ندوة بأبوظبي تبرز مفهوم ودلالات "الحكمة" لدى الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان

ندوة بأبوظبي تبرز مفهوم ودلالات "الحكمة" لدى الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان (يمينا)
قال مشاركون في ندوة، انعقدت، الثلاثاء 18 نونبر 2025 بأبوظبي، لتقديم قراءة في كتاب "الحكمة: صاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان – رؤى ونماذج في التنمية والبناء المؤسساتي"، إن هذا العمل يرصد تاريخ العلاقات المغربية – الإماراتية، من خلال تفاصيل مميزة تبرز نوعية الرؤى والسياسات العمومية في البلدين.

وأكدوا، خلال هذه الندوة المنظمة من طرف مكتب نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بحضور ثلة من الأكاديميين والمفكرين والمهتمين، أن هذا الكتاب سيظل شاهدا على الحكمة والتبصر اللذين يميزان مسيرة قائدي البلدين، ويجعلان من الإنسان أسمى غايات التنمية باعتباره أساس كل مشروع مجتمعي وحضاري وكل شراكة صادقة ودائمة.

وفي هذا الصدد، قال سفير الملك لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، أحمد التازي، إن هذا العمل العلمي من مستوى عال يوثق حكمة قائدين استثنائيين جمعتهما رؤية مشتركة في خدمة الإنسان، وبناء الأوطان، وترسيخ قيم السلام والتسامح.

وأبرز أن الكتاب ليس مجرد إصدار أكاديمي، بل هو جسر آخر يضاف إلى جسور الأخوة الصادقة بين المغرب والإمارات، وهي الأخوة التي أسس دعائمها المغفور لهما الملك الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ويواصل مسيرتهما اليوم، بكل بصيرة وعزم، الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وثمن  التازي هذا الجهد العلمي والفكري الكبير الذي أضاء جوانب متعددة من الرؤية الثاقبة لقائدي البلدين في مجالات التنمية والبناء المؤسساتي، وجعل من هذا الكتاب مرجعا يجمع بين عمق الفكر ودقة التحليل وجمال الصياغة.

وخلص إلى أن ما يجمع المغرب والإمارات ليس فقط تاريخ من التعاون الثنائي المثمر، بل رؤية متطابقة لمستقبل عربي أكثر تضامنا ووحدة: رؤية تنبثق من الوعي بتطور العصر وضرورة التجاوب مع الاحتياجات المتجددة للمجتمع، ضمن برامج عقلانية للتنمية المستدامة والانفتاح والابتكار.

من جهته، أكد الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، محمد بشاري، أن الكتاب يتناول مفهوم الحكمة المجسد في تجربتين لدولتين تقومان على توازن دقيق بين الشرعية التاريخية والراهنية الاستراتيجية، إذ يتعامل مع الحكمة كمفهوم مركب تتقاطع فيه ثلاثة أبعاد: بعد قيمي يؤطر اختيارات الدولة، وبعد معرفي يؤطر قراءة الواقع المحلي والدولي، وبعد عملي يتجسد في السياسات العمومية والبناء المؤسساتي.

وأضاف بشاري أن هذا الكتاب يربط بين تاريخ العلاقات المغربية - الإماراتية وبين طبيعة الرؤى والسياسات في البلدين، بحيث تبدو الشراكة بين الرباط وأبوظبي ليست مجرد تقاطع مصالح آنية، بل تقاطع رؤى في فهم معنى الدولة ومعنى التنمية ومعنى الاستقرار.

وأبرز، في هذا السياق، دور "الحكمة الدستورية" في التجربة المغربية و"الحكمة الاتحادية" في التجربة الإماراتية، مؤكدا أن المغرب يملك تاريخا دستوريا منذ الاستقلال، تعم ق مع إصلاحات جوهرية خلال العقود الأخيرة، فيما تملك الإمارات نموذج الاتحاد الذي بناه الشيخ زايد على معادلة دقيقة بين حماية الخصوصيات المحلية وبناء دولة اتحادية قادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية.

وأشار إلى أن "الحكمة هنا تتحول إلى عدسة نرى من خلالها كيف تشكلت علاقة طويلة بين بلدين غير متجاورين جغرافيا، لكنهما متقاربان في الرؤية إلى معنى الدولة ومكانتها في محيط إقليمي مضطرب".

من جانبه، اعتبر عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الإمارات العربية المتحدة، محمد بن هويدن، أن هذا العمل الأكاديمي يتمحور حول الحكمة لدى قائدي البلدين، والتي تعد أقصى درجات الرشد في الحكم وأعلى مستويات الإنجاز وتحقيق مستويات الرخاء والتنمية للشعب.

وأضاف أن المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة تشكلان، بفضل حكمة قائديهما الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رمزا للدول الناجحة التي تسعى إلى تحقيق الحياة الكريمة للمواطنين.

وأشار إلى أن هذا الكتاب يعكس الروابط المشتركة الكثيرة التي تجمع بين قائدي البلدين، مشيرا في هذا الإطار إلى أن النشأة لها دور أساسي في بناء القائد الحكيم.

بدورها، أكدت الأستاذة المساعدة في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، مريم محمد الكلباني، أن العلاقات الإماراتية – المغربية أثبت، عبر عقود من الثقة والتشاور، أنها شراكة أخوية وصادقة وثابتة تجاوزت حدود التعاون الثنائي لتصبح فضاء استراتيجيا تتقاطع فيه رؤى قيادتين تدركان أن الحكم هو منهج في صناعة الاستقرار والتنمية.

وأضافت أنه، في ظل التحولات الدولية السريعة، برز النموذجان الإماراتي والمغربي بقدرة لافتة على توجيه السياسات العامة وفق رؤية استشرافية جعلت من بناء الإنسان وتعزيز المؤسسات أساسا للمناهج الوطنية، معتبرة أن الكتاب يأتي في هذا السياق من حيث تقديمه لقراءة علمية رصينة لهذا المنظور المشترك لكلا الدولتين ويوضح كيف تحولت الحكمة إلى ركيزة استراتيجية في قيادة الدولتين.

يشار إلى أن الكتاب هو عمل جماعي صدر بطبعته الثانية عام 2025 ويتألف من خمسة فصول تتوزع على 437 صفحة، كما يعد ثمرة تعاون علمي بين المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية بالمملكة المغربية ومكتب نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.

ويضم الكتاب مساهمات نخبة من المفكرين والباحثين والجامعيين من المغرب والإمارات، على رأسهم نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية جمال سند السويدي، والمدير العام للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية محمد توفيق ملين، بهدف دراسة وتحليل التجربة التنموية والمؤسساتية في كلا البلدين، من خلال شخصيتي قائديهما.

كما يتناول المشتركات في السياسة الخارجية ومفهوم التعاون الثنائي في اتخاذ القرارات بين البلدين، ويبرز رمزية افتتاح الإمارات العربية المتحدة لقنصليتها في مدينة العيون المغربية كدلالة سياسية على عمق العلاقات بين البلدين.

ويمثل الكتاب مرجعا أكاديميا واستراتيجيا يعكس جودة العلاقات بين المغرب والإمارات، ويسهم في استشراف آفاق التعاون العربي من خلال عرض نماذج ناجحة في البناء المؤسساتي، بالإضافة إلى كونه يعد دعوة لتكريس الفكر التشاركي في مواجهة التحديات التنموية والثقافية في العالم العربي.