سعيد التمسماني: المستشفى العمومي.. بين الطموحات الكبرى وانتظار المواطن

سعيد التمسماني: المستشفى العمومي.. بين الطموحات الكبرى وانتظار المواطن سعيد التمسماني
بين الخطط الطموحة والإعلانات الرسمية، يظل المستشفى العمومي قلب المنظومة الصحية الذي ينتظر المواطن أن ينبض بخدمات فعالة وذات جودة. الحديث عن مستشفيات جديدة، مراكز صحية مؤهلة، وزيادة الموارد البشرية يطرح صورة مستقبلية واعدة، لكن المواطن يلحظ يوميًا نقص الأسرة، طول الانتظار، وتباين جودة الخدمات بين الجهات.
في هذا الإطار، لا يمكن لأي إصلاح صحي أن ينجح دون إعطاء المستشفى العمومي المكانة المركزية في السياسات الوطنية، عبر تمكينه بالكوادر المؤهلة والتجهيزات التقنية الحديثة. هذه الخطوة ليست خيارًا، بل ضرورة عاجلة لضمان أن تكون الصحة رافعة للعدالة والكرامة، لا مصدرًا للفجوة أو الاحتقان الاجتماعي.
لم يعد الحديث عن إصلاح الصحة خيارًا يمكن تأجيله؛ هناك إجراءات فورية قابلة للتنفيذ وخطط متوسطة المدى قابلة للتحقيق إذا توفرت الإرادة السياسية والدعم الأكاديمي والمؤسسي. فقط بهذه الديناميكية المتكاملة يمكن ترجمة الطموحات إلى واقع ملموس، وتقديم رعاية صحية تراعي الكرامة والعدالة الاجتماعية لكل مواطن.
مع ذلك، يبقى السؤال المحوري: كيف يمكن تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس بسرعة وكفاءة؟ المشاريع الكبرى تحتاج سنوات للتنفيذ، بينما المواطن لا يستطيع الانتظار طويلاً للحصول على العلاج والرعاية المستمرة. التحدي هو تسريع الإصلاحات وتقديم نتائج ملموسة اليوم، وليس غدًا فقط.
النجاح الحقيقي لأي إصلاح لن يقاس بعدد المستشفيات أو الكليات الجديدة، بل بقدرة هذه الجهود على تحسين تجربة المريض، وتوفير رعاية صحية متكاملة وعادلة في كل منطقة. المواطن اليوم يحتاج إلى تغيير محسوس وفعال في المستشفى العمومي، لا وعودًا تبقى حبرًا على ورق.
إن كانت السياسات الصحية تسعى حقًا لتقوية المنظومة، فإن إعطاء الأولوية للمستشفى العمومي يظل حجر الزاوية: بين البنية التحتية، والكفاءات المؤهلة، وتجربة المواطن اليومية. هذا هو المعيار الحقيقي لمصداقية أي خطة إصلاحية، ولترجمة الطموحات الكبرى إلى واقع محسوس يراه المواطن أمام عينيه كل يوم.