لم يسبق لكشافات الضوء أن كانت مسلطة على أكادير مثلما كان عليه الحال في الفترة الممتدة من 22 يوليوز إلى 25 يوليوز 2015، ليس لكون الفترة صيفية وتشهد تدفقا للوافدين على المدينة فحسب، بل لأن الأمر كان يكتسي رهانا بثلاثة أبعاد.
أولا: مهرجان تيميتار الذي راهن منظموه على حضور ما بين 80 ألف و100 ألف شخص في كل سهرة، فإذا بالواقع يحطم التكهنات لدرجة أن سهرة الختام قدر فيها الحضور بـ 160 ألف شخص وسهرة الجمعة حضرها بساحة الأمل 100 ألف شخص.
ثانيا: الأحداث الإرهابية الأخيرة بتونس حولت الطلب من سوسة إلى أكادير فتدفقت أعداد غفيرة من الزوار الأجانب بالمدينة لدرجة أن نسبة الملء بالفنادق تخطت العتبة المألوفة.
ثالثا: موسم الحرارة الاستثنائي هذا العام الذي دفع الآلاف إلى اختيار الوجهة الساحلية ومنها أكادير.
كل هذه العناصر جعلت المراقبين يهتمون بما يجري بأكادير لمعرفة هل ستربح الأجهزة الأمنية الرهان أم العكس.
وجاهة السؤال تستمد شرعيتها من كون أكادير دخلت للرادار الأمني المغربي منذ تدشين الملعب الكبير بعاصمة سوس، لأن ذاك التدشين كانت له تبعات على مستوى زيادة أعباء أكادير من حيث تأمين المباريات الدولية التي تحتضنها.
ولما كانت التحضيرات تتم للإعداد لمهرجان تيميتار كان السياق العام، ليس بأكادير أو المغرب فحسب، بل بالمنطقة المغاربية بشكل خاص مهووسا بالطلب على الأمن واليقظة. من هنا المعادلة الواجب التوفيق بين مكوناتها: أي ما هو السبيل للتوفيق بين الضرورة الأمنية وضرورات تأمين البهجة والفرح للجمهور بمهرجان تيميتار؟
الجواب عن هذا السؤال يقود حتما إلى التأكيد أن مهرجان تيميتار لم ينجح فقط في خلق الفرجة والبهجة فحسب، بل ونجح بالأساس في تفعيل الحكامة الأمنية من حيث التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية (إدارة ترابية + سلطات منتخبة + شرطة + قوات مساعدة + درك + وقاية مدنية). إذ كل جهاز احترم دوره واختصاصاته الموكولة له، مما انعكس على مردودية العناصر الأمنية وانعكس على الخطط الأمنية المرسومة وبالتالي انعكس إيجابا على التنظيم.
الدليل هو ذاك العدد المضاعف الذي لاحظته «الوطن الآن» في مهرجان تيميتار من قوات الأمن المقدر بحوالي 3000 فرد من مختلف الأسلاك (بوليس + قوات مساعدة + وقاية مدنية) هذه السنة مقارنة مع السنوات الماضية ومما أعطى لمهرجان تيميتار خاصية في هذه الدورة. أن المراقبين كانوا بصدد تقييم القرار القاضي بنقل مقر قيادة المنطقة الجنوبية للقوات المساعدة للجنوب من الرباط إلى أكادير لدراسة ثماره ومعرفة تفاعلاته، علما أن أكادير في هذه الفترة تتضاعف ساكنتها ثلاث مرات مما يستدعي الحاجة إلى تلبية الطلب الأمني وهو ما أفلحت فيه بحيث كانت التغطية وافرة للقوات المساعدة عدة وعتادا ورجالا.
يحق لمهرجان «تيميتار» أن يرفع من سقف أحلامه في الدورة المقبلة، ويشكل مع العواصم الفنية الأخرى بالمغرب أقطابا لـ «البهجة»...ويحق لأكادير أن تفتخر بـ3000 «مجاهد» من مختلف الأسلاك الأمنية، كانوا هم «النجوم الحقيقيون وحماة «بيضة» فن الفرجة.