لماذا أعلن أمير المؤمنين الحرب على شيعة اليمن؟

لماذا أعلن أمير المؤمنين الحرب على شيعة اليمن؟

لم يكن انخراط المغرب في الحرب على الحوثيين ارتجالا في السلوك الاستراتيجي، أو قفزة في الفراغ، ولكنه موقف ثابت في السياسة الخارجية، وفي النهج الذي تتبناه القوات المسلحة الملكية منذ استقلال المغرب إلى اليوم. ففي سنة 1960 شاركت بلادنا في عملية الأمم المتحدة لحماية الوحدة الترابية للزايير (الكونغو الديمقراطية اليوم) التي عاد إليها لنفس المهام سنة 1977. وفي سنة 1995 شاركت وفق نفس المبدإ في الصومال، وكذلك تم الأمر في البوسنة والهرسك (1996)، وفي إقليم كوسوفو (1999)، وفي الكوت ديفوار (2001)، ثم في إفريقيا الوسطى عام 2013، إضافة إلى المشاركة التاريخية في حرب الجولان سنة 1973، مع اختلاف السياق.

إنه الإطار نفسه الذي تندرج ضمنه المشاركة المغربية اليوم في حرب استعادة الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية التي تربطها مع اليمن علاقة حرب وسلام منذ عشرينيات القرن الماضي. في الورقة التالية إجابة عن أسئلة الحرب الجديدة ودوافعها، ودلالات مشاركة المغرب بوحدات قتالية بدأت في الجو، في أفق احتمال انتقالها إلى ساحة النزال البري

جغرافية اليمن ليست فقط امتدادا ترابيا، أو مجرد حدود مع السعودية، ولكنها جزء من الأمن القومي لهذه الأخيرة التي وضعتها الأقدار الجيو ستراتيجية في مجال لا يشكل فيه المقدس الديني المشترك، أو الخزان النفطي مصدر القوة الوحيد، ولكن هناك أيضا المعبران البحريان الحاسمان في حركة التجارة العالمية (مضيق باب المندب غربا، ومضيق هرمز شرقا). وتتضاعف خطورة المعبرين الحيويين بوجود الجوار الإيراني الذي جعل المملكة العربية السعودية بالفعل وبالقوة بوابة العالم العربي، ودرعه السني. وبدون استحضار هذا المعطى تظل قراءة ما يجري اليوم هناك بلا معنى أو سياق.

في سنة 1924 خاضت السعودية واليمن حربا ضروسا حول الحدود، وحول من يملك القرار الجيو ستراتيجي في المنطقة، ولم تتوقف تلك الحرب المدمرة إلا بعد مرور عشر سنوات تم إنهاؤها سنة 1934 بفضل اتفاقية الطائف. وفي سنة 1962 اندلعت حرب أهلية لتفجر النسيج اليمني بعد قيام عبد الله السلال بالانقلاب على الملكية، ما دعا مصر جمال عبد الناصر إلى دخول تلك الحرب مدعمة ثورة السلال في مواجهة السعوديين الذين اختاروا مساندة الإمام محمد بدر. ودامت تلك الحرب ثماني سنوات لتنتهي سنة 1970، دون أن ينزع فتيل التوتر نهائيا. ومع ذلك هدأت العلاقات نسبيا بين البلدين، خاصة مع تمكن علي عبد الله صالح (الرئيس اليمني السابق) من انتهاج نوع من الهدنة المقنعة مع جيرانه. لكن سنة 2009 ستشهد فصلا متنوعا من التوتر الدائم إثر قيام السعوديين بقصف مواقع الحوثيين بعد انتهاكهم لحدود المملكة، بهدف ما اعتبره السعوديون سعيا شيعيا لزعزعة الاستقرار في شبه الجزيرة العربية . فهل أغفل أنصار عبد المالك الحوثي هذه المعطيات التاريخية، وهم يقررون التحول من تجمع مذهبي محدود بمنطقة صعدة إلى «دولة» تغتصب الدولة لفائدة قيام نظام ولاية الفقيه عند أقدام المملكة السعودية التي يتحرك حكامها في العالم باعتبارهم قادة المذهب السني وحماة الحرمين وملاك أكبر خزان بترولي عربي؟

لا يمكن استساغة فرضية إغفال ذلك، ولكن يبدو لنا أن هناك اعتبارين أساسيين دفعا بالحوثيين إلى الانقضاض على صنعاء، في أفق ابتلاع دولة اليمن:

أولهما، اعتبار تحركهم إحدى ثمار «الربيع العربي»، حيث يصورون أنفسهم حركة شعبية ثورية قد يقرأها المحيط الإقليمي والدولي كخيار ذاتي للشعب اليمني الذي يفترض أنه حر في تدبير تفاعلاته الداخلية. أما الاعتبار الثاني فيعود إلى تصور الحوثيين أنفسهم مسنودين، سياسيا ومذهبيا، بقوة إقليمية كبرى هي إيران، المسنودة هي الأخرى بتحالف استراتيجي مع روسيا، خاصة وأن تمرد آل الحوثي قد تم في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية حول الملف النووي، والتي تعد بإمكانية قيام حل تفاوضي إيجابي للطرفين. ولأن الحوثيين يحسبون وحدهم تحرك السعوديين بسرعة قصوى ضمن تحالف يشارك فيه بشكل أساسي مجلس التعاون الخليجي، باستثناء سلطنة عمان، كما تشارك فيه فعليا القوات العسكرية في دول مصر والأردن والسودان والمغرب.

واضحة إذن بواعث إعلان الحرب على التمرد الحوثي، مثلما هو واضح قرار المغرب بالانخراط في هذه الحرب باعتبار الموقف الثابت للسياسة الخارجية المغربية بخصوص تدخلاته العسكرية في المناطق الملتهبة في العالم، وباعتبار أنه معني بوقف الزحف الشيعي على العالم العربي، وباعتبار «الالتزام الموصول بالدفاع عن أمن الشقيقة المملكة العربية السعودية والحرم الشريف، وبقية دول مجلس التعاون الخليجي الذي تجمعه بالمملكة المغربية شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد» كما سطر ذلك بيان وزارة الخارجية المغربية بالمناسبة.

هل ستتبلغ هذه الحرب غاياتها؟ هل سيضطر الحوثيون إلى التراجع إلى قواعدهم الأولى؟ وهل سينتصر خطاب الشرعية على التمرد؟

تصعب الإجابة عن هذه الأسئلة، والحرب في أيامها الأولى، لكن المؤكد أن «عاصفة الحزم» قد انطلقت بمشاركة عربية كبرى، وبمباركة أمريكية وتزكية أوربية ومساندة تركية لا لبس فيها، ولن تهدأ نيرانها إلا بعد إقرار معادلات جديدة في الصراع الإقليمي الدائرة أصوله الأولى منذ كان الإنسان هناك.

عبد القادر زاوي، سفير المغرب سابقا بالأردن والبحرين والإمارات المتحدة

اليمن السعيد بين هلال شيعي عتيد وبدر سني يتراءى من بعيد

لم تمثل مبادرة المملكة العربية السعودية لتشكيل تحالف عربي لتنفيذ ما سمي «عاصفة الحزم» بغية إعادة السلطة الشرعية إلى الحكم في اليمن، وتحجيم نفوذ الحوثيين من جماعة أنصار الله مفاجأة للمتتبعين للشأن اليمني. فقد جاءت هذه الخطوة بعد أن استنفدت دول مجلس التعاون الخليجي كل الإمكانات المتاحة لتحقيق مصالحة وطنية، واقتنعت بأن جماعة أنصار الله غير مكترثة بإيجاد مخرج للأزمة السياسية في البلاد عبر توافق وطني حقيقي يستوعب كل القوى الحية في البلاد، وإنما تريد فرض أجندتها الخاصة، وأجندة من يقف وراءها دون أي اعتبار لمصالح الأطراف الداخلية والإقليمية على حد سواء. والواضح أن الدول الخليجية تريد بهذا الحزم وضع حد لهواجس انتابتها منذ أن تأسست الحركة الحوثية سنة 1992 على أساس ديني يهدف تجميع أتباع المذهب الشيعي الزيدي في حركة مسلحة، خلافا للعرف السائد في اليمن المتمثل في التئام باقي القوى السياسية اليمنية على أسس قبلية ومناطقية. هذه الهواجس ستكبر، وستصبح مدعاة للقلق انطلاقا من سنة 2004 حين بادرت الحركة الحوثية إلى تحدي السلطة المركزية في صنعاء زمن الرئيس علي عبد الله صالح، الذي شن عليها العديد من الحملات العسكرية لإضعافها في معاقلها في محافظة صعدة شمال البلاد دون جدوى.

وفي سنة 2009 ستتأكد المملكة العربية السعودية من خطورة الحركة الحوثية، وذلك عندما لم تتورع هذه الأخيرة في الدخول في مواجهة مع حرس الحدود السعودي بمهاجمة عدد من المناطق الحدودية المشتركة بين البلدين، متذرعة بأن ترسيم الحدود السعودية اليمنية الذي تم تنفيذا لاتفاقية مبرمة بينهما سنة 1934 فيه غبن بين لليمن، ولا بد من رفعه بإعادة النظر في الحدود التي بادرت السعودية إلى تسييجها.

ومع اندلاع ثورة الشباب اليمني في سياق ثورات الربيع العربي واحتجاجاته، ستتضاعف قوة الحركة الحوثية التي استغلت فرصة غياب الدولة المركزية وتنامي تسليحها لتوسيع مجالها الترابي وإقامة علاقات تعاون أو تحالف مع العديد من القوى السياسية المناهضة آنذاك لنظام الرئيس علي عبد الله صالح، لتغدو القوة الأولى والمتصدرة للحراك الشعبي.

غير أن الحركة الحوثية التي اتخذت اسم «جماعة أنصار الله» تيمنا باسم حزب الله اللبناني ستستنفر جميع المراقبين والمتتبعين للتساؤل والبحث عما تضمره من نوايا، وما قد يكون خلفها من قوى دولية وإقليمية عندما سترفض الاعتراف بالمبادرة الخليجية التي وفرت غطاء سياسيا داخليا وخارجيا للمرحلة الانتقالية التي دخلتها اليمن بعد الربيع العربي بإرغام الرئيس السابق على التنازل عن السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي.

وقد ادعت الحركة آنذاك أن رفض المبادرة الخليجية يعود إلى ما منحته من حصانة قانونية للنظام السابق وبرأته من كافة التهم المنسوبة إليه، بينما اتضح في ما بعد أن الرفض كان بإيعاز من إيران التي خشيت أن يكون نجاح التجربة في اليمن بغطاء أممي عاملا مشجعا على استنساخها في سوريا، التي لا تزال طهران تريدها أن تعود كما كانت أو لن تكون لأحد ولو على حساب المزيد من أشلاء ودماء أبناء الشعب السوري ودموع أرامله وأطفاله.

ورغم هذا الرفض انحنت الحركة الحوثية للعاصفة وانخرطت في مؤتمر الحوار الوطني الذي هو أحد نتائج تطبيق المبادرة الخليجية على أساس تلغيمه من الداخل لإفشاله. وعندما لم تتوفق كلية في ذلك ضربت عرض الحائط بمخرجات هذا الحوار، التي حرصت على عدم تضمينها أي التزامات حقيقية بشأن بسط نفوذ الدولة وسيطرتها الكاملة على كل التراب اليمني من صعدة إلى المهرة.

وقد مكنتها بعض الثغرات الموجودة في وثيقة الضمانات المتفق عليها في أبريل 2014 من تأليب فصائل واسعة من الرأي العام على قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي معتبرة إياه قد فشل في إعادة هيكلة القوات المسلحة وقوات الأمن، وفي تحقيق الشراكة الوطنية ومراعاة الكفاءة والنزاهة في التعيينات الإدارية والعسكرية.

إن هذا التأليب الذي وجد صداه في الكثير من مناطق اليمن بعد أن تزامن مع ارتفاع في أسعار المواد الأولية والمعيشية سيعطي ذريعة للحوثيين للزحف على التراب اليمني مبتدئين بمحافظة عمران التي أخضعوها لسلطتهم في يوليوز 2014 دون أي مقاومة تذكر. وبسقوط عمران تسنى للحركة الحوثية أن تشرع في ضرب حصار بري على العاصمة انطلاقا من منطقة شملان التي أصبحت منصة للاجتياح الموالي لصنعاء والسيطرة على كافة المباني الحكومية والثكنات الأمنية والعسكرية فيها منذ شتنبر 2014.

وبمضي الوقت اتضح أن الحوثيين لا يريدون إصلاح المسيرة السياسية وتصحيح أخطاء الحوار الوطني كما ادعوا، وإنما يسعون إلى تغيير المعادلات اليمنية الداخلية، وقواعد اللعبة على الصعيد الإقليمي أيضا كما ينم عن ذلك فرض الإقامة الجبرية على الرئيس هادي وأعضاء حكومته، وانتزاع الاستقالة الجماعية منهم، والإسراع في تشكيل بدائل جديدة وفق إعلان دستوري وضعوه ليعبر عن غلبتهم من خلال تشكيل مجلس رئاسي ومجلس وطني انتقالي.

وقد رأوا أنهم يتوفرون في ذلك على دعم معنوي يتمثل في فشل المجتمع الدولي عبر مجلس الأمن في اتخاذ قرار يتيح التدخل في اليمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وفي استمرار جهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في إيجاد صيغة توافقية جديدة رغم خروجهم عن أسس ومبادئ المبادرة الخليجية المدعومة هي الأخرى من الأمم المتحدة.

إن فرار الرئيس عبد ربه منصور هادي من الإقامة الجبرية التي كانت مفروضة عليه ولجوءه إلى عدن ليعلن من هنالك سحب استقالته ومواصلة مهامه كرئيس شرعي منتخب للبلاد، واعتماد عدن عاصمة مؤقتة سيرغم الحوثيين على الكشف عن نواياهم الحقيقية بالاستيلاء على السلطة والانفراد بالحكم، وذلك بإعلانهم الزحف على المناطق الجنوبية ومحاصرة عدن ومهاجمتها.

وفي غمرة الانتشاء بتلك الانتصارات التي حققوها ميدانيا تناسوا أن يقرأوا جيدا علامتين فارقتين في الأزمة اليمنية هما:

- إقفال السفارة الأمريكية في صنعاء نهائيا وترحيل كافة موظفيها في منتصف فبراير 2015 على أساس تدهور الوضع الأمني، في حين أن الإدارة الأمريكية لم تعمد إلى إجراء كهذا في ظل أوضاع أمنية أكثر سوءا سنة 2011 عندما كانت المعارك محتدمة في محيطها أحيانا بين الوحدات العسكرية التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وتلك التي كانت موالية حينها للجنرال المنشق علي محسن الأحمر. وقد اعتبر بعض المراقبين هذا الإغلاق نتيجة عدم وجود مؤسسة شرعية يمكن التعاطي معها دبلوماسيا، ووسيلة ضغط على الحوثيين لوقف غلوهم. ولكن ثبت أن بواعث الإغلاق كانت أبعد من ذلك بكثير.

- البيان الصادر يوم 14 فبراير 2015 عن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد لأول مرة في قاعدة عسكرية جوية في ضواحي الرياض، والذي حذر بلغة لا تحتمل اللبس من أن عدم التوصل إلى اتفاق في اليمن سيدفع الدول الخليجية إلى اتخاذ إجراءات تمكنها من الحفاظ على مصالحها الحيوية في أمن اليمن واستقراره.

وفي ضوء ما يشاع عن طول بال الخليجيين ورباطة جأشهم تهكم البعض من القرار الخليجي، معتقدا أن السند الأمني الذي مثلته الولايات المتحدة الأمريكية لدول الخليج منذ عاصفة الصحراء لم يعد يخيف أحدا بعد أن باتت السياسة الأمريكية تتبنى الخيارات الدبلوماسية وسحب القوات بدل نشرها، ناهيك عن شيوع الحديث عن خلافات داخل البيت الخليجي نفسه على الساحة اليمنية. خلافات كانت واضحة إبان الثورة في اليمن بين الرغبة السعودية في احتواء الحراك الشعبي بالإبقاء على هيكل النظام وتغيير وجوهه فقط، وبين الإصرار القطري على دعم فصائل الثوار من خلال التجمع الوطني للإصلاح فرع الإخوان المسلمين في اليمن.

ولقد تناسى من أراد أن يصوب بهيمنة الحوثيين على الأراضي اليمنية طعنة قاصمة في الظهر لدول الخليج وخاصة للمملكة العربية السعودية أن هذه الدول تتغاضى في المواقف المصيرية عن مصالحها الوطنية الضيقة وحزازاتها غير المبررة أحيانا، وتتحرك عند الضرورة سوية وككتلة منسجمة في إطار جماعي تسعى دائما لأن يستوعب أكثر عدد من الأعضاء، ويحوز أكبر قدر من دعم الأشقاء والأصدقاء.

هذا هو الوضع الذي حصل في تشكيل التحالف العربي لعاصفة الحزم، الذي استطاع أن يضم في أيام قليلة نصف الدول العربية تقريبا وأكثرها قوة وفاعلية وإشعاعا في العالم العربي. تحالف حاز دعم القمة العربية المنعقدة في شرم الشيخ يومي 28 و29 مارس 2015، ونال تأييد قوى إقليمية وازنة كتركيا وباكستان المحتمل انضمامها لصفوفه، ومباركة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية التي عبرت عن الاستعداد لدعمه لوجيستيا واستخباراتيا.

في سياق كهذا ليس مستغربا أن يبادر المغرب إلى الانضمام لهذا التحالف، الذي يجد سنده القانوني في المادة الثالثة من معاهدة الدفاع العربي المشترك التي يجري نفخ الروح فيها من جديد، والتي تعطي للدول العربية حق المبادرة لتوحيد خططها ومساعيها في اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية التي تقتضيها حالة وجود خطر حرب داهم أو قيام حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها، وكذلك في ميثاق التضامن العربي الذي وافقت عليه القمة العربية الثالثة في الدار البيضاء سنة 1965، ونص على ضرورة العمل على تحقيق التضامن في معالجة القضايا العربية.

وليست هذه أول مرة يتحرك فيها المغرب على هدي ميثاق التضامن العربي (البيضاوي المغربي المولد ) دبلوماسيا وعسكريا. لقد فعل ذلك عندما أرسل وحدات قتالية بمعداتها قبل اندلاع حرب أكتوبر 1973 للمرابطة في الجولان السوري والمساهمة في تحرير بعض أجزائه، وعندما أرسل جنوده لمنطقة العرعر للمساهمة في الدفاع عن المملكة العربية السعودية إزاء أي غزو محتمل من قوات صدام حسين، الذي كان قد غزا الكويت في غشت 1990.

وقد حرص المغرب على أن يبين بأن مساهمته في عاصفة الحزم تهدف أيضا إلى الحفاظ على وحدة التراب اليمني ومنع أي تهديد انفصالي. ويعرف اليمنيون جيدا صدقية هذا الموقف الذي جسده سنة 1994 بالنصيحة التي أسداها المغفور له الملك الحسن الثاني لمبعوث الرئيس اليمني السيد يحي العرشي في ذروة حرب الانفصال المشتعلة آنذاك بين المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس علي عبد الله صالح والحزب الاشتراكي بزعامة نائب الرئيس حينها علي سالم البيض.

ولا شك أن الاعتبارات السياسية والدينية (هواجس التمدد الشيعي) وحجم العلاقات الثنائية وعمقها مع الدول الخليجية قد لعبت دورا كبيرا في قرار المغرب، الذي يردد على الدوام أن أمن منطقة الخليج جزءا أصيلا من أمنه. وقد ارتبط مع معظم تلك الدول باتفاقيات أمنية وعسكرية مفعلة على أرض الواقع كما يجب.

ومن المؤكد في ظل استمرار التعنت الحوثي أن عاصفة الحزم لن تتوقف قريبا، وقد تشمل عمليات أرضية إذا اقتضت الضرورة كما يستشف من التصريحات القادمة من العواصم المعنية، وكما عبر عن ذلك بيان القمة العربية الذي أوصى بمواصلة العاصفة إلى حين امتثال الحوثيين للشرعية السياسية في اليمن والعودة إلى ربوعهم في صعدة، واستئناف الاتصالات الداخلية وفق آليات المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.

ومع استمرار الطلعات الجوية لعاصفة الحزم بدأت تبرز معطيات جديدة على أرض الواقع ميدانيا وإقليميا ودوليا أيضا لعل أبرزها المواقف المنددة الصادرة عن طهران التي استثمرت كثيرا في دعم الحوثيين ممنية النفس بإمكانيتهم منحها موطئ قدم على باب المندب وخليج عدن يمكنها من ضرب مجموعة عصافير بحجر واحد حيث ستجلس حينها إلى كبار العالم من موقع قوة، وستضغط على السعودية من خاصرتها الجنوبية الهشة وإلهائها عن دورها الإقليمي المعتاد، وعلى مصر من باب القدرة على التأثير في مداخيل قناة السويس إن هي تجاوزت حدودا سترسم لها.

والراجح أن إيران لن تستكين ولن تقبل بالوضع الجديد الذي تسعى عاصفة الحزم إلى إرسائه في اليمن، لاسيما وأن هذه العاصفة بدت كرد فعل سريع على أوهام السيد علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن بدء استعادة عرش كسرى في المنطقة بعد وضع اليد الفارسية على بغداد. وتدلل الحملة الإعلامية التي تقودها وسائل الإعلام الإيرانية والعربية الدائرة في فلكها عن أن طهران لن تغامر بالمواجهة المباشرة، ولكنها لن تقف مكتوفة الأيدي.

واستنادا على سوابق مماثلة، فإن إيران أذكى من أن تزج بنفسها رسميا في صراع مباشر يفضح حقيقة نواياها الهيمنية. وأغلب الظن أنها ستعمد إلى قدراتها على التشويش من خلال العمل على توتير بعض ساحات التقاطع مع المملكة العربية السعودية. وأكثر ساحة مرشحة لذلك هي البحرين حيث يمكن استخدام محاكمة أمين عام جمعية الوفاق الإسلامية علي سلمان ذريعة لتسخين حراك الفصائل الشيعية.

وإذا ما أخذ اليمنيون بعين الاعتبار حديث أمين عام حزب الله اللبناني مباشرة بعد عاصفة الحزم عن اعتبار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي إماما للمسلمين ووليا لأمرهم، وما سيولده من ردود فعل غاضبة وثائرة في العالم السني، وما سيحدثه من استنفار في التنظيمات الإرهابية كالقاعدة المتواجدة بينهم وداعش الباحثة عن مكان لها هناك، فإنهم سيجدون أنفسهم في مستنقع الفتنة المذهبية المستعرة داخل العالم الإسلامي. وفي وضع كهذا أي مستقبل لليمن السعيد وهو يتأرجح بين هلال شيعي عتيد وبدر سني يتراءى من بعيد؟

قديما قيل الحكمة يمانية فهل أهل اليمن قادرين على استحضارها الآن؟

ســــوريـــا

الطائفة السنيّة

أكبر طائفة دينيّة في سورية، حوالي 65 % إلى 85 % من الشعب السوري سنّي. السنّة منتشرون بكامل سورية ويشكلون أغلبيّة بـ 11 محافظة من أصل 14 محافظة سوريّة. معظم المدن السوريّة العريقة وأهم التجمّعات الحضريّة كدمشق وحلب وحمص وحماة هي مدن سنيّة، بشكل عام نسبة السنّة في المحافظات تشبه نسبتهم من تعداد سكّان سورية (على سبيل المثال: حمص ودمشق) أو حتّى تزيد عليها (على السبيل المثال: الرقة ودير الزور ودرعا)، وفي مناطق سورية أخرى تنخفض نسبة السنّة أو حتّى تنعدم على سبيل المثال: جبل العلويين (جبال اللاذقيّة)، خصوصاً السفح الغربي، ووادي النصارى (غرب محافظة حمص وشرق محافظة طرطوس)، خصوصاً القسم الشمالي، وجبل الدروز (محافظة السويداء) والقسم المحتل من الجولان.

الطائفة العلويّة

ثاني أكبر طائفة دينيّة في سورية من حيث العدد، نسبة العلويين وبشكل تقريبي تمثل %7 الى 15% من تعداد سكّان سورية. ومن منظور ديني طائفي عرفت الطائفة العلوية تاريخيا بالنصيرية النميرية، واشتهرت حديثا (في القرن الميلادي العشرين) بطائفة العلويين. نشأت في القرن الثالث الهجري نتيجة انقسامات في تاريخ الشيعة، وتعود تسميتها بالنصيرية النميرية، إلى مؤسسها (أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري) الذي توفي عام 270 هجرية (884 م) وقد زعم - بعد ما يعرف لدى الشيعة باختفاء الإمام محمد المهدي الثاني عشر في السلسلة الجعفرية- أنه هو (ابن نصير) يمثل «الباب إلى السرداب» الموصل إلى الإمام الحسن العسكري، الحادي عشر في السلسلة نفسها. وادعى النبوة لاحقا وتابعه ورثته وأضافوا تعاليم عديدة لحركته.

منذ انقلاب حافظ الأسد أصبح أكثر من 80% من المناصب القيادية في الدولة والجيش والمخابرات في أيدي العلويين، فتشكل في ذلك الوقت عدد من المليشيات المسلحة بمستوى قريب من الجيش نفسه، تقودها شخصيات من الطائفة العلوية من أشهرها «سرايا الدفاع» بزعامة رفعت الأسد وسرايا الصراع بزعامة عدنان الأسد، والقوات الخاصة بزعامة علي حيدر، والمخابرات الداخلية بزعامة محمد ناصيف، وأمن القوى الجوية بزعامة محمد الخولي.

وكان الوجود المكثف للعلويين في:

- حزب البعث العربي الاشتراكي الحزب الحاكم في سوريا، بدعواته القومية العربية .

- الحزب القومي السوري (أسسه أنطون سعادة عام 1932) بدعواته العلمانية والقومية السورية التي عرفت بعنوان «الهلال الخصيب»، وكان من أبرز قادتهم فيه غسان جديد من العلويين، وهو الحزب الذي حمل لاحقا اسم الحزب القومي السوري الاجتماعي، كما كان بعضهم بنسبة محدودة في أحزاب أخرى، مثل محمد سليمان الأحمد الذي اشتهر بلقب الشاعر بدوي الجبل في الحزب الوطني.

الطائفة الإسماعيليّة

الطائفة الإسماعليّة هي خامس طائفة دينية في سورية وهي أحد فروع الطائفة الشيعية، نسبة الإسماعيليين وبشكل تقريبي 0.5% إلى 1% من إجمالي تعداد سكان سورية، يتركز وجود الطائفة الإسماعيليّة في سورية وبشكل أساسي في محافظتين:

محافظة حماة: بمدينة السَلَمْيَة وريفها ومدينة مِصْياف وريفها وأقليّة صغيرة في مدينة حماة، ومحافظة طرطوس: ببلدة القَدْموس وريفها ومنطقة نهر الخوابي شرق مدينة طرطوس.

الــبـحــريــن

الشيعة: من المعلوم أن نسبة كبيرة من سكان البحرين شيعة، لكن مناصب الحكم والقرار في معظم شؤون البلاد بيد السنة، مما تسبب في اعتراضات كثيرة من الشيعة على هذا الوضع، كان بعضها يؤدي إلى إثارة القلاقل والاضطرابات من حين إلى آخر. وقد زادت بشكل ملحوظ في عام 1994 في ما عرف في ذلك الوقت بالانتفاضة الدستورية التي طالبت فيها المعارضة الشيعية بإصلاحات دستورية تعيد التوازن السياسي بما يتلاءم مع الوضع الديمغرافي القائم.

وكانت المعارضة الشيعية قد بدأت في تنظيم صفوفها في وقت مبكر، خاصة عقب قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 ونشرها لفكرة تصدير الثورة، حيث تشكلت أولى حركات المعارضة الشيعية في البحرين «الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين» في شتنبر من العام نفسه، ثم تشكلت بعدها كل من «حركة أحرار البحرين الإسلامية» التي تتخذ من لندن مقرا لها، و«حزب الله - البحرين» الذي كانت السلطات البحرينية تنظر إليه بوصفه تنظيما سياسيا شيعيا تابعا لسلسلة تنظيمات أنصار الثورة الإيرانية في الخارج «منظمات حزب الله» وجمعية الوفاق الوطني الإسلامية يترأسها الشيخ علي سلمان وتمثل تيار وسط الشيعة، وتساهم بفعالية في الشأن السياسي البحريني، وتصنف كجمعية شيعية معتدلة سواء في مطالبها أو أساليب عملها.

السنة: يمثل السنة أقلية في البحرين، لكنهم يستحوذون على زمام الحكم في البلاد مجسدة في الأسرة الخليفية الحاكمة. وتعتبر جماعة الإخوان «جمعية المنبر الإسلامي» من أبرز القوى السنية بالبحرين الى جانب جماعة السلف ممثلة بجمعية الأصالة.

لبنان

يضم المجتمع اللبناني أكثر من سبع عشرة طائفة. يشكل كلٌّ منها كياناً متماسكاً، داخل المنطقة التي تعيش فيها. والطائفية، كوسيلة من وسائل الضغط، في النظام السياسي اللبناني. وتعتبر الطائفة السنية من أكبر المذاهب الإسلامية عدداً، حيث يمثلون حوالي 50 % من عدد السكان في لبنان. وهم يتركزون في شمال لبنان ووسطه ومدن الساحل.

وقد لعب «تيار المستقبل» السني بأغلببيته إلى جانب التيارات الإسلامية الحركية السنية دوراً في الخارطة السياسية وأبرز قواها الجماعة الإسلامية التي تنتمي إلى مدرسة الإخوان المسلمين، وهي الأكثر تنظيماً ولها حضورها في معظم المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى حركة التوحيد التي تتركز في طرابلس وحزب التحرير والتيار السلفي.

أما بخصوص الشيعة فهم يمثلون حوالي 29 % من عدد السكان في لبنان. وهم يقطنون في جبل عامل، في جنوبي لبنان، وفي سهل البقاع، ولا سيما حول بعلبك-الهرمل. ويتنوع الوجود الشيعي في لبنان إلى كل من طائفة العلويين والإسماعيليين.

وتشهد لبنان حالة من الحقد الظاهر والعداء المستحكم بين كل من «المستقبل» السني و«حزب الله» الشيعي، رغم محاولات «المستقبل» تسويق نفسه كتيارعلماني معتدل، في حين لا يحتاج الحكم على «حزب الله» مزيداً من التمعن والتمحيص للقول: إنه تيار أصولي شيعي تابع لإيران، ينتهج مذهب «ولاية الفقيه» وهو عابر للحدود اللبنانية ضمن محور ينطلق من إيران قبل أن يطوف دولاً، شرقاً وغرباً.

فاليوم، لم نر تياراً جامعاً للطائفة السنية أو أغلبها مثل «المستقبل» الذي يقوده رئيس الحكومة السابق سعد الدين الحريري بعد أن اختزل التيارات والشخصيات السنية العريقة وطوى شعبيتها تحت جناحيه. الأمر عينه ينطبق على الطائفة الشيعية التي تتوحد تقريباً خلفاً حزب الله.

ولعل الصراع المحتدم بين السنّة والشيعة، الذي انطلقت شرارته من العراق بعد الغزو الأميركي له عام 2003، أعطى زخماً كافياً لكل من حزب الله وتيار المستقبل الذي ولد عقب اغتيال رفيق الحريري عام 2005 على استقطاب شارعيهما، وتعزيز حضورهما داخل طائفتيهما، حيث ظهر جليا من خلال استماتة حزب الله في الدفاع عن الوجود السوري في لبنان، واستماتته في الدفاع عن النظام السوري رغم كل المجازر، ما أحدث غضباً شديداً في الشارع السني الذي فسر موقف الحزب على أنه موقف مذهبي بغيض.

الـــعــــراق

يتكون الشعب العراقي من العرب الشيعة بنسبة تبلغ أكثر قليلا من (55 %)، والعرب السنة بنسبة تبلغ أكثر قليلا من (22 %)، أي أن نسبة العرب تبلغ تقريبا 78 %، ثم الكرد بنسبة (19 %) تقريبا. وتشكل هذه المكونات، ومعها التركمان، غالبية إسلامية كبيرة تزيد قليلا عن (97 %)، وتتوزع النسبة الباقية ومقدارها (2.5 %) قوميا ودينيا على المسيحيين والصابئة والايزدية والشبك المسلمين.

وبذلك تكون مكونات العراق الأساسية هم العرب الشيعة والعرب السنة والكرد، تليها في العددية السكانية وبفارق كبير التركمان والكرد الفيلية والمسيح والصابئة والايزدية والشبك وأقليات أخرى ضئيلة جدا.

الـــيـــمــــن

تمثل الطائفة الزيدية 35 الى 40 في المائة من اليمنيين، وهي تشكل في الإجمال فرعاً صغيراً جداً من مجمل الشيعة في العالم. وتُعتبَر أقرب من فروع الشيعة الأخرى إلى المدرسة الشافعية في الإسلام السنّي (الذي تعتنقه أغلبية اليمنيين). حتى إن بعض معتنقي المذهب الاثني عشري الأكثر انتشاراً في الشيعة والذي يُمارَس في إيران وأماكن أخرى، يقولون عن الطائفة الزيدية إنها المدرسة الخامسة في الفقه السنّي.

وكل القبائل اليمنية تقريبا التي تقيم في المرتفعات في الشمال الأوسط تنتمي الى الزيدية.

تمكنت الطائفة الزيدية من حكم اليمن بعد الفترة العثمانية الأولى، وكانت موجودة في مناطق صغيرة بصعدة في حوالي القرن الـ 14. وحسب الباحثين، فإن الحوثية خرجت من رحم المذهب الزيدي، ولذلك فالحوثيون يحاولون تقمص الدور الذي يقوم به حزب الله في لبنان. ويعتبر البعض المذهب الزيدي نظرية «كهنوتية» واضحة للحكم باستخدام سياسة الولاية «للبطنين» (ذرية الإمامين الحسن والحسين رضي الله عنهما).

بادر الزيدية (نسبة للإمام زيد بن علي) في اليمن لدخول المعترك السياسي بعد السماح بإنشاء الأحزاب عام 1990، ومن أحزابهم حزب الحق، ويرأسه أحمد محمد الشامي، وهو من علمائهم المعاصرين، واتحاد القوى الشعبية ويرأسه إبراهيم علي الوزير، وهذان الحزبان ليس لهما وزن يذكر على الساحة اليمنية، بالإضافة إلى حركة «الشباب المؤمن» التي تأسست عام 1991 بقيادة حسين بدر الدين الحوثي، النائب السابق عن حزب الحق وابن الفقيه الزيدي الشيخ بدر الدين الحوثي.

وقد عبّر أتباع الحوثي (الذين عُرِفوا لاحقاً بالحوثيين) عن مزيج من المظالم الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن المظالم المرتبطة بالهوية، فاعترضوا على الاهمال الانمائي للمحافظة وعلى إضعاف نفوذ الزيديين وهويتهم، واتّهموا النظام بتقديم دعم ضمني لتوسّع عمل الناشطين السفليين في المنطقة.

ينتشر الحوثيون في معاقل الطائفة الزيدية، وبالتحديد في ست محافظات، تأتي محافظتا صعدة وحجة على رأسها؛ إذ تمثل ما نسبته 90% من سكان هاتين المحافظتين، تليهما محافظات عمران وصنعاء والجوف وذمار؛ إذ تزيد نسبةُ الطائفة الزيدية في هذه المحافظات عن 50% من السكان، في حين ينتمي أغلب سكان باقي المحافظات إلى الطائفة الشافعية السنية (حوالي 72 في المائة)، حيث ترتفع نسبتهم، إلى أكثر من 90% في محافظات الحديدة وإب ولحج وحضرموت. في حين لاتتعدى نسبة الشيعة الإسماعيلية حوالي 2 في المائة.

تاريخ التدخل العسكري العربي

هناك أمثلة في التاريخ العربي لهذا النوع من التدخل المشروع والمدعوم دولياً، حيث شكلت الدول العربية وبقرارات من جامعة الدول العربية، وبحسب ميثاق الدفاع العربي المشترك، قوات الردع العربية في لبنان عام 1976، وكذلك التحالف الدولي لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي عام 1990، سبقها كذلك تشكيل قوة عربية لحماية الكويت عام 1961، من التهديدات العراقية، لذلك الإطار والمسوغ القانوني موجود وبحسب ميثاق جامعة الدول العربية.

الحوثيون.. من حركة دينية اجتماعية في شمال اليمن إلى محور حرب إقليمية

الحوثيون الذين باتوا حاليا محور عملية عسكرية اقليمية ضخمة بعد ان سيطروا على مناطق واسعة من اليمن، هم في الاساس حركة اجتماعية دينية في شمال غرب البلاد.

وتؤكد السعودية التي تقود تحالفا عسكريا عربيا إسلاميا ضد المتمردين الحوثيين أن عملية «عاصفة الحزم» التي أطلقتها ضدهم لن تتوقف قبل تحقيق اهدافها.

من هم الحوثيون؟

الحوثيون حركة سياسية دينية اجتماعية مسلحة تأسست عام 1992 وباتت تتخذ رسميا اسم «انصار الله». وتمت تسميتهم بالحوثيين نسبة الى مؤسسهم حسين الحوثي الذي قتل في 2004 ووالده المرشد الروحي للحركة بدرالدين الحوثي.

وخاض الحوثيون الذين معقلهم محافظة صعدة في شمال غرب اليمن، ست حروب مع نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بين 2004 و2010، إلا أن صالح بات حليفهم الرئيسي اليوم ويعد القوة الحقيقية خلف صعودهم المثير منذ 2014.

وينتمي الحوثيون إلى الطائفة الزيدية الشيعية القريبة من المذهب السني، والتي يشكل اتباعها أغلبية في شمال اليمن وأكثر من ثلث سكان البلاد. إلا أنهم متهمون بالتقارب عقائديا مع المذهب الشيعي الإثني عشري الذي يسود في إيران والعراق ولبنان، وذلك مع حصولهم على رعاية من إيران.

وبدأ الحوثيون في 2014 حملة توسعية وضعوا يدهم خلالها على معظم معاقل النفوذ للقوى التقليدية في شمال اليمن، لاسيما آل الأحمر زعماء قبائل حاشد النافذة، وسيطروا على صنعاء في 21 شتنبر، مستفيدين من عدم مقاومة الجيش الموالي بنسبة كبيرة للرئيس السابق علي عبدالله صالح، كما سيطروا على دار الرئاسة في كانون الثاني/يناير وحلوا البرلمان ومؤسسات الدولة في فبراير وفرضوا الإقامة الجبرية على الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تمكن من الفرار إلى مدينة عدن الجنوبية وأعلنها عاصمة مؤقتة.

وأتى التدخل العسكري الذي تقوده السعودية بينما كان الحوثيون قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على عدن، ما كان ليعتبر انتصارا كبيرا لإيران عند الخاصرة الجنوبية للمملكة.

ما مدى علاقتهم بايران؟

يختلف المراقبون حول مدى ارتباط الحوثيين بايران في الأساس، إذ تملك الحركة الحوثية جذورا حقيقية في المجتمع اليمني، لكن الأكيد أن ارتباطهم بالجمهورية الإسلامية ازداد بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

ومع سحب الدول الكبرى ودول الخليج سفاراتها من صنعاء، رد الحوثيون على العزلة الدولية بفتح جسر جوي مباشر مع إيران التي تعهدت بدورها بتأمين الوقود لمناطقهم وبناء محطات كهرباء، فضلا عن دعمهم في التصريحات الرسمية كـ«ثورة شعبية» يمنية داخلية.

ويذكر القائد الشاب لحركة أنصار الله عبد الملك الحوثي بزعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله، من حيث الطريقة في التعبير او في مضمون الخطاب الذي يركز على محاربة الفساد والعداء للغرب واسرائيل.

وشعار الحوثيين هو «الله اكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام».

ما هي الأهداف الحقيقية للحوثيين؟

تعيد الظاهرة الحوثية اشباح ماضي الامامة الزيدية مع تاكيد آل الحوثي انتمائهم الى آل البيت وانتسابهم الى ارث ائمة الممالك الزيدية التي حكمت شمال اليمن طوال الف عام تقريبا حتى العام 1962 حين اطاحت بالامام البدر ثورة تهيمن عليها شخصيات سنية. واستمر الصراع في السبعينات بين انصار الزيدية والجمهوريين السنة.

ويتهم الحوثيون من قبل خصومهم عموما بالسعي الى عودة الامامة الزيدية ولو ان ذلك لا يشكل جزءا من خطابهم السياسي المرتكز على تمكين «إرادة الشعب» و«محاربة الفساد والمفسدين» ومحاربة التطرف السني.

وكان يعتقد في السابق أن حملتهم العسكرية في الشمال عام 2014 تهدف إلى ضمان أكبر قدر من الأراضي لهم في اليمن الاتحادي الذي يفترض أن ينشأ بموجب قرارات الحوار الوطني، إلا أن تمددهم إلى سائر أنحاء البلاد عزز المخاوف من سعيهم للسيطرة على سائر البلاد، بما يصب خصوصا في مصلحة حليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي ما زال لاعبا كبيرا في السياسة اليمنية.

عن «أ.ف.ب»