مما لا شك فيه، أن الكوميديا السوداء قد ساهمت إلى جانب الإعلام والصحافة الجادة والمسؤولة في تسليط الضوء على الكثير من السلوكات والمواقف التي تسيء لصفة البرلماني ممثل الشعب بقبة البرلمان، محاولة من بعض الفنانين في ممارسة نقد أساليب الفساد والغش، والإنتهازية والوصولية كصفات مشينة التصقت بعينة من هؤلاء المنتخبين الذين أفرزتهم ـ طبعا ـ صناديق الإقتراع واللعبة الديمقراطية.
في هذا السياق اشتغل الكوميدي الساخر الفنان محمد عاطر منذ سنوات من خلال أعماله الناجحة، التي حققت مشاهدات جد مهمة على منصة التواصل الاجتماعي «يوتوب»، بحسه النقدي، في الكشف عن أساليب هذه العيّنة المشبوهة، التي حوّلت تدبير الشأن العام الوطني والمحلي لـ «مهنة» و«حرفة» محاولة منه لإسقاط أقنعتها المتعددة التي تستعملها للسطو على كراسي المسؤولية والإستفادة من «الريع»، سواء كان المسؤول «وزيرا» أو «برلمانيا» أو «رئيس» مؤسسة منتخبة إقليمية أو جهوية...إلى درجة وصفهم بـ «الْفرَاقْشِيَّةْ».
نستحضر في هذا السياق عمله الكوميدي الساخر الموسوم بـ «الْمُوسْطَاجْ» الذي شخص من خلاله تفاهة وسخافة وانتهازية هذه العينة من «نَوَّامْ الْأُمَّةْ» التي لا تدخر جهدا في الإستيلاء على مكاسب خاصة، وتحقيق مصالح شخصية، ونفخ حساباتهم وأرصدتهم، والإغتناء غير المشروع بكل وسائل التدليس والنصب والاحتيال، دون تقديم أي قيمة مضافة في مجال التشريع أو الترافع عن مشاريع تنموية في دوائرهم الإنتخابية، بل أنهم لا يخجلون من التنكر لوعودهم وبرامجهم المستنسخة والتي التزموا بها أمام الناخبات والناخبين في كل الاستحقاقات الوطنية.
فمن خلال كبسولة «الْمُوسْطَاجْ» فكّك الكوميدي الساخر الفنان محمد عاطر الأساليب الإنتهازية لشخصية «مُرَشَّحْ الدَّرْبْ» الوصولي، وكشف عن تفاصيلها وتناقضاتها وعقدها النفسية ومفارقاتها. وكأنه يقوم بتعرية هذا الواقع البئيس والمر، وينبه من يهمه الأمر لهذا التيه والعبث السياسي الذي غرقت في مستنقعه هذه العينة من «نُوَّامْ الْأُمَّةْ».
إن معالجة جرثومة الفساد الذي انتشر في جسد «نُوَّامْ الْأُمَّةْ» لا يحتاج إلى تلقيح مضاد لمحاصرة الوباء، بل يحتاج إلى عملية جراحية دقيقة، تفصل وتفطم هذه العيّنة المشبوهة والفاسدة عن كراسي المسؤولية والأمانة التي تحتاج لنخب جديدة من الشباب الطموح والكفؤ، وقطع دابرها نهائيا بالإعتراض على تَرَشُّحِهَا من طرف المؤسسات الدستورية ذات الصلة، حتى لا نعيد إنتاج نفس النمط الإنتهازي والوصولي الذي يفتك بحاضر ومستقبل الأجيال.
في هذا السياق أنشد الكوميدي الساخر محمد عاطر بكلمات نصوصه الغنائية بالقول:
النَّائِبْ الِّلي صَوَّتْنَا عْلِيهْ يَا حَسْرَةْ
وَاغْبَرْ بِخَطْرَةْ
سِيرْ صَوْتَكْ خَلِّيهْ عْطِيهْ لِلنَّزِيهْ
النَّائِبْ الْغَالِي، وَلَّى دُو مَالِي
وَادْخَلْ الْقُبَّةْ، وََاجْمَعْ الْحَبَّةْ
سِيرْ قَلَّبْ عْلِيهْ لَا أَنْتَ لْقَيْتِيهْ آَگَلْبِي
النَّائِبْ دْيَالِي مَا بْقَاشْ مْسَالِي
سِيرْ عَيَّطْ عْلِيهْ تَلْقَاهْ طَافِيهْ آَگَلْبِِي
النَّائِبْ الِّلي نْصَوْتُوا عْلِيهْ هَاذْ الْخَطْرَةْ
فَـ الْمَعْقُولْ لَابَسْ الْعَشْرَةْ
سِيرْ صَوْتَكْ خَلِّيهْ عْطِيهْ لِلنَّزِيهْ آَگَلْبِي
النَّائِبْ الِّلي اخْتَارُو دَرْبِي يَا حَسْرَةْ
بَاعْ فِينَا وَشْرَا
سِيرْ صَوْتَكْ خَلِّيهْ رَا خْسَارَةْ فِيهْ آَگَلْبِي
النَّائِبْ دْيَالِي مَا بْقَاشْ مْسَالِي
يَاوْ دَارْ الْڤِيلَّا والطُّومُوبِيلَا
سِيرْ قْلَبْ عْلِيهْ لَا أَنْتَ لْقَيْتِيهْ