إذن كل المسؤولية ملقاة على كاهل المواطن، وهنا بدأ الدرس البيداغوجي للملك اتجاه الطبقة المصوتة الأمية التي يتم استغلالها سياسيا من لدن قناصي الفرص والانتخابات. ولعل هذا التوجه في لغة الخطاب الملكي شكل انعطافة حاسمة في مسار الخطب الملكية، إذ إذ نجد ملكا يعلم ويوجه ويرشد هذه الفئة إلى المعرفة وضبط مهام وتخصصات المسؤول المنتخب، لتمييز الحابل من النابل، والكف عن النظر إلى العملية الانتخابية مجرد لحظة تقنية غير مؤثرة في تحديد السياسات العمومية وخلق الثروة وخلق شروط الحياة الكريمة.
"على المواطن أن يعرف أن المسؤولين عن هذه الخدمات الإدارية والاجتماعية، التي يحتاجها في حياته اليومية، هم المنتخبون الذين يصوت عليهم، في الجماعة والجهة، لتدبير شؤونه المحلية. وعكس ما يعتقده البعض، فإن المنتخب البرلماني لا علاقة له بتدبير الشؤون المحلية للمواطنين. فهو مسؤول على اقتراح ومناقشة القوانين، والتصويت عليها، ومراقبة عمل الحكومة، وتقييم السياسات العمومية".
النقطة الثانية تتعلق بالمنتخب وما ينبغي أن يكون عليه للولوج
إلى دواليب الفعل الانتخابي، من مواصفات ومعايير ذاتية وموضوعية
فالانتخابات ليست مجرد وظيفةيعتاش بها المنتخب ويحقق بها مكاسب شخصية وعائلية كبرى وفادحة كما هو الشأن اليوم في الأوساط السياسية المغربية، التي جعلت من السياسة مجالا خصبا للثراء والاغتناء والسلطة على حساب مصالح الوطن ومكاسب المواطن الفقير المعدوم الامي..
فالترشح للانتخابات مسؤولية وتكليف قبل أن يكون تشريف ووسام يعلق على صدور الفارغين عقلا و نضجا.
وهؤلاء هم الذين ابتلينا بهم اليوم في ساحتنا السياسية المترهلة، وفي مقدمتهم كبيرهم الذي علمهم السحر والدجل واللاهوت.. رئيس حكومتنا المحترم، الذي يجيد لعبة الضجيج المنظم.
وفي غياب للفكر السياسي الناضج ببلدي، وافتقارا للبرامج الواقعية والأفكار والإيديولوجيات النافعة لهذا الوطن البئيس، يتم استبدال الزعيق والنهيق والضجيج المنظم بالصراع على البرامج والأفكار لخدمة الوطن اولا.
"هناك بعض المنتخبين يظنون أن دورهم يقتصر على الترشح فقط. وليس من أجل العمل. وعندما يفوزون في الانتخابات، يختفون لخمس أو ست سنوات، ولا يظهرون إلا مع الانتخابات الموالية" معتبرا أن "التصويت لا ينبغي أن يكون لفائدة المرشح الذي يكثر من الكلام، ويرفع صوته أكثر من الآخرين، بشعارات فارغة أو لمن يقدم بعض الدراهم، خلال الفترات الانتخابية، ويبيع الوعود الكاذبة للمواطنين".
فصل القول، اليوم يتم التاسيس لجيل جديد من الخطب الملكية التي تعترف بمرحلة سياسية سابقة فاسدة تم رعايتها في سياق معين، فكبرت لتحصد الأخضر واليابس في مسار توزيع ثرواتنا المستحقة وقاطعة الطريق امام مسارات التنمية والتمدن والتحضر العقلي في سلوكنا السياسي والاجتماعي المختل.