بنسعيد الركيبي: حين تنتصر الدبلوماسية الهادئة على ضجيج الانفصال

بنسعيد الركيبي: حين تنتصر الدبلوماسية الهادئة على ضجيج الانفصال بنسعيد الركيبي
لم يكن تصويت مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن الصحراء المغربية مجرد إجراء دوري لتجديد مهمة بعثة المينورسو، إنه لحظة سياسية فاصلة جسدت تحولا نوعيا في موازين الخطاب الدولي تجاه قضية المغرب الأولى. فبفضل الدبلوماسية الهادئة والرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس، استطاع المغرب أن يكرس في أروقة الأمم المتحدة قناعة راسخة بأن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية تمثل الحل الواقعي والنهائي لهذا النزاع المفتعل.
 
لقد جاء هذا القرار تتويجا لمسار طويل من العمل الدبلوماسي المتزن الذي يجمع بين الحزم في الثوابت والانفتاح في المقاربة. فالمغرب لم يراهن على الصراخ أو على مناورات التضليل، بل على منطق الشرعية الدولية، وعلى حضور وازن في القارة الإفريقية، وعلى شبكة علاقات متينة مع القوى الكبرى التي باتت ترى في المملكة نموذجًا للاستقرار والتوازن في محيط مضطرب.
 
ويحق للمغاربة اليوم أن يفخروا بقيادة بلادهم التي تعاملت مع الملف بقدر كبير من النضج السياسي وبعد النظر الاستراتيجي، إذ استطاعت أن تحول التحدي إلى فرصة لتجديد الثقة في مؤسساتها ومصداقية مواقفها. ولعل ما يميز الموقف المغربي أنه يجمع بين وحدة الصف الداخلي وتلاحم العرش والشعب، فحين تتكلم الدولة المغربية في المحافل الدولية، فإنها تتكلم باسم شعب موحدٍ يؤمن بعدالة قضيته إيمانًا لا يتزعزع.
 
تحية تليق بالقوات المسلحة الملكية، درع الوطن وسياجه الحصين، التي تواصل أداء واجبها الوطني بكل انضباط واحترافية. والتحية أيضا لإخواننا الصحراويين الوحدويين الذين كشفوا للعالم بوعيهم وتبصرهم، زيف سرديات الانفصال وأوهام المرتزقة، مؤكدين أن الصحراء المغربية ليست أرض نزاع وإنما فضاء للوطنية الحقة والتنمية المتواصلة.
 
ولا يمكن في هذه اللحظة إلا أن نحيي الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت إلى جانب المغرب في هذا المسار، إدراكا منها بأن استقرار المغرب ووحدة ترابه يشكلان ركيزة لاستقرار المنطقة بأكملها.
 
إن انتصار المغرب في مجلس الأمن، هو انتصار لمنهج ولرؤية ولعقيدة وطنية عنوانها الثقة في الذات. وهو بذلك لا يدافع فقط عن أرض، بل عن هوية وطنية ممتدة في التاريخ والجغرافيا والوجدان. ومن طنجة إلى الكويرة سيظل الصوت واحدا: الصحراء في مغربها، والمغرب في صحرائه.