150 فرنكا سويسريا يوميا كواجب الإقامة في فندق عادي بجنيف..
80 فرنكا سويسريا يوميا كمعدل للوجبات الغذائية..
10 فرنكات سويسرية يوميا كمعدل مصاريف التنقل في الترامواي والحافلات..
أي أن إقامتك في جنيف في فندق جد عادي تكلفك في اليوم الواحد 240 فرنكا سويسريا، (ما يعادل 2400 درهم مغربي).. وبالتالي إذا رغبت في الإقامة لمدة شهر بجنيف، فمعنى ذلك أنك مطالب بالتوفر على 7200 فرنك سويسري (72000.00 درهم شهريا).
هذه الأرقام لم نطلقها على عواهنها، بحكم أن أي امرئ بإمكانه تصفح المواقع الالكترونية للفنادق في جنيف للوقوف على واقع الغلاء الفظيع في هذه المدينة الديبلوماسية الحاضنة لمعظم وكالات الأمم المتحدة ولمجالسها.
إثارتنا هذه الأرقام التي تسبب الدوخة كان بغاية طرح سؤال على الرأي العام: من ذا الذي يمول إقامة نشطاء صحراويين موالين للجزائروالبوليزاريو في جنيف؟ علما أن كل هؤلاء النشطاء الصحراويين إما موظفون بسطاء في الإدارة المغربية أو يمتهنون مهنا عادية لا تؤمن العيش العادي إلا بالكاد، فأحرى أن تتوفر للمرء الإمكانية ليقيم لمدة شهر كامل بجنيف الباهظة الأسعار.
السؤال يستمد مشروعيته ثانية من كون أغلب الدبلوماسيين والموظفين الدوليين العاملين بجنيف يضطرون -رغم رواتبهم العالية- إلى السكن بالمدن والبلديات الفرنسية الموجودة على الحدود مع جنيف هربا من غلاء المعيشة، لدرجة أن الفارق في المستوى يصل إلى النصف أحيانا (خاصة على مستوى إيجار المساكن والتغذية). فإذا كان هذا حال كبار الموظفين الدوليين بالهيآت الأممية وكبار الموظفين بالمؤسسات المالية المستوطنة بجنيف، فكيف يستقيم المنطق حينما نرى ناشطا صحراويا بسيط المدخول يتخذ جنيف مستقرا له طوال شهر مارس، وهي المدة التي يعقد فيها مجلس حقوق الإنسان بجنيف دورته الربيعية (هناك دورتان أخريان: في يونيو وشتنبر من كل عام)؟
الجواب لا يغيب عن كل متتبع لبيب، على اعتبار أن هناك "ممونا" (Traiteur)واحدا يتولى صرف هذه النفقات للنشطاء الصحراويين طوال مقامهم في جنيف بهدف التحرك ضد المغرب وملء المقاعد في كل ورشة أو نشاط موازي للتشويشعلى تدخلات المغرب في كل ما يهم قضية الصحراء: إنها الجزائر.
الخطير في الأمر، أن الأمر لا يقتصر على تمويل الإقامة وضمان «فلوس الجيب» كل يوم، بل يتعداه إلى تحويل بعض النشطاء إلى «قطيع» يحركهم مسؤول جزائري معروف في الوسط الأممي بجنيف باسم «بوكَادومة» الذي يتحكم في اختيار القاعة التي ينبغي أن يدخل إليها النشطاء الصحراويين في مقر قصر الأمم، ويتحكم في العبارات التي ينبغي ترديدها في كل تدخل، ويتحكم فيالوقت الذي ينبغي فيه مغادرة مقر مجلس حقوق الإنسان نحو الفندق أو نحو مقر سفارة البعثة الجزائرية بجنيف.
هذا الوضع بقدر ما يسيء إلى النشطاء (مثلا ابن شيخ مكلف بتحديد الهوية وأخرى ذات أصول سوسية)، بقدر ما يطرح سؤال المصداقية. فجميل أن تكون للمواطن أطروحة ما: سواء مع المغرب أو ضده، لكن أن يتحول المرء إلى دمية بيد بولسان (مسؤول بالبوليزاريو بجزر الكناري «مول الشكارة») أو بيد الجزائري «بوكَادومة» بجنيف، يحركه ذات اليمين أو ذات الشمال ليس دفاعا عن مبدأ، بل طمعا في الحصول على أموال، فذاك قمة السقوط في الهاوية.
فبئس حقوق الإنسان إذا كانت شعاراتها ترفع لضخ الأموال وتسمين الحسابات البنكية!