مسرحية "طاح راح" صناعة الجمال وغصة للضحكة البليد.

مسرحية "طاح راح" صناعة الجمال وغصة للضحكة البليد.

مسرحية "طاح راح" لفرقة بصمات الفن، تجربة متميزة، وطرح جديد، ونظرة أخرى وزاوية أكثر انفتاحا على وقائع متعددة في قالب ماتع وأسلوب يانع، وعرض جامع معالج للقضايا بتفكير عميق وتجربة مختمرة.

من خلال هذا العرض يطل علينا المبدع إبراهيم رويبعة، مخرج المسرحية ومؤلفها، وواحد من شخوص المسرحية الثلاثة المجسدة لأطوار العرض بنسق جديد، أكاد أجزم كل الجزم على اختلافه وتميزه، وأنا المواكب المتتبع لعروض الفرقة من "تقاطعات"، و"أنا وجولييت"، مرورا بـ "عرس الذيب"، و"التبوريدة"، واللائحة تطول، وصولا إلى "راوية نار" وهو العمل الذي أخرجه الأستاذ إبراهيم رويبعة ضمن فن المنودرام، ويزدان عقد عروض الفرقة بعرض "طاح راح"، عرض يلجم الضحكة البليدة المجانية، يجعلها غصة، فكل عوالم العرض تتآلف لتخلق فضاء من التفكير العميق، وضرورة الإسراع في التأويل حتى لا تضيع الصور الأخرى المتلاحقة في العرض، الذي اجتمع في أدائه الفنان حسن بديدة، والفنان إبراهيم رويبعة، والفنان الصاعد إبراهيم فم غليل، الذي أحسن المخرج في توظيفه أحسن توظيف، ولكبر مهمته داخل حبكة الأحداث أمتع الشاب وأجاد، ووجد له موطأ قدم بين رائدين من رواد الممارسة المسرحية بالجنوب المغربي.

مسرحية "طاح راح" قنبلة مغلفة بالشكولاطة، وتنطلق الأحداث دخل سرك وهو المكان المعد للتهريج والترفيه، وهنا لب الشكولاطة، وتدخل الشخصيات في صراع حول السيادة، وعمق القنبلة، ليجد المشاهد نفسه أمام قنبلة استحالت قنابل عنقودية عميقة الحمولة الفكرية، وغزيرة الطروحات السياسية، ومحملة ببدائل اجتماعية.

الصراع حول السيادة، والسياسويين، والتحكم في خيوط اللعبة السياسية، استبدلت ألفاظا بسيطة معتادة، مثل "النمرة"،"الفراجة"، "القرودة"، "التمساح"، كلها ألفاظ لن تسمح لك معطيات العرض بتلقيها تلقيا بليدا دون تعريضها للمسلاط الفكري، وإخضاعها للنقد الاجتماعي، وهنا أعود لذلك التراكم الفني الدي راكمه مخرج العرض في مساره الفني، مكنه من كتابة مسرحية راقية، وإخراجها بأسلوب فني.

وتتحالف تقنيات الإضاءة، والملابس، واختيار ألوانها، وتتراءى لك السينوغرافيا مؤثثة فضاء الركح بدقة ميليمترية، تتحول إلى كراسي، وأحيانا طاولة، وأخرى سيوفا، وعصي للضرب، وكاميرات، ليجد المتلقي نفسه أمام فرجة كاملة الدسم، غنية بكل المقومات المسرحية التي تصنع متعة العرض وجمال التلقي.