عرف الساحل الأطلسي ببعض شواطئ حاضرة المحيط في السنوات الأخيرة نشاطا كبيرا لشبكات التهريب الدولي للمخدرات عبر البحر بوسائل جد متطورة على مستوى آليات الشحن أو الاتصال الرقمي والتكنولوجي ـ حسب التقارير الإعلامية المتعددة ـ بل أن تلك العصابات تعدت كل الخطوط الحمراء بعد أن تم ضبط كميات كبيرة من المخدرات بميناء أسفي، مما طرح في حينه عدة أسئلة حارقة ترتبط بالجهات التي تدير هذه العمليات سواء عن بعد أو بتنسيق مع جهات قريبة من نقط أوكار التهريب.
ومما لا شك فيه أن شواطئ ساحل آسفي والنواحي قد عرفت منسوبا عاليا على مستوى ارتفاع وتيرة العمليات الأمنية خلال الشهور الأخيرة، من خلال استهداف عصابات شبكات التهريب الدولي للمخدرات، تؤكده المعطيات ذات الصلة بتدخلات عناصر الدرك الملكي ومصالح الأمن والجمارك، حيث تم إحباط العديد من عمليات التهريب بعد أن تلقت ذات الشبكات ضربات متوالية، منها "ضبط رزم معدة للترويج المحلي" فضلا عن "حجز عشرات الأطنان الموجهة للتهريب الدولي". مما يكشف بأن إقليم آسفي أصبح مسرحا لمحاولات تهريب واسعة، فيما تواصل الأجهزة الأمنية على قدم وساق من رفع درجة اليقظة وتطوير وسائل الرصد والمراقبة.
ومن المعلوم أن عناصر الدرك الملكي بالمنطقة كانت قد داهمت بتنسيق مع مصالح الجمارك مستودعا بمنطقة الجماعة الترابية حد حرارة التابعة لإقليم آسفي يوم الأحد 23 نونبر 2025. حيث أسفرت ذات العملية عن حجز 30 طن و500 كلغ من مخدر الحشيش كانت معدة للتهريب، علاوة عن حجز ثلاث شاحنات، إلى جانب أربعة قوارب مطاطية وكمية كبيرة من البنزين ومعدات الملاحة يشتبه في استخدامها في نقل الشحنات عبر السواحل. وحسب المعطيات المتوفرة فإن إحباط هذه العملية جاء نتيجة تتبع استخباراتي دقيق، حيث تعد من أكبر الضربات الموجعة التي تلقتها شبكات التهريب الدولي بالمنطقة خلال السنوات الأخيرة.
وقبل هذه العملية النوعية كانت مصالح الأمن قد تمكنت في بداية شهر أكتوبر من سنة 2025 من إحباط محاولة تهريب أخرى حيث تم ضبط أربع أطنان و725 كلغ من المخدرات، داخل سيارة نفعية مرقمة بالخارج قرب منطقة أيير التابعة للجماعة الترابية أيير بإقليم أسفي. وقد كشفت هذه العملية عن تورط شبكات عابرة للمناطق تعتمد مسالك طرقية فرعية لتفادي المراقبة الأمنية.
في سياق متصل فقد واصلت مصالح الدرك الملكي تشديد المراقبة بالمنطقة، حيث تمكنت يوم فاتح دجنبر من السنة الجارية، من ضبط 13 رزمة من مخدر الشيرا، كانت مخبأة داخل منزل مهجور بمنطقة حْيُوطْ الشْعِيرْ التابعة للجماعة الترابية أيير. بالإضافة إلى حجز سيارة من نوع بيكوب تستعمل في نقل المخدرات، علاوة عن توقيف شخصين يشتبه في علاقتهما المباشرة بعملية التخزين والنقل. حيث تؤكد هذه العمليات المتتالية سواء التي "همت رزم صغيرة موجهة للترويج المحلي" أو شحنات ضخمة "موجهة للتهريب الدولي" أن مصالح الدرك الملكي والأمن والجمارك تعمل بتنسيق وثيق يهدف إلى تضييق الخناق على مختلف الشبكات النشطة بساحل أسفي.
في هذا السياق عبّرت مجموعة من الفعاليات الجمعوية والمدنية والحقوقية لجريدة "أنفاس بريس" عن قلقها واستيائها، اتجاه ظاهرة تحويل ساحل المتوسط بإقليم أسفي ـ حاضرة المحيط ـ إلى قاعدة خلفية لنشاط التهريب الدولي للمخدرات.
وطالبت نفس الفعاليات بضرورة التعجيل بالتأهيل الترابي المندمج لمجموعة من المراكز القروية الساحلية لتعزيز وتقوية البنية التحتية، وإحداث مراكز القرب، وفضاءات الاستقبال، وتشجيع السياحة الداخلية، ورفع منسوب الاستثمار والتنمية ـ مثلا ـ بكل من شاطئ البدوزة، وشاطئ كرام الضيف، ومركز خميس أولاد الحاج وغيرها من المراكز المهملة والمهمشة، في أفق تقوية جاذبيتها، على اعتبار أن التنمية المستدامة قادرة على ترسيخ قيم المواطنة والأمن الاجتماعي ومحاربة مختلف الظواهر السلبية بالمنطقة التي تسيء لحاضرة المحيط.