أثار جدل أسعار ولوج حديقة الحيوانات بعين السبع النقاش على تدبير عدد من الفضاءات العمومية بجماعة الدار البيضاء.
وذلك مع لجوء الجماعة إلى تفويض تدبير عدد منها لمستثمرين وشركات من القطاع الخاص، بدعوى التأهيل والتحديث وتحسين جودة الخدمات.
ويستحضر هذا الجدل حالات سابقة منها المسبح السابق بمركب زناتة، بالطريق الساحلية عين السبع، الذي كانت ترتاده الساكنة البيضاوية ب20 درهم الى 25 درهم نهاية الأسبوع، وبعد تفويض استغلاله للمستثمرين الخواص، ارتفعت أسعار ولوج المسبح إلى 100 درهم.
وبالتالي هذا التوجه على حساب القدرة الشرائية للمواطنين، الذي كان من المفترض أن ينعكس إيجابًا على الساكنة، أفرز واقعًا مقلقًا يتمثل في الارتفاع اللافت لأسعار الولوج إلى مرافق وفضاءات عمومية. مما يطرح تساؤلات جوهرية حول حدود منطق الاستثمار في مرافق عمومية، وحول مسؤولية مجلس جماعة الدار البيضاء في حماية الحق في الولوج المنصف إلى هذه الفضاءات، وضمان عدم تحولها إلى عبء إضافي يثقل كاهل القدرة الشرائية للبيضاويين.
في هذا السياق، اوضح علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك وعضو بالجامعة المغربية لحقوق المستهلك، ل"أنفاس بريس" قائلا: "على إثر الافتتاح الرسمي لحديقة الحيوانات بعين السبع يوم الاثنين 29 دجنبر 2025، وبعد توصلنا بشكايات المواطنين، ولا سيما الأسر ذات الدخل المحدود، نعبر عن استيائنا الشديد من الارتفاع غير المبرر لأسعار تذاكر الولوج إلى هذا المرفق، الذي كان من المفروض أن يشكل متنفسا ترفيهيا واجتماعيا في متناول جميع فئات الساكنة، خاصة الأطفال والعائلات.
وإننا، إذ نذكر بأن هذا المرفق كان في السابق تابعا للجماعة الترابية ويقدم بأسعار رمزية، نعتبر أن انتقال تدبيره إلى الخواص لا يمكن أن يكون مبررا لإقصاء الفئات الهشة من حقها في الاستفادة من المرافق العمومية ذات الطابع الاجتماعي".
واكد شتور أن القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة يقر مبدأ حرية تحديد الأسعار، غير أن هذه الحرية ليست مطلقة، بل تبقى مقيدة بعدم المساس بالتوازن الاجتماعي، وبضرورة احترام الطابع العمومي لبعض الخدمات، خاصة تلك الموجهة للأطفال والأسر، والتي لا يمكن إخضاعها لمنطق الربح المجرد.
كما سجل أن قانون حماية المستهلك رقم 31.08 يهدف بالأساس إلى حماية المصالح الاقتصادية للمستهلك وضمان حقه في الولوج إلى الخدمات بشروط شفافة ومعقولة، والتصدي لكل الممارسات التي من شأنها الإضرار بالقدرة الشرائية أو استغلال وضعية الهشاشة.
ومن هذا المنطلق، فإن الزيادات المفرطة في أسعار الولوج إلى حديقة الحيوانات، وكذا الرفع المهول في سعر ولوج المسبح المتواجد بساحل عين السبع من 20 درهمًا إلى 100 درهم، تشكل مساسا واضحا بمبدأ الإنصاف الاجتماعي، وتطرح علامات استفهام حول مدى احترام دفتر التحملات، وحول دور الجهة المفوضة في مراقبة الأسعار وجودة الخدمات.
وطالب رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، مجلس المدينة، بصفته الجهة الوصية، بالتدخل العاجل لمراجعة هذه الأثمنة وإقرار تسعيرة اجتماعية تراعي القدرة الشرائية للمواطنين وضمان عدم استغلال الطابع العمومي لتحقيق أرباح على حساب حق المواطنين.
وأكد شتور على ضرورة إشراك المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك في تتبع وتقييم تدبير المرافق العمومية المفوضة.
وخلص محاورنا بالقول أن الترفيه ليس امتيازا، بل حق اجتماعي، ولا يمكن القبول بأن يتحول إلى عبأ يثقل كاهل الأسر، خاصة بعد انتظار طويل لافتتاح هذه المرافق.