الوردي يخفي الشمس بالغربال عبر بلاغ حول سموم العقارب والأفاعي

الوردي يخفي الشمس بالغربال عبر بلاغ حول سموم العقارب والأفاعي

بعد توالي الإصابات المسمومة نتيجة لسعات العقارب ولدغات الأفاعي، والتي اشتدت حدتها في مناطق مختلفة من المغرب خاصة في فصل صيف حار كصيف هذه السنة، عبرت إثرها فعاليات من المجتمع المدني ومنابر إعلامية عن الحاجة إلى تحرك عاجل لوزارة الصحة من أجل تطويق خطر السموم وتوفير الأمصال المضادة لهذه الآفة القاتلة، طلعت الوزارة ببلاغ في هذ الشأن يفيد بأن العلاج من لسعات العقارب بواسطة الأمصال تم حذفه من بروتوكول العلاج، وذلك لعدم فعاليته التي أثبتتها معظم الدراسات والأبحاث العلمية.  أنما بالنسبة للدغات الأفاعي فالعلاج بالمصل ولو إنه غير كافي في حد ذاته، فإنه يساهم في تحسين حالة المريض ويقي من المضاعفات، ويقلص من مدة الإستشفاء. ويضيف البلاغ الذي نشرت مقتطفات منه ببعض الجرائد الوطنية، بأنه تم إدماج العلاج بالمصل الخاص بلدغات الأفاعي في بروتوكول التكفل العلاجي منذ سنة 2011، ويتم استيراده وتوزيعه بصفة منتظمة كل سنة ومتوفر بالمركز الصحي على مستوى كل جهة. كما أن  العلاج بالمصل المضاد لسم الأفاعي يتم داخل المؤسسات الصحية تحت إشراف طبيب مختص شريطة أن ينقل المصاب على وجه السرعة إلى المستشفى لتلقي العلاج.   

المثير للإستغراب في هذه القضية  أن وزارة الصحة تستند على بعض الدراسات لتبرير تخليها عن الأمصال المضادة للسموم، وخاصة لسعات العقارب وكأنها تطبق مقولة "كم حاجة قضيناها بتركها"، وترجع بنا الذاكرة إلى تبرير طريف لوزير صحة سابق "بن الشيخ " عندما عاتب المحتجين عليه بتاونات لعدم وجود علاج لسم العقارب، فأجابهم بأن العلاج يكمن في التوازن البيئي. وذلك بحماية القنافذ من الإنقراض لأنها تقضي على العقارب وطالبهم بالكف عن صيد القنافذ؟ تبريرات تفرض التساؤل أمام حدة الحرب السامة التي تحصد الأرواح سنويا  كيف تغاضت الوزارة عن هذا الخطر  وقد أوصى تقرير  المجلس الأعلى  للحسابات لسنة 2009 بخصوص معهد باستور المغرب بضرورة اعادة فتح مصلحة إنتاج الأمصال بعدما لاحظ ارتفاع الوفيات جراء تسممات العقارب في غياب الامصال، كما  سجل انتقال عدد الوفيات من 24 حالة سنة 2003 إلى 91 حالة وفاة سنة 2004. ونفس الإتجاه اتخذه المجلس الاداري لمعهد باستور بالمغرب المنعقد في يونيو 2012، حيث أوصى بدوره بضرورة إعادة فتح مصلحة إنتاج الأمصال المضادة لسموم العقارب والأفاعي بعدما كان قد تم توقيف إنتاجه لهذه الأمصال منذ 2003 مع إعادة تأهيل هذا المعهد كمركز أول متخصص في الأمصال واللقاحات طبقا لمقتضيات المرسوم  الملكي عدد 176-66 بتاريخ 23 يونيو 1967 المنظم لمعهد باستور.

وما يمكن تسجيله من جهة أخرى فيما يخص البلاغ الجديد لوزارة الوردي هو ما جاء فيه بأن الإصابات بلسعات العقارب تكون غالبا داخل المنازل، وخاصة التي تكون محاطة بالأعشاب التي يوصي بإزالتها مع إغلاق الغيران التي تخرج منها. واشتراط نقل المصاب باستعجال، وهذه الأمور مثيرة للجدل والنقاش. فأما الأمر الأول فحملة التحسيس والتوعية يجب أن تبدأ بمرافق ومصالح الصحة أولا حتى لاتتكرر مثل الحالة التي أصيبت بها نزيلة بمستشفى عمومي الحسن الثاني بسطات بلسعة عقرب. والأمر الثاني حول النقل الإستعجالي للمصاب. فكيف يمكن أن يتم ذلك في جماعات تبعد عن المستشفى أوالمركز الصحي بـ70 أو 80 كلم في غياب سيارات الإسعاف؟؟ إن هذا يستوجب تكثيف استعمال  الوحدات الطبية المتنقلة متعددة الإختصاصات، مجهزة بجميع المعدات والأدوية والمواد الضرورية للإسعافات الأولية ... وذلك أضعف الإيمان.