دعا مشاركون في ندوة فكرية احتضنها المركز السوسيو–رياضي للقرب بمدينة آزرو، إلى تفعيلٍ ديمقراطي حقيقي للحكم الذاتي، يربط بين الإنصاف اللغوي والثقافي والتنمية المستدامة، ويعزز العدالة المجالية والوحدة الوطنية.
الندوة، التي نظمتها الجمعية الإقليمية الدار الكبيرة بشراكة مع التجمع العالمي الأمازيغي تحت عنوان «الحكم الذاتي والأمازيغية: القرار الأممي وسؤال الهوية والتنمية في المغرب»، عرفت مشاركة باحثين وحقوقيين وفاعلين مدنيين ناقشوا أبعاد الحكم الذاتي من زوايا الهوية والجهوية المتقدمة والحكامة الترابية.
وركزت مداخلات المشاركين على اعتبار الحكم الذاتي خيارا ديمقراطيا يتيح تدبيرا محليا فعالا دون المساس بالسيادة الوطنية، مؤكدين أن الجهوية الموسعة ينبغي أن تنتقل من الإطار الشكلي إلى ممارسة حقيقية تمنح الجهات صلاحيات تشريعية وتنفيذية واضحة.
ابن الشيخ: ميثاق تامازغا مرجعية ديمقراطية
أكدت رئيسة التجمع العالمي الأمازيغي أمينة ابن الشيخ أن ميثاق تامازغا يمثل مرجعية فكرية لفهم الحكم الذاتي باعتباره شكلا من تقرير المصير الداخلي، لا يتنافى مع وحدة الدولة. وشددت على أن الإنصاف اللغوي والثقافي مدخل لتحقيق العدالة المجالية والتنمية المستدامة، داعية إلى تجاوز الطابع الإداري للجهوية نحو نموذج مجتمعي تشاركي.
راخا: تجاوز “المغرب بسرعتين”
من جهته، اعتبر الرئيس الدولي للتجمع العالمي الأمازيغي رشيد راخا أن معالجة التفاوتات المجالية والاجتماعية تتطلب إرادة سياسية تكرس العدالة المجالية وتربط التنمية بالخصوصيات المحلية. وأكد أن الاعتراف بالتعدد الثقافي واللغوي، وفي مقدمته الأمازيغية، عنصر أساسي لتحقيق اندماج وطني متوازن.
عقاوي: المجتمع المدني فاعل حاسم في النجاح
أما رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام عيسى عقاوي، فأبرز في مداخلته أن نجاح أي نموذج للحكم الذاتي رهين بوجود مجتمع مدني قوي قادر على الترافع والمساءلة والتأطير، مشددا على ضرورة نقل فعلي للاختصاصات والموارد إلى الجهات وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
حجيج: تعزيز الهوية الوطنية في مواجهة الانفصال
بدوره أشار الباحث الجامعي حسن حجيج إلى أن النزاع حول الصحراء المغربية لا يمكن فصله عن البعد الهوياتي، مبرزا أن هوية الصحراء متعددة الروافد تتقاطع فيها المكونات الأمازيغية والحسانية والعربية والإفريقية، ما يجعل مشروع الحكم الذاتي إطارا مناسبا لتعزيز الوحدة الوطنية في ظل التعدد الثقافي.
وشهدت الندوة تفاعلا ونقاشا واسعا من الحضور حول إشكاليات الهوية والعدالة المجالية وأدوار المجتمع المدني في ترسيخ الديمقراطية التشاركية.
واختُتم اللقاء بالدعوة إلى مواصلة الحوار الوطني حول الحكم الذاتي باعتباره مدخلا لبناء نموذج جهوي متوازن يحقق التنمية ويصون الوحدة والسيادة الترابية للمملكة.