لماذا يتحرك الإسلاميون في الفضاء العام بمثل هذا الإصرار على الاقتتال الهوياتي، وفي هذه اللحظة بالذات (ما قبل الانتخابات الجماعية)؟ ولماذا يسخرون الفضاء الافتراضي (الفايسبوك أيضا) من أجل «تدعيش» الشارع المغربي أو الإيهام بذلك؟ هل يخشون محنة ما؟ هل يتوقعون انقلابا عليهم؟ من يخاطبون في العمق؟ هل يخاطبون الحداثيين أم الدولة أم الحلفاء الأممين؟ ما الذي يجعلهم يشعرون بهذه الأحاسيس المؤلمة؟ ولماذا يدبرونها على هذا النحو؟ لماذا لا يدبرونها في المؤسسات عوض نقلها إلى الشارع؟
هل من حق المغاربة الآن أن يشعروا بأنهم يعيشون في كنف الخوف، ما دام قصف «الهويات المتقاتلة» بدل أن يحتل الجزء الأكبر من انشغالاتهم؟ فقد بدأ البعض يتحرك في الشارع العام وكأنه منذور للتفوق في اختبار الإيمان، وأنه يمتلك امتياز التخلي عن كل شيء في سبيل إجبار الآخرين على الامتثال إلى «شرع الله». ويلاقي هذا التحرك/التدخل، الذي أصبح أكثر بروزا على الفايسبوك، دعما كبيرا من «الأصولية الدينية» التي تجعل الماضي أثقل من الحاضر، بل تجعله لحظة غير منقطعة لا يمكن تعريضها للتلف أو تجاوزها أو تغييرها. فالماضي، كما يفهمه الأصوليون، لحظة مصفاة، وأي محاولة لتدنيسها بالبدع ستقود المسلم إلى كارثة حقيقية إذا لم يقاتل في سبيل إنقاذها من الدنس. أما الحداثيون، فيعتبرون أن احتلال الأصولية للشارع بهذا الإفراط في التدخل مؤامرة لإتلاف التاريخ ومحاولة سحب «المنجز الحقوقي» إلى الأسفل. والنتيجة أن الحداثيين يعتبرون الأصوليين «موتى عائدين»، بينما يعتبر الأصوليون أن خصومهم كائنات شريرة غايتها القضاء على الإسلام وتغريبه، وأن الحل الأكثر إنصافا هو إبادتهم أو ترهيبهم وإجبارهم على مغادرة الشارع العام على الأقل، كنهاية سعيدة. غير أن السؤال المطروح هو: لماذا يبدو أن السلطات تسمح بهذا «التمرين الهوياتي» الذي يقسم المغاربة إلى فريقين منفعلين، أحدهما لا ينصت إلى الآخر؟ أو بتعبير آخر، من يرعى هذا الضجيج الذي يثبت أن المغاربة -على الأقل مغاربة الفايسبوك- خرجوا عن رشدهم، وأنهم مستعدون تماما لتمزيق بعضهم البعض بكل الوجوه الممكنة؟ إن هذا الارتجاف الهوياتي أو القتل الرمزي على الهوية يفسح المجال للسلطات للتحكم في المسافة بين الفريقين على نحو أفضل، يقول بعض المراقبين. كما يسمح لها باحتلال الفضاء العام بكامله ما دامت هي الوحيدة القادرة على وضع قواعد «العيش في انسجام». إنها من يتحكم في حقن المجتمع بالجرعة المطلوبة من الأصولية أو الحداثة، وهي من يتحكم في أدوات المراقبة والضبط، وهي من يشرف على صنع «الأزمات» وحلها، وهي من يمد الجسور بين الفريقين أو يقطعها (لاحظنا كيف تدخلت الدولة من أجل تقريب وجهات النظر في الخلاف حول قانون الإجهاض). وباختصار، فإن السلطات هي التي تسمح بظهور هذا الخليط المشوش من المذاهب والمعتقدات لتبرر أولا أنها تعمل، ولتبين ثانيا أنها سلطة تصطف إلى جانب المقموعين عقديا، وأنها ضرورية لإزالة كل رعب ممكن. وهذا ما يتيح لها توهيم الجميع بأنها حامية للقيم وساهرة على استمرارها. فالحداثيون ينظرون إليها كضرورة لأنها تحميهم من «تدعيش الشارع العام»، والأصوليون ينظرون إليها بحب ما دامت تسهر على ضبط قياسات التنانير طولا وقصرا! ومع ذلك، يحق لنا أن نتساءل عن أسباب ارتفاع منسوب مياه الأصولية في الآونة الأخيرة، وعن أسباب اندلاع حرب المعتقدات بين الفريقين، وعن مدى اتساع الهوة بين هؤلاء وهؤلاء. ينبغي أن نعترف أولا أنه من الحماقة إلغاء دور الحكومة الإسلامية في بروز «الهويات المتقاتلة». فوجودها الأصلي مرتبط بالعبور الحقيقي نحو دولة الخلافة، وولاؤها الحقيقي ينزاح إلى أمة الإسلام (التنظيم العالمي للإخوان المسلمين). ولذلك، فإنها تغالب من أجل إعادة المغاربة إلى الزمن الراشد، وتفضل أن تهلك دون هذا المسعى. بل إنها- وهذا ما صرح به وزير العدل والحريات أمام الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان في لقاء جمعهما ونقلته بعض وسائل الإعلام- تبني وجودها على حماية الله.. وبتعبير آخر، إنها تعتبر كل التوجهات التي لا تشاطرها هذا الرأي ضارة وتستحق السحق والإلغاء، بل إنها تعتبر أن وجودها، في سياق يمور بالخطر الداعشي، مشبع بحظوظ ملء جميع المساحات الفارغة التي أتاحها تراجع الأحزاب الوطنية، بتوافق تاكتيكي مهادن للمؤسسات، وببرنامج استراتيجي متربص بالحكم. ولهذا، فإنها تتصرف بإحساس عميق بأنها صاحبة رسالة، وبأن الدور الأخلاقي هو الحاسم في استمرارها، وبأن مشروعها هو تقويض البرنامج المضاد للأصول. وهذا ما تكاد تعلنه صراحة جماعة «الإصلاح والتوحيد» -الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية- التي تعمل على ضبط آلية السير بتوازن في السلطة، مع الاستمرار في التحرك كقوة ردع مضادة للحداثيين والحقوقيين وأنصار الحريات الفردية. ولنا أن نتساءل: من يقف وراء مسودة القانون الجنائي المثيرة للجدل؟ لماذا يتحرك الإسلاميون في الفضاء العام بمثل هذا الإصرار على الاقتتال الهوياتي، وفي هذه اللحظة بالذات (ما قبل الانتخابات الجماعية)؟ ولماذا يسخرون الفضاء الافتراضي (الفايسبوك أيضا) من أجل «تدعيش» الشارع المغربي أو الإيهام بذلك؟ هل يخشون محنة ما؟ هل يتوقعون انقلابا عليهم؟ من يخاطبون في العمق؟ هل يخاطبون الحداثيين أم الدولة أم الحلفاء الأممين؟ ما الذي يجعلهم يشعرون بهذه الأحاسيس المؤلمة؟ ولماذا يدبرونها على هذا النحو؟ لماذا لا يدبرونها في المؤسسات عوض نقلها إلى الشارع؟ إنه من الواضح أن حقن الشارع بانزياحات أخلاقية معزولة (تنورة قصيرة، اعتداء جماعي على متحول جنسيا، حادثة اغتصاب طفلة أو معاقة، حماقات مخرج سينمائي، خيانة زوجية، الأكل المتعمد في رمضان...إلخ) يضبط إيقاع المغاربة على الخوف من الاختلاف، وعلى وضع ثقتهم في من يحمي هويتهم الإسلامية من التلف والضياع. إننا لا ندري كيف ستتمكن تنورة قصيرة من الإطاحة بـ 15 قرنا من الإسلام، ولا ندري كيف يمكن لمتحول جنسيا أن يعاكس مطامح الفحول الذين أشبعوه ضربا معتقدين بأنه الدال الموضوعي وسيء السمعة على المسلك المعاكس للطبيعة؟ إن الاتجاه نحو تدعيش الشارع لا يعتبر مضايقة للشيطان وشلا لحركته، بل خدعة انتخابية من نوع خاص، ما دام الأمر يتعلق في نهاية المطاف بخطاب موجه نحو الغرائز، ذلك أن القاسم المشترك بين أغلب «القضايا الخلافية» هو الجنس. فبينما يصر الإسلاميون على التعاقد الأخلاقي المبني على قواعد العفة والاحتشام، يرى الحداثيون والحقوقيون أن الجنس مسألة فردية ولا مجال لضبطها زجريا. وبعملية حسابية، فإن منطق الكثرة في مجتمع محافظ ومنغلق، هو الذي سيحسم هذا الصراع الانتخابي، وليس التقطيع أو البرنامج مثلا. إنه ضرب من استعراض القوة وإعلان الوجود، وترجمة فعلية لرسالة مفادها أن الاسلاميين رقم صعب في معادلة السلطة، وأنه ليس بوسع أي «سلطة» مهما بلغت قوتها ومستوى نفوذها أن تلغيهم من هذه المعادلة. لقد أثبت التاريخ أن بروز «الهويات المتقاتلة» يكون دائما مسبوقا بمأزق ما، فما هو المأزق الذي نعيشه اليوم؟ وهل التظاهر في الشارع مؤشر دال؟ ومن يقف أمام التظاهر؟ ومن المسؤول عن إثارة الانفعال؟ للجواب عن هذا السؤال علينا أن نتذكر جميعا الانقسام الذي وقع أثناء قيام حكومة الأستاذ اليوسفي بوضع «الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية» وكيف تم الترخيص لمسيرتين مليونيتين متعاكستين في المطالب والتوجهات، الأولى قادها الحداثيون بالرباط، والثانية رعاها الإسلاميون بالدار البيضاء.. وعلينا أن نتذكر جميعا ما انتهى إليه هذا الصراع، وكيف تم حل الخلاف عبر آلية التحكيم الملكي. إنه نوع من الحوار بين القوى المتصارعة داخل المجتمع الذي يؤول إلى التوافق نحو ضبط التوازن حفاظا على الاستقرار. وهنا لا بد من طرح سؤال آخر لا يقل أهمية: هل سيرضى الإسلاميون بالخروج من نشوة الانتصار الانتخابي الكاسح الذي حققوه سنة 2011؟ وهل سيلذ لهم اقتسام المنافع السياسية مع غرمائهم الحداثيين؟ هل سيتحلون بالتواضع أم أنهم يعتبرون البقاء في السلطة قضية مقدسة، وأن الدرع الأخلاقي هو السلاح القوي الذي سيبز الراغبين في إبعادهم؟
إن «تدعيش الشارع» يعني فيما يعنيه بالنسبة للإسلاميين هو أن السلطة لا تصبح قابلة للاحتمال إلا إذا كانوا جزءا منها، وأن كل ترتيب آخر هو سفالة بالغة ينبغي التصدي لها بضراوة. ولنا في التجربة المصرية خير دليل، حيث اتحد الإخوان المسلمون مع قوات البغدادي والسلفيين من أجل العودة إلى الحكم بقوة السلاح. وما يهم هو الغلبة، وليس الأمن والاستقرار. ولن ينجو من البطش إلا من صبغ عقيدته بطلاء إسلامي، وإلا من أعلن جهارا أن حقوق الانسان بدعة وأن كل بدعة ضلالة.. وكل ضلالة في النار.
نستنتج من ذلك أن الإسلاميين، وعلى رأسهم البيجيدي، لا يتعاملون مع الشارع كرائز يختبرون فيه مدى التجاوب مع سياساتهم العمومية، بل كخزان لتزود بالقوة وبعث الرسائل المشفرة.. وإظهار أنفسهم بأنهم يمثلون الشرعية الشعبية، وبأن لا مناص للدولة من إدخالهم في حسابها لأنهم يمثلون الشيء المثالي لاستمرارها.
إن «تدعيش الشارع» المغربي وفسح المجال أمام الأصوليين للعب أدوار شرطة الأخلاق وتدبيج المحاضر للتنورات القصيرة والقمصان المفتوحة والسراويل اللصيقة (وربما لاحقا: تجريم الاستماع إلى الموسيقى أو الدخول إلى المسرح والسينما أو الرقص..) تحولت إلى قضية حيوية بالنسبة لأصدقاء بنكيران ماداموا يعتبرون أن السلطة «سياسة ملعوبة» وأن لغة الإشارات -حتى لو اقتضى الأمر فبركة مظاهرة في الشارع العام- عنصر حاسم في الاستمرار. غير أن ثقافة داعش سحر يمكن أن ينقلب على صاحبه، وعلى كل المشترك الذي ما زال يسمح لنا بالانتماء إلى ما يسمى بـ«الاستثناء المغربي» حتى الآن.
الشارع المغربي.. في بعض تمظهراته الحالية
تحالف اللحية والتشرميل
الشارع قيمة مرتبطة بالمدينة ويجب أن نتصوره كملكية مشتركة. لكن مع تحوله، الآن، إلى رهان سياسي مهم يعكس خاصيات الجسم السياسي المهيمن، فقد أصبح فضاء للتأسيس السياسي والأخلاقي، مادام أنه مسرح للصراعات حول السلطة. وهذا ما يعيه جيدا حزب رئيس الحكومة «البيجيدي»، الذي بدأ يهندس للاستمرار في السلطة انطلاقا من إثارة الشارع، وتحويل النقاش العمومي من عمقه السياسي والاقتصادي إلى نقاش أخلاقي ديني ينصب على هوية المغاربة وتمثلاتهم للجنس والجسد في الفضاء العام.
فإذا كان الشارع لم يعد يشتغل، في الديمقراطيات الغربية، كمكان للاضطرابات المتقطعة واللامعقولة التي يمكن ردعها بالقوة وانتهى الأمر، بل يُقدم باعتباره عنصرا أساسيا يتمتع بوظيفة عامة في استراتيجية المجموعات السياسية، فإن التعامل معه عندنا يتم في سياق الإحاطة بنفسية الجماهير، بغاية التحكم فيها واستعمالها لتحقيق غايات غير معلنة.
إن التظاهر في الشارع كما يقدمه الإسلاميون لم يعد ممثلا للمجموعات الخاصة التي يمنحها القانون الحق في التظاهر. بل يعتبر، كلما أثيرت القضايا الشرعية والحلال والحرام، حاملا لمشروعية سياسية، ينبغي الدفع في اتجاه التعامل معها كإلزام ضروري في التوازنات السياسية. فلا يتحدد تدبير الشارع بموقف السلطة تجاه المتظاهرين، بل بموقفها من طبيعة مطالبهم. كما لا يتحدد هذا الموقف بقدرتها على احتواء المظاهرات وتوجيهها، أو ما يسمى بـ «الحفاظ على النظام» عبر آلية التفاوض بين الفاعلين. وإذا كان تدبير الشارع يستند إلى منطق للمراقبة بدل المنع، فإنه يعكس أيضا يعكس خصوصيات غامضة لجسم سياسي يملك حق التشريع، ويتوفر على سلطة تنفيذية قادرة على التدخل في أي وقت. وهذا معناه أن للشارع وجود قانوني، ينبغي أن يتوافق في نفس الوقت مع حقوق وحريات أخرى ومع وجود أنواع مختلفة من استعمالات الفضاء العام، أي المكان الذي يجب أن تكون لكل شخص داخله القدرة على إبداء رأيه والتجوال بحرية من دون خوف من أي اعتداء محتمل من أي مجموعة خاصة، سواء أكانت إسلامية أم علمانية أم يسارية. إن التظاهر الذي لا يملك وجها سياسيا أو حقوقيا هو ما بات يقلق، وهو ما تترجمه بعض «التجمهرات السريعة» التي يقوم بها مجموعة من الأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم البعض في مكان عمومي في وقت معين ويقومون بحركات معينة: مثلا يرددون شعارات معينة، ثم ينصرفون بسرعة. أما التجمهرات التي يقوم بها فاعلون سياسيون ومدنيون بملامح معروفة ومطالب واضحة وموجهة نحو مؤسسات بعينها، فإنها تتعامل مع الشارع ليس كفضاء أخرس، بل كمجال للإعلام والتواصل والتعبئة ولفت الانتباه.
والسؤال هو: من يتحكم في التجمهرات السريعة التي تتم على الطريقة الأمريكية؟ ومن يوعز لهؤلاء المتجمهرين بالتظاهر الخاطف على قاعدة الأخلاق وقولبتها داخل منظومة مغلقة لا تعترف بحق الآخر في الاختلاف؟ ومن يحوِّل العابر إلى نقاش عمومي ونقطة ارتكاز؟ ومن يهدد المغاربة بـ«شرع الله» إذا لم يبايعوا داعش مبايعة رمزية بالجهاد على الفضاء الافتراضي، وبالتضييق على الحقوقيين، ومحاصرتهم في قلب جدرانهم على الفايسبوك؟ وما سر تحالف اللحية مع التشرميل من أجل إعلاء كلمة الإسلام، وكأن المغاربة تحولوا إلى قريش وثقيف؟
الكاتب والباحث موليم العروسي
الداعشية كامنة في جميع موجات الإسلام السياسي
يرى الكاتب والباحث موليم العروسي أن الداعشية موجود بالقوة داخل كل جسم من أجسام الإسلام السياسي ومتى توفرت الظروف يصبح موجودا بالفعل. لأن الداعشية ليست إلا الوجه الهمجي الحقيقي الذي يخفيه الإسلام السياسي، مؤكدا أن المشكلة هي أن الدولة تكونت على مر العقود السابقة على أساس أنها حليفة لهذا التيار وكونت عددا من أطرها وأعوانها على أساس عدم احترام الحريات، واليوم نحن أمام هذا المشكل حتى ولو تقرر أمر ما المستوى الأعلى في السلطة فإن الموارد البشرية تعوزه لتطبيقه
- بدأ بعض «الانغلاقيين»، باسم الدين والتقاليد، يتحرك في الفضاء العام وكأنه منذور للتفوق في اختبار الإيمان، وأنه يمتلك امتياز التخلي عن كل شيء في سبيل إجبار الآخرين على الامتثال إلى «شرع الله»، في نظرك من يعزز هذا السلوك، الآن: الثقافة السائدة؟ حكومة الإسلاميين؟ المد الداعشي؟.. أم ماذا؟
+ كل هذه الأمور مجتمعة. أولا: الإنسان مجبول على المحافظة والخوف مما يخبئه المستقبل. لذا تجده ينجر بسهولة وراء ما يؤكد له معرفته ويحافظ له على ما ورثه وإن كان في العمق وبطريقة لاشعورية ومن أجل الحاجة يتبنى أشياء تتعارض مع ما يعتقد أنه الصحيح. فاستعماله لكل أسباب العيش الغربية والتي تقتضي منه في كثير من الحالات أن يسامح في قيم تقليدية تبدو له وكأنها لا تتعارض مع عقيدته. الكلام السائد إذن هو القول بأننا أمة إسلامية محافظة ترفض كل القيم الحداثية، لكن لو أنك حولت السؤال قليلا وطلبت من امرأة محافظة رأيها في أن يتزوج عليها زوجها أو ناقشتها في مسألة الإرث، أو تحدثت مع شباب في حرية علاقاتهم الجنسية لأظهروا لك مواقف أخرى، وكأن الخطاب مفارق للحقيقة، وهذا ما يطلق عليه بعض المحللين «الشيزوفرينية» أي الفصام المرضي الذي يجعل الإنسان يفعل عكس ما يقول. ثانيا: هذا الجو العام وهذه الثيمات دعمها وجود إسلاميين في الحكومة وتصدرهم منابر الكلام. يجب أن لا ننسى أن حكومة عبد الرحمن اليوسفي كانت قد أعطت الانطباع لعدد من اليساريين أن الحداثة أصبحت شيئا متحققا وأن حرية الضمير أصبحت مكفولة وأن حرية الصحافة أضحت بلا حدود، وهذا ما تبين أنه ضرب من الخيال والوهم بعد مضي سنة أو سنتين، خصوصا عندما اقتنع الجميع أن الرجل لا يحكم وحده وأن موازين القوى لن تكون دائما لصالحه على الرغم من أن عددا من الأحزاب التي تتقاسم المقاربة الديمقراطية مع الأستاذ اليوسفي في الحكومة آنذاك كانت أكثر عددا منها اليوم بجانب العدالة والتنمية. ثالثا: المد الداعشي كامن في جميع موجات الإسلام السياسي. سواء كان إسلام دولة أو إسلام أحزاب أو إسلام مجموعات. الداعشية موجودة بالقوة داخل كل جسم من أجسام الإسلام السياسي ومتى توفرت الظروف يصبح موجودا بالفعل. لأن الداعشية ليست إلا الوجه الهمجي الحقيقي الذي يخفيه الإسلام السياسي. لا تنسى أن شعار الإخوان المسلمين هو صورة لسيفين متعانقين وكأنهما في قراع حربي مصحوبين بمقطع من آية قرآنية «وأعدوا لهم…»، هذا الفهم الحربي العدواني للسياسة كامن كالنار تحت الرماد ويكفي أن تخاطب الغرائز الحيوانية عند الدهماء كي تنطلق في افتراس شبيهها الآدمي دون تردد. وخطاب الإسلام السياسي لا ينبني على شيء غير هذا، إن مشكلته العظمى هو الآخر الخارج عنه، لذا فهو يشيطنه ويعتبره شرا مطلقا وعدوا دائما يهادنه مؤقتا في انتظار الانقضاض عليه. هذه هي الحالة التي كان عليها الإنسان قبل الحضارة.
- يعتبر الحداثيون أن احتلال الأصولية للشارع بهذا الإفراط في التدخل مؤامرة لإتلاف التاريخ ومحاولة سحب «المنجز الحقوقي» إلى الأسفل.. هل يكفي تنظيم مظاهرات هناك وهناك؟ ماذا عن دور الفاعل المدني والسياسي والحقوقي الذي يقول عن نفسه إنه ممثل للحداثة؟
+ أولا، هناك بعض المبالغة في القول بسحب المنجز الحقوقي. أين هو هذا المنجز الحقوقي الذي نتحدث عنه والذي يسحب منا؟ كان الأمر وفي كثير من الحالات يتعلق بتساهل السلطات مع بعض الممارسات المُجرًمة في القانون الجنائي. لو كان هناك بالفعل منجز حقوقي لما كنا نعيش الحالة التي نعيشها اليوم. كل الحريات الفردية التي يقع الهجوم عليها اليوم لم تكن سوى شيء ما يشبه العرف. تأمل الحجة الدامغة التي يدافع بها الإسلامي عن موقفه: أريد أن أعرف هل نحن في دولة دينها الرسمي هو الإسلام أم لا؟ أتوقف فقط عند هذه المسألة التي تتعلق بحرية الضمير لو كانت حسمت في دستور 2011 أو قبله لكنا انتهينا من هذا الأمر. حرية اللباس، لا توجد نصوص صريحة تقول بحريته، الناس يدخلون إلى الحانات يشربون الخمر بل يشترونه عند البقال، لكن يمكن لأي شرطي إن هو أراد أن يعتقل شارب الخمر أو بائعه… لا أفهم جيدا معنى المنجز الحقوقي… هذه بعض أمثلة لكن هناك الكثير توقفت عند كل ما يثير الانتباه… هذه المنجزات أو التواطؤات هي التي تجعل الفاعل المدني يصمت وأظنه يقول مازال الأمر لم يصل بعد إلى بيتي. وهنا يكمن الخطر، إذ الفاشيستسة تتقدم هكذا ويمكن أن يظن الفاعل المدني أن الأمر يتعلق بأفعال معزولة لكنها تستطيع أن تتحول بسرعة إلى نظام ويصبح من الصعب إيقافها، خصوصا إذا كان وراءها جنود ملتزمون متزمتون منصاعون لأوامر رؤساهم. دور الفاعل الذي نتحدث عنه هو الوقوف في وجه الظلام والإرهاب والاستبداد السياسي والفكري.
- ألا يفسح ما يمكن أن نسميه «الارتجاف الهوياتي» للسلطات للتحكم في المسافة بين الفريقين على نحو أفضل، وبالتالي احتلال الفضاء العام بكامله من طرفها ما دامت تملك الغلبة وحق التدخل في الشارع؟
+ يمكن أن نتحدث بهذه الطريقة لو كنا في دولة علمانية، حيث تقف الدولة على نفس المسافة من جميع التيارات والمعتقدات.. لكن العكس هو الصحيح. وكما قلت لك نحن في دولة دينية دستوريا. لا يسعنا إلا أن نُعمل العقل ونؤول الجملة في حد ذاتها على اساس أن هناك دينا رسميا وأديان أخرى غير رسمية، لكنها موجودة ويجب أن تحترم. لكن التأويل لن يسعفنا إذا نحن أردنا أن ندخل في اعتبارنا اللادينيين أو غيرهم. لذا ترى الإسلام السياسي يتحرك وكأنه جزء من الدولة بل هو كذلك. لو حللت الفضاء العام حيث يتواجد الجميع للاحظت أن الحداثيين أكثر عددا من الإسلاميين، وأدخل هنا في الاعتبار الحياة اليومية التي تلاقي فيها الناس في معاملاتك من المقهى إلى التاكسي إلى البنك إلى بائع السمك. عدد كبير لا علاقة له بالخطاب الإسلامي السياسي، لكن لو حاولت الاقتراب من إنتاج الخطاب ووسائل إنتاجه للاحظت أن الدولة توفر للخطاب الإسلامي الديني منه والسياسي كل ما يمكنه من السيطرة على ساحة القول (الوعظ والإرشاد يدخل في هذه الخانة لأنه يهيئ الجو العام)، لوجدت طغيانا للخطاب الديني التقليدي الرجعي. هناك قنوات خاصة تبث يوميا توازيها قنوات تهيئ الدهماء، ولقد لاحظنا العلاقة الوطيدة بين الجمهور الرياضي والعامة السياسية والأخلاقية، وداخل هذه القنوات الدينية ينشط عدد كبير من رؤو س الإسلام السياسي. ثم هناك المساجد و«كراريس» الأقراص المدمجة التي تحتل الفضاء السمعي، ثم برامج يومية في القنوات غير المتخصصة…
- قل لي ما هي القنوات التي من خلالها يمكننا إيصال رأي الحداثيين؟ أين هي؟
+ وعلى الرغم من ذلك لو أن الكتاب والشعراء والموسيقيين والسينمائيين والتشكيليين التزموا بالمواجهة لكانت الأمور على غير ما نحن عليه اليوم. حتى الوقفات لا تجد فيها نخبة البلاد. هناك بعض المثقفين يعدون على رؤوس الأصابع وكثير من الصحافيين وجمعيات المجتمع المدني، وخصوصا منها النسائية هي التي تواجه هذا المد الجارف. وهناك جزء يبرر تخاذله بالقول هذه معارك جانبية ومنه المثقف والسياسي وهذا أمر أفضل أن نعود إليه بالتفصيل في لقاء آخر. المشكلة أن الدولة تكونت على مر العقود السابقة على أساس أنها حليفة لهذا التيار وكونت عددا من أطرها وأعوانها على اساس عدم احترام الحريات واليوم نحن أمام هذا المشكل حتى ولو تقرر أمر ما على المستوى الأعلى في السلطة فإن الموارد البشرية تعوزه لتطبيقه.
ما العلاقة بين «العدالة والتنمية» وحركة «حليقي الرؤوس» الفاشية؟
للذين يستغربون الجنون الذي بدأ يجتاح الفضاء العام، يكفي الرجوع قليلا إلى الوراء لندرك أن فاشية إسلاميي الحكومة لم تبدأ الآن. ففي يوليوز 2001، أي قبل حوالي 14 سنة، انتفض عبد الإله بنكيران، لما كان «نائبا برلمانيا» ضد الصحافية أمينة خباب المصورة الصحفية بقناة دوزيم داخل قبة البرلمان، بمبرر أنها ترتدي زيا غير محتشم، ويكشف عن ساعديها.
إن تلك الحادثة، التي حملت توقيع عبد الاله بنكيران، شكلت، آنذاك، إنذارا بالخطر الذي بدأ يزحف على المجتمع من معتنقي الفكر الشمولي، والفاشيين الذين يتحكمون في أذواق الناس ورغباتهم، ويدفعون في اتجاه قولبة كل المواطنين في قالب واحد! إذ بدأ السؤال يطرح بقوة: ما العلاقة المفترضة بين الإسلاميين وحركة «كوكسكلان» النازية مثلا تفرض لباسا خاصا على المنتمين اليها، وأيضا حركة «حليقي الرؤوس» (سكينهاد) التي تلزم المنتسب اليها بحلق شعره؟
وقد تكررت الحكاية نفسها في أبريل 2014 مع وزير العلاقات مع البرلمان السابق، الحبيب الشوباني، الذي دفعته «نزوعاته الشمولية المنغلقة» إلى منع الصحافية خديجة رحالي من دخول البرلمان من أجل تغطية أشغال الدورة الثانية من السنة التشريعية الثالثة لمجلس النواب. حيث خاطبها بضرورة مغادرة القاعة كونها ترتدي لباس غير محتشم و يمس بحرمة البرلمان.
غير أن الفكر الشمولي وصل إلى ذروته حينما بدأ «وزراء» العدالة والتنمية وزعامات جناحهم الدعوي يشنون الهجوم تلو الهجوم على الذين لا يتفقون مع توجهاتهم الانغلاقية، وخاصة على الحداثيين والحقوقيين والعلمانيين واليساريين، مهددين بإشعال «الفتنة» وتأليب الرأي العام «المحافظ» عليهم ما لم يلوذوا إلى الصمت.
وقد بدأت التباشير الأولى لتدعيش الفضاء العام المغربي، قبل أكثر من ثماني سنوات حين رفع ممثل حزب العدالة والتنمية في تطوان أكف الضراعة ليطلب من الله الانتقام من كل من «دفع درهما واحدا للعاهرات المشاركات في مهرجان تطوان». كما اعتبرت بسيمة الحقاوي (قبل الاستوزار)، في تصريح داخل قبة البرلمان تمت إذاعته في التلفزيون، بأن شاكيرا «راقصة ساقطة» تقدم «عرضا بورنوغرافيا مليئا بالتحريض الجنسي والتحريض على الإباحية وضرب للمنظومة القيمية للمجتمع المغربي». وحمى وطيس تطبيق الشريعة سنة 2013 حين اندلعت قضية «تزويج القاصر المغتصبة من مغتصبها» التي حاول مصطفى الرميد اللالتفاف عليها في البداية قبل أن يواجه بالحملات الاحتجاجية المتصاعدة، الأمر الذي فرض عليه العمل على إلغاء زواج القاصرات وتعديل قانون الاغتصاب.
غير أن «قانون الإجهاض» أظهر الوجه الحقيقي للإسلاميين، حيث أبانوا عن الجانب المتطرف فيهم ضد الحداثيين والحقوقيين الذين نادوا بعدم تجريم الإجهاض، مما أدخل الأمر إلى مصفاة التحكيم الملكي. ووصل الوجه المتطرف لإسلاميي العدالة والتنمية حينما هاجم وزير العدل الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان محمد الصبار أثناء مناقشة مشروع القانون الجنائي، قائلا «إن شعار المملكة هو الله الوطن الملك.. الوطن محمي بالقانون والملك محمي بالقانون والله غير محمي»! كما تحدث الرميد عن زعزعة عقيدة مسلم وحق المرأة في قتل زوجها، وحق الزوج في قتل زوجته الخائنة. ثم لما بين له أمين العام المجلس خطورة ما تفوه به، هاجمه بقوله: «ما هو ردك أنت لو وجدت رجلا مع زوجتك»!! ويتبين المنحى المتطرف، والخارج عن أعراف النقاش والحوار الديمقراطي، حينما لم يتردد وزير العدل مرة أخرى في التهديد بالاستقالة إذا سمح القانون المغربي بممارسة الجنس خارج إطار الزواج، مضيفا أن المغرب سيستمر في تجريم المثلية الجنسية، ولن يقوم بأيّ تعديل في هذا الموضوع، مؤكدًا كذلك أن المغرب لن يتسامح مع المفطرين علنيًا في رمضان، إذ إنه «لا يمكن قبول مطالب أقلية وفرضها على معتقدات الأغلبية». وقد نسي الرميد أن المغاربة يشكلون تيارات تخترقها أفكار متباينة، ولا يحق لأي واحد أن ينتصب مدعيا بأنه الناطق باسم المجتمع برمته.
شريط حوادث التعنيف والتنكيل بالمواطنين
مقاتلو «داعش» يتحركون بكل حرية في الفضاء العام
أثارت حادثة إلقاء القبض على فتاتين بإنزكان بسبب ارتدائهما لتنانير قصيرة ومتابعتهما في حالة سراح، ردة فعل قوية داخل المجتمع المغربي، حيث اندلع نقاش حقوقي متعاكس بشكل ساخن، بسبب تجرؤ أشخاص احتكار الشارع لتطبيق « شرع الله «، مما جعل العديد من المراقبين يدقون ناقوس الخطر معتبرين ما يحدث بمثابة اعتداء على سلطات الدولة في تدبير الفضاء العام وحماية حقوق الموطنين وحرياتهم. في ما يلي أشهر الحوادث التي عرفتها الخمس سنوات الأخيرة:
* في يونيو 2015 أقدم أشخاص على محاصرة فتاتين بعد أن ولجتا سوق إنزكان من أجل التبضع من قبل أشخاص بدعوى «الإخلال بالحياء العام وانتهاك حرمة رمضان»، وتم تسليمها لمصالح الأمن التي قررت تحت الضغط إحالتهما على النيابة العامة.
* وبتاريخ 22 يونيو، وبينما كان البعض يعيش تحت تأثير صدمة اعتقال الفتاتين بإنزكان، أقدم مجموعة من الأشخاص على محاصرة شابين بشارع الحسن الثاني بأكادير للاشتباه في كونهما «مثليين جنسيا» مما جعلهما يحتميان بإحدى المقاهي، خوفا من قيام المتربصين بالاعتداء عليهما.
* ثمانية أيام بعد ذلك، تكرر نفس الحادث بمدينة فاس ولكن بصورة أبشع، إذ أقدم مجموعة من الأشخاص على محاصرة «متحول جنسيا» وتعريضه لوابل من السب والشتم والتعنيف وهو يحتمي داخل سيارة أجرة.
* وبتاريخ 29 يونيو 2015 تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو لشباب مغاربة يقومون بالاعتداء على شاب وربطه في عمود كهرباء بعد ضبطه وهو يدخن بعد آذان الفجر في أحد أيام شهر رمضان. و بالرجوع إلى النسخة الأصلية للفيديو، يتبين أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مزحة بين شباب كانوا يضحكون أثناء تصوير الفيديو. لكن هذا التزوير يحمل دلالة قصوى في ظل احتدام الجدل في المغرب حول الحريات الفردية. وفي اليوم نفسه، أقدم شخص ملتح على اقتحام مسجد ظهر القنفوذ مجمع الزموري بإثارة الهلع أثناء صلاة التراويح حيث بدأ يصرخ «الله أكبر.. صلاتكم باطلة». وكاد أن يتسبب في كارثة إنسانية بسبب التسابق الذي وقع نحو باب الخروج بعد تصاعد صيحاته.
* وفي الأسبوع الماضي، ظهر شخص ملتح آخر في مدينة طنجة يأمر بـ«المعروف» في الشارع العام، ودخل في شجار مع فتاة بعد أن انتقد لباسها، الشيء الذي لم يرق لها وردت عليه بقوة.
* وخلال الأيام الأولى من شهر رمضان وضعت في شاطئ أنزا في أكادير لافتة سوداء كتب عليها بحروف بيضاء اللون respect
ramadan no bikinis.
* وببني بوعياش أقدم شخص في يناير الماضي على جلد سيدة وسط الشارع العام بواسطة حزام كان يرتديه احتجاجا منه على» لباسها المتبرج « حسب زعمه والذي اعتبره مخلا بالآداب، وقد تبين فيما -حسب تقارير إعلامية- أن المعتدى عليها، زوجة أحد عناصر الشرطة العاملين بمفوضية بني بوعياش للأمن. وتكرر الحادث بمرتيل لكن بصورة أخرى، إذ أوقفت عناصر الأمن شاب ملتح كان يدعوا تلاميذ مؤسسة تعليمية للصلاة خارج أسوار الثانوية، مما اثار ريبة ودهشة مجموعة من التلاميذ.
* وفي أبريل 2015 أحالت الفرقة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن فاس على الوكيل العام باستئنافية المدينة، شخصا ملتحيا متهما بالاعتداء الجسدي بالسلاح الأبيض على سائح ليتواني أثناء جولانه وزوجته بين دروب المدينة القديمة، وقبله على سائح أوكراني بمكناس بالطريقة ذاتها.
* ومنذ حوالي ستة أشهر أمر قاضي التحقيق المكلف بقضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، بإيداع خمسة أشخاص ضمن خلية تسمي نفسها «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، السجن المحلي بسلا (الزاكي)، وينحدر المتهمون كلهم من مدينة طنجة. ووفق محاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، فإن المتهمين يتابعون من أجل تهم «تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية في إطار مشروع جماعي، يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام، بواسطة التخويف والترهيب والعنف، والانتماء إلى جماعة دينية محظورة، واعتراض سبيل الغير، واستعمال السلاح الأبيض».
* وفي نونبر 2014 منع ملتحون بالصويرة حوالي 50 امرأة بحي تافوكت، من الاستفادة من دروس محو الأمية، التي تشرف عليها لفائدتهن المصالح المحلية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، تحت ذرائع عدة، منها تحفظهم على لباس المؤطرة المكلفة بتلقين الدروس للنساء.
* وقبل ذلك بسنتين، وبالضبط في يوليوز 2012، كشف والد عبد النبي الهيسوفي، الشاب الذي قتل على أيدي «ملتحين» أن أصحاب «اللحي» قتلوا ابنه عن طريق التعذيب الوحشي بواسطة الهراوات والحجارة والقضبان الحديدية، ومثلوا بجثته، مشيرا إلى أن الجريمة كانت عن سبق إصرار وترصد، بعدما لاحقوه لمسافة طويلة، قبل أن يحاصروه، ويشرعوا في تعذيبه.
* وبتاريخ 15 ماي 2011 نفذ ثلاثة ملتحين يرتدون اللباس الأفغاني هجوما على مطعم بحي الزيات بفاس واعتدوا على عاملين أصيبا بكسور وجروح..