مغربيات صنعن التاريخ: الحقوقية فاطمة بنت أحمد بلقاسم

مغربيات صنعن التاريخ: الحقوقية فاطمة بنت أحمد بلقاسم

هذه سلسلة من الكتابات التاريخية بصيغة المؤنث لمغربيات صنعن التاريخ، وبصمن مشوارهن من خلال عملية البحث والتنقيب وقراءة الوثائق التاريخية عبر أغلب مجالات الجغرافيا، وإعادة تشكيلها بقلم الأستاذ الباحث مصطفى حمزة، الذي أغنى الخزانة المغربية بإصداراته المهمة، والتي تناول فيها مسار شخصيات كان لها الحضور القوي على مستوى التاريخ الجهوي والوطني.

ولتقريب القراء من هذا النبش والبحث المضني، اختارت "أنفاس بريس" عينة من النساء المغربيات (25 شخصية نسائية) اللواتي سطرن ملاحم وبطولات وتبوؤهن لمراكز القرار والتأثير فيها فقهيا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا وعسكريا.

- فاطمة بنت أحمد بلقاسم: المرأة الحقوقية 

لم تكن فاطمة بنت أحمد بلقاسم، أم حاكم إمارة الجنوب، غريبة عن قمة الشرف وذروة المجد، أو دخيلة على عالم المعرفة والفكر.

ففاطمة ابنة أحمد بلقاسم بن علي الإفراني، تنتمي إلى الشرفاء الاحاكيين، وهي سليلة «أسرة علمية نالت شرفا كبيرا ومجدا مؤثلا، في الرئاسة والقضاء» كما يشير إلى ذلك محمد المختار السوسي.

فقد كان جدها أبو القاسم بن علي الإفراني « فقيها عالما عاملا... من أهل أواسط القرن العاشر، ولا يزال ذكر اسمه عطرا في تانكرت إلى الآن، وقبره مشهور في مقبرة تنسب إليه»، يضيف مؤلف إليغ قديما وحديثا.

أما والدها أحمد بلقاسم فكان «صالح مزور في عهده، وله مكانة وشرف، ولمقامه العالي صاهره أهل الزاوية التازروالتية» يقول العالم سيدي البشير الناصري، وهو ما يؤكده مؤلف محمد المختار السوسي بقوله: "وحين عرفنا شأن هذه الزاوية إذاك، ندرك أنها لا تصاهر إلا أسرة تحتل قمة الشرف، وذروة المجد".

فأم علي بن محمد بودميعة، زوجة محمد بن أمحمد ابن الشيخ، تربت في كنف أسرة عرفت بالصلاح وتعاطي الفقه والعلم... فارتوت من معينها وزادها توهجا ارتباطها بأسرة زوجها، فكانت «تناقش المواضيع المختلفة وكانت تعطي الدروس للنساء ومحبوبة عندهم، والزاوية التي تتواجد بها عامرة دائما بالنساء من كل جهة...» يقول محمد المختار السوسي.

فابنة أحمد بلقاسم، يضيف مؤلف المعسول، التي «أنجبت رجلا عظيما (علي بن محمد بودميعة) وهو حاكم إمارة جنوب المغرب التي يعترف لها بالجميل والإخلاص وكلاهما مقبول...»، سجل لها التاريخ ـبالإضافة إلى اهتمامها بإعطاء الدروس الدينية للنساء، وخدمة الزاويةـ تبنيها لقضايا المرأة في عصرها والدفاع عنها.

فقد كانت فاطمة، أخت القاضي عبد الملك بن أحمد بلقاسم، وعمة القائد أمحمد بن عبد الرحمان في عهد إمارة ابنها «تعطي النصائح وتدافع عن حقوق المرأة وتحل جميع مشاكل النساء وتحث المرأة زوجها وطاعة الله سبحانه وتعالى حتى لقيت ربها»، يقول المختار السوسي.

فأم علي بن محمد بودميعة، فاطمة بنت أحمد بلقاسم، هي من بين من قال في حقهن الجلال المحلي: "أحفظوا العلم وصونوا أهله/ من جهول حاد عن تبجيله/ إنما يعرف قدر العلم من/ سهرت عيناه في تحصيله"...