محمد سالم الشافعي: لقاء غوتيريس وإبراهيم غالي في ظل تحوّلات المقاربة الأممية لنزاع الصحراء

محمد سالم الشافعي: لقاء غوتيريس وإبراهيم غالي في ظل تحوّلات المقاربة الأممية لنزاع الصحراء محمد سالم الشافعي
جاء اللقاء الذي جمع زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، بالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في لواندا يوم أمس الثلاثاء، في سياق سياسي ودبلوماسي يختلف بشكل ملحوظ عن السنوات السابقة، ويعكس تحولات تدريجية في مقاربة المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن، بخصوص ملف الصحراء.
 
ويأتي هذا التطور على خلفية صدور قرار مجلس الأمن رقم 2797، الذي جدد التأكيد على المبادرة المغربية للحكم الذاتي، واصفًا إياها بـ"الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق" في إطار الجهود الرامية إلى إيجاد تسوية سياسية متوافق بشأنها، ومستدامة، للنزاع الإقليمي.
وفي مقابل تأكيد إبراهيم غالي، خلال اللقاء، على الخطاب التقليدي القائم على مبدأ "تقرير المصير"، فإن الملاحظين في الأوساط الدبلوماسية الدولية يرون أن نبرة الطرح لم تعد تحظى بنفس الزخم الذي كانت عليه في العقود الماضية، في ظل التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، وتزايد عدد الدول الداعمة للمقترح المغربي، سواء على المستوى السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي.
 
ويُعزى هذا التحول، وفق محللين، إلى عدة عوامل، من بينها تنامي الحضور التنموي للمغرب في الأقاليم الجنوبية، لاسيما في مدينتي العيون والداخلة، حيث تشهد المنطقة مشاريع بنية تحتية كبرى واستثمارات في قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة، والصيد البحري، والسياحة، والطرق والموانيء والمطارات، ما يعزز من صورة الاستقرار والتنمية الميدانية.
 
في المقابل، تعكس الانتقادات التي وجهتها جبهة البوليساريو لما وصفته بـ"محاولات تغيير طبيعة النزاع" نوعًا من القلق إزاء التحول الواضح في خطاب الأمم المتحدة، والذي بات يُركّز بشكل متزايد على واقعية الحلول المقترحة، ومستوى قابليتها للتنفيذ، بدل الاكتفاء بالمقاربات النظرية والشعارات التقليدية.
 
ومن جهته، يواصل المغرب تأكيد التزامه بالشرعية الدولية، وحرصه على التوصل إلى حل سياسي نهائي في إطار سيادته الوطنية، مستندًا إلى دعم متزايد من شركائه التقليديين والجدد، إضافة إلى الدعم المتنامي داخل العديد من المنظمات الإقليمية والدولية. ويرى المسؤولون المغاربة أن مبادرة الحكم الذاتي تمثل الإطار العملي والوحيد الكفيل بإنهاء النزاع بما يحفظ الاستقرار الإقليمي ويؤسس لتكامل مغاربي أوسع.
 
أما الأمم المتحدة، بقيادة أنطونيو غوتيريس، فتسعى بدورها إلى إعادة إحياء العملية السياسية على أسس أكثر واقعية وصلابة، من خلال الدور الذي يضطلع به مبعوثه الشخصي إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، والذي يستعد لإطلاق مشاورات جديدة مع الأطراف المعنية، بهدف كسر حالة الجمود، ودفع الجميع نحو تحمّل مسؤولياتهم السياسية والقانونية.
 
وفي هذا السياق، ينظر بعض المراقبين إلى استعداد البوليساريو لإعادة الانخراط في العملية التفاوضية، بعد سنوات من المواقف المتصلبة، باعتباره مؤشرًا على إدراك متزايد بأن المشهد الدولي لم يعد كما كان، وأن قواعد اللعبة السياسية قد تغيّرت، بما يجعل من الضروري البحث عن حلول توافقية تستجيب لمتطلبات الاستقرار والتنمية، بدل التمسك بخيار  "تقرير المصير" أثبت محدوديته مع مرور الزمن .