وأخيرا أسدل الستار على مهزلة «جواز» بالشركة الوطنية للطرق السيارة. فهذه الأخيرة قامت بحملة من مال الشعب لإمطار المواطنين بمزايا امتلاك بطاقة «جواز» وما تتيحه لمستعمل الطريق السيار من مكاسب التنقل في ممر خاص بدون انتظار أو ازدحام بالنظر إلى أن المواطن يشتري البطاقة المذكورة بـ 200 درهم ثم يقوم بتعبئتها مسبقا حسب قدراته المالية (إما 500 أو 1000 درهم أو أكثر).
لكن المثير أن العديد من مستعملي الطريق السيار لم يحصلوا على بطاقة "جواز" إلا بشق الأنفس و«بستين كشيفة». بحيث كلما ذهبوا للمحطة الوحيدة المخولة ببيع «صكوك الغفران» بالمغرب ككل، ألا وهي محطة البنزين الموجودة بمقطع بوزنيقة المحمدية، يقال لهم إن الإدارة العامة للشركة لم تهيئ العدد الكافي من البطائق، مما يجعل العدد القليل جدا المطروح للبيع ينفذ بسرعة.
وما أن يظفر المواطن بالبطاقة يخال له أنه «قطع الواد ونشفو رجليه»، لكن هيهات. إذ تبين للعديد من الحاملين لبطاقة «جواز» أنهم كانوا ضحية نصب وسرقة من طرف الشركة الوطنية للطرق السيارة. ذلك أن هذه الأخيرة لم تحرص على تأمين الممر الخاص لمستعملي هذه البطاقة بحكم أن الممر الخاص بـ "جواز" يكون دائما مملوءا بالسائقين العاديين من جهة (خاصة بمحطة بوزنيقة) دون أن تتحمل الشركة مسؤوليتها في توفير الظروف الآمنة لمالكي البطاقة باستعمال الممر، على اعتبار أن المواطن لا يملك السلطة الآمرة لفرض ذلك. بل الأدهى من ذلك أن الشركة الخاضعة لوصاية وزير التجهيز والنقل عزيز الرباح خرقت القانون يوم الأحد 12 أبريل بمحطة الدار البيضاء (اتجاه برشيد البيضاء)، وأمرت أعوانها باستعمال ممر «جواز» لحلب مستعملي الطريق السيار على حساب ذوي الحقوق الذين لم تخبرهم الشركة بهذه القرصنة، لأن مالكي بطاقة «جواز» سبق وسددوا مسبقا الملايين للشركة التي نصبت عليهم. وحينما احتج مالكو بطائق «جواز» في المقطع المذكور، أوضح لهم رجال الدرك وأعوان الشركة أن إدارة الطرق السيارة هي التي أمرتهم بذلك.
فلماذا تكذب شركة الطرق السيارة وتبيع منتوجا ليست قادرة على ضمان الحق في الانتفاع من خدماته للمتعاقدين معها (مالكو بطاقة جواز)؟ ومن سيعوض مستعملي الطريق السيار الذين دفعوا «دم جوفهم» و"فلوس ولادهم" مسبقا للشركة على أمل أنهم سيتجنبون «التسخسيخ»، فإذا بشركة وزارة عزيز الرباح لا تكتفي بالنصب، بل وتنهب أموال الناس بالباطل؟
إذا كان الوزير عزيز الرباح عاجز عن التدخل لإجبار شركة الطرق السيارة على احترام تعهداتها وعلى وقف مجازرها في حق المتعاقدين معها. فأضعف الإيمان هو أن يقدم استقالته أو يقيل مديرها العام على الأقل.
ففي أوروبا والدول المتمدنة تحرص شركات الطرق السيارة على استغلال التكنولوجيا لتوفير أجود الخدمات لمستعملي الطريق، في حين أن الشركة المغربية اقتبست التكنولوجيا ومسختها بشكل أضر بسمعة المغرب.
فأن يتوقف السائق بمحطات الاستراحة بالطريق السيار ولا يجد الخدمات الضرورية متوفرة في حدودها الدنيا، من ورق صحي وصابون في المراحيض (مثلا في معظم محطات الاستراحة في المقطع بين فاس وجدة) أو لا يجد ما يسد به رمقه من ساندويتشات ومأكولات عادية خفيفة له ولأفراد أسرته بحكم أن معظم مطاعم المحطات تهيئ كمية محدودة جدا بدون دراسة للصبيب الذي يمر بالطريق السيار أو باستحضار المناسبات (عطلة، زيارة ملكية وما يرافقها من تنقلات مهمة لقوات الأمن إلخ...)، أو يعاين المرء ديمومة الأشغال في محور معين (مثلا الرباط - فاس) منذ عدة سنين، فكل هذه الأعطاب أضحت مألوفة لدى مرتادي الأوطوروت بالمغرب، لكن أن يصل الأمر إلى النصب وسرقة أموال المواطنين بتعبئة بطائق «جواز» دون الحرص على تأمين هذه الخدمة من قبل شركة الطرق السيارة، فهذا قمة الوقاحة وقمة استبلاد الشعب.
لقد فقدنا الأمل في مجالس جطو ومحاكم الرميد ودرك بنسليمان وبوليس ارميل، وأملنا أن يتدخل الحلف الأطلسي لقصف شركة الطرق السيارة لرد الاعتبار للمتضررين. إذ لا فرق بينها وبين ليبيا القذافي!؟