احتضنت مدينة العيون، مؤخرا، لقاء تواصليا جمع بين شباب المدينة والمندوبية الجهوية لمؤسسة وسيط المملكة بجهة العيون الساقية الحمراء، في إطار إطلاق برنامج "الشباب والمؤسسات: من المواطنة إلى الدبلوماسية" الذي تشرف عليه منظمة الشباب للتعاون الدولي، والرامي إلى فتح أبواب المؤسسات الدستورية أمام الأجيال الصاعدة وتعزيز فهمها العملي لأدوار هذه الهيئات.
جاء اللقاء في لحظة يتصاعد فيها النقاش وطنياً حول علاقة الشباب بالمؤسسات الدستورية وحدود الثقة والاطلاع على اختصاصاتها، خاصة في الجهات الجنوبية التي تعرف زخما من المبادرات المواطِنة.
ويهدف البرنامج إلى الانتقال بالشباب من تمثل نظري لمفهوم المواطنة إلى ممارسة قائمة على المعرفة والمؤسسات، من خلال الاحتكاك المباشر بالهيئات المكلفة بحماية الحقوق والإنصاف وربط المسؤولية بالمحاسبة.
في كلمته الافتتاحية، قدّم رئيس منظمة الشباب للتعاون الدولي أسامة الكتواتي رؤية المنظمة القائمة على التحول من خطاب المطالبة المجردة بالحقوق إلى منطق المشاركة الواعية في تقوية المؤسسات الضامنة لها، مؤكداً أن التحدي اليوم هو تمكين الشباب من أدوات الفهم المؤسساتي عوض الاكتفاء بخطاب الاحتجاج.
من جهته، استعرض الدكتور الشريف العروصي، المندوب الجهوي لمؤسسة وسيط المملكة، المهام الدستورية للمؤسسة في الوساطة وحماية حقوق المواطنين في علاقتهم بالإدارة، مشددا على أن انفتاح هذه المؤسسة على الشباب أصبح ضرورة لتعزيز الثقة وترسيخ ثقافة الحوار والتواصل المباشر.
النقاش المفتوح الذي أعقب العروض الرسمية شكّل لحظة مركزية في اللقاء، حيث طرح المشاركون أسئلة تفصيلية حول كيفية ولوج المواطنين إلى خدمات وسيط المملكة، ومساطر تتبع الشكايات، وحدود تدخل المؤسسة في النزاعات الإدارية.
هذا التفاعل نقل الحوار من مستوى التعريف العام باختصاصات المؤسسة إلى مساءلة عملية تلامس الإشكالات اليومية التي يواجهها المرتفقون مع الإدارات العمومية، ما منح للموعد بعدا بيداغوجيا وعمليا في آن واحد.
يبرز هذا الحدث تحوّلا نوعيا في طبيعة المبادرات الشبابية بالأقاليم الجنوبية، من أنشطة رمزية إلى فضاءات تفاعل مؤسساتي مباشر تعيد تعريف المواطنة باعتبارها ممارسة قائمة على المعرفة والمساءلة والحوار.
كما يعكس اختيار مدينة العيون لانطلاق البرنامج توجها نحو كسر مركزية المبادرات المؤسساتية، وإبراز الجهات كمنطلق لبناء دبلوماسية مواطِنة وقيادة شبابية قادرة على تمثيل المغرب وقضاياه العادلة في الفضاءين الوطني والدولي.
من المنتظر أن يتواصل هذا المسار عبر زيارات ميدانية لمؤسسات دستورية أخرى وبرامج تكوينية موازية، تروم تمكين الشباب من مهارات الفهم القانوني والتواصل المؤسساتي والعمل الدبلوماسي الموازي.
ويراهن القائمون على المبادرة على جعل الشباب شريكا فعليا في مسار التنمية الديمقراطية، وربط الأجيال الصاعدة مباشرة بمنظومة الحكامة، بما يسهم في تحصين الثقة بين المواطن والإدارة وترسيخ ثقافة الحقوق والواجبات داخل الفضاء العمومي.