تحت شعار "ذاكرة السلام".. مركز الذاكرة المشتركة يستعد لتنظيم المهرجان الدولي للسينما بالناظور

تحت شعار "ذاكرة السلام".. مركز الذاكرة المشتركة يستعد لتنظيم المهرجان الدولي للسينما بالناظور صورة أرشيفية
تحت شعار في ضرورة السلام: نحو عدالة انتقالية عالمية، من المقرر أن يعقد مركز الذاكرة المشتركة من اجل الديمقراطية و لسلم بتاريخ 16-17 نوفمبر 2025 ندوة الدورة الرابعة عشرة للمهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة-الناظور.
وحسب أرضية اللقاء، يشهد العالم اليوم منعطفًا تاريخيًا بالغ الدقة والتعقيد، حيث تتقاطع الأزمات البنيوية مع التحولات الكونية بما يهدد استقرار الدول، ويضع الشرعية والديمقراطية على المحك. فالحروب الممتدة، والنزاعات المزمنة، وصعود أنماط جديدة من السلطوية، واتساع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وانتشار التعصّب والتطرّف والعنف والإرهاب، إضافة إلى التحديات العابرة للحدود مثل التهجير القسري والتغيرات المناخية، والعودة المقلقة لخطابات وممارسات ذات سمات فاشية جديدة المتغذّية من التوترات الجيوسياسية وأزمة الثقة في الديمقراطية والاستقطاب الرقمي والإعلامي، كلها تتقاطع مع اتجاه عالمي أوسع من التدهور الديمقراطي وتقييد الحقوق والحريات الأساسية، فتُضعِف قدرة المجتمعات على الصمود وتدفع بها نحو الهشاشة والانقسام.
وأمام هذه التحديات، بات واضحًا أن الحلول الأمنية أو التسويات السياسية الفوقية لم تعد قادرة على إنتاج سلم مستدام ضروري للتنمية وبناء الديمقراطية التي تضمن حقوق و كرامة الناس، و بناء العيش المشترك الانساني. من هنا تبرز العدالة الانتقالية، باعتبارها منهجية مركبة تتجاوز البعد الإجرائي لمعالجة الماضي، لتؤسس لرؤية سياسية–حقوقية–ثقافية تجعل من المصالحة والاعتراف والذاكرة أساسًا لبناء مستقبل أكثر عدلاً.
وأضافت الورقة أن العدالة الانتقالية نشأت كمنهجية لمعالجة إرث الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الدول الخارجة من الصراع أو السلطوية، أو حين تنهار سلطة القانون أو بعد الحقب الاستعمارية، من خلال آليات كشف الحقيقة والمساءلة وجبر الضرر والتعويض وإصلاح المؤسسات القانونية والقضائية وأجهزة إنفاذ القانون، لضمان عدم تكرار تجارب الماضي الأليم. وقد أثبتت التجربة التاريخية المتراكمة أن العدالة الانتقالية هي أكثر من مجرد أدوات لمعالجة ما حدث في الماضي؛ بل تُعتبر مشروعًا قيميًا وأفقًا سياسيًا يعيد بناء العلاقة بين الدولة والمجتمع على قاعدة الاعتراف والثقة، ويحوّل الذاكرة الجماعية من سجل للآلام إلى رافعة لصناعة السلام، وتلك أيضًا علاقة مجموعات بشرية ودول ومجتمعات مع بعضها البعض.
لقد أبانت التجارب المقارنة – من جنوب إفريقيا ورواندا ومرورًا بأوروبا الشرقية إلى كولومبيا والأرجنتين والمغرب – أن العدالة الانتقالية ليست وصفة جاهزة، بل هي فسيفساء من المقاربات تتكيف مع الخصوصيات وتلتقي في غاياتها الكبرى. وهي بذلك تُطرح اليوم كمنهجية قابلة للتوسيع خارج حدودها الأصلية، لتصبح أداة في مواجهة الأزمات العابرة للحدود، ومعيارًا لإرساء سلم عالمي يربط بين العدالة والديمقراطية والعيش المشترك.