تعود القيمة المقدسة لشهر رمضان لدى المسلمين بالنظر إلى المكانة التي خصه بها الإسلام، ولكونه الشهر الذي أنزل فيه القرآن، والمتضمن لليلة القدر التي هي «خير من ألف شهر». ولذلك يعرف هذا الشهر الفضيل فورة وجدانية ينخرط فيها المؤمنون الممارسون طيلة السنة، ويلتحق بهم «هواة الصلاة» الذين لا يعرفون السجود والركوع إلا في هذا الشهر. الأمر الذي يجعل الملاحظين يسجلون حصول فورة وجدانية ناتجة عن حوارات داخلية باطنية للمواطن طيلة السنة.
رمضان إذن شهر التدين بامتياز. ومن ثم فمن الطبيعي أن تشكل الطقوس المصاحبة له موضوع تأمل جدي للمهتمين بالظاهرة الدينية، وبالسلوك الاجتماعي بشكل عام. ولعل مبعث التأمل ليس فقط الفرق بين منسوب التدين في رمضان، ومنسوبه في الأشهر الأخرى. ولكن أيضا الفرق بين درجات الإقبال على التعبد، وصداه وآثاره الفعلية في المجتمع، لدرجة يحق فيها التساؤل حول ما إذا كان هذا الإقبال له مردود إنتاجي اجتماعي وأخلاقي في ممارسات الناس طوال السنة كما هي أهداف الدين، وجوهر الرسالة الإسلامية، أم هو مجرد انصياع طقوسي، أو قناع مجتمعي أم هو في أحسن الحالات أنوع من التقرب إلى الله طمعا في مراكمة الحسنات، تماما كما لو أن الله لا يوجد إلا في شهر رمضان المعظم. إذ أمام رؤية المساجد ممتلئة بالمصلين يعني أن هناك جد في العمل وولاء في أداء الواجب المهني (تجارة + وظيفة + مهنة حرة إلخ...) وبأن هناك عفة في السلوك واللسان بين الناس في الشوارع والقيساريات والإدارات والملاعب. والحال أن المرء يعاين ارتفاع الغش في المعاملات التجارية والعنف اللفظي في الشارع وقلة المردودية في الإدارات والجماعات والأبناك، مما يجعل السؤال يطرح: لماذا هذه الشيزوفرينيا عند العديد من المغاربة؟
لا يمكن أن نذهب بعيدا في وصف هذا السلوك كتعبير عن نفاق ديني، فبدون شك فإن المقبلين بتزايد على التعبد لهم حسابهم الخاص مع الله الذي وحده يعلم الحقيقة والقناع، ويعلم صدق المؤمنين ونفاقهم. ولكن ما يهمنا أساسا، في هذا المقام، هو التفكير في ما إذا كان بالإمكان أن تتم إعادة توجيه هذه الفورة الوجدانية المؤكدة في رمضان لتصبح طاقة إيجابية ينعم المجتمع بخيراتها طوال السنة. ذلك أننا ننظر إلى هذه الفورة على سبيل المجاز، كالأمطار التي تتهاطل بسخاء خلال فصل الشتاء، ونتركها تضيع، في حين ابتكرت فكرة السدود للحفاظ على تلك الأمطار لاستثمارها في لحظات الحاجة، ولضمان تحقق مواسم فلاحية متوازنة.
ولذلك سيكون من المفيد أن نشق لتلك الفورة سبلا جديدة برعاية مسؤولي القطاعات الوزارية ذات الصلة، ونشطاء المجتمع المدني المهتمين بالمعيش اليومي للمواطن تكون استراتيجيتها الأساسية تحقق جملة من الرافعات يكون هدفها الأساسي استدراك أضرب القصور التنموي والثقافي والاجتماعي والتمثلي. ودفع الناس لتمثل جوهر الدين بدل الاكتفاء بقشوره.
وبهذا الخصوص يمكن للقطاع الوزاري المسؤول مباشرة عن الحقل الديني أن يعمل على إعادة النظر في المقاربة المتبعة اليوم في ما يتعلق بحماية الأمن الروحي للمغاربة، وهو ما لا يمكن تحققه سوى بابتكار صيغ جديدة عوض تلك التقليدية المكررة كل سنة داخل المساجد، بدون تجديد أو إبداع. في هذا الإطار مثلا ينبغي إعداد منهاج تربوي وديني جديد يتم فيه الاشتغال بوعي على بلورة قيم تشكل أهدافها وجدانية، وذلك خلال مدة كافية قد تصل إلى خمسة أشهر على سبيل المثال، وذلك بتعاون وبتنسيق مع رجال الكفاءة والاختصاص من المجلس العلمي الأعلى والرابطة المحمدية للعلماء ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والجامعات. وتكون الاستراتجية الأساسية لهذا الإعداد هو استدراك القصور القيمي ليكون كل رمضان لا يشبه رمضان السالف. وضمن نفس الاستراتيجية ينبغي العمل، في المستوى الاجتماعي، على وسائل التنشئة الاجتماعية، وعلى العلاقات الحيوية للمواطن داخل الأسر والشوارع والمدن. وبهذا الخصوص لا بد أن ننتبه إلى الخلاصة التي توصل إليها المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية التي تفيد وجود خلخلة في قيمنا، وتفيد أيضا أن أكبر الأعطاب التي نعيشها تنبع من الهوامش، وهي التي تتغذى منها التنظيمات الأصولية المتطرفة، نظرا لتصدع المظومة القيمية المشتركة للمغاربة، ولاهتزاز الأنساق التقليدية، بفعل الهجرة وتحولات البنى المجتمعية، خاصة داخل المجال الأسري الذي تحول من الآلية الجامعة إلى أنوية معزولة تحت نفس السقف.
ويكتسي العمل في الإطار الثقافي نفس الأهمية، ذلك ان الوزارة المعنية مدعوة هي الأخرى إلى الإسهام في هذا الرهان الاستراتيجي بتشجيع المبدعين على التوجه نحو الإبداع في مجال الأغاني الدينية والسماع والمديح، والاتفاق مع الفرق الفنية المختصة بهذا النوع على اختيار القصائد الحاملة للرسائل المشجعة على قيم التسامح، وعلى الأخوة، وعلى ترسيخ مبدأ المواطنة عوض الاكتفاء بتكرار نفس الأناشيد بدون تجديد.
كما من شأن وسائل الاتصال المسموعة والمرئية بشكل خاص أن تسير نحو نفس الأهداف كأن تفكر في تهيىء مجموعة من السيناريوهات بتعاقد مع الكتاب والمخرجين، وذلك من أجل إعداد «سيتكومات» ومسلسلات وأفلام تلفزيونية للكبار والصغار تتمثل القيم الروحية، وتقدمها ضمن حلقات مفردة أو متسلسلة، على أساس أن تشتغل كل حلقة على قيمة من القيم.
وبكل تأكيد فكلما تم الوعي بأهمية هذه الفورة الوجدانية، وكلما تم ابتكار المجاري السليمة لجعل الفكرة ممكنة كلما سرنا نحو التأهيل السليم لمجتمعنا.
آنذاك فقط، يكون المجتمع قد فتح أوراشا هامه لا تقل نتائجها عن باقي الأوراش المفتوحة التي يشهدها مغرب اليوم مثلا في مجالات الاستثمار وشق الطرق. بل ربما ستكون هذه النتائج على درجة كبرى من الأهمية بالنظر إلى أنها تستثمر في الإنسان، وفي مستقبله الوجودي. كما من شأن ذلك أن يجعل من التدين، لا لحظة زمنية ووجدانية معزولة في ممارسات المغاربة، ومرتبطة فقط بهذا الشهر الكريم، ولكنه يصبح لحظة ممتدة طول السنة بكاملها. ونتيجة ذلك نعيد التدين إلى نصابه الطبيعي الذي لا يعني فقط ممارسة شعائرية منحصرة في علاقة الفرد بربه، ولكن متمثلة في نسيج العلاقة بين الأفراد في ما بينهم، وفي ما بين ألأفراد وخالقهم.
آنذاك فقط سيجني المجتمع أفضال الفورة الوجدانية، وسيتم إقرار التجديد في نظر الناس إلى مجتمعهم، وإلى دينهم بقيمه المنتجة، السمحة والمنفتحة على المستقبل.
عبد المالك إحزرير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المولى اسماعيل
رمضان يجمع الشيوعي والعلماني والمؤمن على مائدة واحدة في إطار منطق «السكيزوفرينيا»
يرى عبد الملك إحزرير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المولى اسماعيل بمكناس، أنه في إطار «السكيزوفرينيا» الكل يشارك في طقوس رمضان.. الممارس وغير الممارس للشعائر الدينية، حيث يلتقي الشيوعي والعلماني والمؤمن على مائدة إفطار واحدة وكل واحد في هواه. موضحا أن غير الممارس للشعائر الدينية يجد نفسه في مواجهة الشعور بالضجر والملل ولايجد ملاذه إلا في اللجوء الى المسجد بسبب الخوف المترتب عن اللاشعور الجماعي الذي يلعب دور المحدد في تغيير سلوك الفرد.
- كيف تنظر إلى هذه الفورة الوجدانية التي تبدأ مع حلول شهر رمضان من كل عام، حيث تمتلئ المساجد عن آخرها بالمصلين، ارتداء الزي التقليدي وبروز الأجواء الروحانية، لكن بمجرد خروجنا للأسواق أو دخولنا للشركات والإدارات تظهر مفارقات كثيرة : الغش في التجارة، الغش في العمل، اليمين الكاذب..؟
+ في الحقيقة وكما قلت هناك مفارقة، وهذه المفارقة أعتبرها طبيعية، ربما سنراها من خلال ثلاث أوجه، نظرة الفقيه، نظرة علم الاجتماع لهذه المفارقة، وكيف يراها علماء العلم الظاهر والعلم الباطن وكيف تتم قولبة السلوك الجماعي للناس. حقيقة نرى من جهة أن الناس يتعبدون ويملأون المساجد من الفجر الى العشاء وصلاة التارويح، ونرى الناس بالجلباب التقليدي.. هذه ظاهرة حسنة، ثم في شق ثان كما أشرت الغش والكذب وعدد من السلوكات والتصرفات ما أنزل الله بها من سلطان تحدث بالليل من قبيل الدعارة أكثر مما يحدث في الأيام العادية، وكأن الإنسان فيه نوع من الازدواجية. ولكن هذا شيء طبيعي لأن تركيبة الإنسان من مادة وروح - حسب التفسير الفقهي - لأن البشر يصوم ويصلي ويرتبط بالدين منذ زمن وليس فقط اليوم. فلقد وجد العلماء من مختلف الأديان السماوية أن هذا الإنسان فيه نفحة إلاهية، فالله تعالى يقول «ونفخت فيه من روحي»، وهذا الانجذاب نحو الدين ونحو العقيدة والإيمان بالغيب يتجاوز الجانب المادي في هذا الشهر المبارك، لأن الإنسان يهمل جانبه الروحي خلال 11 شهرا، ثم يعود إليه خلال شهر رمضان، فلما يرتفع الجانب الروحاني يكثر الإحسان والتعبد ويبتعد الإنسان عن الشهوات لأن الإنسان كلما صام كلما سما جانبه الروحي، والناس يصومون لثلاثة أسباب فهناك من يصومون خوفا والبعض يصوم رجاءا ومحبة لله.
- لكن بالعودة الى جوهر التعاليم الدينية الإسلامية نجدها ترفض مجموعات من السلوكات والتصرفات التي نعاينها في الواقع خلال هذا الشهر، فما جدوى الذهاب الى المساجد إن لم ينعكس ذلك على سلوك الفرد؟
+ هناك مقولة شائعة «خرج فيه رمضان.. ضربو الله.. أفطر في رمضان وخرج فيه»، وهذه الثقافة المتعلقة بـ «رمضان خرج فيه» يجعله يتبع سلوك الجماعة خوفا من رد فعل المجتمع. أما في ما يتعلق بالصلاة فليست لنا ثقافة دينية تشير إلى أن الامتناع عن الصلاة سيؤدي إلى عواقب وخيمة، بالمقابل لدينا ثقافة الصيام. إذن قدسية رمضان تجعل الناس يقبلون على الصوم خوفا من «حادثة سير» أو «عاقبة وخيمة».. فالجماعة تضغط نفسيا على الفرد حتى وإن كان تاركا للصلاة، مما يجعله يقبل على الصيام والصلاة ولو لشهر، ولذلك لا ينبغي أن نعمم فكرة كون المغاربة «يغشون ويعبدون». فهناك الغشاشون وهناك المتعبدون، ولو تأملنا شهر رمضان من ناحية أخرى فهو يقوي الخوف من الله، فإذا لم تخف من الله فافعل ما شئت. ولا يمكن أن نرى في رمضان دائما الجوانب السلبية ففيه إيجابيات كثيرة على المجتمع وعلى سلوكيات المجتمع، ولكن تختلف الدرجات، درجة المتصوف ليست درجة الإنسان العادي، وهناك درجة ثالثة نجد فيها النفاق، تجد الشخص يغش ويسكر ويدخن ويقترف المحظور، وكما قال الشبلي رحمه الله «ما خفت الله يوما إلا رأيت له بابا به الحكمة»، فهناك من الناس من يصومون رمضان مخافة الله وحكمة وتبصرا ولقاء وولاية إلى الله.
- هذا يعني أن عددا لا يستهان به من الناس يقدمون على الصوم والتعبد مخافة رد فعل الجماعة وليس خشية من الله؟
+ هؤلاء ينصاعون في هذا الباب إلى العرف الاجتماعي حتى لا يضع الصائم نفسه في زاوية سلبية أمام أقربائه وجيرانه وزملائه. ومن الناحية السوسيولوجية فنمط التفكير الفردي هو نتاج للجماعة، هناك ضغط لا شعوري على هذا الفرد كي يساير الجماعة خلال شهر رمضان سواء من خلال السلوك القوي في رمضان، أي الجنيدية أوالسلوك العادي في رمضان وهي المالكية، وقد يجتمعان لدى بعض الناس سواء في المساجد أو في الزوايا ويكون لهذا ردود فعل على السلوك الجماعي برمته.
- ما تفسيرك لمفارقة السلوك الفردي خلال نهار رمضان والذي يختلف عن سلوكه بعد الإفطار؟
+ لا يمكن إغفال تأثير التكنولوجيا والحداثة والتغريب على بلادنا. وللأسف الشديد لا يمكن أن نحصن المغاربة المسلمين في شهر واحد، هذا دور جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية وعلى رأسها الأسرة. فهناك من أطفالنا من لا يعرفون سورة الفاتحة، في حين في الستينات كان آباؤنا يعلموننا قراءة وكتابة القرآن، كانت التنشئة الدينية من خلال المسيد وكانت الكراسات المدرسية ثم عبر التلفزيون.. فهذا الدور تلاشى بكثير. وبالتالي وقع انفصال عن الدين لدى الجيل الحالي وأصبح الناس لا يعرفون دينهم بالشكل الذي كان لدى الجيل السابق، وهناك من لا يعرفون من الدين إلا القشور، ومن لا يعرفون من الدين إلا الطقوس، ولا يعرفون باطن الدين ولا أهمية هذا الدين كسلوك جماعي، حينما أصوم ينبغي علي تجنب الغش، حينما أصوم ينبغي ألا أزني، حينما أصوم يجب ألا أكذب..
- إذن.. هي نوع من السكيزوفرينية؟
+ طبعا.. إنها نوع من السكيزوفرينية ونوع من النفاق الاجتماعي سار عليه الناس منذ اكثر من ثلاثة عقود في بلادنا. لا ننسى جهود سي المكي الناصري الله يرحمه، سي عبد الله كنون، المختار السوسي صاحب كتاب «المعسول» وعدد من علمائنا ومشايخنا الذين ألفوا أشياء كثيرة للأجيال اللاحقة. في الحقيقة كان الدين يسير في الطريق الصحيح عبر مسارين: الجنيدية التي تعلمك الباطن وتقربك إلى الله والعلم الظاهر يعلمك الشعائر والسلوك القويم والصحيح، الشيء الذي تلاشى الآن نظرا لانفتاحنا الكبير، نظرا لثقافة العصر والتكنولوجيا، نظرا للتمدرس الحديث.. يعني نوع من فصل الدين عن الدنيا بشكل غير مباشر، لا نقوله رسميا ولكن نمارسه وهذا أنشأ نوعا من الانفصام، كأن الدين مرتبط برمضان فقط ونوع من الطقوس كما تركها عليه آباؤهم. للأسف لم تتم إعادة إنتاج الثقافة الدينية لدى الأجيال الحالية.
- لكن فصل الدين عن الدنيا موجود أيضا في عدد من البلدان دون أن نجد كل هذه المفارقات على مستوى السلوك الفردي؟
+ الثقافة هناك تعلم أشياء كثيرة، فالمدرسة هناك لها دورها، نرى نوعا من الخلل الوظيفي في عدد من المؤسسات. فمثلا ظاهرة العنف المدرسي تعود إلى الإهمال الأسري وضعف العامل الديني، ظاهرة الانتحار التي أشرت إليها في حوار سابق التي تتفشى في المجتمعات الغربية تعود إلى غياب العامل الديني، ونحن نعرف أن تشرذم المجتمع يعود إلى غياب التماسك الاجتماعي، والصوم يعلمك التماسك الاجتماعي الذي لم يعد له وجود. فالتماسك يعطي قوة للجماعة، ومن ضمن آليات تقوية هذا التماسك هو الدين. ونحن نعتبر رمضان كبنية ثقافية ودينية تقوي التماسك الاجتماعي بغض النظر عن الامتداد الروحي لرمضان. فرمضان يعطي الاستقرار للمجتمع وله فوائد صحية للفرد، وقد تحدث أبو حامد الغزالي في كتابه «إحياء علوم الدين« بشكل كبير عن فوائد رمضان وتطرق إلى كيفية تعليم الناس ألا تخون وألا تكذب وألا تنافق. لكن الآن بين الأصالة والمعاصرة وقع نوع من السكيزوفرينية التي ذكرت، نوع من الانفصام في شخصيتنا، لا نحن إلى هؤلاء ولا إلى أولئك، ومعنى ذلك أننا في تيه كبير، وربما قد يكون رمضان مناسبة لاسترجاع هويتنا..
- ولكن رمضان يحل كل عام وتتكرر معه مظاهر السكيزوفرينيا في السلوك الفردي دون أن نتمكن من العودة إلى أصول الدين الحقيقية؟
+ الأمر يتطلب إرادة جماعية، فاليد الواحدة لا تصفق، هذا دور العلماء، دور مجالس العلماء على المستوى الإقليمي والمستوى الوطني، هذا دور الفقهاء، دور المدرسة والتربية والتعليم. فلا يمكن أن نكون مدرسة للتهذيب في غياب القيم الدينية..
- ماذا عن اختفاء كل مظاهر التعبد والرجوع إلى الله لدى الكثيرين مع أول ظهور لهلال شهر ذو القعدة، فهل هؤلاء يعبدون الله أم مجرد «عبادين للحريرة»؟
+ لا نستغرب، ففي إطار منطق السكيزوفرينيا الكل يشارك في طقوس رمضان، فيمارس الشعائر غير الممارس للشعائر ويلتقي في غالب الأحيان الشيوعي والمؤمن والعلماني على مائدة رمضان وكل واحد في هواه. لهذا هناك طقوس ظاهرية نتقاسمها جميعا إما الباطنية «فذاك شغلك مع مولاك». لكن أمام الناس يظهر نوعا من النفاق الاجتماعي، فالغير الممارس للشعائر الدينية يشعر بالضجر والملل ولا يجد ملاذه إلا باللجوء إلى المسجد، لكنه يظل في تركيبته وثقافته إذا كان غربيا ينطق الفرنسية صباح مساء ويدخن الغليون.. فعامل الخوف المترتب عن اللاشعور الجماعي يلعب دورا محددا في تغيير السلوك لدى الفرد وليس في شهر رمضان فقط.
حسن حبيبي، أستاذ الصحافة والإعلام بكلية الآداب عين الشق بالبيضاء
لشدة نفاقنا لا نملك الجرأة لإعلان رمضان شهر عطلة غير رسمية
بعيدا عن رمضان قريبا منه، كثيرة هي المظاهر التي تشي بكون مجتمعنا، والحمد لله على كل حال، بكل تعقيداته وألوانه المركبة والمعقدة، يعلمنا، بل يجبرنا أحيانا ومنذ نعومة أظافرنا على ممارسة النفاق كنهج سلوكي لا محيد عنه. والنفاق كما يراه علماء النفس هو ظاهرة نفسية راجعة إلى فساد الطبائع وعدم الرضى عن الذات، وعادة يكون المنافق مرائيا ومداهنا يعتدي على حقوق الآخرين حتى ولو كان ذلك على حساب مصلحة الجماعة، بالإضافة إلى كونه «النفاق» آلية غالبا ما تستعمل لتداهن سلطة ما، سياسية، دينية واجتماعية، ومحاولة لتكييفها مع المصالح الشخصية. ويزدهر ذلك بطبيعة الحال في المجتمعات التي تغيب فيها الشفافية والمساءلة ودولة الحق القانون «تماما كمجتمعنا والحمد لله» وإذا كان النفاق قد أصبح، لكثرة ممارسته، آلية اجتماعية غالبا ما تمكن المرء من الوصول إلى غاياته عبر تمويه الآخرين، فالإفراط فيه يطور لدى المرء نوع من السكيزوفرينية المتفاقمة عبر الانفصام العميق بين أفعاله وأفكاره. هكذا نصبح أمام منافق غير «مسؤول» عن نفاقه لأن هذا الأخير تجاوزه وأصبح هو المحرك الرئيس لسلوكاته وقراراته وأولوياته، إلى أن أصبح يأخذ صيغا أخرى مصاحبة كالدبلوماسية وحسن التعامل إلخ. هذه الآفة الاجتماعية المرضية المستشرية في المجتمع، تتبدى بقوة في المناسبات الجماعية، فالحزن في الموت، يصبح مناسبة للتباهي والتباري بين بمن سيحضر أحسن ممون حفلات، و العمرة والحج، يتحولان إلى مناسبة للتفاخر والتعاظم والرقي الاجتماعي، أما صلاة الجمعة فهي بمثابة ذريعة لمغادرة العمل في الحادية والعودة إليه «إن حدث ذلك» في الثالثة بعد الزوال. وبناء على ما يلاحظ في رمضان، فهذا الشهر الفضيل، في اعتقادنا الشخصي هو بمثابة ثلاثين جمعة متتالية على مستوى المردودية سواء تعلق الأمر بالوظيفة العمومية التي تعاني ومنذ عقود من تهاون وتواكل وتراجع أو ميادين أخرى اجتماعية وفردية. هكذا يتحول رمضان إلى شهر عطلة غير رسمية، لكننا، ولشدة نفاقنا، لا نملك الجرأة الكافية للإعلان عنها رسميا، لما لا وقد أصبحت جملة «حتى يفوت رمضان ورجع» بمثابة وثيقة إدارية، بل وتعدت ذلك إلى تعاقد اجتماعي لا نقاش فيه. المشكل هو أن النفاق قد يتعدى مستواه كفعل إرادي إلى أزمة نفسية تخلق ما يسمى بالسكيزوفرينيين الاجتماعيين الذين تتضح صورتهم أكثر خلال المناسبات الجماعية مثل رمضان، فيصبح الفكر مشغلا للاطمئنان على الأفعال المتناقضة. والنفاق آلية تنتج الجهل ضدا على الإرادة الفردية وتسمح بتحطيم رغبات الحياة لصالح الحاجة الجماعية. فما يهم المنافق بالدرجة الأولى هو صورته عند الناس وليس صورته عند نفسه، فنفسه مشغولة بالآخر وليس لديها وقتا لنفسها، فالأنا تتحول إلى أنا من خلال السياق الحميمي للأسرة والأصدقاء والأقارب، هذه الشخصية المزدوجة الإجبارية هي التي تسمى في السياق الطبي بالسكيزوفرينيا. إن الانشطار بين الحاجة الاجتماعية والأنا تسبب في أن تكون للآخر كينونات متعددة داخل نفس الذات، وقد يكون العنف في المجتمع أحيانا، حسب علماء النفس الاجتماعي، نابع من انطفاء الذات داخل نفس المجتمع، النفاق كمين بالنسبة للذي يطوعه ويصبح فيما بعد سجينا له. قد نفاجأ ببعض الإدارات خلال أيام الجمعة، خصوصا إذا صادف هذا اليوم رمضان، خالية على عروشها، فغياب آليات المراقبة، ومراقبة المراقبة، من الرؤساء المباشرين ساهمت في غياب ثقافة العمل وعدم الانضباط جعلت الكثير يسجل الحضور أو يطلب من أحدهم القيام بذلك ثم ينزوي في بيته صائما مؤمنا متعبدا باكيا من خشية الله. ولعل المفارقة العجيبة أن جهاد النفس في هذا الشهر لا يقابله جهاد نفس على مستوى العطاء والمردودية، فالإدارات شبه مغلقة والجامعات في عطلة استباقية و لا أحد يجرأ على قول كلمة حق في وجه مسؤول لا يتحمل مسؤوليته. وقد كنا نسمع بتعبير «عبدة الحريرة» كناية عن أولئك الذين يقبلون على الصلاة في المساجد بعد انقطاع دام أحد عشر شهرا، فترى بعض الناس يتدثرون بلباس العفة والتدين ويكثر الطائعون والتوابون مرجئين ما يرونه حراما إلى الفاتح من شوال.
أوليس من بين مظاهر الدين وأخلاقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتصدي للظالمين والغشاشين والمنافقين...؟
عبد الإله حبيبي، باحث في علم النفس
سؤال التدين بين الصورة المثالية والممارسة المأزومة
السؤال الأكثر تأطيرا لهذه المفارقة يمكن صياغته كالتالي: هل الإقبال الكثيف والمكثف على ممارسة طقوس العبادة لها علاقة بالرغبة في إخفاء سلوك اجتماعي يتنافى والقيم الدينية، هل التدين المفرط هو دليل على حالة نفسية يكون فيها الفرد مضطرا للظهور بمظهر الذي يتخلى عن كل القيم الدنيوية في سبيل طلب قيم مثالية تحيل عل عالم الغيب والألوهية وهو في الحقيقة يكون أكثر الناس انغماسا في الماديات والمصالح والمنافع الدنيوية؟
- أولا: من الطبيعي التسليم بأنه ليس كل من يمارس واجباته الدينية بشكل مكثف ومستمر يريد بشكل لاشعوري إخفاء سلوك آخر يمارسه في حياته الخاصة أو في أدائه المهني والذي يكون محكوما بالأنانية والمنفعة والربح الذاتي.
- ثانيا: هناك ظاهرة تغزو البيئة الروحية المغربية خلال رمضان منذ قرون، بحيث يولي المغاربة هذا الركن الديني أهمية قصوى بالمقارنة مع الفرائض الأخرى، بحيث يمكن لهم غض الطرف عن الشخص الذي لا يمارس مثلا الصلاة لكنهم لا يتسامحون نهائيا مع المفطر عمدا في رمضان، وهذا إشكال آخر له علاقة بتمثلات المغاربة لمستويات الإيمان وطريقة تدينهم انطلاقا من هذه التمثلات التي تشكلت على مر العصور.
- ثالثا: إن التفرغ التعبدي خلال شهر الصيام يمكن النظر إليه من زاوية كونه يأخذ صورة «محطة استراحة روحية من الحياة الرتيبة»؛ أي شبه قطيعة مع المألوف واليومي خلال سنة بكاملها، وهذا يعني أن المغربي يريد أن يخصص هذا الشهر للتخلص من كل ذنوبه وأدرانه، وأن يعيد النظر في الكثير من سلوكاته وأفكاره إلى جانب تجديد حتى جسده من خلال إقباله على ممارسة أنشطة رياضية قبيل آذان الإفطار. لكن يظل السؤال قائما وهو هل هذا الحكم قابل لأن يعمم على كل المغاربة، أم ينطبق على البعض دون البعض الآخر، لهذا من الضروري إجراء أبحاث ميدانية بوسائل علمية لتأكيد أو نفي كل الفرضيات التي تحاول تفسير السلوك الديني لدى المغاربة خلال شهر رمضان. هناك طبعا ارتباط بين التدين والحياة، أو بين العبادة والرغبة في التكفير عن خطأ أو غسل خطيئة أو طلب المغفرة من ذنب أو تحقيق رجاء في الدنيا، لهذا فالعبادة لأجل العبادة لا يمكن تسجيلها سوى عند بعض الزهاد الذين اشتهروا بالانصراف عن طلب المتع الدنيوية وتفرغوا للبحث عن الحقيقة في مقامات الارتقاء الروحي على غرار ابن عربي وابن الفارض وابن الرومي وآخرين; ليس المجال متاحا هنا لتدقيق النظر في اختياراتهم الصوفية في علاقتها مواقفهم الصامتة من السلطة والمال والنخبة الحاكمة آنذاك. ما توحي به الملاحظة المباشرة هو أن المغاربة يعيشون ازدواجية غريبة بين نمطين من السلوك، واحد مادي تحكمه قوانين الحياة والمنافسة والمصلحة الذاتية، وهو ما لا يتردد أي مغربي في الكشف عنه في كل المحطات الحياتية التي يمر منها، حيث يعبر عن عدم اكتراثه بأي مبدأ أخلاقي أو ديني خلال بحثه عن تحقيق هدفه أو طموحه أو تطلعاته السياسية والاجتماعية أوالتجارية. في هذا السلوك يكون المغربي شرسا، عنيفا، لا يفكر إلا في تلك اللحظة التي يريد فيها تحقيق منفعته الخاصة، فتراه يزيح الآخرين من طريقه، بل وقد يلجأ إلى الوسائط والرشاوى والصفقات المشبوهة من أجل الحصول على غرض بشكل مستعجل أو تدبير مستقبل أبنائه او إنقاذ تجارته من الإفلاس أو التراجع.. ثم من جهة ثانية يكشف عن سلوك رقيق شبه ديني خلال لحظات ممارسة الطقوس الدينية، فتراه أنيقا، نظيفا، متطيبا، مبتسما بشكل مبالغ فيه وهو يعبر الطريق نحو المسجد من أجل الظهور في صورة الذي يلتزم بأداء واجباته الدينية، يسلم على الناس، يتصدق بشكل علني، يفتعل الطيبوبة، ينخرط في المذاكرات الدينية، يعطي النصائح لغيره وخاصة للفقراء والمقصيين والمهمشين، يبرر نجاحه التجاري او المالي بالقدر أو بالتدخل الإلهي المباشر لأنه صاحب كرامة أو استقامة، يحيط نفسه بهالة من المجد الديني المزيف، يجامل الفاعلين في الدعوة والحركات الدينية، يريد أو يتقرب منهم لنيل رضاهم وعطفهم واعترافهم بتدينه... هذه الازدواجية في السلوك هي في الحقيقة ازدواجية سيكولوجية تنم عن روح مهزوزة وعقل معطل وأسلوب في التعامل مع الذات يشوبه النفاق والكذب والتحايل، كيف يمكن للإنسان أن يكذب على نفسه وينتظر من الآخرين أن يصدقوه؟ أو كيف يمكن للإنسان أن يعيش بوجهين، أو بذاتين ويمارس التضليل على نفسه موهما نفسه أن الله سيداري وهمه هذا؟ فهل الذي يغادر مكتبه لساعات مبررا غيابه بالصلاة والناس مكدسين متعبين ينتظرون قدومه من خلوته الروحية المزيفة، يمكن اعتبار تدينه تدينا سليما ونافعا؟ وهل الذي يغش في المواد وفي الأثمنة وفي الموازين ويكتفي بتنميق مظهره بأكسسوارات طقوسية يمكن له أن يساهم فعلا في تنمية مجتمعه والرقي الأخلاقي به. إن مثل هذه السلوكات المرضية هي التي تجعلنا نحتقر العمل الفعلي الذي نقوم به والذي يمس حياة الناس ومستقبلهم على الأرض في مقابل الرفع من قيمة سلوك ديني شكلي لا يمكنه البثة التستر عن كل هذه الاختلالات المزمنة. الدين ليس احتفالا موسميا أو طقسا شكليا، بل هو ممارسة أخلاقية يومية مبنية على الصدق ومحاسبة الذات والآخرين والتصرف وفق القاعدة الأخلاقية التي تجعل العمل هنا والآن مع الناس ولأجلهم هي أهم قاعدة على الإطلاق.
منتصر حمادة، باحث في الفكر الإسلامي، مدير مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث
فاقد الإصلاح الأخلاقي لا يُعطيه التناقض بين القول والفعل يكرس لعَلمانية خفية
للإمام محمد عبده مقولة شهيرة جاء فيها: «وجدت في الغرب إسلاماً بلا مسلمين أما في بلاد الإسلام فوجدت مسلمين بلا إسلام»، ملخصاً ما اطلع عليه في الغرب، في مجال تداولي غربي، وعندما نأخذ بعين الاعتبار أن محمد عبده توفي في غضون 1905، وأن مقولته هذه لا زالت صالحة اليوم، تترجم صعوبة التأقلم بين النص والفعل عند المسلمين، وتكريس ما يُشبه الانفصال ــ دون وعي ــ بين الدين والعمل. ما يحدث في شهر رمضان يُكرس الوضع عوض أن يقزم منه: الأصل في شهر الصيام أنه عبادة، سواء كانت عبادة روحية (صلاة، صوم، ذكر، قراءة القرآن، تفكر، تدبر..)، أو عبادة مادية (و«العمل عبادة» كما جاء في الأثر)، ولكن أن يتميز هذا العمل بوجود حالات فساد مالي أو فساد إداري، أو محسوبية وزبونية، استغلال أوقات صلاة الجمعة للتخلف عن العمل لاحقاً، بعد الصلاة، وغيرها من الممارسات غير السوية، معناه، أننا نختزل الدين في العبادة فقط، وبالكاد في شقها الروحي أو «الطقوسي»، من منظور غربي، لأن فعل التعبد عند المسلمين، أسمى من ممارسة الطقوس الدينية في أي معتقد ديني وضعي أو توحيدي تعرض للتحريف. صدور هذه الممارسات يؤسس لما يُشبه نوعاً من العلمانية الخفية لدى الفاعل المعني به، حتى لو كان الفاعل المعني هنا يجاهر بخلافه أو عدائه للعلمانية (سواء كانت العلمانية تفيد فصل الدين عن الدولة أو فصل الدين عن الحياة).
إنها أزمة أخلاق، ومرتبطة بمدونة فقهية عند المسلمين، ساهمت في التقزيم من الأخلاق، مقابل التضخيم من الشق الظاهري في العبادات، وهذا قول يدعمه تنظير لكبار مفكري الإسلام في العصر الراهن، وأتوقف عند نموذجين اثنين، ينهلان من مرجعية فكرانية (إيديولوجية) مختلفة، وهما المفكر الراحل محمد أركون (رحمه الله)، والفيلسوف المجدد طه عبد الرحمن.
أركون يرى أننا «مطالبون باختراع خطاب أخلاقي معاصر، لأننا نلاحظ غياباً كلياً لأي تفكير أخلاقي في الإسلام منذ أيام مسكويه: أي منذ ذلك الكتاب الذي ألفه في القرن العاشر الميلادي وحتى اليوم، أي منذ ألف سنة على الأقل، ومرد هذه الدعوة، أن الغرب المتبجح بقيمه التي لا تضاهى والذاهب إلى الحرب، أحوج ما يكون إلى الأخلاق». بينما يرى طه أن «الصواب أن الدين والأخلاق شيء واحد، فلا دين بغير أخلاق ولا أخلاق بغير دين، ولا يمكن أن نتبين هذه الحقيقة إلا إذا تخلصنا من اعتقادات شائعة عن الدين والأخلاق، ويخص بالذكر منها ثلاثة: الأصل في الدين حفظ الشعائر الظاهرة؛ الأصل في الأخلاق هو حفظ الأفعال الكمالية؛ ليست الأخلاق قشورا تُغطِّي الأفعال ولا زينة تعرض لها، وإنما هي هذه الأفعال نفسها وقد اتخذت قيما مخصوصة أهدافا لها، فتكون القيم التي تحقِّق تَقدُّم الأمة إنما هي تلك التي تزيد في تخلُّقها؛ والدليل على أن إنتاجية الأمة تكون على قدر أخلاقيتها أن الانهيار الحضاري للأمم ـ بشهادة التاريخ ـ إما أن يقارن انحلالها الأخلاقي أو يَعقُبه». ما نعاينه في ممارسات المغاربة (نموذجاً)، سواء في شهر رمضان (حيث ارتفاع منسوب التديّن)، أو خارج شهر الصيام، لا يخرج عن هذا القاعدة: نعاين من تناقض رهيب، بين عدم الموازاة بين ارتفاع منسوب التديّن مع ارتفاع منسوب التخلق، وبالتالي، تحصيل حاصل أن يبقى وضعنا العملي والسلوكي، في الإدارة وفي الشارع ومع الأسرة، والدولة والمجتمع، في المرتبة الزمنية التي سطرتها مقولة محمد عبده سالفة الذكر.
فاقد الإصلاح الأخلاقي لا يُعطيه.