على هامش النقاش المفتوح حول موضوع تراث الخيل والبارود بالموازاة مع النسخة السادسة عشرة لجائزة الحسن الثاني لفن التبوريدة بدار السلام بالرباط، تقدم "أنفاس بريس" لقرائها طبقا تراثيا حول طقوس وعادات ركوب الخيل، من خلال مجموعة من الأسئلة سنجيب عنها لنفتح شهية المتلقي في الخوض بعشق في موروثنا الثقافي الشعبي في أفق ثتمينه كرأسمال لا مادي تزخر به كل مناطقنا المغربية .
هل نمتلك ثقافة تراثية بخصوص فن التبوريدة؟ هل نعرف حاجيات ولوازم الخيل والبارود؟ ما هي أهم مكونات ألبسة الفارس و"أسنحة" الخيول التي تتزين بها؟ وما هي دلالات ورموز بعض المستلزمات المرافقة لكسوة الفرسان والخيول؟ هل للصناعة التقليدية حضور في فن الفروسية التقليدية؟
مكونات السرج المغربي
من المعلوم أن صناعة السروج تتقاسم مع عدة حرف تقليدية بعض مكونات سروج الفروسية التقليدية كالنجارة والحدادة والدباغة والخياطة والطرز والصباغة وعمليات فتل الخيوط ومزجها ببعض الحلي التي تحدث رنينا جميلا كسمفونية موسيقية تعزف على إيقاع سنابك الخيل والبارود، حيث يتحول علام الخيل لمايسترو رفقة فرسانه العازفين أنشودة الموروث الثقافي الشعبي بكل تفاصيلها الرائعة .
إن مهارة الصانع التقليدي المغربي الذي يتفنن في صنع السروج وتزيينها وترصيعها برسوم وخطوط تشكيلية مستمدة من التراث المغربي الأصيل تجعل عشاق الفروسية التقليدية من ممارسين وجمهور وسياح منبهرين أمام جودة المنتوج وسحره، فالطقم الشامل للحصان يتكون من (الدرج/ السرج/ اللجام/ الركاب)، ويطلق عليه اسم (السْناحْ/ السْلاحْ) الذي يحيل إلى مفردة عسكرية جهادية للخيول تاريخيا.. أما لفظ (السقط) فيحيل إلى الأجزاء اللينة والمطرزة وأول مكوناته هي (الزيف)، وهو فراش مطرز وإضافي يدخل في عملية تزيين الفرس ويلعب وظيفة جمالية دون الاعتقاد بأنه يخفف من حدة الاحتكاك بين السرج والحصان.
وحسب العديد من التعاريف، فإن السرج هو رحل الدابة ، فهو إما "حلس" أو "بردعة".. لكن السرج التقليدي يشكل عند المغاربة خاصة أحد أهم مكونات ومستلزمات التبوريدة على صهوة الجواد، نظرا لبهائه وزينته وتعدد أجزائه ومكوناته، حيث يتميز "القربوس" الأمامي أقل ارتفاعا من جزئه الخلفي الذي يعتبر مسند ظهري مريح للفارس أثناء التبوريدة.. وتتفرد السروج المغربية بالإتقان والجودة وهي مفخرة الصانع والحرفي التقليدي، وتختلف قيمة السروج المرتبطة بفن التبوريدة حسب جودتها وإتقانها من طرف الصانع المغربي الذي تفنن في صناعتها مغربيا.. وتتفاوت قيمتها المالية من سرج لآخر حسب قدرة الفارس المادية (من 3500,00 درهم إلى 40 ألف درهم). وبخصوص مكونات السرج التقليدي المغربي، فإنها تشمل ما يسمى ب "اللبدة"، وهي عبارة عن غطاء مصنوع من الصوف الموضب بإتقان.. وتتكون عادة اللبدة من سبع إلى تسع طبقات توضع مصففة على صهوة الجواد، ثم يوضع فوقها "العظم" وهو بمثابة هيكل للسرج ويعتمد في صناعته عادة من الخشب القوي والممتاز (العرعار/ الليمون...) ويغطى بغطاء مصنوع من جلد الجمل ويسمى ب "الدجاجة".. وأخيرا يوضع "الترشيح"، وهو عبارة عن كساء يصنع من الجلد المرصع بالصقلي والخيط المطرز.. ولتثبيت السرج فوق صهوة الفرس فلا بد من آليات أخرى ذات أهمية بالغة وتتحدد في "لعوان" و"الدير" وهما بمثابة حزام يربط السرج بأسفل عنق الفرس ويتم تزيينهما كذلك بالجلد المطرز، فضلا عن حزام جلدي يربط السرج من اليمين إلى اليسار.. ثم (الرسن)، وهو مجموعة سيور تحيط برأس الفرس وتمكن الفارس من قيادته، هذا بالإضافة إلى ما يتعارف عليه عند أهل الاختصاص ب "الركبات" الضامنتين للفارس توازنه فوق الجواد، وهما مصنوعتان من المعدن حيث يضع "الباردي" رجليه فيهما عند الركوب والنزول علاوة على ضمان توازنه ودعمه فوق صهوة فرسه .
أما "لكلادة" فهي عبارة عن قلادة يزين بها عنق الحصان لتضفي على جماليته الأناقة والنخوة بين الخيول داخل محرك التبوريدة، بالإضافة إلى مجموعة من النواقيس النحاسية التي يتم تعزيزها بالقلادة والتي تصدر موسيقى ساحرة كلما اشتدت سرعة الجواد وتحركه في ميدان التبوريدة.. ويعتبر اللجام من الآليات الأساسية للتحكم في قيادة الحصان ويتكون من شكيمة ومجموعة سيور تشد رأس الحصان، وتوضع على جبهته كذلك (عصابة) معروفة باسم (النشاشة) مصنوعة من القماش وتتدلى منها أهداب تكاد تغطي عيني الفرس.