يبدو أن أحمد الريسوني، القيادي في حركة التوحيد والإصلاح (الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية)، مازال لم يشف غليله من الحاكمين في الإمارات العربية، ولم يستسغ بعد وضع اسمه على قائمة الإرهاب التي أقرها مجلس الوزراء الإماراتي، جنبا إلى جنب مع صديقه يوسف القرضاوي (رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) وتنظيمي «داعش» و«القاعدة» و«الحوثيين» .. وجملة من التنظيمات التابعة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، بما فيها تلك التي تنشط في مجالات الإغاثة والعمل الخيري والدعوة الإسلاميّة، فضلا عن أسماء أخرى.
الغضبة الأخيرة جاءت مغلفة بفتوى شرعية حول تحريم العمل لدى «الشركة الإماراتية لتصنيع التبغ وتوزيعه» وجهها لمواطن مغربي ينحدر من مدينة طنجة؛ وهي الفتوى التي لا يمكن أن ينطلي مضموتها السياسي، يقول أحد المراقبين، على أحد، مضيفا أن هذا «العالم المقاصدي» كما يحب أن ينعت نفسه لديه ثأر لدى الإماراتيين بعدما أدرجوه في لائحة الإرهاب يوم السبت 15 نونبر 2014. و«من الطبيعي، يقول المراقب، أن يشن حربا لا هوادة فيها على كل ما تشتم فيه رائحة الإمارات، سواء أكان تبغا أو تمرا أو سواكا. بل إن الريسوني من شدة نقمته على مسؤوليها يتمنى لو كان بإمكانه محو أكثر من 20 شركة ومؤسسة إماراتية تستثمر في المغرب لما تردد في ذلك لحظة واحدة». علما أن تلك الشركات تستثمر ملايين الدولارات في قطاعات المقاولات والعقارات والسياحة والتصنيع وتوليد الطاقة والنقل الجوي للركاب والبضائع وصيد الأسماك والنفط والغاز الطبيعي وصناعة الأدوية والمستحضرات الطبية.
وتشمل قائمة أهم الشركات الإماراتية المستثمرة في المغرب كلاً من شركة مبادلة، وشركة دانة غاز، وشركة إعمار العقارية، وشركة آبار، وشركة أبوظبي للاستثمار، ودبي العالمية، وشركة القدرة القابضة، وشركة الإمارات الوطنية للبترول، وشركة بيت أبوظبي للاستثمار، وشركة الاستثمارات البترولية الدولية.
هذا مع العلم أن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الذي يحمل المبادئ نفسها التي تثقل كاهل الريسوني (بما أنهما عضوان مؤسسان بارزان لحركة التوحيد والإصلاح) فعل كل شيء لإقناع أكثر من 500 شخصية من صانعي القرار الاقتصادي في الخليج شاركوا في المنتدى الرابع للاستثمار المغربي الخليجي بأن يستثمروا أموالهم في المغرب!
فهل معنى ذلك أن الريسوني المأخوذ بالغضب والرغبة في الانتقام لسمعته ومساره الفقهي وجد نفسه يسير في الاتجاه المعاكس لرفيق دربه بنكيران، أم أن وراء هذا الهجوم الناري قضية أكبر بكثير من الحكومة الملتحية والاستثمارات الإماراتية في المغرب؟
ولا ينبغي أن ننسى بأن الغضبة الأولى التي أبداها الريسوني، عقب انتهاء «القائمة الإرهابية» إلى علمه، فاقت جميع التوقعات، حيث ذهب إلى حد السخرية من الزعماء الإماراتيين، قائلا: «بناء على نظرية تناسخ الأرواح أرى أن روح «القذافي» وجنونه بوهم العظمة، انتقلت وحلت - بعد هلاكه - في نفوس بعض حكام الإمارات، فبدأوا يشترون ويستأجرون وينتحلون كل ما يوحي بالعظمة والتفوق؛ من الأبراج التي فاق ارتفاعها أبراج طوكيو ونيويورك، إلى تجهيز كل شبر بكاميرات المراقبة، إلى فنادق وكباريهات تفوق ليالي ألف ليلة وليلة». وتابع: «أرادوا أن يعيدوا التنبيه والتأكيد على أنهم دولة عظمى يحسب لها ألف حساب، وتحاربها ثلاث وثمانون منظمة إرهابية تنتشر عبر العالم كله»، واصفا القائمة الإرهابية بأنها «فاقت في طولها برج خليفة نفسه.. مع أن الإرهابيين الحقيقيين لا توجد عندهم الإمارات لا في العير ولا في النفير، ولا يضعونها لا عن شمائلهم ولا وراء ظهورهم، ولا نسمعهم يذكرونها حتى عرضا».
ما السر إذن وراء هذه الحرب بين أحمد الريسوني والدولة التي كانت تغدق عليه ملايين الدولارات طيلة أعوام، وكانت تضعه في طليعة العلماء الذين تستقبلهم بحفاوة، وتبدي الغالي والنفيس من أجل استبقائهم، وتمكينهم من مدرجات جامعاتها ومعاهدها؟ ما الذي جعل الرجل المقاصدي ينسى الأموال الطائلة التي حصل عليها من الإماراتيين يوم كان مديرا تنفيذيا لـ«معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية» ويعتبر مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والانسانية، بلسانه هو، جسرا بين المجتهدين من الفقهاء والمفتين؟ أين ذهب كل ذلك الود بين الطرفين، إلى الحد الذي جعل الريسوني لا يختلف عن أبي بكر البغدادي أو أيمن الظواهري أو أبي بكر شيكاو (زعيم «بوكو حرام» النيجيرية)؟
يضع أحد المراقبين هذا الانقلاب في الموقف بين الريسوني وشيوخ الإمارات في سياق الحرب التي أعلنتها حركة الإخوان المسلمين مدعومة بتركيا وقطر على دول خليجية، وتحديدا على الإمارات والسعودية والبحرين، وذلك في أعقاب تنحية الرئيس المصري الإخواني أحمد مرسي من طرف عبد الفتاح السيسي الذي تلقى دعما غير مشروط من طرف ممالك الخليج لقلب الطاولة على المخطط الأمريكي في المنطقة (استراتيجيا الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا)، ووقف تقدم الإخوان المسلمين الذين «اكتسحوا» كل المساحات التي خلفها ما يسمى بـ «الربيع العربي».
ويضيف المراقب نفسه أن أحمد الريسوني يدين بالولاء للتنظيم الإخواني الدولي أكثر من ولائه لشيوخ الخليج أو لأي جهة كانت، وإلا كيف نفسر انقلابه الشامل عليهم بمجرد إدراج السعودية والإمارات لتنظيم «الإخوان المسلمين» في قائمة المنظمات الإرهابية، حيث تعتبر الرياض وأبو ظبي هذا التنظيم تهديدا حقيقيا للأنظمة الخليجية، وأنه كان يسعى لبناء قواعد دعم بالخليج من أجل تسريع وتيرة إسقاطها؟ بل إن دولا خليجية اتخذت موقفا متشددا من قطر، واتهمتها بانتهاج سياسات معادية لها لاسيما من خلال دعم تنظيم الإخوان المسلمين، بل وصل الأمر بها إلى مستوى سحب سفرائها من الدوحة، قبل أن ينتهي الأمر بالتسوية.
إن موقف الإمارات من تطورات الوضع المصري دفع الفقيه الريسوني، الذي كان مستقرا إلى جانب القرضاوي بقطر، إلى أن يطلق نعت «دولة المؤامرات العربية المتحدة»، لأنها، في رأيه، تحتضن وتمول عددا من فلول الهاربين المتآمرين ومؤسساتهم التخريبية. بل إنه قال بصريح العبارة، في رسالة مفتوحة نشرها بموقع «حركة التوحيد والإصلاح»: «إنه منذ أيام قدَّم آل نهيان من أبو ظبي دعما مماثلا لحكومة الانقلاب في هجومها الإجرامي الوحشي على المعتصمين في ميادين القاهرة، وعبروا عن تفهمهم وتأييدهم لجرائمها. يأتي ذلك أيضا بعد تمويلاتهم السخية لحركة تمرد ولزعيم الانقلاب الجنرال السيسي وحكومته».
هكذا يتضح، إذن، أن فتوى تحريم التبغ الإماراتي تندرج في إطار الحرب المقدسة التي يخوضها الإخوان المسلمين ضد أمراء وملوك الخليج، ولا علاقة لها، لا بالأمراض القاتلة، ولا بمقاصد الشريعة. وأن الأمر لا يعدو كونه نزالا سياسيا بين تنظيم يعيش أسوأ أيامه بعد «انقلاب السيسي» وبين شيوخ الخليج الذين حركوا كل أموالهم من أجل إنقاذ أنظمتهم من الكماشة الإخوانية.
منتصر حمادة، باحث متخصص في الحركات الإسلامية
مواقف الريسوني تغذي شعبية حركة التوحيد لوقف تآكل شعبية الحكومة
يصعب الربط بين توقيت موقف الريسوني (ولا نتحدث عن فتوى، لأن الإفتاء في المغرب مؤطر دستوريا) وبين الزيارة الملكية للإمارات العربية المتحدة.
الرأي أو الاجتهاد جاء في موقعه، وروجت له بعض الأقلام التابعة لحركة التوحيد والإصلاح والتي تعمل في منابر إعلامية مستقلة او موالية للحركة وللحزب الاسلامي، وبالتالي لم يكن للرأي ان يحيى بهذه المتابعة لولا هذا الترويج، اضافة الى ان الرأي يتسبب في احراج أخلاقي واقتصادي للحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، بسبب العوائد المالية الكبيرة التي تجنيبها الحكومة من الضرائب على التدخين، وعلى الخمر والقمار وغيره..
المغرب الرسمي، في شخص المؤسسة الملكية على الخصوص، أخذ مسافة من الصراعات السياسية والأمنية بين دول الخليج العربي، بل ان جميع الرموز السياسية والأمنية الخليجية تحط الرحال بالمغرب، اما في زيارات خاصة او رسمية، وآخرها، وهذه مفارقة أزعجت كثيراً حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، ولم يتحدثوا عنها، المفارقة ان اخر هؤلاء المسؤولين كان رجل الأمن الإماراتي المثير للجدل، ضاحي خلفان، والمعروف بمواقفه العدائية حتى لا نتحدث عن مواقف استئصالية ضد جماعة الاخوان المسلمين، وقد أخذ صورة للذكرى مع رئيس الحكومة عبد الاله بنيران، ونشرت الصور على هامش الاحتفال بالعيد الوطني للإمارات.
هذا هو موقف المغرب الرسمي، أما موقف التيار الاخواني، فهناك اختلافات كبيرة بين مواقف القيادة والقواعد: الاولى تتماهى مع موقف المؤسسة الملكية، حتى لا تثير القلاقل السياسية وغيرها، والثانية، اي القواعد، تتبنى مواقف مغايرة تماماً، هذا امر تكشفت بشكل جلي مواقفها في مواقع التواصل الاجتماعي.
أعتقد أن فتوى أحمد الريسوني الأخيرة ترتبط بموضوع تصنيفه ضمن خانة المنظمات الإرهابية، هذا تصنيف مرتبط بحسابات سياسية وأمنية في الخليج العربي، بسبب الخلافات السياسية بين الإمارات والسعودية من جهة، وقطر وتركيا من جهة ثانية الاولى تعادي التيار الإخواني والثانية تؤيده.
وفي هذا السياق تم مؤخراً إطلاق أربعة مواقع الكترونية تابعة لقطر تدعم المشروع الإخواني، ومنها موقع العربي الجديد من لندن، وموقع التقرير، الذي يشتغل على نقد السلفية ونقد السعودية، وموقع شؤون إسلامية ويديره تيار إخواني متشدد من موريتانيا، ومتخصص في شيطنة بعض العلماء والمؤسسات، ومن هذه الأسماء، العلامة الموريتاني عبد الله بن بيه، والذي قدم استقالته من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، التابع للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي يقوده الشيخ يوسف القرضاوي ونائبه احمد الريسوني، ومنها أيضاً موقع عربي 21 وهو موقع اخواني أيضاً، ومراسله هنا في المغرب، محسوب على العدالة والتنمية.
أعتقد أن الأمر يرتبط بصراعات خليجية - خليجية وبعض الفاعلين الإسلاميين المغاربة، معنيون بها، ولا يمكن عقد ربط مباشر بين تصريح الريسوني حول التدخين وغيره مع موضوع تصنيفه وحركته او جماعته في خانة المنظمات الإرهابية، لقد سبق للريسوني في اكثر من مناسبة ان صرح انه يشعر بحرية اكبر في التصريحات وإبداء المواقف من خارج حركة التوحيد والإصلاح، باعتبارها الحليف الاستراتيجي لحزب العدالة والتنمية، مقارنة مع حقبة قيادته للحركة، والأمر مختلف اليوم بعد إقالته من رئاسة الحركة على هامش تصريح أدلى به بخصوص مؤسسة إمارة المؤمنين، وبالتالي، حتى لو أدلى بتصريحات مزعجة للحركة والحزب، فإن الحركة والحزب سيردان، ويؤكد ان ان الرجل لا علاقة له تنظيمية بالنواة المتحكمة في التنظيمين معا، والتي يقودها عبد الاله بنكيران، الى جانب الفقيد عبد الله بها، رحمه الله، الذي سيترك غيابه فراغا كبيرا في الحركة والحزب، بتعبير قيادات في الحزب.
على صعيد آخر، مواقف الريسوني، تساهم في تغذية شعبية الحركة والحزب في حقبة تولي الحزب قيادة العمل الحكومي، خاصة ان هذه الشعبية تعرضت لهزات كبيرة بسبب مقتضى بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة في إطار التفاعل مع الظرفية الاقتصادية الحرجة، كما ان هذه المواقف تغذي أيضاً شعبية والرأسمال الرمزي للريسوني في الحركة والحزب، لانه حتى لو كان خارج دائرة اتخاذ القرار فانه عمليا، يعتبر فقيه الحركة والحزب على الأقل عند القواعد، اما القيادات، فلديها حسابات اخرى، يختلط فيها ما هو شخصي بما هو سياسي وغيره.
سعيد الكحل، باحث في شؤون الحركات الإسلامية
الريسوني وضع كل بيضه في سلة القرضاوي المطارد من شرطة الأنتربول
الدكتور الريسوني لم تعد تهمه مصلحة الوطن والشعب المغربي منذ مدة وليس الآن فقط. لقد سبق وشن هجوما شرسا على القيادة السعودية وهي التي احتضنته لسنوات حتى أتم مشروع المجمع الفقهي. وها هو اليوم يفعل الشيء نفسه مع قيادة الإمارات العربية المتحدة. وردود فعله اللامسؤولة هي نتيجة للمواقف التي اتخذتها السعودية ثم الإمارات من عدد من التنظيمات الدينية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمون حين صنفتاها تنظيما إرهابيا. الأمر هنا يتعلق بسيادة الدول التي له كامل الحق في تصنيف التنظيمات التي تشكل خطرا على أمنها. لكن الريسوني لا تهمه مصلحة الأوطان بقدر ما تهمه مصلحة التنظيمات حتى وإن كانت تهدد أمن الأوطان والشعوب. فهو يعلم عمق وقوة العلاقات التي تجمع بين المغرب والسعودية والإمارات، لكنه مصر على جعل مصلحة جماعة الإخوان المسلمين فوق مصلحة الوطن. لحسن الحظ أن القيادة السعودية والإماراتية تترفع عن مثل هذه التصريحات ولا تسمح لها بالتأثير على طبيعة العلاقة مع المغرب ومتانتها. ومن علامات نضج القيادة السعودية والإماراتية أنهما لم تطالبا برأس الريسوني ولا بطرده. فما قاله الريسوني في حق الإمارات العربية المتحدة، قيادة ودولة، لا يمكن أن يصدر عن إنسان عاقل وناضج يقدر مصلحة الوطن ويتفانى في خدمتها. وللأسف الدكتور الريسوني وضع كل بيضه في سلة القرضاوي الذي باتت شرطة الأنتربول تطارده وتضيق الخناق عليه. كان أجدر بالريسوني وهيئته العلمية «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» أن يتصديا للإرهاب وللتنظيمات الإرهابية التي تعيث قتلا وتدميرا وتشريدا في أكثر من بلد ولم يسلم منها أحد. كان أجدر بالريسوني وعلماء هيئته أن يسحبوا صفة الإسلام والجهاد عن التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وكل من يساندها، وأن يسموا إرهابها إرهابا وليس جهادا. كان عليهم أن يفتوا بتحريم «الجهاد» في صفوف التنظيمات الإرهابية لا أن يستنفروا الشباب للقتال في صفوف التنظيمات الإرهابية. لكن للأسف لم يحدث هذا ولن يحدث طالما ظلت هيئة «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» تخدم أجندة قطر وتركيا اللتان تزرعان الفتنة وتستهدفان البلدان العربية في أمنها ووحدتها.
أموالكم حلال.. مواقفكم من إخوان مصر حرام!
لا يمكن أن نميز بين موقف أحمد الريسوني من الإمارات والسعوية بمعزل عن موقف رئيسه في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي. فالموقف واضح جدا، ولا يحتاج إلى تقليب من وجوه عدة لمعرفة معلنه من مضمره. وهو موقف يفسره حصريا الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، والانضباط إلى مخططها الكبير. فلم يشفع للإمارات أن الريسوني كان يسافر إليها في «البزنس كلاس»، وكان يكرمون وفادته وينزلونه في الأبراج. لم يشفع لهم أن أغدقوا عليه الألقاب (العالم الجليل، الأستاذ المقاصدي، الخبير الأول في مجمع البحوث الإسلامية..). ولم يشفع لها أن أوكلت إليه مشروع معلمة الشيخ زايد للقواعد الفقهية والأصولية، وأكرمته بالأموال لمدة 6 سنوات، وهي المدة التي عكف فيها على الإشراف على المعلمة إلى حين إنهائها. حيث لم يتوان الريسوني حينذاك عن امتداح الإمارات العربية المتحدة على حسن صنيعها، وها هي اليوم تتحول إلى راعية للحرام وناشرة له، وها هي تتحول إلى دولة للمؤامرات، وها هم أمراؤها يتحولون إلى «قذافي» بصيغة المتعدد!!
نص فتوى الريسوني بتحريم العمل لدى الشركة الإماراتية لتصنيع التبغ
من أحمد الريسوني،
إلى السائل الكريم (م.و) من طنجة بالمغرب،
السلام عليكم ورحمة الله وبعد: بخصوص سؤالك عن المنصب الجديد الذي عرض عليك للعمل لدى الشركة الإماراتية لتصنيع التبغ وتوزيعه، فأنا أنصحك وأحثك على رفض هذا العرض، رغم أجرته المرتفعة، والبقاء في عملك الحالي، ولو أن أجرته أقل.
وأما ما قاله لك صديقك حول تحريم التدخين وتحريم العمل في إنتاجه وترويجه فصحيح تماما.
وهذا أمر أصبح اليوم محل إجماع بين الفقهاء، بعد أن أجمع الأطباء وغيرهم من الخبراء على الآثار الصحية المدمرة للتدخين.
فشرب الدخان، وصناعته، وترويجه، وبيعه، وأكل أمواله، كلها أعمال خبيثة محرمة.
ومعلوم أن الشرع إذا حرم شيئا، حرم كل مشاركة فيه أو تعاون عليه أو تكسب منه.
وعلى سبيل المثال، أنقل لك فيما يلي فتوى ذات صلة بسؤالك، وهي صادرة عن المجلس الأوروبي للإفتاء، وهذا نصها:
****************
السؤال: ما حكم التدخين؟ وما حكم المتاجرة بالتبغ؟ الجواب: ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن التدخين سبب لأمراض متعددة قاتلة، وقد اتجهت فيه كل المنظمات الصحية في العالم إلى التحذير من أضراره، وتابعتها في ذلك أغلب دول العالم للحد منه والتضييق على تعاطيه والمتاجرة بمادته، كما ثبت أيضاً أن ضرره متعد إلى الغير بما يسمى بـ (التدخين القسري)، فهو من باب الخبائث، والله تعالى يقول في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) - الأعراف:157، وللاتفاق على أن تناول الإنسان ما يضره محرم شرعاً. كذلك هو ضرب من إضاعة المال بما لا ينفع الإنسان في دنياه ولا أخراه، وهو منهي عنه، كما أن فيه ضرراً نفسياً مؤكداً بما يصير إليه من استعباد إرادة متعاطيه.
والذي يقرره المجلس بناء على اعتبار مقاصد الشرع وأصوله هو تحريم تعاطيه والمتاجرة به، وذلك لقاعدة: «لا ضرر ولا ضرار»، وقاعدة: «الضرر يزال».
التبادل التجاري بين المغرب والإمارات
تشير المعطيات الاقتصادية اليوم إلى تقدم ملحوظ إذا ما قورن بمرحلة الثمانينات أو التسعينات من القرن الماضي، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات والمغرب 1.25 مليار درهم إماراتي خلال العام الماضي في حين سجلت تجارة الإمارات مع المغرب من المناطق الحرة 448.47 مليون درهم إماراتي في العام ذاته.
وارتفعت قيمة الصادرات الإماراتية إلى المغرب إلى 592.33 مليون درهم إماراتي عام 2013، مقابل 572.88 مليون درهم إماراتي عام 2012، بزيادة قدرها 3.4 %، وسجل الميزان التجاري فائضاً لمصلحة الإمارات، بما قيمته 206.98 ملايين درهم إماراتي في العام 2013، مقابل 179.8 مليون درهم إماراتي فائضاً لمصلحة المغرب في العام السابق 2012.
الريسوني مشرفا على معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية
أشرف أحمد الريسوني على مشروع معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية في مراحله الأخيرة، وظل يشرف على أعمال المراجعة والطباعة إلى لحظة صدور المعلمة بلبنان.
وبالإضافة إلى الريسوني، فقد فيه شارك في المشروع من المغرب، كل من الدكتور محمد الروكي، الذي أشرف على أكبر أقسامه، وهو قسم القواعد الفقهية، و شارك في التحرير كل من الدكتور رحال بلعادل، والدكتور محمد العلمي، وشارك في المراجعة الدكتور الحسين آيت سعيد. كما شارك في كتابة مواد الموسوعة ومراجعتها عشرات من العلماء من مختلف الأقطار الإسلامية، عدا الباحثين المتفرغين بمقر المشروع بجدة.
وتعد هذه الموسوعة الأولى من نوعها، حيث تم إنجازها بالاشتراك بين مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ومؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، واستمر العمل فيها 15 سنة.
مقتطفات من أقوال الريسوني عن دولة الإمارات
1 بناء على نظرية تناسخ الأرواح أرى أن روح «القذافي» وجنونه بوهم العظمة، انتقلت وحلت - بعد هلاكه - في نفوس بعض حكام الإمارات، فبدأوا يشترون ويستأجرون وينتحلون كل ما يوحي بالعظمة والتفوق؛ من الأبراج التي فاق ارتفاعها أبراج طوكيو ونيويورك، إلى تجهيز كل شبر بكاميرات المراقبة، إلى فنادق وكباريهات تفوق ليالي ألف ليلة وليلة.
2 قطعا للشك باليقين، لمن لا يؤمنون بعظمة «ابن نهيان»، أرسل طائراته مسافةَ آلاف الكيلومترات لقصف المدن الليبية، ولا يخفى أن مثل هذا العمل لا تقدر عليه إلا الدول العظمى والزعماء الكبار. وهكذا، إلى أن ألهمهم الشيطان فكرةً مميزة، وهي أن يُعدّوا لأطول قائمة إرهابية في التاريخ، فبذلك يتفوقون بمسافة بعيدة على جميع الدول العربية والغربية، متفرقة ومجتمعة. فحتى إسرائيل التي تعادي وتحارب العرب والمسلمين أجمين، ليس لديها من «المنظمات الإرهابية» سوى عدد لا يتجاوز أصابع اليدين، أو اليد الواحدة.
3 أنا منذ سنين أستغرب وأتساءل: لماذا «دولة الإمارات» لم تخرج ولا عالما واحدا؟ حتى مفتيهم الرسمي مستورد من اليمن؟ وحتى المستشار الديني لحاكم الإمارات مستورد من المغرب. وحين ينظمون مؤتمرا أو معرضا للعلماء، تجد فيه منتجات «عُلمائية» من كل أنحاء العالم إلا من الإمارات. الآن فقط وجدت الجواب، وهو أن الإمارات تصنف جميع العلماء الحقيقيين إرهابيين!
4 «دولة الإمارات العربية المتحدة» أصبحت في الحقيقة عبارة عن «دولة المؤامرات العربية المتحدة»؛ فهي تحتضن وتمول عددا من فلول الهاربين المتآمرين ومؤسساتهم التخريبية؛ من أمثال محمد شحرور وأحمد عبد الرحيم ومحمد العاني ومحمد دحلان وأحمد شفيق...
5 منذ أيام قدَّم آل نهيان من أبو ظبي دعما مماثلا لحكومة الانقلاب في هجومها الإجرامي الوحشي على المعتصمين في ميادين القاهرة، وعبروا عن تفهمهم وتأييدهم لجرائمها. يأتي ذلك أيضا بعد تمويلاتهم السخية لحركة تمرد ولزعيم الانقلاب الجنرال السيسي وحكومته.