مغربيات صنعن التاريخ: عاتكة بنت علي سليل بلاد صنهاجة

مغربيات صنعن التاريخ: عاتكة بنت علي سليل بلاد صنهاجة

هذه سلسلة من الكتابات التاريخية بصيغة المؤنث لمغربيات صنعن التاريخ، وبصمن مشوارهن من خلال عملية البحث والتنقيب وقراءة الوثائق التاريخية عبر أغلب مجالات الجغرافيا، وإعادة تشكيلها بقلم الأستاذ الباحث مصطفى حمزة، الذي أغنى الخزانة المغربية بإصداراته المهمة، والتي تناول فيها مسار شخصيات كان لها الحضور القوي على مستوى التاريخ الجهوي والوطني.

ولتقريب القراء من هذا النبش والبحث المضني، اختارت "أنفاس بريس" عينة من النساء المغربيات (25 شخصية نسائية) اللواتي سطرن ملاحم وبطولات وتبوؤهن لمراكز القرار والتأثير فيها فقهيا وثقافيا وسياسيا وعسكريا.

- عاتكة بنت علي سليل بلاد صنهاجة

هي عاتكة بنت علي بن عمر بن إدريس ابن إدريس الحسني، زوجة يحيى بن يحيى بن محمد بن إدريس.

كان جدها عمر بن إدريس، واليا لأخيه محمد بن إدريس على «تيكساس ومدينة ترغة وبلاد صنهاجة وغمارة وما والاها»، ذلك أن محمد بن إدريس، لما ولي أمر المغرب، عين إخوانه ولاة له على المدن والأقاليم، وذلك بأمر من جدته كنزة، وأقام هو بمدينة فاس، دار ملكهم وقرار سلطانهم.

وهكذا ولدت عاتكة ببلاد صنهاجة وغمارة وترعرعت بها، إلى أن تزوجها يحيى، فالتحقت بمدينة فاس دار ملك الأدارسة وقرار سلطانهم.    

عايشت عاتكة فترة حكم يحيى (أب زوجها)، الذي في عهده «كثرت العمارة بفاس، وقصد إليه الناس من الأندلس وإفريقية وجميع بلاد المغرب، فضاقت بسكانها، فبني الناس الأرباض بخارجها، وبني الأمير يحيى بها الحمامات، والفنادق للتجار، وغيرهم، وفي أيامه بني جامع القرويين».. كما عاصرت، فترة حكم يحيى (زوجها) الذي أساء السيرة باقتحامه الحمام على حنة، جارية يهودية، كانت من أجمل نساء عصرها، فتنكر له الجميع وأرادوا قتله، إلا عاتكة التي «أشارت عليه بالاختفاء بعدوة الأندلس، ريثما تسكن الفتنة، فتوارى بها فمات، من ليلته أسفا على ما صنع بنفسه، وما وقع فيه من العار».

لم تعمل عاتكة على إنقاذ زوجها من الثائرين عليه فقط، بل عملت على نقل الحكم، من بني محمد، إلى بني عمهم، عمر بن إدريس الحسني.

فبعدما علمت بموت زوجها يحيى، وثورة عبد الرحمان بن أبي سهل بالمدينة بعده، بادرت إلى مكاتبة والدها علي بن عمر، «فجمع جيوشه وحشمه وقصد إلى مدينة فاس، فدخل عدوة القرويين والأندلس على عبد الرحمان بن أبي سهل الجذامي الثائر بها، فبايعه أهل المدينتين القرويين والأندلس، وخطب به على جميع منابر أعمال المغرب».

وبذلك تكون عاتكة، قد ساهمت في نقل الحكم، من عقب محمد بن إدريس، إلى عقب عمر بن إدريس، وعقب القاسم بن إدريس الزاهد.