كيف يسخر رسامو الكاريكاتير المغاربة من بنكيران؟

كيف يسخر رسامو الكاريكاتير المغاربة من بنكيران؟

يقال دائما إن السخرية تنقذ الشعوب من الاكتئاب، وكل أنواع المرض النفسي والعضوي والاجتماعي، خاصة حين تكون هذه الشعوب تجتاز ظروف التصدعات الشرسة، أو الحروب الأهلية، أو ترزح تحت نير الأنظمة الشمولية، أو ما شابهها. وتأخذ هذه السخرية الاضطرارية تعبيرات مختلفة، إما في شكل نكت أو طرائف أو رسوما كاريكاتورية... ذلك ما حدث خلال الحرب الأهلية اللبنانية، أو خلال أيام الحكم المغلق لصدام حسين أو الأسد الأب والابن أو معمر القذافي، وكذلك خلال مخاضات ما سمي بـ«الربيع العربي» في مصر وتونس واليمن، وغيرها من البلدان العربية، وذلك ابتداء من يناير 2011.

وبالنسبة إلينا في المغرب، فقد ازدهرت السخرية بمختلف تجلياتها خلال سنوات الرصاص التي عرفها المغرب، خاصة في السبعينيات من القرن الماضي، حيث كان المغاربة يجدون نوعا من التنفيس، أو التعويض بالمعنى النفسي للكلمة، من خلال تداول طرائف حول وجوه سياسية، حزبية أو وزارية، في صدارتها، خلال تلك الحقبة، كل من محمد أرسلان الجديدي وخطري ولد سعيد الجماني.

كان الأول، ذو الأصول النقابية، قد تقلد عددا من الحقائب الوزارية في حكومات الحسن الثاني، وكان يتميز عن نظرائه الوزراء بلهجته البدوية الواضحة، وبخطبه المرتجلة، سواء أمام قواعد حزبه في التجمع الوطني للأحرار أولا، وفي الحزب الوطني الديموقراطي لاحقا، أو في مناسبات جماهيرية مفتوحة. وبلهجته تلك، وبكلامه المرتجل كان يلفت إليه الأنظار لدرجة أن المغاربة لا يزالون يحفظون كلاما منسوبا إليه من قبيل العبارة الشهيرة «لقد صيفطني صاحب الجلالة»، وكذلك «أننا غادي نرجعو دكالة كلها بقر إن شاء الله».

كانت خرجات المرحوم الجديدي لا تتوازى في الخفة سوى بما يحكى عن زميله خطري ولد سعيد الجماني، العضو السابق في البرلمان الإسباني الذي التحق بنداء المسيرة الخضراء، ومثل بين يدي المرحوم الحسن الثاني في نونبر 1975 لتجديد البيعة في لحظة حاسمة في ملف قضيتنا الوطنية. والمغاربة إذ يحفظون هذا الموقف الوطني للجماني، يحفظون في نفس الوقت النكت التي أحيطت بشخصيته، حتى وإن كان مقلا في تناول الكلمة جماهيريا، ولذلك رسموه في المتخيل الشعبي نموذجا للسذاجة السياسية المثيرة للسخرية.

نخلص من هذا الاستذكار التاريخي إلى أن الشعب المغربي كغيره من شعوب الكون يعرف كيف يبدع في أحلك أيامه، وأكثرها انغلاقا أساليب للترويح عن النفس بابتداع نكت وطرائف قد تكون صحيحة النسب إلى أصحابها أم لا، ولكنها تعبر بالسخرية السوداء عن مواقف المواطنين من السياسة العامة، ومن علاقات الحكام بالمحكومين. ومناسبة هذا الاستذكار ما صرنا نلاحظه اليوم من عودة الطرافة السياسية بشكل حي مجسد إلى المشهد العام بعد تولي عبد الإله بنكيران (أمين عام حزب العدالة والتنمية) مسؤولية العمل الحكومي منذ 2011.

يقول أحد المواطنين مفسرا هذا السياق الجديد «إن الله أراد أن يمتحننا بحكومة ضعيفة تخالف تطلعات الشعب المغربي، لكنه جل جلاله منحنا في نفس الوقت رئيسا حكومة من النوع الكوميدي بامتياز. وذلك، يضيف المواطن، لحكمة ربانية تخفف عنا أوزار هذه الحكومة التي لولا بنكيران، جازاه الله، لأصيب أغلب المغاربة بضغط الدم، وبارتفاع نسبة السكري، وبـ»الفقسة»، إن لم نقل السكتة القلبية لا قدر الله».

تفيدنا هذه القولة، التي لا تخلو من دعابة، في استنتاج أن بنكيران قد توفق في أن يعيد المغاربة إلى زمن الضحك السياسي، سواء بسلوكه داخل الحكومة، أو في البرلمان، أو في اللقاءات الدولية. ولذلك تميز عن كل نظرائه الذين ترأسوا الحكومات السابقة بـ«بروفيل» خاص يلتقي فيه التعبير الشفوي مع التعبير المظهري، لغة السياسة مع لغات الشارع، التدخلات المكتوبة مع الخرجات غير المحسوبة. لم يسبق لوزير أول أن خاطب نائبة برلمانية أمام العموم، وتحت قبة البرلمان، بحديث ساقط فيه لغة البارات والبورديلات وفيه: الكبير والصغير «ديالي وديالك».

لم يسبق لوزير أول أن نعت جزءا من نواب الأمة بالسفهاء. لم يسبق لوزير أول أن أهان المرأة المغربية بالنظر إليها كمجرد ثريا البيت، مثلها مثل «طباسل الطاوس» أو باقي الأثاث.

لم يسبق لوزير أول أن أدخل الحيوانات المفترسة إلى حلبة السياسة العامة بذكر العفاريت والتماسيح.

لم يسبق لوزير أول أن وصف رئيس حزب بـ«الشفار» أو «الصكَع»...

لم يسبق لوزير أول أن اعتبر أمطار الرحمة هبة ربانية مهداة لحزبه ولحكومته.

إنها الكوميديا السوداء في أبهى مظاهرها، المنبعثة من دهاليز السياسة، ومن عمق الإحباط الشعبي غير المسبوق، قياسا إلى التجارب الحكومية السابقة. ولذلك صار عبد الإله بنكيران «بطلا هزليا» من نوع الكوميديين الذين ما أن يظهروا أمام الجماهير حتى ينفجروا صراخا، يضحكون ويبكون في نفس الوقت ألما وهما وغما. ولذلك صار الرجل موضوعا يوميا للنكت والطرائف وللرسوم الكاريكاتورية التي وجدت في رئيس الحكومة الموضوع المناسب لانحدار الجد، ولتراجع السياسة ولدفن الآمال الشعبية، مقابل صعود الهزل الأسود.

في هذا العدد نستعيد موضوع السخرية، من خلال أقوى تعبيراته الدالة: فن الكاريكاتور السياسي الذي يرصد المرحلة الراهنة من زاوية التقاط مفارقات الوضع السياسي الحالي الذي تنتفخ فيه الخطابات، وتتضخم فيه الوعود مقابل هزال الحصيلة، وغياب التراكم الحقيقي.

وها هو الهزال يصبح هزلا بفضل لا مسؤولية رئيس الحكومة، وبفضل «تقشابه» الحامض، وضحكه «الباسل» الأشبه بالبكاء!

ألم يقل المغاربة «إن كثرة الهم كتضحك»؟!

 

رهام الهور، رسامة كاريكاتير

بنكيران شخصية كاريكاتورية بامتياز.. وهدية من السماء

أولا، دعني أؤكد لك أن عبد الإله بنكيران، في نظري، شخصية كاريكاتيرية بامتياز، بتصريحاته ومصطلحاته و»ديناصوراته» و»تماسيحه»، وشخصيته المثيرة للجدل، فلا يكاد يمر يوم دن أن يصدر عنه ما يلهم رسامي الكاريكاتير، بفكرة ما، ولكل واحد منهم أسلوبه في التعاطي الفني معه. لكن الجميع مقتنع بأن بنكيران «هدية من السماء إليهم»، إذ يتيح لهم المجال واسعا للاشتغال الفني على أدائه. بنكيران نفسه رجل يثير السخرية ويخلقها، بل ويسعى إليها، ولا يرتاح نفسيا إلا إذا أطلق نكتة أو «قفشة»، حتى ولو كانت «حامضة» على حد قوله، ويصحبها بتلك القهقهة التي أصبح يطلقها بدون مناسبة في كل المجالس. وأنا كرسامة كاريكاتير، وأمام هذه الحالة «البنكيرانية»، إن جاز التعبير، لا يمكن لي سوى أن أتفاعل معه فنيا بالكاريكاتير، وأرد على سخريته بسخرية أخرى، في فقرة يومية أريدها فعلا أن تكون معبرة وذات دلالة وتنفذ إلى العمق. بحكم موقع بنكيران كرئيس حكومة، وكرئيس حزب واعتبارا لطبيعة شخصيته المتشنجة أحيانا، والقابلة للانفجار في أي لحظة، مثل قنبلة موقوتة، أضفى حضوره اليومي ضمن رسومات الكاريكاتير، نكهة خاصة جعلت من هذا الفن الساخر مادة مطلوبة من طرف الصحافة، إرواء لعطش المتلقي الذي يهُمُّه أن يرى كيف يرصد الرسامون تحركات بنكيران وتصريحاته الخارجة عن المألوف، مقارنة بمن سبقوه في اعتلاء هذا المنصب، ولن أجانب الحقيقة إذا قلت إن تناول الكاريكاتير لبنكيران، بشكل يومي، أضاف لمسات جديدة من السخرية، متسمة بالحيوية والتجدد، لهذا الفن المشاغب الجميل.

 

عبد الله درقاوي، رسام كاريكاتير

بنكيران أشبه بالدون كيشوت ومصدر إلهام لا ينضب

يتميز رئيس الحكومة بإطلالة مُختلفة عن رؤساء الحكومات السابقة، التي كان يسود وجوه أعضائها التجهم والعبوس والصمت المُطبق، والسيد بنكيران يعد مصدر إلهام لا ينضب للساخرين ورسامي الكاريكاتير ومعدي برامج (لي كَينيول الساخرة)، ناهيك عن كونه نجح بامتياز في جلب عشاق الكوميديا وهواة الفرجة الهزلية إلى البرلمان، لدرجة أن منهم من صار يطالب بتحويل جلسة مسائلة رئيس الحكومة الشهرية إلى جلسات يومية بدل مرة في الشهر، أما رسامي الكاريكاتير فقد أعفاهم السيد بنكيران بفضل فلتات لسانه وشطحاته العجيبة من مشقة البحث المضنى عن تعاليق لمصاحبة رسومهم «البنكيرانية»، فهو كما تتهمه المعارضة وخصومه السياسيين: (قضى أربع سنوات في الحكم وهو يتكلم دون أن ينصت لأحد)، في حين أن السيد بنكيران لا يزال يعتقد أنه لم يقل كلمته بعد. شخصية بنكيران بالنسبة لرسامي الكاريكاتير هي أشبه بشخصية الدون كيشوت، الذي يُحارب طواحين الهواء، غير أن السيد بنكيران يتميز عن (فارس لامانشا) بمحاربة العفاريت والتماسيح، وهذا ما لاحظناه في أغلب رسومات فناني الكاريكاتير على صفحات الجرائد الوطنية، ومواقع الإنترنت وصفحات الفيسبوك. رسومات كاريكاتيرية تـُتداول بشكل واسع مأخوذة عن صحف يومية تفنن رساموها في انتقاد رئيس الحكومة، بحس فني عال وروح دعابة يتقبلها رئيس الحكومة بصدر رحب، لاسيما وأنه صرح بأن لدينا حرية تعبير تقريبا بدون حدود بالنسبة لمنتقديه. هذا الزخم من الرسومات الكاريكاتيرية لا يعني أبدا عداء لشخص بنكيران وإنما دور الكاريكاتير هنا دور تقويمي، يقومُ به هذا الفن الذي لا يعرف المجاملة رغم أنه لاذع في غالب الأحيان، وهذا ينسجم مع روح الدستور الجديد، الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، بل وحتى روح الإسلام لدينا تدعو لتقويم المسؤولين ومحاسبتهم. للإشارة فقط فرسامي الكاريكاتير لم يسقطوا في هفوات جسيمة لبعض الأقلام الإعلامية التي تعتبر نفسها ساخرة، فسقطت في مستنقع السب والشتم والقذف المجاني، لأعضاء حكومة بنكيران وانتقاد أمور شخصية عوض التركيز على ما يهم الشأن العام وما يخص المواطن البسيط في توفير عيش كريم.

 

ناجي بناجي، فنان كاريكاتير

فترة بنكيران عصر ذهبي لرسامي الكاريكاتير

أولا وقبل كل شئ (سي بنكيران) من المعجبين و الشغوفين بمشاهدة الرسوم الكاريكاتورية في الصحافة، وقد سبق وأن أكد أن تلك الرسوم تثيره وتنال إعجابه. كلام بنكيران عن الكاريكاتور كان قبيل اعتلائه كرسي رئاسة الحكومة بقليل. في الحقيقة لا يبدو منزعجا من مثل هذه الرسوم، ولا حتى مكترثا لها، هذا ما يوحي به ظاهريا.. (السيد قشابتو واسعة وعريضة). تعتبر فترة بنكيران العصر الذهبي لرسامي الكاريكاتور. إن مبدعي الفكاهة ورسامي الكاريكاتير محظوظون بـ «هكذا» رئيس حكومة بكل بساطة، باعتباره صاحب نكتة، ورجل الفرجة والحلقة بامتياز، إلى درجة أصبحنا نحس معها بأننا في إحدى حلقات جامع لفنا، حيث يبدع داخل قبة البرلمان ومقراته الحكومية، وحتى في المحافل الدولية.. المهم (سي بنكيران) يسهل علينا العمل، بل يُقدم لنا أفكارا كاريكاتورية بطريقة غير مباشرة من خلال مقالب وطريقة مجابهة خصومه. يسهل علينا العمل واقتناص الأفكار منه، دون أن ينزعج من هكذا رسومات ولم يقع في عهده أي تطاول أو تضييق على عمل الفنانين، على عكس بعض أسلافه من الوزراء الذين كانت تضيق صدورهم من هذا الفن، حيث لا مجال للنكتة والفرجة عندهم.. وقد سجلت مضايقات كثيرة في عهدهم. بنكيران يقدم لنا خدمة جليلة ومادة دسمة مشكور عليها مُسبقا، ليس فقط للرسامين بل حتى للفكاهيين، إنه ملهم الفنانين بامتياز، إذ استفادوا من مواقفه وخرجاته الهزلية كثيرا، ولا أبالغ إذا قلت إنه تفوق علينا في الكثير من المواقف الساخرة، ليس هو فحسب، بل وحتى البعض من وزرائه أمثال «الوفا»، الذي احتفظ به دون غيره من الوزراء الاستقلاليين ليس فقط لكفاءته وحنكته المهنية، بل لخزَّانه الكبير في مجال «ضريب لمعاني» و«قسوحيتْ راسو» وتجربته الكبيرة في فن الحلقة و«حشيان الهضرة» من تحت الدف!! إنني أجد صعوبة كبيرة في بعض الأحيان، في أن أقدم عملا ساخرا يتفوق على مواقفهم الهزلية وهذه نقطة حسنة تسجل لسي بنكيران، أطال الله عمر حكومته حتى نستفيد أكثر من خزانه الذي لا ينفد في مجال السخرية والفكاهة السياسية. إنه فنان ساخر يتميز بخفة الدم، وهذا ما يجعله قويا أمام خصومه السياسيين، الذين يحاولون عبثا تقليده دون جدوى حيث انقلب السحر على الساحر، حينما قام شباط باستدعاء الحمير ليقوموا بمظاهرة معه ضد الغلاء، وأيضا النائب إدريس الراضي الذي كشف عن بطنه داخل البرلمان فلم يعط كل ذلك أية نتيجة.

 

إبراهيم مهادي، قيدوم رسامي الكاريكاتير بالمغرب

بنكيران ساهم في إنعاش وإغناء الكاريكاتير

بنكيران جاء في وقته ليؤثث المجال السياسي، في ظل واقع وجود رؤساء أحزاب مثل «شباط» و«لشكر»، إذن فـَ «بنكيران» يُتمِّمُ المنظومة. لأن العمل الحكومي عموما سواء مع «بنكيران» أو حتى «اليوسفي» طبعه الفشل، فكل الرؤساء منذ الاستقلال فشلوا. لماذا؟ لأنهم لا يحتكمون إلى برنامج مضبوط يوازيه التطبيق الفعلي والمراقبة،. ورجوعا للكاريكاتير، في الماضي سألتني سيدة أوروبية في «لوجورنال» عن طريقة بحثي وإيجادي لمواضيع رسوماتي الكاريكاتورية، فأجبتها أن الأمر بسيط جدا، فمجتمعنا طغى عليه الكاريكاتير، بل وأصبح هو بذاته كاريكاتوريا، فلهذا لا أجد صعوبة في إيجاد المواضيع. بنكيران بطريقة كلامه جاء مُتناسبا ومُتناغما مع ما يقوله «شباط» و«لشكر» والآخرين سواء البرلمانيين أو غيرهم. بنكيران ساهم في إنعاش الكاريكاتير، والعمل الهزلي. وأغنى الكاريكاتير، فمثلا يُمكن فقط أن أرسمه وآخذ كلامه وحركاته و«نقضي الغرض»، لأن معه لا يحتاج الرسام لمجهودات كبيرة سواء من خلال أفكاره والوعود والسلوك العام له. وصلنا لمرحلة أضحى فيها (البرلمان كله كاريكاتيرا مُجسما)، لأننا نسمع فيه (الكَراب.. والسيكليس.. اسكت ولا دابا نخلي داربوك..) هذا الكلام لا يُقال. عندما وصل السياسيون لهذه الدرجة من الانحطاط، يظنون أنهم «امْعَلمينْ» بهذا الكلام، لكنهم في الحقيقة يهينون العمل السياسي وأنفسهم. فالسياسيون للأسف لم يستطيعوا تقديم نفسهم كقدوة وليسوا كذلك، لدرجة أنهم يساهمون بشكل كبير في العزوف عن السياسة ، فمن بين التناقضات أنهم ينظمون العديد من المهرجانات الخاصة بالضحك والموسيقى ويستدعون الأجانب (مثل عادل إمام)، لكن ليس لدينا معرض للرسومات الكاريكاتورية، هل وصل بنا التخلف لهذه الدرجة؟ لدينا فنانون متميزون في الكاريكاتير بمستوى عالمي (عبد ربه حاصل سنة 1968 بفيينا بالنمسا، على جائزة «منظمة السلام العالمية» (حول السلام بالفيتنام)، وكذلك الفنان عبد الله الدرقاوي حصل على جائزة إيران حول القدس بمشاركة أكثر من 70 دولة، وأيضا الفنان ناجي بناجي حاصل على عدة جوائز دولية(. حقيقة مصطفى الخلفي وزير الاتصال يتقبل الكاريكاتير ومُتفهم لهذا الفن، أما بالنسبة لآخرين مثلا: «نبيل بن عبد الله» لما كان وزيرا الإعلام قلنا له لماذا ليس عندنا بالمغرب جائزة خاصة بالكاريكاتور مع العلم بأن هناك جائزة المقال الصحفي والصورة...إلخ؟ فوعدنا قائلا في السنة القادمة سنحدث جائزة خاصة بالكاريكاتور ولم يحصل ذلك، هناك أناس عقلهم لا يدرك معنى الكاريكاتير وما هو التشكيل!!

 

محمد سعداني، رسام كاريكاتير، مدير مهرجان مكناس لرسوم الصحف والكارتون

مجيء بنكيران ساهم في تسريع وتيرة كسر قيود الرقابة

 

عندما يتناول رسامو الكاريكاتور موضوع بن كيران، فهم يتطرقون لمسألتين:

أولا: كون بنكيران شخصية مثيرة، وأقصد هنا الخصائص التي يتميز بها من سلوكيات وطريقة الكلام وغيرها من المواصفات، التي تمثل بذلك مفاتيح أفكار ساخرة، يُعالجها الكاريكاتوريون في إبداعاتهم.

ثانيا: ما يصدر منه من أفعال وتقارير كمسؤول حكومي أو حزبي، غالبا ما تكون محط انتقاد من طرف الرأي العام، فيترجمها الرسامون إلى كاريكاتور ساخر، لتكون بذلك تعبيرا عن ما يراه غالبية الناس، والمُلفت للانتباه هنا هو الشريحة العريضة من المجتمع، التي تستوعب الفكرة وتدرك الرسالة التي يحملها الرسم الكاريكاتوري، حيث أنه فن متاح لكل الناس كبارا وصغارا. بن كيران أضحى مُصطلحا متميزا لدى «الكاريكاتوريين»، فمواضيعه عبارة عن مادة دسمة يتم تناولها من دون عناء، في اختيار الأفكار المناسبة التي هي الأصل والسند الرئيسي لكل رسم ناجح ومُعبر بأقل الخطوط المُمْكنة، ولهذا نجد بن كيران حاضرا بشكل شبه يومي في الجرائد الورقية، وذلك راجع إلى كونه الأيقونة البارزة في المشهد السياسي في الحكومة والبرلمان، بالإضافة إلى ما يصدر منه من طرائف ومواقف مثيرة، تغدي إلهام الرسام حتى يتفنن في إبداع مواقف ساخرة. شخصية بنكيران لم تكن الأولى التي يتناول فيها رسامو الكاريكاتور شخص رئيس الحكومة، أو الوزير الأول، لكن الإيقاع السريع الذي يُتداول فيه رسم بن كيران، ساهم إلى حد كبير في كسر قيود الرقابة وفسح المجال أكثر حرية للرسام، كما كان للصحافة المستقلة كذلك دور رئيسي في جعل السخرية بالمغرب أكثر انفتاحا مقارنة مع نظيراتها في الدول العربية، ويشهد على هذا مجموعة من الرسامين العرب الذين سبق أن شاركوا في ملتقيات وطنية خاصة برسوم الصحف والكارتون بالمغرب، أذكر من بينهم الرسام الفلسطيني (فادي أبو حسان)، الذي شارك في مهرجان مكناس لرسوم الصحف والكارتون 2013، فانبهر بمستوى وحجم سخرية الرسوم المعروضة التي سبق نشرها على الصحف الوطنية والتي كانت قد تطرقت لـ «بنكيران»، إذ صرح (فادي أبو حسان) حينها بأن واقع حرية التعبير بالمغرب متقدم مقارنة مع العديد من بلدان العربية، وعليه فإن تناول شخصية بن كيران وظهوره بكثافة في رسوم الصحف هو مكسب مهم في مجال حرية التعبير ببلادنا.