في موقف يعكس توترا متزايدا داخل أسرة العدالة، أعلنت جمعية هيئات المحامين بالمغرب رفضها القاطع للصيغة النهائية لمشروع القانون رقم 6-23 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، مطالبة بسحبه والعودة إلى النسخة التي تم التوافق بشأنها خلال جولات الحوار السابقة مع وزارة العدل.
وشدد بلاغ صادر عن مكتب الجمعية، توصلت جريدة "أنفاس بريس" بنسخة منه، عقب اجتماع طارئ عقد يوم الثلاثاء 23 دجنبر 2025 بالرباط، على أن الصيغة التي توصلت بها الجمعية من الأمانة العامة للحكومة "تناقض ما أفضت إليه جلسات الحوار السابقة" وتُخل بالتزامات الأطراف المعنية تجاه مبدأ التشاركية والتوافق الذي تم الاتفاق على اعتماده أساسا لإصلاح المهنة.
وأعرب المكتب، برئاسة النقيب الحسين الزياني، عن استغرابه مما وصفه بـ"الإخلال الواضح بالالتزامات السابقة"، معتبرا أن المشروع الحالي يحمل “مساسا خطيرا بالمبادئ الكبرى لمهنة المحاماة وعلى رأسها استقلاليتها”، وهو ما من شأنه أن يهدد التوازن القائم بين أطراف المنظومة القضائية.
وأشار البلاغ إلى أن الحوار بين الجمعية ووزارة العدل انطلق في سياق ما وصِف بـ"الحراك المهني الشامل" الذي شهده قطاع المحاماة خلال العامين الأخيرين، وجرت وساطته عبر قنوات برلمانية بهدف التوصل إلى صيغة إصلاحية توافقية تراعي مكانة المهنة ودورها في صون العدالة والدفاع عن الحقوق والحريات.
واعتبرت الجمعية أن استئناف الحوار على أساس التوافقات السابقة هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمة، داعية الحكومة إلى “العودة إلى الصياغة التي حظيت بالتوافق خدمةً للمهنة والعدالة والوطن”.
ويرى مراقبون أن هذا الموقف يعيد إلى الواجهة الاحتقان المتجدد بين الجسم المهني ووزارة العدل حول مضامين الإصلاح التشريعي لمهنة المحاماة، بعد أشهر من محاولات التقريب والتشاور.
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه هيئات المحامين في عدد من المدن المغربية حراكا متزايدا، يتوزع بين اجتماعات تشاورية وبيانات تضامن مع الموقف الذي أعلنته الجمعية الوطنية. ويؤكد محامون أن استقلالية المهنة وضمان دورها الحقوقي والرقابي تشكل خطوطا حمراء لا يمكن المساس بها، مهما كانت دوافع التعديل التشريعي.
وبينما تواصل وزارة العدل التزام الصمت حيال الموقف الجديد للجمعية، تتجه الأنظار إلى ما إذا كانت الحكومة ستستجيب لمطلب سحب المشروع الحالي واستئناف التفاوض حول صيغة بديلة، أم ستتمسك بالنسخة المعروضة على الأمانة العامة للحكومة، ما قد يفتح الباب أمام تصعيد مهني واحتجاجات جديدة في وسط العدالة.