هاجم عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب البيجيدي، رئاسة الفريق الأحمر (الوداد الرياضي)، معتبرا ذلك يدخل ضمن تحكم الحزب المعارض (البام) في العديد من المجالات، ومنها المجال الرياضي.
وبقدر ما أثار هذا الهجوم استغراب مراقبين، بقدر ما رأى فيه آخرون انسجاما مع التوجه العام لـ «الإسلاميين» الذي يحاولون تعميم الهيمنة وإحكام الطوق على المجتمع، وبالتالي إرغام الحكم، ليس على اقتسام السلطة كما تطرحها الوثيقة الدستورية، بل على الانكماش في أقصى الزاوية والاكتفاء بدور المراقب.
وقال مراقبون إن شعورا بالعظمة بدأ يسيطر على زعيم البيجيدي الذي لم يتردد في السخرية من المعارضة في إحدى جلسات البرلمان بقوله: «سننام، وسنفوز بالانتخابات»، وهو ما يعني أنه أصبح يتكلم مع المغاربة، انطلاقا من «عقلية النقد» (بالمفهوم الذي وضعه المفكر السوري الراحل ياسين الحافظ)، المتميزة بهيمنة أحكام القيمة والتسرع في الحكم على الأشياء والتحقير والأنانية والتعجرف والتجريح والاستعلاء والشعور بالعظمة واستصغار الآخرين والميل الى الهيمنة والتسلط الفكري، عوض التمسك، كما يفترض فيه موقعه كزعيم سياسي ورئيس حكومة ورجل دولة، بـ«العقلية النقدية» المؤسسة على التساؤل والشك والافتراض والاستدلال والمراجعة والنقد العلمي البناء والموضوعي..
هجوم بنكيران على فريق رياضي من حجم الوداد الرياضي تمليه، أيضا، جملة من الاعتبارات الموضوعية. فرئيس الحكومة يدرك جيدا أنه على مشارف الانتخابات الجماعية 2015، وأن كرة القدم هي وسيلة من وسائل توسيع القاعدة الشعبية للأحزاب المتنافسة، سواء أكانت من الأغلبية أو المعارضة. وما هجومه على الوداديين سوى محاولة لإرباك الحسابات وخلط الأوراق وإضعاف الخصم وإلهائه بجمرة «البلطجة».
إن بنكيران الذي دأب على تسخير المساجد وجمعيات «البر والإحسان»، وتشغيل آلة الوازع الديني من أجل انتزاع مكاسب سياسية، والركوب على الجلباب واللحية وفرائض الوضوء وسننه من أجل نيل تعاطف الناس، يعرف جيدا أن «ملاعب الكرة» منافس جيد للمساجد، وأن «كرة القدم» تحولت لدى بعض المحبين إلى «عقيدة»، وأنها كلعبة رياضية قادرة على تحريك الشعوب وصناعة المصائر، وهو ما يقتضي مواجهة الأمر بإعلان حروب الردة على الجماهير الرياضية. وهذا يعني، في ما يعنيه، أن بنكيران متخوف من الشعور الجماهيري بالانتماء إلى الرياضة، ومن إمكانية أن يساهم زخم كرة القدم في إفشال مخطط «الهيمنة الهادئة» الذي يراهن عليه من أجل التحكم في العملية الانتخابية.
ويُبين هجوم بنكيران على الوداديين عن نزعة خطيرة للتفرقة وتشغيل «خصومة» الإخوة/ الأعداء، من أجل حشد الدعم الرياضي وإضافته إلى الدعم الديني، وبالتالي تحقيق الاكتساح المنشود، وحشر الخصوم في منطقة الظل أو النسيان، والاستفراد بمخاطبة «القرار السياسي المركزي».
فهل يبرر هذا الهجوم أي محاولة للبحث عن النزاهة؟ وتأسيسا على ذلك هل بنكيران معصوم من الوهم والأخطاء والذاتية؟ وهل بهذا «التنطع الانتخابوي» سيؤدي رئيس الحكومة دوره في التغيير والتنمية وخدمة الصالح العام على الوجه الصحيح؟ أليس هذا الهجوم، في الجوهر، تعبيرا عن الى غايات ومطامح فردية، ليس من ورائها سوى إرادة التحكم والهيمنة وإقصاء كل الآخرين؟
لقد أعلن بنكيران، في كلمة له أمام لجنة حزبه المركزية، أن «هناك مجالات يتحكم فيها الخصوم بطرقهم الخاصة»، وأنهم يستعملون البلطجة والسيوف من أجل التغلغل في الجسم الودادي، والحال أن قاموس «التشرميل» يعبر عن صاحبه أكثر من غيره. ذلك أن المنطق الذي يحكم حديث رئيس الحكومة عن المعارضة يعد خطرا يهدد مسارات الديمقراطية، ولا يبعد عن سلوك التشرميل الذي يجهر بـ «مناهضته». فكلامه أهوج وغير منسجم، وينتمي إلى العشوائيات اللفظية، ولا يستقر على حال، وينزل بالمستمع إليه، أحيانا، إلى الحضيض، حيث لغة الشارع والمراحيض و«سيلونات» الحبس.
وإذا كان رئيس الحكومة، في هجومه على الوداديين، قد خص المنتمين إلى أحزاب المعارضة بوابل من «الاحتقار اللفظي»، فليس غائبا عن ذهنه أن العديد من الفرق المغربية، يسيرها رؤساء ينتمون إلى العديد من الأحزاب السياسية، يمينا ويسارا. بل إنه يدرك أن الإسلاميين أصبحوا في قلب الجمهور الرياضي والإلترات المشجعة للفرق، وأنهم انتبهوا إلى دور الرياضة في الترقي السياسي، كما أصبحوا يدفعون في اتجاه توظيف ذلك في الانتخابات الجماعية والبرلمانية. فلماذا سياسة الكيل بمكيالين؟ وما هي دوافع هذا الهجوم؟
بالرجوع إلى علاقة بنكيران بالمعارضة، فإذا أهملنا الطابع التهكمي والشعبوي والمسرحي والزنقوي للخطاب، فإننا نجد أنه يحاول تارةً فرض الأسلوب العسكري الهجومي فى إدارة الصراع، وتارة أخرى يعتمد على أسلوب التباكي والمظلمة و«التقلاز من تحت الجلابة». وهو أسلوب اتضح من خلال تفكيك الخطاب السياسي للأصوليين الذي يتركز على الهجوم على «الغير»، من خلال عقد ندوات وأيام دراسية، وأيضا من خلال إشعال نيران متفرقة لإلهاء الجميع عن المطبات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يعانيها أكثر من 30 مليون مغربي. بل اتضح ذلك من خلال دعوة حزب «البام» إلى حل نفسه لأنه حزب غير طبيعي وجاء في ظروف غير طبيعية، فضلا عن الهجوم على حزب علال الفاسي، وحزب المهدي بنبركة وعمر بنجلون، واعتبارهما معا وكرا للمفسدين والحاسدين ! كما اتضح ذلك من خلال الهجوم على العمال والولاة ومدراء كبريات المؤسسات العمومية.
إن هجوم بنكيران على المسيرين الوداديين واتهامهم بالبلطجة ما هو في العمق سوى حلقة من سلسلة الهجمات المنظمة على خصومه الانتخابيين، وهو رسالة خطيرة إلى من يعنيه الأمر مفادها أن الأصوليين يطمحون إلى اقتسام السلطة، ليس مع البام (على سبيل المثال)، بل مع الملك مباشرة، بعيدا عن «القسمة» الدستورية. ويزايدون على ذلك بأنهم المتحكمون الفعليون في الشارع الانتخابي، وأن المعارضة، والبام تحديدا، ليسوا لاعبين جيدين للمراهنة عليهم كبديل للإسلاميين.
إن بنكيران يلعب بالنار، وهي النار التي من المحتمل أن تأكل صاحبها في شتنبر 2015، أي بعد المحطة الانتخابية التي يراهن عليها من أجل إثبات القدم ودحر المنافسين.
أنوار الزين، الناطق الرسمي باسم الوداد البيضاوي
بنكيران يحن لزمن العنف والفوضى والوداد أكبر من الحسابات الانتخابوية
اعتبر أنوار الزين، الناطق الرسمي باسم الوداد الرياضي، أن تصريحات بنكيران أساءت كثيرا لمكونات البيت الأحمر، وهي تعبر عن حس غير ديمقراطي في التفكير وتدبير الاختلاف وهو يصف معارضيه بأعداء الوطن والخطر الحقيقي الذي لا يؤمن بالديمقراطية ويتبنى لغة العنف والإرهاب والفساد.. مضيفا أن الانتخابات لعبة أخرى لاعلاقة لها باللعبة الانتخابية، وجمهور كرة القدم، لايعول عليه في كسب مكاسب انتخابية
- كيف تلقيتم في الوداد البيضاوي، تصريح عبد الإله بنكيران، بقوله إن هناك بلطجية سيطروا على الفريق؟
+ نعتبرها تصريحات عدوانية ومسيئة لفريق رياضي، ارتبط اسمه بالأمة، فهو وداد الأمة، وجميع مكونات الفريق من مكتب مسير ومحبين وجماهير، مستاؤون من هذا التصريح الذي ليس له محل من الإعراب، وكان عليه أن ينأى عن الزج بفريق الوداد البيضاوي في صراعاته السياسية، وحساباته الضيقة، والوداد أكبر من هذه الحسابات الانتخابوية، فهو فريق الجميع، وليس فريق حساسية معينة..
- مالذي أساء به بنكيران للفريق بالتحديد؟
+ أولا هو استعمل مصطلح «العصابات والبلطجة»، مع ما يحمله المصطلح من حمولات سيئة، توحي بحرب الشوارع، و»استعمال كافة الأسلحة، من بينها السيوف، والخطر الداهم»، وأمام هذا فالمتلقي يتصور أننا بصدد كرة الدم وليس كرة القدم، وكما جاء في مراسلة النادي لرئيس الجامعة الملكية المغربي لكرة القدم، فإن تصريحات عبد الالاه بنكيران «خارجة عن كل قواعد اللباقة واللياقة، وتعمد المس بناد عريق هو رمز من رموز المقاومة بهذا البلد، وعبر عن حس غير ديمقراطي في التفكير وتدبير الاختلاف وهو يصف معارضيه بأعداء الوطن والخطر الحقيقي الذي لا يؤمن بالديمقراطية ويتبنى لغة العنف والإرهاب والفساد». ومما يدل على أن بنكيران غير محيط تمام الإحاطة بتاريخ الوداد البيضاوي، هو عندما يتحدث عن خطأ إداري بسيط، وفي الحقيقة أن ما عرفه مسار النادي السنة الماضية كان كبيرا، وكاد يعصف بالنادي، وقد عانى المكتب الحالي للوداد الأمرين لفتح صفحة جديدة من التصالح بين جميع مكونات النادي جماهيرا ومسيرين، وقد وصلت الحوارات والتدخلات لعودة الأجواء الرياضية لقلعة الوداد. ونكاد الآن نودع أجواء العنف والتكهرب التي سادت مدة من الزمن والتي استفادت منها حتما جهات مشبوهة ومجهولة يستهويها الاصطياد في الماء العكر، وهي الأجواء التي يحاول بنكيران بتصريحه أن يبعث فيها الروح ويعيدنا لزمن العنف والفوضى.
- لكن لماذا نحاول غض الطرف عن واقع هو تهافت مسؤولين حزبيين على رئاسة عدد من الفرق الرياضية من بينها الوداد البيضاوي؟
+ بعيدا عن التأويلات الخاطئة، وبلغة الأرقام، فإن عدد أعضاء المكتب المسير لكرة القدم والمكتب المديري للوداد وأيضا أعضاء اللجان المسيرة والاستشارية بالنادي يصل لـ 22 عضوا من بينهم فاعلين جمعويين وسياسيين من مختلف المشارب الثقافية والسياسية والحزبية رابطهم الوحيد حبهم وتعلقهم بنادي الوداد الرياضي، ومن بينهم فقط 5 أعضاء لهم انتماءات سياسية متباينة، فهم ليسوا على قلب حزبي واحد، وعندما نلتقي في المكتب المسير، نفكر بالدرجة الأولى في مصلحة الوداد البيضاوي، ونستبعد خلفياتنا السياسية، ولا دخل للأحزاب في تسيير الشأن الرياضي لفريق الوداد، ومشاغل وتحديات كرة القدم أكبر من الأحزاب والانتخابات، اهتمامنا هو توفير الألبسة الرياضية، وتحسين النتائج، والبحث عن لاعبين.. بالمقابل لاينبغي أن نعتبر ترؤس حزبيين للفريق الأحمر، خاصية ودادية، فهناك العديد من الفرق الكروية داخل المغرب وخارجه، مسيروها لهم خلفيات حزبية، وهذا ليس عيبا، كما أنه ليس بالأمر المستحدث، مثلا «بيرنارد طابي»، مع فريق «أولمبيك مارسيليا»، فقد كان رجلا مسؤولا حزبيا وحكوميا، لكن عندما حاول اقتحام الشأن الرياضي، حكم على نفسه بالفشل والاندحار، فمن الغباء أن يعتقد المرء أن العمل الرياضي يساعد على العمل السياسي، بل العكس هو الحاصل، فقد أثبتت التجارب في المحافل الوطنية والدولية أنه عندما يحاول السياسي استغلال الشأن الكروي، لجلب كتلة انتخابية، فمآله الفشل، مادام أن مقياس درجة حرارة الملاعب غير مستقر، فالفريق قد يكون اليوم منتصرا وغدا منهزما.. فريق الوداد هو رياضي وسيبقى رياضيا، لهذا راسلنا رئيس جامعة كرة القدم، نشتكي فيه من تصريحات أمين عام حزب العدالة والتنمية، باستعماله لمصطلح شبه إرهابي يتعلق بالبلطجة، فأن يكون لهذا السياسي أو ذاك إعجاب وحب لهذا النادي أو ذاك فهو أمر عادي، غير الصحي هو أن يستغل هذا الشخص القاعدة الرياضية، لتصريف مواقفه السياسية ومحاولة استقطاب ناخبين، وهذا ليس مطروحا في الوداد، ينبغي التمييز في الوظائف والمسؤوليات فالحزبي حزبي والرياضي رياضي، ولايمكن استغلال هذا القطاع لتغليب حظوظه في القطاع الآخر، وما ينبغي أن يدركه بنكيران هو أن الانتخابات لعبة أخرى لاعلاقة لها باللعبة الانتخابية، وجمهور كرة القدم، لايعول عليه في كسب مكاسب انتخابية، وهناك أمثلة كبيرة من البطولة الوطنية، لأسماء كانت لامعة سياسيا، لكن بمجرد اقترابها من التسيير الرياضي، اندحرت.
سمير شوقي، صحفي والناطق الرسمي السابق للرجاء البيضاوي
بلاغنا كان إنذارا لكل من يود الخلط بين الرياضة والسياسة
شدد الزميل الصحفي سمير شوقي، الناطق الرسمي السابق للرجاء البيضاوي على أن هناك شخصيات حزبية في مركز القرار تتسابق للظفر برئاسة الآندية الكروية، متحفظا على ربط ذلك بفريق الوداد البيضاوي، حيث وقع خلط بين ما يقصده بنكيران في انتقاده لأداء بعض الحزبيين، وبين ما ترسخ في الذاكرة الشعبية الرياضية من ما اعتبرته إساءة لفريقهم الكروي
- اتهم بنكيران، رئيس الحكومة، فريق الوداد البيضاوي بأنه تحت سيطرة «البلطجية»، وفي الوقت الذي كان الرأي العام ينتظر بيانا رسميا، من الفريق المعني، أصدر فريق الرجاء البيضاوي، بلاغا يحدد فيه مسافته مع الشأن الحزبي، ما هو سياق هذا البلاغ؟
+ يندرج سياق إصدار هذا البلاغ ضمن النقاش الحالي الذي تعرفه الساحة، حول ارتباط بعض الفرق الرياضية بأحزاب سياسية من حيث التسيير، وخاصة بعد التصريح الذي أدلى به الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بخصوص رئاسة فريق الوداد البيضاوي، المنتمي لأحد الأحزاب السياسية، وفي الحقيقة أسيء فهم كلام بكيران، الذي كان يتحدث عن حزب سياسي معين ضمن المنافسة الحزبية، خصوصا وأننا بصدد سنة انتخابية، هو إذن صراع حزبي بين العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، وأعتقد أنه تم إقحام اسم الوداد الرياضي بشكل خاطئ في هذا الصراع الحزبي الانتخابي، وزاد من تعقيد المسألة تأويلات خارجة عن السياق. أما بخصوص بلاغ الرجاء، فأعتقد أنه عين العقل، لأننا نريد توجيه تنبيه لمن يريدون الخلط بين الرياضة والسياسة، وفي كثير من الأحيان يتم الركوب على الرياضة لبلوغ مآرب انتخابوية، حيث يقتحم السياسيون بشكل فج المجالات الرياضية، وذلك باستغلال القاعدة الشعبية للنوادي الرياضية وبالخصوص جماهير كرة القدم، وبالتالي كان لزاما وكما قلنا لأننا بصدد سنة انتخابية، لنؤكد للرأي العام من باب الوضوح، بأن فريق الرجاء الرياضي ملك لجميع المغاربة باختلاف ألوانهم السياسية وحيثياتهم الاجتماعية وأطيافهم الشعبية داخل المغرب وخارجه.
- هل يمكن القول أن هذا البلاغ هو استباقي، يتبرأ فيه النادي من أي سيطرة حزبية معينة؟
+ هذا الأمر لم يكن مطروحا لا في السابق ولا في الوقت الحالي، والجهة المعنية هي التي تكلم عنها بكل وضوح رئيس الحكومة، وبالتالي فالرجاء البيضاوي، ينأى بنفسه عن هذا التجاذب السياسي الانتخابوي والمزايدات الحزبية التي أخطأت في إقحام نادي رياضي من حجم الوداد البيضاوي، وهنا أثني على «إلترا الوداد» التي أصدرت بلاغا تؤكد فيه على أن ما يحركها هو حب الوداد وأن التجاذبات السياسية لا تعنيها، متجنبة أن تُجر لهذا المستنقع، بل والمطلوب من كل الأندية أن تضع خطوطا فاصلة بين تسييرها الرياضي وأنشطة مسيريها الحزبيين..
- لكن في نظرك ما هو العيب في أن يمارس الحزبي حقه في التسيير الرياضي لهذا الفريق أو ذاك؟
+ من جيث المبدأ، الحزبي هو مواطن قبل أن يكون منتميا لحزب معين، ومن حقه كغيره من المواطنين في الانخراط الجمعوي وممارسة أنشطته الجمعوية في فضاءات ثقافية ورياضية ونسوية وشبابية.. لكن غير المقبول هو أن يكون شخص له مسؤوليات حزبية مركزية أو جهوية ويترأس نادي رياضي معين، ينبغي ضرورة وضع حد لهذا الخلط الذي يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات..
بالعودة لتصريح بنكيران حين حديثه عن «البلطجة»، يلاحظ أنه بدوره مارس خلطا بين مسؤولياته كرئيس للحكومة ومسؤول عن حزب العدالة والتنمية، ووجه اتهامات خطيرة لفريق الوداد البيضاوي، في الوقت الذي كان على وزير العدل والحريات فتح تحقيق بخصوص هذه الاتهامات الخطيرة؟ لا يمكنني التحدث باسم رئيس الحكومة أو وزير العدل والحريات، لكن من منظوري كمتتبع، فبنكيران، كان في جمع عام لحزب العدالة والتنمية، وكان يتحدث بصفته أمينا عاما لهذا الحزب، حول موضوع ضمن السباق الانتخابي مع أحد خصومه الحزبيين، بالمقابل كان على بنكيران عدم الحديث عن موضوع الوداد البيضاوي، والاقتصار على ما هو حزبي..
- لكن ما العيب في أن يتحدث بنكيران عن موضوع واقعي هو تسابق حزبي نحو رئاسة فرق كروية، لبسط هيمنتها على القواعد الشعبية، واستغلال ذلك في الانتخابات؟
+ فعلا، تسابق شخصيات حزبية في مركز القرار الحزبي، واقع، لايمكن غض الطرف عنه، ولكن أنا أتحفظ على ربط ذلك بفريق الوداد البيضاوي، حيث وقع خلط بين ما يقصده بنكيران في انتقاده لأداء بعض الحزبيين، وبين ما ترسخ في الذاكرة الشعبية الرياضية من ما اعتبرته إساءة لفريقهم الكروي، مع العلم بأن جزء كبيرا من الجماهير الرياضية ليس لها من آليات التحليل السياسي نصيب كبير، وهنا مكمن الخطورة في ماكان على بنكيران تجنب الوقوع في مستنقعه..
- بالرجوع لتاريخ الوداد البيضاوي، فهو كان ومازال مسيرا من قبل أطراف لها خلفيات حزبية، ولم يكن الأمر مطروحا، وقبل ذلك لايمكن نكران مساهمة مسيري الحزب في المقاومة ضد المستعمر؟
+ أولا، لا يمكن حصر المقاومة في حزب أو نادي معين، كل المغاربة قاوموا المستعمر بشكل أو بآخر حسب استطاعتهم، أما بالنسبة للسيرورة التاريخية في تولي حزبيين رئاسة هذا الفريق أو ذاك، فهذا مازال في الوقت الحالي، وفريق الرجاء البيضاوي، كان في وقت معين تحت سيطرة لون سياسي معين، لكن الآن بعد دستور فاتح يوليوز 2011، تغيرت الأمور، والمؤسسات تسير نحو دمقرطة وشفافية أكثر، ولايمكن الخلط بين ما هو حزبي وبين ما هو رياضي.. وبالتالي على السياسيين الابتعاد عن التسيير الرياضي..
- لكن البعض يتحدث عن تقارب بودريقة، رئيس الرجاء البيضاوي مع حزب الأصالة والمعاصرة؟
+ بحكم معرفتي بالرجل، فهو رجل أعمال، أما مسألة التقارب أو التعاطف مع حزب معين، فلا أحد يطلع على ما في الصدور، وعندما يكون الرئيس منخرطا في حزب معين، عندها يمكننا طرح المسألة للنقاش..
أشرف أبرون، الرئيس التنفيذي لنادي المغرب التطواني
ما العيب في أن يكون لكل حزب أندية في مختلف المجالات الرياضية؟
كشف أشرف أبرون، الرئيس التنفيذي لنادي المغرب التطواني، عن طموحه في تسيير مدينة تطوان أو آكبر من ذلك، معتبرا بأن الطموح السياسي مشروع، مادام بأساليب مشروعة، مضيفا أن من يطالبون بتمييز النشاط السياسي عن النشاط الرياضي، عليهم أن يفتحوا أعينهم على تجارب أندية أوربية يتولى رئاستها سياسيون بل وزعماء دول
- أعلنت عن التحاقك بحزب الاستقلال في ظرف تميز بتهجم بنكيران على فريق الوداد البيضاوي، بأنه أصبح تحت سيطرة «بلطجية» مدججين بالسيوف، وهو يقصد رئيس النادي المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، كيف ترى مثل هذا التصريح؟
+ هل هذا يعني أن رؤساء الفرق محظور عليهم ممارسة حقوقهم الوطنية، بما فيها الانتخاب أو الانتماء لأحزاب من اختيارهم؟ من يسمع بهذا الأمر يتخيل أن رؤساء الفرق الرياضية كائنات قادمة من كوكب خارج الكرة الأرضية. أولا، رئيس فريق رياضي هو مواطن له حقوق وعليه واجبات، وكذلك السياسي، وليس هناك مهام مقتصرة على أحدهما دون الآخر. ثانيا، رؤساء الأندية الرياضية هم متطوعون، يبذلون من أموالهم الخاصة، ويسخرون علاقاتهم من أجل الرفع من أداء ومردودية أنديتهم في مجال التأطير الرياضي، في ظل غياب أي دعم حقيقي من الدولة، وغياب أي قانون للأندية. وبالتالي فهم يخدمون المصلحة العامة للرياضة والرياضيين. ثم ما هو العيب في أن يكون لأي مسير طموح بأن يكون في صدارة الشأن العام؟ وبأن ينتقل من خدمة فريق المدينة إلى المدينة ككل؟ لا ينبغي علينا التصدي لهذا الطموح المشروع، بل التنويه به، ولا مجال لتقديم النشاط السياسي للرياضيين بأنه أمر ممقوت، أو غير مشروع. فالسياسة هي وسيلة لخدمة المواطن. طبعا أنا أتحدث بصفة عامة، دون بعض الاستثناءات التي لا ينبغي القياس عليها، وشخصيا التقيت عددا من شباب مدينة تطوان ينوهون فيه بتوجهي السياسي، مادام أن ذلك سيصب في مصلحة ساكنة المدينة..
- في نظرك هل هذا النقاش من حيث التمييز بين النشاط السياسي والرياضي مطروح في أوربا؟
+ من يطالبون بتمييز النشاط السياسي عن النشاط الرياضي، عليهم أن يفتحوا أعينهم على تجارب أندية أوربية يتولى رئاستها سياسيون بل وزعماء دول، من قبيل نادي «أس ميلانو»، الذي ترأسه في وقت من الأوقات، رئيس الحكومة الإيطالية، وقس على ذلك أندية إسبانية من قبيل قاديس، وسيفي، التي يسيرها منتخبون نواب للعمدة. وبالتالي، فهذا النقاش غير مطروح بالمرة في أوربا، وهنا أتساءل ما الذي يمنعني كرئيس فريق كروي من أن يكون طموحي أكبر في تسيير مدينة أو أكون وزيرا أو رئيس حكومة؟ أعتقد بأن الطموح السياسي مشروع، مادام بأساليب مشروعة، وإلا لماذا اعتمد المغرب تعددية حزبية، وسن في قوانين الأحزاب أن دورها هو تأطير المواطنين، وتولي الشأن العام المحلي والوطني؟ ثم كيف سيكون عليه الوضع لو تم حصر النشاط السياسي على فئة بشروط معينة؟ سنكون أمام جيل عقيم من الشباب، لم ينهل من جيل الرواد، لنقل وتطوير كفاءاته وقدراته السياسية في تولي الشأن العام، ثم ليعلم هؤلاء المنتقدون أن تسيير نادي كروي هو من أصعب المهام، حيث يراقب ويحاسب الرئيس عقب كل مقابلة كروية، في حين أن السياسي يمتحن كل خمس سنوات..
- لماذا انخرطت بالتحديد في حزب الاستقلال؟ وهل كانت هناك عروض حزبية أخرى؟
+ بكل وضوح، لأن حزب الاستقلال من أكبر التنظيمات الحزبية في البلاد، ثانيا لأنه حزب يشتغل بمنطق مؤسسة متعددة الجنسيات، فهو يشتغل بنظام الخلايا، كخلايا النحل، بنظام وانتظام، ثالثا، هو حزب عريق له تاريخ في الوطنية، ومواقفه واضحة، ويتولى قيادته شباب معطاء مخلص لوطنه.
- بالمقابل يطرح تخوف من أن يكون نادي المغرب التطواني تابعا لحزب الاستقلال، هل هو تخوف مشروع أم مبالغ فيه؟
+ بهذا المنطق علينا وضع حد لنظام التعددية الحزبية، لأنها تدنس الأندية الرياضية، وتلعب بعقول الناشئة الرياضية، اسمح لي، هذا «التخربيق»، هذا منطق خاطئ، ويصور السياسة وكأنها رجس من عمل الشيطان، ألم يتحدث صاحب الجلالة محمد السادس عن السياسة الرياضية؟ وإلا كيف يمكن تنزيل هذا المعنى؟ النشاط السياسي هو وسيلة لتحقيق المصلحة العامة، رياضيا وثقافيا واجتماعيا وفلاحيا.. لنفرض أن بعض السياسيين يخدمون مصلحتهم الخاصة، هل هذا يعني تقديم استقالتنا لهم، وتركهم يعيثون في الأرض فسادا؟ بالعكس ينبغي مزاحمتهم في النشاط السياسي، فكما هناك بعض الأشرار في السياسة هنالك أيضا الأخيار، وهنا يبرز مفهوم التدافع الحزبي.. وإلا، رجاء، دلوني على حزب الملائكة في الأرض..
- هل يمكن القول إن أشرف أبرون سيقود المصالحة بين حزب الاستقلال ومواطني الشمال، على خلفية أحداث دار بريشة في منتصف الخمسينيات من القرن السابق، والتي اتهم فيها الحزب بتصفية معارضيه من حزب الشورى والاستقلال؟
+ حزب الاستقلال قدم شهداء لبناء هذا الوطن ونيل استقلاله، وهناك رجال الشمال الاستقلاليين الذين قدموا الغالي والنفيس من قبيل المجاهد عبد الخالق الطريس والمقاوم محمد بنونة، وهناك مغالطات تاريخية ينبغي القطع معها. وشخصيا أعترف بأن حزب الاستقلال هو أقوى تنظيم حزبي في تطوان، ويتوفر على مقر في المستوى، بالله عليك، من هو التنظيم الحزبي الذي فكر في مستقبل وحاضر الرياضيين؟ إنه حزب الاستقلال من خلال مبادرته رابطة الرياضيين الاستقلاليين، إلى جانب العشرات من جمعياته الموازية في مختلف القطاعات الحيوية.. وفي الأخير نسمع بأن هناك من يدعو للتمييز بين النشاط الرياضي والنشاط السياسي..
- ألا تخشى أن تنعكس نتائج النادي سلبا على نشاطك السياسي، أو العكس؟
+ المغاربة ليسوا بالسذج، ولا يليق لأي كان أن يضعهم تحت الوصاية، فكرة القدم لا يحكمها منطق معين، والرضى الشعبي لا يرتبط بالنتيجة الإيجابية عقب كل مباراة. فكما يمكن للاعب أن يسجل الهدف من خارج مربع العمليات، يمكنه أن يضيع هدفا على بعد سنتمترات قليلة، الأهم هو بناء فريق كروي احترافي من التسيير إلى الجانب التقني، والجمهور يحاسب الفريق على وجود استراتيجية رياضية. أما النتائج الآنية، فهي محفزة وليست محددة.. شخصيا لما أوكلت لي رئاسة الفريق، لم يكن النادي التطواني يتوفر على ملعب واحد، اليوم يتوفر النادي على قرية رياضية بأربعة ملاعب كروية، زائد مركز التكوين، وهو ما لم يوفره المتعاقبون على تدبير الشأن المحلي، ولدينا تجارب مسيرين رياضيين أبلوا البلاء الحسن في تدبير الشأن العام بمناطقهم، من قبيل البرلماني حسن الدرهم، رئيس شباب المسيرة، والبرلماني مولود أجف، رئيس مولودية العيون وحسن الفيلالي رئيس اتحاد الخميسات، وبيضي رئيس يوسفية برشيد..
- هل هذا يعني أننا سائرون نحو نادي رياضي لكل حزب سياسي؟
+ وما العيب في ذلك، بل وأن يكون لكل حزب أندية في مختلف المجالات الرياضية، أليس القصد هو أن تكون بطولتنا الوطنية احترافية ومنتخبنا الكروي في مستوى التطلعات، ألا يمكن أن تكون الواجهة السياسية هي الوسيلة لتحقيق ذلك؟ شخصيا إذا كان نشاطي السياسي سيجعل من المغرب التطواني دائما في الصدارة، فمرحبا به من نشاط، وهنا أستحضر كيف أن هناك مدنا وأقاليم تصدرت الخريطة الوطنية بفعل وجود شخصيات تنتمي لها، من قبيل الراحل البصري في سطات، وبنعيسى في أصيلة، وأزولاي في الصويرة.. وقس على ذلك لو أن كل مسؤول وظف علاقاته من أجل الرفع بمدينته ومسقط رأسه، وفي جميع الأحوال أتمنى أن أكون عند حسن ظن الرأي العام الوطني سياسيا ورياضيا..
محمد الروحلي، صحافي رياضي
ما كان لبنكيران أن يسقط في هذا الخطأ الفادح
أكد الزميل محمد الروحلي، الصحافي الرياضي بجريدة «بيان اليوم»، أن فريق الوداد أكبر من أي نقاش حزبي، وينبغي أن تبقى كل الفرق الوطنية ملكا لجميع المغاربة دون خلفيات حزبية، فكما يجب الحفاظ على هذه التعددية الحزبية، ينبغي أيضا الحفاظ على هذه الرموز الرياضية
- كيف تقرآ اتهام عبد الإله بنكيران بسيطرة «بلطجية» مستعملين السيوف على رئاسة نادي فريق الوداد البيضاوي؟
+ ليس من المقبول والمستساغ أن يتحدث رئيس حكومة أو أمين عام حزب، عن فريق الوداد البيضاوي، بهذا الخطاب، أو عن أي فريق آخر، وإن كان قد استدرك في تصريحات موالية أنه لا يقصد فريق الوداد البيضاوي، وإنما يقصد بعض أعضاء التسيير المنتمين لحزب معين، مع أنه ما كان له أن يقع في مثل هذا الخطأ الفادح. فالوداد البيضاوي مدرسة وطنية في التربية الوطنية والتأطير الرياضي، وتكوين النشء على أسس مواطنة، وأدوارها بارزة في عهد المقاومة وفجر الاستقلال.. السؤال الذي ينبغي أن يطرح هل حافظ مسيرو النادي على روح الوداد من حيث كونها مدرسة وطنية في التأطير الرياضي؟ طبعا الوضع القائم في الوداد البيضاوي، لا يرضى به أحد، كما لا يقبل أي ودادي غيور أن يقحم النادي في صراعات حزبية انتخابوية.
لكن هذا لا يعني أن رئاسة نادي الوداد ومكاتبه المسيرة على امتداد تاريخ النادي الأحمر، كان بعيدا عن الانتماء الحزبي لأعضائه، فمنذ المقاومة شكل البيت الأحمر محضنا للمقاومة السلمية، وعلى مر التاريخ تعاقب عليه رجال أعمال وقادة حزبيين، ولكنهم كانوا يحرصون على فصل الرياضة عن السياسة، ولم يكونوا يستغلون الرياضة لركوب مواقع حزبية وانتخابية، أو تحويل النادي لملحقة حزبية. مثلا الراحل عبد الرزاق مكوار رحمه الله، كان ينتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، لكن اللون الرياضي كان هو الغالب في تسييره للنادي، ونفس الأمر بالنسبة لنصر الدين الدوبلالي المنتمي للحركة الشعبية، والطيب الفشتالي، المنتمي لحزب الاستقلال، وبعده أحمد زكي المنتمي لحزب التقدم والاشتراكية، ومجموعة من الأساتذة المحامين الذين ينتمي بعضهم للاتحاد الاشتراكي ومنظمة العمل سابقا.
ما يقال عن الرؤساء، يقال عن أعضاء المكتب المسير، من سياسيين وديمقراطيين، كانوا يميزون بين قبعتهم الرياضية والسياسية، خصوصا في سنوات التسعينات، بحيث لم يحولوا النادي لورقة انتخابية أو أي شكل من أشكال الابتزاز السياسي، بل كانوا يحرصون على بقاء الوداد على الحياد، لأنه الفريق الأحمر ملك لكل المغاربة.
- كيف هو الوضع حاليا من حيث العلاقة بين الرياضي والحزبي في نادي الوداد البيضاوي؟
+ جيل الرواد الرياضيين كان يعي هذا الربط الخاطئ، ولم يسقط في هذا الفخ، أما الجيل الحالي فللأسف لم يفهم هذا المعنى في فصل الرياضة عن الحزب، وهكذا أصبحت الوداد البيضاوي ورقة للمزايدة السياسية وقبلة للتهافت الحزبي، والاستهلاك الانتخابي، كان على بنكيران أن يسير في هذا النقاش دون استعمال لمصطلحات من قبيل السيوف والبلطجة، وربطها بالوداد الرياضي، وكأن باقي الفرق الرياضية، لا يوجد على رأسها أو في مكتبها حزبيون..
- يعني أن بنكيران فعلا وضعه أصبعه على مكمن المشكل؟
+ أنا فعلا مع طرح روح المشكل، لكني غير متفق مع طريقة الطرح، والتي كانت فظة، وأساءت لقاعدة عريضة من الوداديين الذين يرون في ناديهم منارة وطنية رياضية بعيدا عن التجاذبات الحزبية. بالمقابل هناك من الوداديين من اعتبر أن حديث بنكيران كان في الصميم، مطالبين بالحفاظ على الطابع الرياضي لناديهم واستقلاليته، لأن من يستعمل الورقة الرياضية لبلوغ مآرب انتخابية، مآله الفشل، والأمثلة كثيرة في هذا الصدد، حيث كانت هناك شخصيات نافذة في البلاد وصانعة للقرار السياسي والحزبي، لكن عندما دخلت للمجال الرياضي اندحرت، وكان خروجها من الباب الضيق، وأتذكر كيف انتفضت فئة كبيرة من الرجاويين بداية التسعينات قصد تخليص الرجاء من استمرار سيطرة الاتحاد الدستوري، رافضين هذه الازدواجية وأحيانا الاستغلال، ونجحوا في ذلك بطريقة لم تسيء للمسيرين المعروفين بحبهم للنادي، كما لم تزعزع استقراره، أي أن الأمور مرت بسلاسة بفضل حنكة مجموعة من رموز النادي الذين تميزوا بالحنكة والتروي، وقد رأينا كيف فشل الرئيس السابق للرجاء عبد الله غنام الذي ترشح خلال التسعينات باسم التجمع الوطني للأحرار بدرب السلطان معقل الرجاء الرئيسي، لكنه لم يكسب الرهان، وهذه حقيقة أخرى، وهى أن الرياضة ليست دائما ورقة انتخابية صالحة لكل مكان وزمان.
- لكن ما العيب في أن يمارس أي مواطن كان، جمعويا أو حزبيا أو رجل أعمال.. حقه في التسيير الرياضي، مادام أن الاحتكام يكون لصندوق الاقتراع؟
+ مسألة صندوق الاقتراع في المجال الرياضي، فيها نظر، مادام أن الكتلة الانتخابية من المنخرطين في هذا النادي أو ذاك، تتحكم فيهم معطيات أخرى، يعني أن «الخدمة» تكون في الجموع العامة، وهناك مطالب بضرورة مراجعة قوانين الانتخابات وطريقة الجموع العامة داخل التنظيمات الرياضية، وللأسف ليس لدينا في المغرب بروفيل معين للمسير الرياضي، ويمكن لأي كان أن يتولى هذا المنصب بطرقه الخاصة، وهناك أشخاص مشبوهين أصبحوا بقدرة قادر مسيرين لفرق رياضية لها نفوذ شعبي كبير، وهذا أمر خطير يجب الانتباه له.. الأكيد أن فريق الوداد أكبر من هذا النقاش الحزبي، وينبغي أن تبقى كل الفرق الوطنية ملكا لجميع المغاربة دون خلفيات حزبية، فكما يجب الحفاظ على هذه التعددية الحزبية، ينبغي أيضا الحفاظ على هذه الرموز الرياضية التي لعبت ومازالت أدوارا كبيرة في التربية الوطنية رياضيا، لأن التهافت الحزبي على الأندية الرياضية يشكل خطرا على النظام العام، وإلا لنحول هذه الأندية لقطاعات أو ملحقات حزبية، وأعرف أصدقاء يرفضون السماح لأبنائهم بالانتماء لمدرسة بعض الفرق لأنه تحت سيطرة هذا الحزب أو ذاك، كما أعرف فريقا أصبح رئيسه يزايد بشعبيته الرياضية في المحطات الانتخابية، وفي كل محطة يغير لونه الحزبي، هذا أمر منبوذ، ينبغي القطع معه.
والغريب في الأمر أن الاهتمام المناسباتي للأحزاب بالتنظيمات الرياضية سواء على مستوى الأندية أو الجامعات لا ينعكس على برامجها أو البدائل التي تطرحها في أطروحاتها والحلول التي تقترحها في تعاطيها مع الشأن العام، إذ يلاحظ غياب شبه كلي للأحزاب عندما تطرح قضايا القطاع ضمن النقاشات العامة سواء داخل قبة البرلمان أو خلال الندوات والمناظرات، كل ما هناك اجتهادات فردية بحكم انتماء هذا العضو أو ذلك للمجال، لكن لا يرقى ذلك إلى مستوى البرامج السياسية المدققة والمحددة الأهداف والغايات، والذي يمكن أن يدخل ضمن الإستراتيجية العامة للدولة.
ونلاحظ هذا الارتباك لحظة حصول هزيمة مخجلة أو فضيحة مدوية، إذ تفرض على الفرق البرلمانية وأعضاء اللجان التحرك الغرض منه الاستفادة من درجة الاهتمام التي تصل بالمناسبة إلى أعلى الدرجات، حيث تكثر التدخلات والنقاشات والمطالبة بالحساب والأسئلة الشفوية والخطب الرنانة، لكن بمجرد انتهاء الاهتمام الشعبي بالموضوع ينتهي كل شيء.
وهنا نسترجع المناظرة الوطنية حول الرياضة بالصخيرات التي نظمت خلال شهر أكتوبر من سنة 2008 بمبادرة من نوال المتوكل، رغم المعارضة التي لقيتها الوزيرة من طرف شخصية نافذة تتحمل مسؤولية مباشرة داخل القطاع، هنا تليت الرسالة الملكية الشهيرة والتي حملت كل العبارات الإدانة لهذا القطاع الحيوي المتعدد الأبعاد، يومها كان عباس الفاسي هو الوزير الأول، وقد هيأ تدخلا باسم الحكومة، لكن بمجرد أن تلا محمد معتصم بصفته مستشارا لجلالة الملك نص الرسالة والتي جاءت قوية وصادمة، سكت عباس عن الكلام المباح، وأجبر على سحب تدخله، بعدما تبين له أن ما سيقوله ربما من إطناب سيتعارض مع ما قاله الملك من حقائق ومعطيات مؤلمة، رسالة أشفت حقيقة غليل أغلب الأوساط الرياضية.