحلي إلى نضال وطني، لكي نفرض على الدولة أن تتراجع على المخطط الرباعي وكافة المخططات التي تمس حق أبناء الشعب المغربي في التعليم، قمنا بمجموعة من المبادرات وكانت أساسا (الوقفة الطلابية 23 مارس 2014 المسيرة الوطنية الوحدوية التي شهدت نجاحا تاريخيا مهما وهي مكتسب مهم في طريق توحيد نضالات 22 مارس في الرباط).. وقد شارك فيها مجموعة من الفصائل الطلابية، ونحن مستمرون في التنسيق مع الفصائل الطلابية التي تؤمن بالعمل الوحدوي، لكي نسير في اتجاه تنسيق عمل الحركة الطلابية، التي تقدم اليوم تضحيات كبيرة في حين تبقى المكتساب التي تحققها لا تصل إلى مستوى التضحيات، لذلك لابد من استرجاع المنظمة النقابية كإطار مُوَحِّد ومُوحَّد ومُهيكل.

+ بعد فشل المؤتمر 17 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب سنة 1981 استشرت التفرقة والصراعات بين الفصائل الطلابية المُختلفة، مما أدى إلى إضعاف الحركة الطلابية عموما. لماذا استمرار هذا الشتات، وهل يمكن الحديث عن الأمل في المستقبل لتذويب الخلافات واسترجاع "اوطم"؟

- أسباب الشتات مٌتعددة والسبب الرئيسي المباشر هو أولا: فشل المؤتمر السابع عشر للاتحاد الوطني سنة 1981، وكانت له نتائج ومخلفات خطيرة على الحركة الطلابية. المؤتمر فشل بسبب شروط ذاتية معروفة وتكالب القوى الإصلاحية على الحركة الطلابية آنذاك، وأخطاء ارتكبها الطلبة القاعديون.. وفي نفس الوقت كانت الأسباب مرتبطة أيضا بالقمع الذي تتعرض له الحركة الجماهيرية عامة والحركة الطلابية تحديدا.. وبعد الفشل ستعاني الحركة الطلابية من مسلسل القمع والاغتيالات والاعتقالات، وأكثر من ذلك فرض الحضر العملي على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بمنع التحركات.. وهذا ما عمق الأزمة وجعل مجموعة من الأصوات لا تؤمن بالتنظيم وبوحدة الحركة، بقدر إيمانها بوحدتها هي كبديل على "اوطم"، أو ممثل للطلبة في ظل فهم مشوه واستغلال للجملة الثورية وأفكار لا تتحملها الحركة الطلابية. كانت محاولات استرجاع المنظمة النقابية في سنوات 1988 و1989 و1990 و1991 بعد تشكيل اللجان الانتقالية والاستعداد لتحضير المؤتمر الوطني الثامن عشر، لكن كانت تـُواجهُ بالقمع، وقد استغل المخزن حينها قوى الإسلام السياسي والأصولية التي شنت هجوما على الحركة الطلابية خلف استشهاد الرفيقين "بومالي وأيت الجيد".. هذا العنف فجر وشجع الخطوط الفوضوية التي لا تؤمن بالتنظيم وجعلتها تسود في الحركة الطلابية، التي دخلت بذلك في مستنقع العنف، ما خلف أزمة داخل الحركة مرتبطة بالوعي والفكر الطلابي الذي كان يُثمرُ في الماضي أطرا ومناضلين واعين، يقدمون إضافات نوعية. اليوم هناك تقدم على مستوى العمل الوحدوي مع الفصائل الطلابية، التي تعرف تفاوتا واختلافا وتعددية، هناك توجهات فوضوية "ربما تمارس العنف" الذي يغذيه الوضع وجهات لا تريد التقدم للطلبة.. نحن لسنا عدميين، فهذا واقع الجامعة المغربية، لكن في نفس الوقت هناك فصائل تؤمن بالحركة الطلابية وهي كثيرة نختلف معها لكن ما يجمعنا هو همُّ الحركة الطلابية وعودة الحياة والبريق لـ (نقابتها).