أعلن يونس مجاهد انسحابه من النقابة الوطنية للصحافة المغربية احتجاجًا على خرق القانون الأساسي، وتأخير اجتماعات المجلس الوطني الفيدرالي، وإهمال لجان الأخلاقيات والمراقبة المالية، مع الحفاظ على احترام تاريخ النقابة ومساهمات أعضائها.. وفيما يلي بلاغه، حول هذا الموضوع.
بلغ إلى علمي أنه خلال اجتماع المجلس الوطني الفيدرالي، المنعقد يوم فاتح نونبر 2025، تم تجميد عضويتي في النقابة الوطنية للصحافة المغربية، دون أن أعرف أسباب هذا القرار.
وكنت قد راسلت رئيس هذا المجلس، الزميل عثمان النجاري، يوم 31 أكتوبر، لأخبره بمقاطعتي لهذا الاجتماع، للأسباب التالية:
1- خرق القانون الأساسي، للنقابة، فيما يتعلق بآجال انعقاد المجلس الوطني الفيدرالي، حيث ينص وجوبا أن يعقد مرة كل 6 أشهر، غير أن هذه الاجتماعات أصبحت تعقد مرة في السنة.
2- ينص القانون، أن تتضمن الدعوة وجوبا مشروع جدول أعمال المجلس الوطني الفيدرالي، قبل عشرة أيام، غير أن جدول الأعمال لم يبعث إلا ثلاثة أيام قبل الاجتماع.
كما أثرت انتباهه إلى أن لجنتي الأخلاقيات والتحكيم والمراقبة المالية، لم يتم إحداثهما، بعد انقضاء نصف الولاية، تقريبا، مما يؤكد عدم الرغبة في احترام الأخلاقيات وفي اعتماد منهج الشفافية.
وفي ختام الرسالة أوضحت للزميل عثمان النجاري، أن القوانين، لا توضع عبثا أو من أجل التأثيث، وأن احترام القانون هو الذي يضفي الشرعية على القرارات المتخذة، وأن خرق القانون، يجردها من كل شرعية. غير أني لم أتلق أي رد من رئيس المجلس الوطني الفيدرالي، بخصوص هذه الخروقات الواضحة للقانون.
أما فيما يتعلق بالقرار المتخذ خلال اجتماع فاتح نونبر، من طرف أقلية حاضرة في اجتماع المجلس الوطني الفيدرالي، فرغم تفاهته، إلا أنه بدروه لم يحترم المقتضيات القانونية، الواردة في النظام الداخلي للنقابة، التي تنص على أن من يتخذ القرار، في العضو، هو المكتب التنفيذي أو مكتب الفرع، وليس هذا المجلس، وذلك بعد تبليغ العضو بالملاحظات حول سلوكه وإتاحة الفرصة له ليدافع عن نفسه.
إن سبب خلافي الأساسي مع رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، هو عدم احترامه للقانون، رغم أن التعاقد الأخلاقي الذي تم بيننا قبل انتخابه، وأنا رئيس للمؤتمر، هو أن تحدث لجنة "للحكامة" والمراقبة المالية، هدفها ضبط مدى احترام المقتضيات القانونية بالنسبة للقرارات والاجتماعات، ومراقبة كيفية صرف مالية النقابة، غير أن كل هذه الالتزامات تم التنكر لها.
وحتى بالنسبة للجنتي الأخلاقيات، و"التحكيم" والمراقبة المالية، التي تم تنصيبهما في اجتماع فاتح نونبر في المجلس الوطني الفيدرالي، فإن ما تم يظل خارج القانون، لأن هذه النقطة لم تدرج في جدول الأعمال، وتم تنصيب لجنتين على المقاس، باستثناء رئيس لجنة الأخلاقيات، الزميل عبد الله البقالي، الذي تم انتخابه رئيسا للجنة الأخلاقيات في المؤتمر الأخير للنقابة.
لذلك لا يشرفني أن أواصل انتمائي التنظيمي، لهذه النقابة، التي أصبحت مرتعا للعبث القانوني، لأني بذلك أكون متواطئا في تكريس خرق القانون، والصمت عن ممارسات، لا تحدث في أبسط جمعيات للأحياء، وفي صمتي ضرب لتاريخ مجيد للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، الذي بناه الرواد، من شخصيات وطنية، من قبيل السادة، محمد اليازغي، وعبد الكريم غلاب، وعلي يعته، ومحمد العربي المساري، وعبد اللطيف عواد... وشخصيات أخرى، لا يسع المجال لذكرها، تربينا على أيديهم، وكنا شهودا على نزاهتهم الأخلاقية والتزامهم بالقانون، وقد حاولنا قدر المستطاع السير على خطاهم.
إن النقابة اليوم، على كف عفريت، بعد أن حققت تراكمات غير مسبوقة، بوأتها مكانة مرموقة على مختلف الأصعدة الوطنية والعربية والإفريقية والدولية، كما تم تأسيس فروع لها في مختلف الجهات، تتوفر على مقرات، بالإضافة إلى اقتناء مقر ثان في الرباط، والتوقيع على اتفاقيتين جماعيتين، قي قطاع الصحافة المكتوبة، واتفاقية جماعية في القناة الثانية، والمساهمة الفاعلة، في وضع نظام أساسي للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، تضمنت مكتسبات غير مسبوقة، و تحسين وضعية الأجور في وكالة المغرب العربي للأنباء، وغيرها مما تم تحقيقه، ناهيك عن النضالات، التي تم خوضها مثل الإضراب العام في الصحافة الورقية ووكالة المغرب العربي للأنباء، والوقفات الكبرى والمنتديات الوطنية، لدمقرطة وسائل الإعلام العمومية، والدفاع المتواصل عن حرية الصحافة، والمشاركة الرائدة في كل المناظرات والحوارات الوطنية والملتقيات، حول الصحافة والإعلام، والمساهمة في وضع القوانين المؤطرة للقطاع، ناهيك عن تأسيس جمعية الأعمال الاجتماعية للصحافة المكتوبة، والمساهمة المعنوية والمادية لإنجاحها... بالإضافة إلى الحصول على دعم مالي، عمومي، محترم للنقابة والجمعية.
إن ذكر هذه التراكمات، على سبيل المثال، لا الحصر، هدفه هو التذكير بأن العمل الجماعي، في إطار احترام القانون والأعراف الديمقراطية، هو الذي منح هذه النقابة المكانة التي يتم الإجهاز عليها، حاليا، من طرف رئيس لا يحترم الآجال القانونية لاجتماعات المكتب التنفيذي، يتخذ قرارات انفرادية، حتى في طلب تدخل جهات أجنبية في قضية وطنية صرفة، لا علاقة لها بها، يعقد تحالفات مع من لا تتوفر فيهم صفة التمثيلية، ضاربا عرض الحائط بمصالح الصحافيين، الذين ينتظرون من النقابة أن تصل إلى تفاهم مع الناشرين للحصول على زيادات في الأجور، وليس فتح جبهة ضدهم، من أجل مقعد في المجلس الوطني للصحافة.
أما فيما يتعلق بهذا المجلس، فإن النقابة، سنة 1918، كانت حريصة على أن تقدم لائحة وطنية، فتح الباب للترشيح فيها لكل الصحافيات والصحافيين، التي تتوفر فيهم الصفة، لذلك شكلت لجنة من خمس شخصيات وطنية، هم السادة؛ محمد الإدريسي مشيشي العلمي، محمد البريني، محمد النشناش، المرحوم الطيب لزرق، عبد الوهاب الرامي، وترشح بموجب ذلك حوالي ستون مرشحا، عرضت أسماؤهم وسيرهم الذاتية، على هذه اللجنة التي اختارت اللائحة، أما اليوم فإن رئيس النقابة يدافع عن "لائحة مغلقة"، يضعها بالشكل الذي تصرف به لحد الآن، في خرق تام للقانون والتقاليد الديمقراطية.
كان من الممكن أن ألجأ إلى القضاء ضد هذه الخروقات التي سجلناها، غير أني لا أرغب في مزيد من نكأ الجراح التي أصابت هذه النقابة، بسبب السلوكات غير القانونية، التي أصبحت عنوانها، تاركا أعضاء هذه الهيئة أمام محكمة الضمير، لذلك أنسحب تنظيميا من النقابة الوطنية للصحافة المغربية، دون أن أتنكر لتاريخها الذي يمرغ في التراب اليوم.
يونس مجاهد