لا يجب أن يمر النقاش الدائر بين إخواننا الفضلاء من الأقاليم الجنوبية بمختلف توجهاتهم السياسية والقبلية، حول شروط وظروف الحكم الذاتي المنتظر، بدون تشغيل خلايانا الناعسة من اجل الإسهام بكل ما من شأنه إغناء النقاش وتعميمه في سبيل إنتاج قرارات ومواقف توفر الحد الأدنى من الجودة وضمانات وحدة الأمة المغربية.
تصريحات حمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وتصريح المحجوب السالك، عضو جبهة البوليساريو سابقا المنحدر من جهة واد نون، تشكل إضافة لبعض الردود في الموضوع، قاعدة هذه المساهمة المتواضعة في النقاش.
إذا كان الطرف الأول يحصر جغرافية الحكم الذاتي في جهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب، فإن الطرف الثاني يعتبر هاتان الجهتان امتدادا جغرافيا وثقافيا وبشريا لواد نون، وبالتالي يصعب فصلهما وحتى مجرد التفكير في الأمر.
في رأي اعتبره صاحبه ( عوبا مولاي السالك ردا اكاديميا صارما على المحجوب السالك فكان مجانبا للصواب والموضوعية ، حينما تجاهل كون مشروع الحكم الذاتي الذي تبنته الأمم المتحدة هو عرض مغربي خالص، أكد المغرب من خلاله استعادة لتطويره في إطار الديناميكية التي اطلقها مجلس الأمن الدولي في قراره الاخير رقم 27-97 مع كل أطراف النزاع في إطار التوجه العام للتقسيم الترابي والإداري للمملكة والجهوية الموسعة التي كان لها فعلها في مواقف المنتظم الدولي من النزاع المصطنع في الصحراء.
المعطى الثاني يتجسد في ما حاول عوبا مولاي السالك، إنكاره وهو يحصر علاقة المغرب السياسية مع صحراءه. جغرافيا، في الأقاليم شمال خط العرض 4027 ومن ضمنها واد نون، ويتجاهل الحقيقة التاريخية المتمثلة في علاقة البيعة وهي علاقة سيادة في مفهوم العلاقات الدولية الحديثة، وتتمثل كذلك في العلاقات الثقافية والدينية وفي امتداد حدود الإمبراطورية الشريفة إلى نهر السينغال وتومبوكتو، خلال حقبة ما قبل الاستعمار، المنطقة الجغرافية التي تشكل اليوم اقاليم سنة في التنظيم الترابي والإداري للمملكة كانت دوما ارضا مغربية تاريخيا، في امتدادها الجغرافي والسكاني والثقافي والدينية.
ان منطلقات عوبا من الجغرافية الموروثة عن الإستعمار تهدمها ديناميكية استرجاع المغرب لأراضيه المسلوبة بدءا من معركة التحرر من الحماية الفرنسية ، فاسترجاع أقاليم طرفاية وسيدي إفني، إلى حين الوصول إلى الوضع الحالي واسترجاع اقاليم جهات العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب.
إنه من غير المنطقي وغير الواقعي عدم أخذ عوامل تداخل الانتماء القبلي والثقافي والاقتصادي و الجغرافي في معالجة هذه المسألة الترابية، في إطار وحدة وطنية تجد قوتها وصلابتها في اختلافها وتعدد روافدها وتنوع مواردها البشرية والطبيعة وفي مصيرها المشترك.