انطلقت اليوم الأربعاء بمقر زاوية الشيخ سيدي إبراهيم البصير بالجماعة القروية بني اعياط بإقليم أزيلال، الندوة العلمية الدولية المنظمة على مدى يومي تحت رعاية الملك محمد السادس، حول موضوع "دور أهل التصوف في حماية المجتمعات من التطرف" . ويشارك في هذا اللقاء، المنظم بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لانتفاضة سيدي محمد بصير التاريخية بالعيون، وبتعاون مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، مجموعة من العلماء والباحثين والمفكرين والأكاديميين من المغرب وكوت ديفوار والسينغال والسودان ومالي ولبنان والنيجر واليمن وفلسطين والأردن وايطاليا وبريطانيا والهند وباكستان.
وأكد شيخ الطريقة البصيرية مولاي إسماعيل بصير، خلال حفل افتتاح هذه الندوة، أن إشكالية حماية وتحصين المجتمعات من التطرف، أصبحت من القضايا التي تؤرق كافة الدول في العصر الحاضر، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تتبنى أفكارا هدامة وتؤثر سلبا على جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.
وأشار إلى الدور المهم الذي اضطلعت به الزوايا والطرق الصوفية في مواجهة التيارات الدخيلة وفي ترسيخ الانتماء لدى الناس للدين الإسلامي السمح وتحسيسهم بأهمية التشبث بالثوابت الوطنية، مذكرا بالدور البارز لمحمد بصير الذي عمل على توعية المجتمع الصحراوي المغربي من مخططات التنصير وطمس الهوية الإسلامية وإقبار اللغة العربية التي كانت تسعى اسبانيا إلى تحقيقها لجعل الصحراء المغربية تابعة لها بشكل دائم.
وقال إنه بفضل الإستراتيجية الشاملة التي اعتمدها المغرب تحت القيادة النيرة للملك محمد السادس، استطاعت المملكة الحد من زحف الخطاب الأصولي المتطرف وتحصين المجتمع وضمان أمنه، مبرزا أنه بالرغم من نهج اجراءات اليقظة وتبني السياسات الوقائية الشاملة، لا يزال شبح التطرف والإرهاب يهدد المملكة، مما يتطلب المزيد من فعالية تأطير مؤسسة الزوايا والطرق الصوفية.
من جهته، أوضح عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء عبد اللطيف كمات، أن هذه الندوة شكلت فرصة لهذه المؤسسة الجامعية للاحتكاك برجالات التصوف وأعلامه في شخص الطريقة البصيرية، مبرزا أن الكلية تطمح إلى انخراط الجامعة المغربية في نشر ثقافة التنوير والتسامح والوسطية والاعتدال التي تعد إمارة المؤمنين بالمغرب أحد أبرز رموزه بقدرتها على توحيد المغاربة في إطار خصوصية وطنية ودينية، مكنتهم من الحفاظ على تلاحمهم وراء العرش العلوي المجيد ومنحتهم هوية مغربية تعتز بخصوصيتها وتنفتح على غيرها من الحضارات والثقافات التي تجسد عنصر ثراء وغنى للمغرب والمغاربة قاطبة. وبعد أن اعتبر هذه التظاهرة مبادرة إيجابية، من شأنها إبراز الدور الجهادي والإصلاحي الذي قامت به ولا تزال تقوم به الزوايا والطرق في تاريخ المغرب، أعرب عبد اللطيف كمات عن أمله في أن تشكل مشاركة الكلية في هذه الندوة مساهمة في التفكير الجماعي للبحث عن أفضل الحلول لمواجهة ظواهر من قبيل التطرف والتشدد والإرهاب وغيرها، التي تشكل تهديدا حقيقيا لأمن المجتمع واستقراره. ويتضمن برنامج هذه الندوة عددا من المواضيع تهم على الخصوص "دور أهل التصوف في حماية المجتمعات من التطرف.. زاوية آل البصير نموذجا "، و" أهمية انفتاح أهل التصوف لمعالجة التشدد والتطرف"، و"انتفاضة سيدي محمد ابراهيم بصيري في مواجهة الاستعمار الإسباني، وقضية النزاع في الصحراء"، و" الطرق الصوفية بكوت ديفوار وطرق مواجهتها للجماعات المتطرفة"، و"أهمية التربية الروحية في نبذ العنف والتشدد والتطرف " . كما سيتناول المشاركون في هذا اللقاء مواضيع تهم "الطرق الصوفية في السنغال ومواجهة الفكر المتشدد.. المريدية نموذجا"، و"الحركات الجهادية المتشددة.. محاولة لفهم عناصر التمدد والانتشار"، و"دور التصوف في مكافحة التطرف"، و"التطرف أسبابه وعلاجه في ضوء التربية والسلوك"، و"الديبلوماسية الدينية للمغرب في إطار العلاقات المغربية الإفريقية"، و" الثوابت الدينية المساهمة في تحصين مجتمعات غرب إفريقيا ضد التطرف" .