يعتبر الغناء نوعا من الترويح عن النفس، لأنه يجعل الإنسان يعيش حياة أخرى مليئة بالأحلام والذكريات الجميلة، فالمرء بطبيعته يتغير وينمو ويكبر، وكذلك الأغنية تتغير عبر مرور الزمن.
وكما هو معلوم فإن الأغنية الحسانية ضاربة في القدم، وهي مرتبطة أساسا بما يسمى الشعر الحساني"الكيفان"، حيث تشكل هذه الأشعار اللبنة الأولى للأغنية الحسانية. فالغناء كان يختص لدى فئة معينة من ذوي الصوت الجميل.
هذا ما يخص الزمن الماضي، أما بالنسبة للحاضرـ فإن الأغنية الحسانية تطورت بشكل كبير، لاسيما مع التطور الكبير الذي عرفته الآلات الموسيقية. فلم يكتف الحسانيون بالطبل و"تيدينيت"، بل تجاوزوه إلى الآلات عصرية مثل الغيثار و"البيانو".. هذا الأخير الذي أبدع فيه كل الإبداع الفنان منصور أولاد غيلان، الشاب الذي تعرف الصحراء صوته.. إنه عاشق للغناء حتى النخاع، وانتماؤه إلى الصحراء ألهمه حب الطرب، حيث سطع نجمه في "نادي الشباب" بمدينة العيون، في سن السادسة والعشرين.
يتميز منصور بصوته العذب الذي يدخل إلى أعماق الإنسان ويزرع فيه جمالية الأنغام وسحر الكلمات، حيث يعيش الإنسان جوا صحراويا بامتياز. أداؤه الرائع للأغاني جعله يتبوّأ مكانة هامة في عالم الفن، بفضل الأغاني القديمة التي يغنيها. فالغناء عند منصور كالدم في العروق، تجده في كل لحظة يغني باستمرار أينما حل وارتحل.
اجتهاده في الأغنية الحسانية يظهر بشكل واضح من خلال أدائه للأغنية البرازيلية AI SE EU TE" PEGO" حيث أدخل عليها بعض التعديلات باللهجة الحسانية، لتصبح الأغنية مكتملة، ما أن تسمعها حتى تحس بجمال كلماتها. فهو طائر يغني في سماء الصحراء، يشدو بصوت ذهبي نادر.
الكل يُجمع على موهبة الفنان منصور أولاد غيلان من خلال صوته الذي يعبر جميع المدن، ولعل أبرز المشاكل التي تواجهه في مسيرته الفنية هي بطاقة الفنان التي لم يظفر بها، لكن الفن عند منصور شيء في القلب لا يموت، فهو يعيش في نفس الإنسان دون انقطاع.
وصل صوت هذا الفنان إلى الشرق والغرب، وخير دليل على ذلك زيارته الأخيرة لدولة الإمارات، حيث أثبت مكانته الكبيرة عربيا.