لقد آثار تصريح حمدي ولد الرشيد استياءا كبيرا في جميع أنحاء المغرب عامة وبالأقاليم الجنوبية خاصة حين حل هذا الأخير مكان الدولة وقطع الشك باليقين وحدد المجال الترابي لمنطقة الحكم الذاتي كأن الحكومة أو الدولة منحت له تفويضا على بياض ليتكلم عن قضية المغاربة قاطبة. وليسمح لي أن اطرح عليه مجموعة من الأسئلة وأنعش ذاكرته ببعض الحقائق بتسلسلها الزمني:

أولا: لعل ولد الرشيد لم يحط علما بعملية إكوفيون أو عملية المكنسة وهي عمليَّةٌ عسكريَّةٌ مشتركة بين إسبانيا وفرنسا ضد جيش التحرير المغربي، شملت عددًا من المدن سيدي إفني وطرفاية والعيون والسمارة ثم بوجدور، وكان هدفها وضعِ حدٍّ لجيش التحرير المغربي الذي قادَ سلسلةً من المعارك الضارية ضد الإسبان.

ثانيا: الم يعلم أن هذه العملية دامت أربعة عشر يوما من 10 الى 24 فبراير من سنة 1956 وقد سبقتها عمليات منفردة على البدو الرحل من سكان الصحراء مما أدى الى إبادتهم باستثناء من أسعفته الظروف للفرار نحو الشمال قسرا وتمت إبادة حتى حيواناتهم من اجل قطع أرزاق من تبقى منهم، حيث قاوم أعضاء جيش التحرير البواسل هذه العملية للدفاع عن الصحراء من الداخلة الي سيدي إفني.

ثالتا: ألم يعلم ولد الرشيد أن هذه العملية أجبرت عددا كبيرا من العائلات الصحراوية على النزوح نحو الطنطان كلميم أسا الزاك ومدن بشمال المملكة، في شبه عملية اقتلاع من جذور بيئتهم الصحراوية الأصلية، ورغم ذلك ظل ارتباطهم قائما بالصحراء وأنا واحد ممن هجرت عائلتهم قسرا خوفا من الموت أو فرارا من التجويع؟

رابعا: الم يحط حمدي علما بان منطقة المحبس معرضة دائما لخرق وقف إطلاق النار   وانه خلال احتفال الشعب المغربي بالذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء تم الهجوم على منطقة المحبس وبالتحديد أثناء تواجد الوفد الرسمي للاحتفال؟

 خامسا: الم يكن حمدي يعلم أن قبائل تكنى كانت لها وحدة خاصة بالقوات المسلحة الملكية كان قائدها البطل المقداد أيدا التامك رحمه الله وكانت تسمى بين الصحراويين بالوحدات حيث كانت تعمل على تأمين توزكي والمحبس والفارسية وأن قبيلة ايت اوسى انخرط منها أكبر عدد من الصحراويين بالقوات المسلحة الملكية وتسمى بين القبائل بدبوس المخزن (وتعني العصا) ولي الشرف أن انتمى لهذه القبيلة التي يرمز لها أمميا ب H   61.

سادسا: الم يطلع حمدي علي دستور المملكة الذي ينص فيه الفصل واحد وأربعون على بعض اختصاصات الملك ومنها أن جلالته هو الضامن لوحدة المغرب في حدوده الحقة وان السياسة الخارجية والمصلحة العليا للبلاد تبقى من اختصاص الملك حصرا؟

 

ختاما أقول إننا أمام لحظة تاريخية مفصلية وحساسة إلى أبعد حدود ولا يسمح فيها لأي هامش من الخطأ كيفما كان حجمه، حفاظا على الزخم الذي تحقق لقضية وطننا الأولى بفضل حكمة إدارة صاحب الجلالة نصره الله لهذا الملف وبفضل الزخم الديبلوماسي والسياسة الخارجية التي حققت دعما لا تخطئه العين لمسألة وحدتنا الترابية في الشق المرتبط بالصحراء المغربية، وهو الأمر الذي زكاه القرار الأممي 2797 المؤرخ في 31 أكتوبر 2025، والذي يتبنى خيار الحكم الذاتي تحت أرضية السيادة المغربية. نعم نحن مع مشاركة الصحراويين وكامل الصحراويين في عملية تحيين مخطط الحكم الذاتي، ونحن مع المساهمات التي تراعي التاريخ وحركية المجتمع الصحراوي. وتوقه إلى مزيد من المشاريع في المسيرة التنموية على جميع الأصعدة استلهاما لروح المسيرة الخضراء التي كانت فألا حسنا على صحرائنا تحديدا وعلى وطننا عموما. إذن فمن عين العقل أن يتسلح الجميع بأقصى حدود الحكمة واليقظة والحذر الشديد في أي شكل من أشكال التعامل مع المخرجات الأممية لهذا النزاع المفتعل الذي استنزف الجهد والوقت لأن المغرب ظل محتفظا بسياسة ضبط النفس والصبر، وها نحن نجني ثمار حسن الجوار واليد الممدودة و النوايا الحسنة التي أعلنها المغرب في كل لحظة من تاريخ هذا النزاع الذي فرض علينا. ونحن هنا لا نعطي دروسا لأحد ولكننا نذكر بقدر ما تمليه علينا غيرتنا الوطنية التي لا نزايد فيها على أحد.