قطع المغرب قطع أشواطا مهمة في مجال محاربة داء السرطان بفضل تضافر الجهود الرسمية، سواء بالنسبة للتشخيص أو العلاج، كما تم بذل مجهود تحسيسي كبير في ما يخص الوقاية، وهذا ما يفسر ارتفاع أعداد المصابين بهذا المرض، فالأمر راجع إلى تنامي الإقبال على التشخيص.
إن الدولة استوعبت منذ البداية أن السرطان مرض مكلف جدا بالنسبة للمريض وأسرته وبالنسبة للدولة والمجتمع والاقتصاد، لأن مصاريف العلاج قد تؤدي إلى فقر عائلات وإفلاس شركات ومؤسسات، والمريض لن يستطيع المساهمة في تنمية البلاد، لكونه لا يستطيع الذّهاب إلى العمل، ولن يستطيع ممارسة الأنشطة الضرورية.
المغرب صار يبذل مجهودات كبيرة من حيث الوقاية، ومحاربة مسببات السرطان من خلال التوعية بضرورة احترام سلامة النظام الغذائي. كما صار يراهن أيضا على الكشف المبكّر، لأنه كلما كشفنا السرطان في مراحل مبكرة، كانت فرص النجاة أكبر والعلاج أسهل وأنجع، فالتأثير حينها يكون متحكما فيه”. لذا أدعو إلى تقريب مراكز الكشف عن السرطان، لأن مصاريف التنقل منهكة وصعبة، بالإضافة إلى تسهيل الوصول إلى العلاج من خلال توفير المواعيد المستعجلة بالنسبة للراغبين في الكشف، مع التنبيه إلى ضرورة النهوض بالبحث العلمي في أمراض السرطان، فليست لدينا معطيات مفصلة دقيقة ولا سجل وطني متكامل للمرضى.
إننا نحتاج أبحاثا علمية حول المناطق والسن والجنس والأسباب لمعرفة الكيفية المثلى لوضع استراتيجية تحسيسية.
كلفة الأدوية والجراحة والاستشفاء عالية جدا، وتحمل الدولة لهذه المصاريف مسألة صعبة من الناحية العملية، فذلك سيرهق ميزانية البلاد ضرورة الاستثمار أكثر في الوقاية ومجانية التشخيص، والتعاون مع القطاع الخاص والمنظّمات الصّحية غير الرّبحية لأجل محاصرة السرطان يجب محاربة مسبّباته الحقيقيّة قبل أن نواجهه، لكونه مرضا خطيرا ومرهقا من كل النواحي.
الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية