حتى لا يستنزف "الانتحار" ما تبقى من صبر الفنان مهيول..

حتى لا يستنزف "الانتحار" ما تبقى من صبر الفنان مهيول..

لحظات مؤثرة عاشها بكل تأكيد جميع من انتهى إلى سمعه نداء الفنان الكوميدي محمد مهيول وهو يحكي تفاصيل معاناته مع المرض وعوز الحاجة. فهذا الفنان الذي أعطى الكثير أيام عز الفكاهة المغربية، وأيام تألق الثنائيات، يجد نفسه اللحظة طريح مرض عضال ألم به، مجبرا إياه على ملازمة الفراش، والخضوع لسيف المصاريف الباهظة المسلط على رقاب أمثاله من الفنانين الذين "ماداروش علاش يرجعو"، فوجودوا أنفسهم بين مخالب الحاجة وقصر ذات اليد، مضطرين بعد سنوات المجد والتألق وإمتاع الملايين، إلى البكاء أمام الكاميرات، متأسفين على كل لحظة أمنوا فيها أوضاع صحة البدن وراحة البال ودفء الجيب.

حالة مهيول ومن خلال الصور الناطقة، فقط، التي تناقلتها مختلف المواقع تبعث حقيقة على القلق، ولا تنذر سوى بواقع لم نكن نرغبه حتى للأعداء. وإلا كيف سيكون إحساس مواطن وهو يعاين مواطنه الفنان يصرح علانية كونه فكر أكثر من مرة في وضع حد لحياته وإنهاء مسيرته في هذه الدنيا بفاجعة الانتحار، لا لشيء سوى لما لاقاه من إهمال ولامبالاة أضافته لمآسيه الجسدية أخرى نفسية أشد وطأة.

مهيول وبكل مرارة يشكو التنكر الذي فوجئ به، وانعدام أي مبادرة ترد له ولو جزءا من الاعتبار في رحلته المرضية الشاقة، وتجواله بين مستشفيات علاج أمراض السكري والقصور الكلوي قبل العودة آخر كل نهار إلى سكن ليس له ولا يملكه، كما لا يملك مجرد الحق في مواجهة علته بنوع من الكرامة وعزة النفس.

إذ وحتى إن كان المصاب قدر لا مناص منه، فمن العار أن تتحالف مع محنته مشاق التنكر والإهمال، لأن مهيول وبصرف النظر عن كونه فنان يبقى مواطنا، وليس من مصلحة بلد أن يسمع عنه العالم بين الفينة والأخرى بأن أحد أبنائه لم تلتفت إليه سوى الرعاية الملكية، خاصة وأن أعلى سلطة بالبلاد شددت غير ما مرة على أن الوطن بكافة مكوناته هو وطن الجميع إن في السراء أو الضراء. وبالتالي، متى سيتم التجاوب مع هذه الرسالة بقدر نفاذ وضوحها؟.