الداخلة: نموذج تنمية الأقاليم الجنوبية يتحول إلى واقع ملموس ويعزز موقع المغرب القاري

الداخلة: نموذج تنمية الأقاليم الجنوبية يتحول إلى واقع ملموس ويعزز موقع المغرب القاري صورة أرشيفية
 بعد عشر سنوات من إطلاقه، بات نموذج تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، الذي أطلقه الملك محمد السادس، واقعاً ملموساً يفوق التوقعات الأولية، وفق ما أكده وزير التجهيز والماء، نزار بركة، خلال الجلسة الوزارية العامة للمنتدى السنوي “المغرب الدبلوماسي- الصحراء”، المنعقد بالداخلة ضمن فعاليات الدورة الخامسة تحت شعار: “50 سنة على المسيرة الخضراء: الوحدة الوطنية والطموح القاري”.
 
وحدد الوزير بركة أهمية هذا النموذج من حيث الأبعاد الاقتصادية والاستراتيجية، مشيراً إلى أن المبادرة الملكية الأطلسية قد حولت الداخلة والكركرات إلى محور استراتيجي يربط المملكة بإفريقيا جنوب الصحراء، ويشكل رافعة قوية للاستقرار والتنمية والتعاون الإقليمي. وأضاف أن صدور القرار 2797 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يفتح مرحلة جديدة للصحراء المغربية وللدينامية المغاربية والإفريقية.
 
التحولات الاقتصادية والبنية التحتية
في مجال البنية التحتية، أوضح الوزير أن مشروع الطريق السريع تزنيت–الداخلة، الذي يمتد على 1055 كلم، اكتمل بالكامل في يناير الماضي، فيما انطلقت الأشغال لتثنية الطريق نحو الكركرات، ما سيجعله محوراً رئيسياً للتبادل التجاري البيني الإفريقي. وعلى صعيد الموانئ، كشف الوزير عن بلوغ نسبة إنجاز ميناء الداخلة الأطلسي 50%، مع استهداف التشغيل الكامل سنة 2028. وأكد أن الميناء سيضم رصيفاً لتصدير الهيدروجين الأخضر، إلى جانب قطب صناعي ومناطق لوجستيكية وصناعية تلبي الطلب الوطني والدولي.
 
وأشار بركة إلى ظهور محركات جديدة للنمو، أبرزها قطاع الهيدروجين الأخضر، الذي لم يكن قائماً عند إعداد نموذج التنمية سنة 2015، ويشكل اليوم فرصة استراتيجية لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والطاقة النظيفة.
 
الحكامة المائية والتحديات البيئية
على المستوى البيئي، أكد الوزير أن حوض الداخلة أصبح “مختبراً” لتحديات الماء، نظراً لتداخله بين الموارد الجوفية الأحفورية والمتجددة، والضغوط المائية المتزايدة. وأبرز الإنجازات في تعبئة المياه السطحية، وتحلية المياه باستخدام الطاقة الريحية، وتنفيذ مشاريع ريّ لـ5.200 هكتار، إضافة إلى إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة. وشدد على أن العقدة الوطنية للفرشات المائية ستضمن الاستغلال المستدام لهذه الموارد، مؤكداً الانتقال من منطق القلق بشأن الإجهاد المائي إلى منطق الإنتاج وتأمين الاكتفاء المائي الكامل.
 
النهج التشاركي والتنمية المجتمعية
استند نموذج التنمية إلى مقاربة تشاركية شملت المنتخبين والمجتمع المدني والفاعلين المحليين، وهو ما مكّن من تنزيل مشاريع مهيكلة أحدثت تغييرات ملموسة في المنطقة. وقال الوزير: “كثيرون لم يصدقوا حينها… وبعد عشر سنوات، أصبح الطموح واقعاً يفوق التوقعات”، مشيراً إلى أن هذه المنهجية تعزز من استدامة التنمية المحلية وتخلق دينامية اقتصادية واجتماعية متقدمة.
 
المنتدى السنوي: منصة سياسية واستراتيجية
تنعقد الدورة الخامسة لمنتدى “المغرب الدبلوماسي- الصحراء” تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة، ويجمع مسؤولين حكوميين، وفاعلين اقتصاديين وأكاديميين، إلى جانب ممثلين عن منظمات إقليمية ودولية. ويهدف المنتدى، الذي تنظمه المجموعة الإعلامية “ماروك ديبلوماتيك”، إلى تحليل الدروس التاريخية والسياسية للمسيرة الخضراء، وربطها بالوحدة الترابية للمملكة، وتسليط الضوء على دور المغرب في تعزيز الاندماج الإقليمي والتعاون القاري.