لم يخطئ الزميل رشيد نيني حين اعتبر الأمطار أحسن قاضي لمحاسبة التقصير في تدبير المدن بالمغرب.
إذ بقدر ابتهاج المغاربة لغزارة المطر الذي تهاطل، بقدر امتعاضهم من الخيبة التي تولدت لديهم بسبب فضح الأمطار للوضعية الكارثية للبنية التحتية بالعديد من المدن المغربية.
نعم، الأمطار الطوفانية أو الغزيرة تتهاطل في كل مدن العالم، وتصيب البنى التحتية لهاته المدن بالتلف، بل وتتسبب في الدمار أحيانا. لكن الفرق بين "هنا" و"هناك" كبير وسافر. فالسلطات والفرق التقنية "هناك" تتدخل في الوقت الملائم وتصلح العطب، وتعيد الحالة إلى ماكانت عليه في أجل معقول و"مقلول". بينما نلاحظ، بمدن المغرب، تباطؤ الفرق التقنية في التدخل؛ وحتى إن تدخلت، يكون الترقيع هو السمة الغالبة. والمواطن المغربي اللبيب لا تعدمه الأدلة للبرهنة على ذلك.
وكلما طرح علي سؤال لماذا هناك فرق بين "هنا" و"هناك"، أستشهد بنموذج كندا في سرعة التجاوب والتفاعل، لدرجة أن مدينة "تورنتو" الكندية تتربع على عرش المدن كونيا من حيث عدد الحفر بالشوارع الناجمة عن تسرب مياه الأمطار، حيث تسجل بها حوالي 120 ألف حفرة nids-de-poule سنويا، تليها مدينة مونتريال بإقليم الكيبك الكندي التي تشهد تقريبا 99.000 حفرة بالشوارع بسبب المطر وذوبان الثلج وتبعات الملح المستعمل في فصل الشتاء.
لكن بالمقابل نجد مدينتي "تورنتو" و"مونتريال"، هما المدينتان الأسرع عالميا في التدخل لتعبئة الفرق التقنية لإصلاح الحفر بالشوارع. إذ في شهر تقريبا تتمكن كل مدينة من إعادة الأمور إلى نصابها بنسبة جد محترمة.
كمثال على ذلك، فالمصالح التقنية لمدينة "مونتريال" تتمكن من إصلاح 8462 حفرة في شهر واحد بشوراع المدينة، أي ما يعادل 325 تدخلا تقنيا في اليوم الواحد.
ترى هل لدى مسؤولي مدن المغرب، الجرأة ليعلنوا للرأي العام كم من تدخل أنجزته الفرق التقنية في اليوم لإصلاح الحفر والأخاديد بالشوارع بهاته المدينة أو تلك؟ وهل لديهم الجرأة لإنشاء تطبيق application يطلع من خلاله المواطن على مكان وزمان التدخل التقني بكل مدينة معنية؟ وهل يملك مسؤولو مدن المغرب الشجاعة ليخبروا الرأي العام بكلفة إصلاح كل حفرة؟ وهل سيتحلون بالشفافية المطلقة ليكشفوا حجم الخسائر التي لحقت بالأسر وبسائقي السيارات والحافلات والدراجات النارية، من جراء الضررالذي يصيب السيارات والدراجات بسبب تآكل الشوارع والأزقة وانتشار الحفر والأخاديد التي تتسبب فيها آليات الحفر التابعة للفاعلين في قطاع الاتصالات وشركات البناء والإنعاش العقاري؟
إن لم يتمكن مدبرو مدن المغرب من الجواب على هذه الأسئلة، فليتحلوا على الأقل بحد أدنى من الأخلاق ليمتنعوا عن جباية رسم الضريبة السنوية للسيارات ( vignette) من المواطن، أو في أضعف الحالات، ليرفعوا ملتمسا للحكومة يقضي بتجميد نهش جيوب السائقين بمبرر أداء "لافينييت" السنوية، إلى حين إصلاح الشوارع والطرقات والأرصفة بمدننا !!
وإن عجزوا، فليرخصوا لنا بالمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة بكندا لنصوت ( بالمراسلة أو إلكترونيا)، على من "لديهم فعلا الكبدة" على مدنهم وعلى بلادهم !!
والله أعلم!