ياسين عدنان: حشو الخلاف المغربي الجزائري في تغطية لأمسية شعرية يفتقر للياقة ولا يخلو من سوء نية

ياسين عدنان: حشو الخلاف المغربي الجزائري في تغطية لأمسية شعرية يفتقر للياقة ولا يخلو من سوء نية

أثار استغرابي الرّواج العجيب لتغطية إخبارية لوكالة أنباء الأناضول في الصحافة العربية خلال هذين اليومين. التغطية أنجزها مراسل الوكالة بقسنطينة عن الليلة الشعرية المغربية هناك. وما أثارني أكثر هو أن منابر عربية محترمة -من بينها القدس العربي- سارعت إلى اعتمادها دون تمحيص.

عودة كاتب المقال إلى مراكش، وهو يغطّي فعالية أدبية بقسنطينة، بدا غريبا نوعا ما. وإصراره على التوقّف عند يوم "24 غشت من عام 1994 والتفجير الذي استهدف فندقًا بمراكش المغربية واتهام الرباط الجزائر بالضلوع فيه"، ثم التذكير بـ"فرض التأشيرة على الرّعايا الجزائريين لدخول المغرب وهو الإجراء الذي ردّت عليه الحكومة الجزائرية بإغلاق الحدود البرية بين البلدين" كان مريبا ويفتقر إلى اللياقة. بل إنّ صاحبه يبدو كمن يندبُ ميتا ساعة الفرح بميلاد. فهذا الحشو التاريخي لا يخلو برأيي من سوء نية، وأخشى أنّ الغايةَ منه التشويشُ على صفاء لحظة الشعر التي حاولنا أن نتخفّف خلالها من كلّ الحسابات السياسية التي تُعمِّق الفُرقَة والشِّقاق وتمنع العناق الأخوي الحرّ النبيل. ومع ذلك، فمثل هذا المداد الملوّث موجودٌ للأسف قصد تعكير صفاء الحوار وتكدير أجواء التفاعل.
وسأكتفي في شأنه بالتصدّي لما يعنيني، لأسوق التوضيحات الثلاث التالية:
 - اسمي ياسين عدنان وليس عدنان ياسين كما أسماني صديقنا الأناضولي، وبه وجب بدءًا التنويه.
 - زعم كاتب التغطية أنني أدليتُ له على هامش أمسية قسنطينة بالتصريح التالي: "ليالي الشعر العربي فرصة لكل العرب وغيرهم من دول العالم للاطلاع على مختلف نماذج الأصوات الشعرية العربية وإبداعات شعرائها الذين ساهموا بشكل كبير في التأريخ لمختلف التجارب التي مرّت بها دولهم." وقبل أن أنفي تماما أن أكون قد أدليتُ بهذا التصريح الخارق فإنني أعترف أمام الجميع أنني لم أتمكّن من سبر أغوار جملته العويصة، وأعترف بعجزي عن الإتيان بمثلها.
 - وأخيرا عيّنني صاحب التغطية -مشكورًا- رئيسا للوفد المغربي، وهو ما أثار استهجاني. فقد كنت حريصا دوما على تجنّب كل أنواع المسؤولية الدائمة بَلْهَ العابرة، شاعرا حرّا لا أمثل أية جهة: لا وزارة الثقافة ولا اتحاد الكتاب ولا غيرها. والشعراء الذين شاركوا في تظاهرة ليلة الشعر، دعتهم وزارة الثقافة الجزائرية بأسمائهم الشخصية وكنّا سعداء أنّ كلّا منهم -وبنبرته الشعرية الخاصة- نافح عن حيوية المشهد الشعري المغربي هنا وسط أشقائنا من شعراء الجزائر ومبدعيها.
حينما مررنا على هذه التغطية العجيبة -عَرَضًا- ونحن في جلسة حميمة في بهو فندق الأوراسي هنا بالعاصمة، أعربتُ لأصدقائي المغاربة عن تحفّظاتي هذه، فبادرني الشاعر المغربي الكبير محمد بنطلحة قائلا: "ولكن يا أخي، يسعدنا نحن أن تكون رئيسا لهذا الوفد. فلماذا يضايقك هذا الأمر؟". قلت في نفسي: "هذا مبرِّرٌ إضافي لكي أتضايق وأغضب. فكيف ينصّبني هذا الأرعن رئيسا لوفد يضمُّ شاعرا بالقيمة الأدبية والإنسانية لمحمد بنطلحة؟". ومع ذلك، أو ربما لأجل ذلك، وجدتُ نشر هذا التوضيح ضروريا.