باتريس لومومبا وأحمد سيكوتوري وآخرون: عناوين في مدن المغرب

باتريس لومومبا وأحمد سيكوتوري وآخرون: عناوين في مدن المغرب

في قلب الرباط العاصمة توجد ساحة شهيرة من أجمل ساحات المدينة.. ساحة الجولان هذه كما تسمى تقابل كنيسة وتخترقها خطوط الترامواي العابر لحي حسان في اتجاه مدينة سلا على الضفة الأخرى لنهر أبي رقراق..

الساحة التي وضع تصميمها الفرنسيون منذ عهد الحماية وشيدت على جنبات دائرتها بنايات من الطراز الفرنسي يخترقها شارع من أبرز شوارع الرباط ويحمل اسم زعيم إفريقي بارز معروف، وهو شارع باتريس لومومبا.

من لا يعرف شارع باتريس لومومبا ضاع منه جزء ثمين من صورة مدينة الرباط.

المغرب بلد منح لساحاته وشوارعه وبعض معالمه العمرانية والحضرية المدينية أسماء من العالم الإسلامي والأوروبي، لكنه منح أيضا أسماء إفريقية لشوارع وساحات في مدن مختلفة اعترافا لما قدمته تلك الأسماء الإفريقية من رمزية تاريخية وفكرية وسياسية.

شارع بارتريس لومومبا واحد من أهم الشوارع المغربية التي حملت اسما إفريقيا. سائق التاكسي الذي لا يعرف عناوين شارع باتريس لومومبا ليس رجل تاكسي على الإطلاق، لأن الشارع يجع بالعناوين ذات الأهمية من الناحية الإدارية والتجارية ومحلات الأبناك والمصارف والمطاعم والمقاهي ومكاتب الخدمات من كل الأصناف..

من لا يعرف شارع باتريس لومومبا لا يعرف حي حسان في الرباط.. هذا هو الشعور الذي يشعر به من يقيم في هذه المدينة ويعرفها جيدا..

لومومبا هو أول رئيس منتخب في الكونغو التي قاد حركة تحررها في فترة الاستعمار البلجيكي. كان لومومبا سياسيا بارزا على أكثر من مستوى، وكانت طموحاته السياسية تتعارض مع مصالح المحتل ونخب انتهازية محلية تبحث عن السلطة على حساب مصالح البلد.. بعد فترة حكم قصيرة سيحصل انقلاب ضده، وسيتم اغتيال الزعيم الإفريقي في عام 1961.. بعد هذه الحادثة سيجد موبوتو سيسي سيكو الطريق مفروشا لحكم البلد بموجب "شرعية" انقلابية متعطشة للسلطة والنفوذ.

غير بعيد عن شرع باتريس لومومبا يوجد شارع الجزائر المعروف بموقعه الإستراتيجي في العبور إلى نهر أبي رقراق عبر ساحة مشهورة كبيرة تشكل ملتقى الطرق هي ساحة أبراهام لانكولن..

في حي المحيط، في الجانب الآخر الساحلي من المدينة، يصادف الزائر أسماء إفريقية  متعددة لشوارع وأزقة تحمل عناوين شارع الكونغو وشارع مالي وشارع أبيدجان وطشقند وداكار والطوغو..

غير بعيد عن باب الحد التاريخي، في قلب المدينة وفي زنقة داكار، هناك إقامة فندق اسمه على نفس اسم الزنقة.. فندق داكار.

عادة لا يفاجئ من يعرفون الزنقة وجود عدد من المقيمين السنغاليين في محيط الفندق الصغير.

من الأسماء البارزة في المغرب نجد اسم هوفويت بوانيي الذي يحمله شارع في القنيطرة..

هوفويت بوانيي كان رئيسا لساحل العاج وأحد المدافعين عن تعزيز الصداقة بين الشعوب الإفريقية.

في الدار البيضاء هناك شارع لا تخطئه ذاكرة المدينة الكبيرة، وهو شارع أحمد سيكوتوري. كان سيكتوري أول رئيس في غينيا بعد الاستقلال عام 1958 وصل إلى قيادة بلده بعد أن كان قياديا نقابيا بارز. توفي سيكوتوري المنتمي لأصول مسلمة عام 1984، وبقي اسمه كأحد أهم وجوه التحرر الإفريقي..

 وفي الدار البيضاء أيضا هناك شارع أخر يبدأ من سوق القريعة مرورا بدرب سلطان ثم لارميتاج ويحمل اسم: موديبو كيتا الرئيس المالي الأول بعد استقلال البلد.

كان موديبو كيتا رئيسا على مالي ما بين 1960 إلى 1968. وتوفي بعد تسميمه وهو معتقل في 1977.

ليوبولد سيدار سنغور الرئيس السينغالي الأول بعد الاستقلال يحضر اسمه في المغرب في ساحة بمدينة أصيلة، وهي مدينة صغيرة معروفة بالفنون والثقافات والموسيقى شمال المغرب. غير أن اسم سنغور يتداول في المغرب أدبيا و ثقافيا قبل صفته السياسية.

كان أول رئيس منذ عام 1960 وربط علاقات ثقافية في أوساط فرنكوفونية في العالم، ومن ضمنها المغرب.. وتقول مصادر أن علاقته بالكاتب المغربي محمد خير الدين هي من سهلت عودة الكاتب المغربي المنفي المتمرد من باريس إلى وطنه بعد أن تدخل سنغور في الواقعة.

يتذكر جيل من الصحافيين والسياسيين عرض محاضرة قيمة قدمها سنغور في الرباط عام 1979 وحضرتها نخبة من المثقفين والسياسيين المغاربة.. وكان الموضوع هو: إفريقيا والعالم ومفهوم الزنجية، كما تصوره الرئيس الأديب الشاعر سنغور.

ويجمع مفهوم الزنجية بين الأصالة والمعاصرة في الشخصية الإفريقية. كان سنغور يسعى إلى توضيح الفرق بين العقل الأوروبي والعاطفة والوجدان الإفريقي..

المغرب بلد يشبه شجرة. جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوروبا وتربتها هنا. هو وصف من الحسن الثاني ملك المغرب الراحل يشبه إلى حد بعيد فكرة سنغور الرئيس وسنغور الشاعر الكاتب..