السعود الأطلسي: الملك محمد السادس يُلح على الرفع من وتيرة العمل ومن منسوب الأمل

السعود الأطلسي: الملك محمد السادس يُلح على الرفع من وتيرة العمل ومن منسوب الأمل طالع السعود الأطلسي

أطلِقَت في هذه "اللحظة" التاريخية، المُكثّفة، على مسار البُنيان المغربي، غارات من التضليل، التيئيس، التهييج ومحاولات الإرباك... وصادفت في البُنيان نفسُه، نَوْبةً منَ الارْتياب، القلَق وحُمّى أسئلة ما بين الصادرة عن تطلُّع صادِقٍ للمستقبل وتلك الناتئة من جذب انشدادها للماضي...

وهكذا أحيط الخطابُ الملكي، في البرلمان، لافتتاح السنة التشريعية، بترقُّبٍ يكاد يكون محموما... وجاء الخطابُ ليُمطر المناخ السياسي المغربي بشآبيب الأمَل... كما هو دأبُ قائد دوْلة باستراتيجية عميقة، شاملةٍ، بعيدة المدى، مستقرةً، وعابرةً للزمن البرلماني والحكومي...

هو خطاب على خط توجيهات خطابات سابقة ومُترابطة، وآخرُها خطاب العرش، في يوليوز الماضي، الذي نبّه فيه الملك محمد السادس للحاجة إلى التصدي الوطني للاختلالات في سُرعات الإنجاز التنموي، ما بين المركز المجالي المغربي ومحيطه... في المظاهر، الحاجيات والضرورات التنموية...

هو خطاب الاستمرار في المشروع التنموي المغربي الاستراتيجي والحضاري... بتصويب النظر في أهدافه واستعادَة ترتيبها وتفاعلاتها وحاجات المضي بها إلى التحقُّق الواقعي... وبهدوء واستمرارية فعلية...

الملك محمد السادس خاطب، ليس وحسب البرلمانيين، بل عموم المغاربة، وأساسا منهم المعنيين بالشأن العام، في الحكومة، والمؤسسات المنتخبة، في الأحزاب السياسية، في المرافق العمومية، الوطنية والمحلية... بما لا يربط خطابه بجهة معينة ولا بظرفية خاصة... ليضع الجميع أمام مسؤولياته في النهوض التنموي بالمغرب وفي تقويم الاختلالات وفي مَلئ المجهود الوطني التنموي بالتفاعلات الضرورية... وشحنه بالحماس العقلاني...

وبذلك، كان في موقع القائد الوطني والفاعل الاستراتيجي... لا يقتطع من التعبير الاجتماعي الوطني، فقرة ظرفية منه، هي من جنس "نص" طويل يواكب، بالحث وبالتقويم وبالنقد المسار التنموي المغربي، من صميم الحيوية الاجتماعية المغربية، كما لم تتوقف عن ممارسته المؤسسة البرلمانية نفسها، الأحزاب السياسية، النقابات، الجمعيات، وهيئات المجتمع المدني وأيضا، وأيضا مؤسسات الحكامة كل واحدة في مجال اهتمامها... وفي مقدمة هذا التعبير التقويمي، ملك المغرب نفسه الذي نبّه، بغير قليل من الغضب، في مناسبات مختلفة، إلى ما تبين له من انزياحات عن خط الإنجاز في المشروع التنموي المغربي، بالتقصير أو التباطؤ أو عدم الاكتراث...

الخطاب الملكي أسّس على ما سبق، ليلح على إطلاق جيل جديد من برامج التنمية المحلية... وعلى عدم اختلاق تناقض أو تنافس بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية القطاعية والمحلية... بمراعاة الحاجة إلى تسريع مسيرة المغرب الصاعد، مذكرا بأنها تتجاوز الزمن الحكومي والبرلماني... وأنها توجُّه استراتيجي من مسؤوليات الجميع الانخراط فيه، بتجويد التشريع ومراقبة العمل الحكومي للبرلمانيين، وبالتأطير والتوعية، وهي مهام الأحزاب السياسية، وبتسريع وتيرة الإنجاز وتجديد حيويته وذلك من صميم مهام العمل الحكومي... لأن "التحول الكبير الذي نسعى إلى تحقيقه -يقول جلالة الملك محمد السادس- على مستوى التنمية الترابية، يقتضي تغييرا ملموسا في العقليات وفي طرق العمل، وترسيخا حقيقيا لثقافة النتائج".

الخطاب الملكي موجه لتقويم المسار التنموي المغربي للانكباب على القضايا الرئيسية ذات الأولوية، والتي حددها في "تشجيع المبادرات المحلية والأنشطة الاقتصادية، وتوفير فرص الشغل للشباب والنهوض بقطاعات التعليم والصحة وتأهيل المجال الاجتماعي..." ... وهي القضايا موضوع الانشغال الاجتماعي الوطني المغربي، من داخل وعلى ضفاف المسار التنموي المغربي، ونجاحه خلال هذا الربع قرن من انسيابية التاريخ في حياة الشعب المغربي...

الملك محمد السادس من موقع القائد التاريخي، استجمع في خطابه عناصر مناعة المشروع التنموي الذي اختطَّه لتدبير الشأن العام المغربي، وألحّ عليها، وفي جوهرها تحقيق العدالة الاجتماعية، بكل مقوماتها وضمنها تنمية حقوق المواطنة...

الظرفية المغربية الجارية، استبْطنها الخطاب الملكي، ليعبُرها، مُستنفرًا كل طاقات الشعب المغربي، لتجديد حيوية مشروعه التنموي، بالرفع من وتيرة سرعة الإنجاز وبمنسوب عال من الأمل.