رحيل أحمد بنجلون..الدموع تنهمر من العيون يذكرني بتراجيديا المغرب الكبيرة..أحمد بنجلون من المناضلين الحقيقيين الذين هم أبطال بلا مجد، يذكرني بالبيت الشعري الجميل للراحل محمود درويش " في كل شيء كان أحمد يلتقي بنقيضه " أحمد بنجلون كان يلتقي بكل النقائض في مسيرته اليومية، هو إبن عائلة مناضلة وأخ الشهيد عمر بنجلونن هو قائد من قادة اليسار المغربي، واجه نظام الديكتاتورية القديم، واجه كل المراحل، رجل مثقف، عنيد، صنديد، أنا عرفته في مساري منذ كنت طالبا، كنت أسمع بعمر بنجلون وأحمد بنجلون، عمر صاحب الوردة وأحمد صاحب السيف. في ماي 1968 كان احمد بنجلون الطالب الذي درس عند جون بول سارتر، الناضل الذي كان يفكر بكل جوارحه في إخراج الشعب من حالة التخلف. كان يعتبر بأن هذه الأرض تتسع للجميع من الشيخ حتى الرضيع، لايمكن ان تكون فقط حكرا على بضعة من الرؤوس تجمع المال وتجمع السلطة، أحمد بنجلون كان أكثر من ذلك..كان دائما في عناده الثوري، كان دائما يفكر في سؤال جوهري ، كان دائما يقول لنا هل الشعب قادر أن يكون ثوريا في كل اللحظات ، هل الشعب مستعد لتقبل الديمقراطية حينما نؤسس الديمقراطية . هذا الرجل الذي فقدناه اليوم مثل أولئك الأبطال التاريخيين للأسطورة اليونانية، لن أزايد على أحد اذا قلت اليوم إن رحيل أحمج هو خسارة كبرى، أحمد لم يسعد في حياته إلا بلحظات قليلة، خبر السجون، خبر المنافي، خبر المتابعات، خبر الحرمان ، خبر فقدان الأخ ، خبر قساوة الطبيعة ، قساوة السلطة السياسية وكان دائما يتقن اللعب على الكلمات ويصنع الإستعارات، كان دائما يبعث الحياة في الناس، فحينما يكون مع الشاب يكون شابا، وحين يكون مع الشيخ يصبح أكبر من الشيخ، أحمد عربون الحياة. أنا لن أثق ولن أتقبل أن أحمد قد ذهب. أحمد كان البداية..أحمد كان النهاية..أحمد هو خيمتنا الأخيرة. اليوم نحن محتاجون الى هذه الهامات الكبيرة التي تعيد الإعتبار للعمل السياسي ولمعنى الحياة ولفلسفة الحياة ..الله يرحمه..الله يرحمه..الله يرحمه ..
عبد الرحيم تافنوت، إعلامي