من المقرر أن تنظم دار الشعر بمراكش، بتنسيق مع المديرية الإقليمية لقطاع الثقافة بالصويرة، تظاهرة ثقافية وشعرية وذلك يوم السبت 29 نونبر 2025 بفضاء البرج التاريخي باب مراكش. وتشهد الفعاليات تنظيم الدورة السابعة للندوة الوطنية "ذاكرة شعرية"، في استدعاء بليغ لتجربة الشاعر والباحث المغربي محمد السعيدي الرجراجي (1939-2025)، والذي ترك بصمة وارفة في ذاكرة الشعر المغربي.
وتشهد التظاهرة تقديم مداخلات نقدية وتقديم لقراءات شعرية من منجز الراحل، لنصوص لم تنشر من قبل، فيما يشارك في اللقاء العلمي لذاكرة شعرية، ثلة من الأساتذة والباحثين: الأستاذ عبدالله السعيدي، الإعلامية آمال المنصوري، الباحث عبدالإله أبو مارية، والباحث حسن كبوس، بينما يحيي الفنان "الكناوي" المرموق يونس باكا الحفل الفني لذاكرة على آلة الهجهوج.
ومن المنتظر أن تفتح الندوة الوطنية "ذاكرة شعرية"، في دورتها السابعة سجلا ثقافيا جديدا من ذاكرتنا الشعرية والثقافية الجماعية، ضمن سعي من دار الشعر بمراكش الى إرهاف هذه الذاكرة وانفتاحها على القراءة والاستقصاء والمقاربة. وينفتح برنامج الندوة، على ذاكرة المدن والجهات الشعرية في استدعاء لرواد الشعر المغربي من مختلف جغرافيات القصيدة المغربية.
"المعتمد بن عباد، أحمد المجاطي، شاعر الحمراء وأحمد بركات والقاضي عياض.."، أجيال وتجارب مختلفة ومتعددة الرؤى كانت في ضيافة نقاد وباحثين، ضمن سلسلة من الندوات الوطنية العلمية والتي تستقصي جزء من ذاكرتنا الشعرية الجماعية المشتركة.. محطة علمية أساسية في برنامج الدار الثقافي والشعري، وأيضا هي لحظة معرفية في أفق تحيين مداركنا بتاريخنا الشعري والثقافي وإعادة الاستقراء على ضوء أسئلة جديدة.
"محمد السعيدي الرجراجي.. مقيما في محراب الأبجدية"
وتخصص ندوة "ذاكرة شعرية" للشاعر والباحث محمد السعيدي الرجراجي، (توفي عن عمر ناهز 86 عاما يوم 8 أكتوبر 2025 بمدينة أسفي)، بعد مسار طويل من العطاء الأدبي والعلمي. وقد ترك الراحل الكثير من المؤلفات في مجالات متعددة (الشعر، التاريخ، الفكر، والأدب). ويعتبر الراحل من رواد القصيدة العمودية في المغرب، إذ صدر له دواوين: "الحياة أنا" (1968)، و"قلمي فديتك"، و"من أحاور"، و"ملامح هادئة" (6 آلاف بيت).. و رواية "الهاربة" (1973) الى جانب أبحاثه العلمية: "شاعر الحمراء بين الواقع والادعاء" (الجزء الأول والثاني)، و"محمد العبدى الكانوني حياته وفكره ومؤلفاته"، و"رجراجة وتاريخ المغرب"، و"رباط شاكر والتيار الصوفي حتى القرن السادس الهجري"، و"جواهر الكمال في تراجم الرجال" (تحقيق)، و"صراخ الذاكرة" (ملامح من سيرة ذاتية).
ولد الراحل محمد السعيدي الرجراجي بزاوية ابن احميدة، نواحي مدينة الصويرة، دجنبر 1939، وكان والده عبدالله الرجراجي عالما فقيها ألف عدة كتب في التاريخ والسيرة والفقه.. وعرف على الراحل، محمد السعيدي، انفتاحه الكبير على ثقافة العصر ومواكبة مستجدات الأدب الحديث. كما انشغل الراحل بتوثيق الذاكرة الوطنية (كتابه حول علال الفاسي) الى جانب مؤلفاته ودراساته النقدية. درس محمد السعيدي بالثانوية العريقة "محمد الخامس" بمراكش، كما التحق بكلية اللغة العربية حيث تلقى تعليمه على يد لفيف من العلماء المغاربة والمشارقة. كما واصل مسيرته العلمية، بنيل دبلوم الترجمة والصحافة العامة في القاهرة (1961)، وهو ما مكنه من توسيع معارفه، وقد سبق للراحل أن قدم برنامجا إذاعيا بإذاعة مراكش الجهوية وسم ب"نافذة الأسبوع".
بين مدن الصويرة وأسفي ومراكش، راكم محمد السعيدي الرجراجي تجربة مهمة في مجال أنشطته الثقافية داخل إطارات المجتمع المدني، فهو عضو فاعل في اتحاد كتاب المغرب، وكان عضوا بالمكتب المسير للفرع بمدينة أسفي، كما حصل على وسام الاستحقاق الوطني من الدرجة الممتازة، الى جانب عضويته بمؤسسة الفقيه عبدالله السعيدي الرجراجي للتنمية والثقافة، وجمعية أساتذة اللغة العربية بمراكش، وجمعية خريجي كلية الدراسات العربية، فضلا عن رئاسته لمؤسسة الكانوني للتنمية الثقافية والاجتماعية بآسفي، التي يُعد مؤسسا لها، وعضوا فاعلا بجمعية إحياء جامعة بن يوسف بمراكش.
تشكل فقرة "ذاكرة شعرية"، الى جانب فقرة "تجارب شعرية" إحدى أهم برامج دار الشعر بمراكش، والتي تسعى من خلالها الى إرهاف الذاكرة الشعرية والثقافية المغربية، في سعي حثيث الى ربط جسر المنجز الشعري المغربي مع ماضيه وراهنه ومستقبله. وظلت هذه البرمجة، ومن انطلاقها قبل ثمان سنوات، نافذة مفتوحة على شعريات مغربية أغنت المنجز الشعري وقعدت أفقه الإبداعي، ضمن السعي لإرهاف الذاكرة الثقافية والشعرية المغربية، وربطها براهن وأفق القصيدة المغربية الحديثة.