خلدت مجموعة من اللاعبات المغربيات أسماءهن في عدد من الدوريات الخارجية، بعد أن مررن بتجارب مختلفة ضمن أندية البطولة الوطنية، مثل ابتسام جرايدي وفاطمة تغناوت وأسماء واعدة. غير أن طريق الاحتراف مهدته أسماء سبقت هذا الجيل، في مقدمتها نادية مقدي ولمياء بومهدي وغزلان الشباك وغيرهن من اللاعبات اللواتي بصمن على مغامرات احترافية خارج الحدود وتنقلن بين عدة أندية وترك بصمة مميزة في مسيرتهن الكروية.
"الوطن الآن" تستعرض تجارب أبرز اللاعبات المغربيات اللواتي خضن أولى التجارب الاحترافية خارج الوطن.
كانت كرة القدم مجالا ذكوريا بامتياز، إلى أن بدأت طلائع الألفية الجديدة حين ظهرت فرق نسائية محلية تشق طريقها من مبادرات صغيرة إلى مرحلة النضج، ما مهد لظهور جيل من اللاعبات القادرات على اقتحام الساحة المحلية أولا والقارية والدولية ثانيا.
تاريخيا بدأت كرة القدم النسوية تمارس في المغرب بشكل محتشم، حيث تأسست مجموعة من الفرق بمبادرات فردية من فاعلات في الحقل الرياضي. وفي سنة 1997 تم تأسيس المنتخب المغربي النسوي وانطلقت بطولة نسائية متعثرة.
يحمل المنتخب المغربي النسوي اليوم إنجازا عربيا غير مسبوق، حين تأهل إلى نهائيات كأس العالم 2023، ونهاية كأس أمم إفريقيا.
ودخلت الجزائر غمار التنافس الكروي النسوي سنة 1998، وفي نفس العام شهدت مصر منافسات كرة القدم النسائية، تلتها تونس بعد أربع سنوات.
على مستوى الخليج العربي والشرق الأوسط، سجلت كرة القدم النسوية في الأردن طفرة سريعة، إذ فاز منتخبها بكأس العرب للسيدات. ومنذ 2020 شرع الأردن في تنظيم دورات كروية عالمية كمونديال فتيات أقل من 17 سنة.
أول خطوة أقدمت عليها السعودية في مجال انفتاح الفتيات على كرة القدم، هي رفع السلطات الحظر على دخول النساء إلى الملاعب بداية من سنة .2018
أما قطر فقد سبقت السعودية في إشراك العنصر النسوي في المنظومة الكروية، أي منذ 2009، وهو نفس تاريخ انطلاقة الدوري اللبناني الذي فرض سيطرته في الشرق العربي. وعلى نفس المنوال سارت الإمارات العربية التي اهتمت بتكوين الحكمات.
بومهدي المغربية التي احترفت لاعبة ومدربة
في ظل هذا التحول، برزت أسماء مغربية استطاعت إثبات ذاتها والاحتراف في دوريات متعددة، بعد أن رسخن أقدامهن في الدوري المحلي المتعثر والذي كان يشق أولى خطواته، باعتبارهن من اللاعبات المغربيات اللواتي دشن مسارهن الاحترافي في الخارج.
يؤكد الإطار الوطني المتخصص في كرة القدم النسوية، محمد العبدي، أن اللاعبة لمياء بومهدي، تعد من أوائل المغربيات اللواتي ولجن عالم الاحتراف خارج البلاد. فقد بدأت مسيرتها مع نادي فتيات برشيد، قبل أن تنتقل إلى الدوري الإيطالي لخوض تجربة احترافية قصيرة بمدينة بيروجيا، ثم التحقت بلبنان للعب ضمن صفوف نادي الصداقة.
ويضيف العبدي أن غزلان الشباك، بدورها، تعتبر من الرائدات في هذا المجال، بعد انتقالها إلى الدوري المصري عبر نادي مصر المقاصة، مستفيدة من إمكانياتها التقنية المميزة التي فتحت لها الباب نحو الاحتراف، ليتوالى بعدها التحاق اللاعبات المغربيات بدوريات خارجية، مثل ابتسام جرايدي وفاطمة تغناوت وغيرهما.
لكن هناك لاعبات تحولن إلى مدربات وهاجرن إلى الخارج لخوض تجارب جديرة بالاقتداء، على غرار نادية مقدي، في الإمارات ولمياء بومهدي التي تعد أول مدربة مغربية احترفت في إفريقيا جنوب الصحراء، حين اختارت تدريب الفريق النسوي «تي بي مازيمبي» الكونغولي.
السعودية تستقطب لاعبات للدوري النسوي
مارس الدوري السعودي جاذبيته على اللاعبات المغربيات، بل منهن من فضلت الوجهة السعودية على الأوربية، على غرار غزلان الشباك، عميدة المنتخب الوطني النسوي، التي انتقلت إلى نادي الهلال السعودي، في ثالث تجربة احترافية لها بعد مصر المقاصة وليفانتي بادالونا الإسباني.
في سنة 2011، دخلت غزلان الاحتراف عبر البوابة المصرية، وانضمت إلى نادي المقاصة المصري، إلا أن الحراك العربي أجبرها على العودة إلى المغرب، حيث عادت إلى الدوري المغربي لتلتحق بفريق الجيش الملكي، لتحمل لاحقا عمادة المنتخب الوطني وتتوج مؤخرا بالكرة الذهبية الإفريقية كأفضل لاعبة في القارة، وهي اليوم تمارس في الدوري السعودي بقميص نادي الهلال.
وفي السنوات الأخيرة، سجلت كرة القدم النسوية المغربية حضورا لافتا في مختلف الدوريات، بفضل أسماء متألقة كابتسام جرايدي، مهاجمة النادي الأهلي السعودي، التي بدأت مسيرتها مع كرة القدم في سن السابعة من خلال فرق الأحياء قبل الالتحاق بفريق «نسيم سيدي مؤمن» ثم فريق الجيش الملكي. وفي 2023، انضمت جرايدي إلى الأهلي السعودي بعقد لمدة عامين، إضافة للاعبة رانية السالمي بنفس النادي، قبل أن تعود إلى صفوف الوداد الرياضي، ثم اللاعبة نهلية إيلودي نقاش المغربية التي حطت الرحال بأهلي جدة قادمة من الدوري السويسري، وسلمى أماني في اتحاد جدة غيرهن من اللاعبات في مختلف الدرجات.
كما سجلت لاعبات مغربيات أخريات أسماءهن في كبرى الدوريات الأوروبية، مثل حنان آيت الحاج التي لعبت لفالنسيا، وفاطمة تغناوت التي حملت قميص إشبيلية، وياسمين لمرابط في ليفانتي لاس بلاناس ونسرين التشاد في نادي ليل الفرنسي، و روزيلا عيان مهاجمة توتنهام الإنجليزي وإيمان سعود في بازل السويسري.