الكاتب المغربي، عثمان بن شقرون: "شارلي ايبدو" احترقت بالنار التي كانت تلعب بها

الكاتب المغربي، عثمان بن شقرون: "شارلي ايبدو" احترقت بالنار التي كانت تلعب بها

الغرب كمنظومة فكرية وحضارية تحمل تناقضات بنيوية صارخة، الغرب الذي أنتج خطابات وقيم حقوق الإنسان وقيم التعايش وقبول الآخر المختلف، هو الغرب الاستعماري الذي سعى إلى إبادة الآخر وطمس هويته الدينية والثقافية واستنزاف خيراته. هذا الغرب لم يتوقف أبدا في التعامل بهذه الازدواجية القاتلة مع غيره. وإن اختلفت الوسائل، فمفاهيم كصراع الحضارات ومحاربة الإرهاب، صناعة غربية تدخل ضمن استراتيجية الهيمنة وبسط النفوذ والقضاء على أي شكل من أشكال الممانعة والانفكاك من التبعية. ولا يمكن قراءة حادثة "شارلي إيبدو" إلا في هذا السياق. هذه الحادثة التي يلفها غموض كثير وألغاز محيرة، تحمل توقيع المستفيد الأول، مما سيترتب عنها من سن قوانين تتنافى ومبادئ الديمقراطية في المجتمعات الأوربية أولا، والتي لا يمكن لشعوب أوربا أن تقبلها إلا في ظروف طارئة مماثلة. وثانيا تحقيق أجندة الصهيونية العالمية والتي ليس لها من عدو سوى الإسلام ورموزه، خصوصا أنه أصبح ديانة عدد لا يستهان به من الأوربيين. فاعتقادي أن "شارلي إيبدو" أصرت على زرع الحقد والكراهية والعنصرية ومست معتقد ملايين من البشر تحت ذريعة حرية التعبير، فبدت بذلك وكأنها تلعب بالنار فكانت أول من احترق بها، والآن يحترق بها مسلمو أوروبا من جراء ردود أفعال همجية تطال الأخضر واليابس. فالإرهاب لا دين له وقتل النفس البشرية لا مبرر له.

بعض الدول العربية هرولت إلى حضور مظاهرة باريس وكأنها تستجدي صك براءة من هذا الفعل الشنيع، فكان المشهد عبثيا إلى حد بعيد. شخصيا لم أستسغ حضور رئيس حكومة الكيان الصهيوني جنبا إلى جنب مع رئيس السلطة الفلسطينية. إنه شكل من أشكال خلط الأوراق وتقديم الجلاد في صورة ضحية. في الوطن العربي حاليا لا يمكن للنخب السياسية والحزبية أن تكون سباقة إلى اتخاذ مبادرة الرد على الإساءة، نظرا لصعوبة المرحلة التي تمر بها معظم البلدان العربية، حيث أغلبية الأنظمة في حاجة ماسة إلى تزكية الدول الغربية، ونظرا لكون معظم القرارات السياسية المتعلقة بالسياسة الخارجية ليست من اختصاصاتها.

بالنسبة للمغرب لا يخفى أن الأحزاب الآن قد بدأت تستجمع قواها، لأن الانتخابات قد أضحت على الأبواب، وقضية كهاته لا يمكن أن يستثمرها إلا أحزاب ذات مرجعية دينية كحزب النهضة و الفضيلة الذي كان سباقا إلى إصدار بيان للرد على الإساءة للرسول الكريم، والأيام القادمة ستشهد لا شك حركة رد على هذه الإساءة بعد أن تهدأ العاصفة. أما المثقف العربي فهو خارج التغطية.ولا يفوتني بهذه المناسبة إلا أن أثمن عاليا موقف المغرب الذي أدان الهجوم وقدم التعزية لأنه يؤمن بالحق في الحياة للجميع لكن قاطع مسيرة التضامن الدولي مع صحيفة "شارلي إيبدو"  لأن شرط عدم الإساءة للرسول الكريم في المسيرة لم يتحقق بسبب  (رفع الرسومات المعلومة خلال تلك المسيرة).