شفيق السحيمي : آل عيوش يحاربون جمالية اللغة بأعمالهم الساقطة .

شفيق السحيمي : آل عيوش يحاربون جمالية اللغة بأعمالهم الساقطة .

يعتبر المبدع شفيق السحيمي من المخرجين القلائل الذين تناولوا مواضيع ذات أهمية بالغة وقيمة مضافة فنيا بالنسبة للجمهور المغربي الذي يعشق إبداعاته وأعماله الموشومة بذاكرتنا المغربية ، سواء على مستوى المسرح أو المسلسلات التلفزيونية التي تستقطب عددا هائلا من المتتبعين ، ويعد السحيمي من المخرجين القلائل الذين اكتووا بنار الابداع احتراما للذوق الفني وتجاوبا مع انتظارات الجمهور المغربي الذكي على اعتبار أن المثقف العضوي هو بمثابة الدرع الواقي لتاريخ وجغرافيا المجتمع وتراثه الإنساني على جميع المستويات .
و تبعا للخلط واللغط الذي نتج عن " رمي " المشاهد السينمائية لفيلم عيوش ( الزين اللي فيك ) باليوتوب من طرف لجنة مهرجان " كان " والتي هي من اختيارات نبيل عيوش ، ونتيجة لما يدور في الساحة السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية من معارك ونقاشات واتهامات متبادلة بين هذا الطرف وذاك فضلا عن بعض المواقف والقرارات الصادمة والتهديدات التي ملأت صفحات التواصل الاجتماعي لهذه الجهة أو تلك ،أجرت أنفاس بريس لقاء صحافيا مع المخرج الفنان شفيق السحيمي فكانت خلاصة اللقاء كالتالي :
اعتبر شفيق السحيمي أن وجهات النظر بخصوص أي قضية أو ملف تختلف من شخص لآخر قد يكون " مع أو ضد " لكن مع ضرورة امتلاك وسائل التحليل وآليات النقاش الديمقراطية واحترام الرأي والرأي المخالف ، قائلا لأنفاس بريس " طبعا لا يمكن الخوض في المواضيع ذات الصلة بالإبداع السينمائي إلا حين نتسلح بالدراية الكافية بقوانين وشروط الكتابة الدرامية بعيدا عن اللغط والخلط في المفاهيم وتقنيات العمل السينمائي ولغته الحوارية ، التي يفتقدها العديد ممن يضعون أنفسهم اليوم في خانة الأوصياء على المجتمع ومن بينهم من " ينتمون للقوى الحداثية " التي فعلا ناضلت منذ سنين ضد قوى الرجعية والمحافظين الجدد ، مؤكدا أن قرار المنع الذي خرج به وزير الاتصال مصطفى الخلفي غير دستوري ويفتقد للشرعية القانونية بحيث ـ حسب تعبيره ـ أن هذا الأخير لا يملك هذه السلطة ولا حق له في منع الفيلم من العرض بالمغرب وأضاف أن الخلفي لا سلطة له حتى على التلفزيون ولا معاهد الصحافة ، فكيف له أن يخرج خرجته الفاشلة تلك .
واستحضر شفيق في سياق هذا اللقاء ذات استجواب مع ـ صحيفة التجديد ـ قبل ولوج حزب المصباح للحكومة و التي طرحت عليه سؤال عن موقفه بخصوص منع أحد أفلام نبيل عيوش سابقا فأكد لذات الصحيفة بأنه " ضد المنع بأي شكل من الأشكال ، ولا يحق لأي حزب سياسي أن ينصب مشانق ومحاكم التفتيش والحسبة ضد الفن بمختلف أجناسه على اعتبار أن المنع يساوي الإفلاس المؤدي للسجن وقتل الابداع " ، واستغرب محدثنا لقرار المنع الذي اعتبره " قرارا جائرا وهو باطل يراد به حق ويدخل في خانة الحملات السياسوية والانتخابية لدغدغة مشاعر المغاربة واستقطاب مساندين مفترضين ووهميين من وراء الحواسيب ومواقع التواصل الاجتماعي والذين لا علاقة لهم بالإبداع الفني بل أنهم لا يذهبون للسينما أصلا " ، متسائلا : " أين هي دور السينما في المغرب التي يهاب عروضها هؤلاء ".
وقال شفيق لأنفاس بريس أن شركة إشهار آل عيوش تمتلك من التجربة ما يكفي للتعامل مع أي منتوج كيفما كان نوعه وتعرف من أين تؤكل الكتف ، وما تفعل في مجال الإشهار نظرا لتجربتها الطويلة وخبرتها في ذلك ، ما يؤكد ـ حسب قول شفيق السحيمي ـ أن اختيار الترويج للمشاهد المعروضة على اليوتوب كملخصات من الفيلم المذكور قد نجحت في مهمتها التي خطط لها صاحبها وانتشرت كالنار في الهشيم صيفا ، رغم أنها وضعت مثل سائر ملخصات الافلام المعروضة ب " كان " ، وشبه السحيمي كثرة اللغط والخلط التي أحدثها الفيلم ب ( الكوكوت اللي تطبخ ماء على النار دون احتوائها لوجبة دسمة وحينما ننزع صفارتها تحدث ضجيجا وصفيرا يغري الجياع ) .
وقد استغرب مخرج مسلسل تريكة البطاش لاختيارات نبيل عيوش على مستوى النصوص السينمائية المستفزة والتي أثارة هذه الزوبعة سابقا ولاحقا لحشد الدعم الخارجي وإقامة الضجة داخليا من أجل الوصول لقرار المنع المتسرع ، مستحضرا كذلك زوبعة فيلم "خيل الله " وإقحام الحقل الديني في المشهد الفني بشكل مغرض ، متسائلا كيف يعقل أن يقتحم المخرج معتقدات وتمثلات المجتمع المغربي بطريقة استفزازية تعتمد ثقافة الترويج التجاري في غياب ثقافة واسعة وشاملة تمتح من التراث الإنساني و روافد الفكر الفلسفي والسوسيولوجيا ، مؤكدا على أن المسرح والسينما مختبران حقيقيان لجمالية لغة الحوار وجمالية المشاهد واللقطات المعبرة بمختلف الوسائل المتاحة فنيا ، والتي تترك للمتلقي فسحة أمل لاتخاذ موقف معين بعد التحليل والنقاش .
وبخصوص الجانب الفني والابداعي لعمل نبيل عيوش ( الزين اللي فيك ) فقد صرح صاحب مسرحية المنزه لأنفاس بريس بأن الفيلم لم يقدم أي رسائل فنية للمتلقي من خلال مشاهده ولقطاته الفاضحة متسائلا ( اين تكمن معاناة العاهرات اللواتي قدمهن في عمله ) مؤكدا على أن عيوش ركز على كشف مافيا الاستغلال البشع لظاهرة العهارة كأقدم مهنة في التاريخ البشري وقدمها في حلتها الجديدة بصيغة عهارة اللوكس والخمس نجوم مستغربا إقحام القضية الفلسطينية على طاولة مواخير الفساد والقوادة ، مرددا سؤال أين هو الموضوع السينمائي داخل الفيلم المراد معالجته فنيا .
وخلص معنا في حواره هذا إلى استنتاج أساسي ومحوري أكد من خلاله أن الأمر يتعلق بربورطاج عن ـ عاهرات الليكس ـ في المغرب وليس بفيلم بمقوماته الفنية والابداعية ولغته السينمائية علما ـ يقول شفيق السحيمي ـ أن عيوش أبان عن ضعفه على مستوى امتلاك ثقافة الروبرطاج ، معتبرا أن العمل ما هو إلا عملية لتركيب عناصر جريمة اجتماعية قلبت مشاهدها بقدرة مخرج إلى " فيلم ساقط " على مستوى الموضوع ولغة الحوار والتقنيات السينمائية منوها بالجمهور المغربي السينمائي الذي يمتلك آليات التحليل والنقاش الرزين والموضوعي من خلال تراكمات الثقافة السينمائية منذ عقود .
هذا واستغرب مخرج مسلسل وجع التراب لتصريحات نبيل عيوش الكاذبة والتي يروم من ورائها استدرار العطف وشفقة الخارج ـ حسب قوله ـ بعدما جرد والدته من هويتها وانتمائها لتونس الخضراء معتبرا في إحدى تصريحاته الصحافية أن والدته يهودية فرنسية الأصل وليست يهودية تونسية ( قد تحمل الجنسية الفرنسية ) مؤكدا أنه يعرف والدته قبل أن يرى النور نبيل عيوش ، واستطرد صاحب شوك السدرة قائلا : " إذا كانت اللغة ـ الدارجة ـ الساقطة التي اعتمدها نبيل عيوش في فيلمه هي التي يدافع عنها والد عيوش للرقي بمدرستنا العمومية و بحقل التربية والتعليم فأقول للجميع : اتركوني وشأني فأنا متخلف وأرفض وقاحتكم وإسفافكم ولن اسعى مثلكم داخل متاهة ودائر المال وتجارة العهر " .